عزيزي القاريء المحرر

عزيزي القاريء

اللغة الصحيحة

يحمل الملف المهم الذي تقدمه (العربي) في هذا الشهر عنوان (السوق العربية المشتركة, نصف قرن من الإخفاق, وكان الأحرى به أن يحمل عنوان نصف قرن من اخفاق مشروعات الوحدة العربية, (فهذه الوحدة التي تغنينا بها طويلا, وتحدثنا عن الروابط السياسية والثقافية والدينية التي تشدنا معا عجزت منذ البداية عن أن تجد تعبيراتها الصحيحة وشعاراتها الواقعية, وكان الأجدى قبل كل شيء أن نسعى وراء الوحدة الاقتصادية , وحدة المصالح المشتركة, والمنافع المتبادلة, فقد كان هذا هو الرباط الحقيقي الكفيل بأن يصهر نوازعنا المتباينة في بوتقة واحدة, فأوربا التي لم تكف عن التحارب مع بعضها البعض من القرون الوسطى حتى منتصف القرن العشرين, والتي فرقتها أهواء الرؤى واللغة والاعراق قد وجدت لغتها المشتركة ليس في ميادين الحروب ولكن في بورصات الأعمال, وليس في الحديث العاطفي عن وحدة الآمال والمصير ولكن في توحيد العملة واطلاق حرية الاستثمار دون حدود أو عوائق, وقراءة الواقع الاقتصادي العربي تعطينا الأجوبة الحقيقية عن أسباب فشل كل مشاريع الوحدة العربية واستمرار التناحر والنزاعات القبلية بين العرب حتى مع دخولنا مشارف القرن الواحد والعشرين.

وإذا كنا نتحدث عن لغة الاقتصاد فإن رئيس التحرير يثير في مقاله الافتتاحي قضية اللغة العربية ككل, وكيف أنها قد أصبحت عاجزة عن ملاحقة ذلك التفجر المعرفي الذي يشهده العالم الذي تسوقه إلينا ثورة المعلومات, إنها أزمة التعريب التي أصبحت تعكس أزمة الوجود العربي في هذا العالم المعاصر, وما يفاقم من هذا الأمر ألا توجد رؤية واضحة لإصلاح هذه اللغة.

وعلى بقية صفحات العدد تتنوع الرحلات والاكتشافات الفكرية التي تقوم بها (العربي) سواء في المكان الواقعي أو في المدى الفكري, ففي المكان تكون الرحلة إلى بيشاور تلك المدينة الباكستانية القابضة على فوهة ممر خيبر والتي تفضي إلى عالم من التمرد والتهريب والغضب السياسي الذي يوشك ان يخفي جمالها الطبيعي, وتكون الرحلة الثانية إلى القاهرة لتزور متحف أم كلثوم الذي يفتح بوابة من الحنين إلى زمنٍ جميل مضى كانت فيه الامة العربية تسهر في يوم الخميس من مطلع كل شهر على انغام صوتها, وتستعيد معها قصة الحب الذي ربطها بالشاعر احمد رامي الذي كتب فيها وليس لها فقط كل اغانيه, وذلك من كتاب ترجم عن الفرنسية.

وتستضيف (العربي) أشهر الأصوات الأدبية المهاجرة ( غادة السمان) التي تعيش بجسدها في أوربا وبقلبها في عالمنا العربي لتلقي الضوء على شخصياتها الروائية القلقة, كما تتعرض (العربي) للعديد من القضايا المعاصرة, ففي مجال العلوم تلقي الضوء على وباء أنفلونزا الطيور الذي توشك الرياح الآسيوية أن تحمله إلينا, وترشدنا إلى فن التعامل مع البيئة التي أسأنا التعامل معها طويلا, إضافة إلى العديد من ثمار الفكر والإبداع, ومازالت صفحات (العربي) تعد بالمزيد.

 

المحرر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات