إلى أن نلتقي

إلى أن نلتقي
        

قصيدةٌ مَغْمورةٌ

          هذا نصٌّ يتيمٌ ونادرٌْ لشاعر يماني لم ينل شهرة أو صيتًا في الوسط الثقافي, عاش في بداية القرن المنصرم بين اليمن والحجاز والبحرين اسمه عبدالله العلوي الحدّاد, كتب مقطوعة قصيرة وحيدة رائعة لا تتجاوز عشرة أبيات, تناول فيها التوحيد والتمجيد, والتسبيح لله تعالى, ثم ذكْر النبي محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته المجيدة.

          واستخدم فيها بحرًا شعريًا جميلاً...يقترب من بحر (المُنسرح) - بحسب اعتقادي - لأنني لم أستطع (إرجاع) الأبيات إلى أحد البحور الشعرية المعروفة, والذي جعل هذه القصيدة تبقى صامدة إلى ذات حين, أو تذكّرُها بين حين وآخر, وأتاح لها البقاء في ذاكرة الوجدان العربي (والخليجي بالأخص) هو أنه تلقفها شاعر وموسيقي كويتي هو: عبدالله بن محمد الفرج الذي عاش بين عامي (1252-1319هـ)(1836-1901م), وقام بتلحينها وغنائها بلحن جميل موفّق يسميه الموسيقيون المختصون (اللحن الخيّالي) أو (الصوت الخيّالي) كما يذكر الموسيقار الكويتي د.بندر عبيد. ثم بعد رحيل الفرج تناولها بالغناء عدد من المطربين الذين وجدوا في كلماتها وعباراتها من المعاني الرفيعة الشيء الكثير, وقد شدا بها كل من: عبدالله الفضالة, ومحمود وعبداللطيف الكويتي, ثم فرقة التلفزيون الكويتي بأدواتها الموسيقية الحديثة.

          إن اللحن الجميل الذي يصاحب أي قصيدة والذي ينمّ عن ثقافة وعلم مدروس, وموهبة عميقة, يخرج النص بعد أن ظل قابعًا لقرون كثيرة بين ثنايا وطيّات كتاب أو ديوان بعيد في رفّ أبعد في مكتبة مهجورة, في مكان مجهول. ولا بد من وجود حسّ أدبي وثقافي عميق لدى مَن يقترب باختيار وتلحين نصّ عربي من التراث, أو من الأدب الحديث, فإن مثل هذا الحسّ هو الكفيل بأن يجعل من ذلك النص, نصّا مرئيًا ومسموعًا دائمًا. وتبقى الإشارة الأخيرة في معرض السطور النثرية لهذا الموضوع, قبل الدخول في حِمى القصيدة, وهي كلمة (قَبَالا) الواردة في صدر البيت الأول, فإنني لم أجد لها معنًى عربيًا (ضمن مصادري الموجودة) سوى توجيهها إلى أن الله تعالى هو وحده مَن (يَقْبَل) أعمال عباده, وهو سبحانه من (يُقْبِلُ) على العبد الذي يُقبل عليه, من باب: (مَن كان مع الله كان الله معه), هذا ما استطعت أن أخرج به من الكلمة, ويمكن أن تكون بما يقترب من ذلك وغيره في السياق العام لصدر البيت, والله أعلم.

أما أبيات القصيدة...فهي:

الحمدُ لمن قَدّر خَيرًا وقَبَالا والشّكرُ لمن صَوَّرَ حُسْنًا وجمالا
فَرْدٌ صَمَدٌ عن صِفةِ الخلق بريءٌ رَبٌّ أزليّ خَلَق الخلقَ...كمالا
ذو المجدِ, وذو الجودِ, وبالجدّ تجلّى ما مال عن العدل, ولا جاء ضَلالا!
ذو القول, وذو الفضل, وذو الطَّوْل مليكٌ ما دوّحَت الأرض يمينًا وشمالاً
لاشبه لمن صَوّر مِثلا, ونظيرًا مَن قال سوى ذاك فقد قال مُحالا
لاحَدّ, ولا نِدّ, ولا ضدّ لربي سبحان إله الخلقِ جَمّا, وتعالى
لا شبه, ولا مثل, ولا كفوَ لمُوْلى لا وِلدَ, ولا والِدَ, لا عَمُّ وخالا!!
أرسَلْتَ إلينا...نبيّا عربيا(?!) للخير هُدَاه, وإلى الشرك...أزالا
إياكَ طلبنا, ولنعماك سألنا من كنتَ له ربَّا...فما خاب سؤالا(?!)
يا رب أَنِلْنا, وأنلْهم بِرِضاكا يا راحم (ذا النون), ويا عَوْن الثكالى


 

محمد الجلواح