تُفَّاحةٌ على النَّهْر

تُفَّاحةٌ على النَّهْر
        

شعر

أخافُ, ويَمْلؤني رعْبُ نَفْسي
ولا تَسْتقرُّ بيَ الرِّيحُ, مَهْمُومَةً
لسْتُ أدري الذي في هَوايَ أُريدْ
وتَنتابُني رغْبَةٌ في المُضِيِّ إليكَ بكليَّتي
وتنتابُني رغْبَةٌ في المُضيِّ بعكسِ الطريقْ
أقُولُ لعَقليَ خُذْ جانبًا وانْتَحي
لعلي أفكِّرُ كيْفَ المَصيرْ
وكيْفَ أنالُ الرّضا داخلي
وأيُّ الرضا هاهنا يُسْتَحَبُّ?

***

أُحِسُّ بأنِّي أقُولُ كلامًا يُعبِّرُ عمّا
يُخالجُ رُوحي ولكنَّهُ ليسَ مثل الكلام يُقالْ
كلامٌ أُجَرْجِرُ أحْرُفَهُ عَبْرَ دُلْوٍ لبئرٍ عَميقِ
القرارِ أواخرُهُ لا تُحَدُّ
أحاولُ كتمانَ كلِّ الهَواجسِ, أفتَحُ بابًا على اللاشيءَ
يُفْضي بكل كياني إلى مُواجَهَةٍ فَظَّةٍ
بَينَ نَفْسي ونَفْسي, فَيُعْلَنُ في الصَّمْتِ حَربٌ
ويُهْزَمُ بالصَّمْتِ حَربُ
فأمضي كبَرقٍ يُضيءُ ويَخْفُتُ
ثُمَّ يُضيءُ ويَخْفُتُ لا قَطْرة تَتَدلّى
ولا طير يُنْبئُ عمّا يُخَبِّئ رَعْدُ
فكيفَ أقولُ الذي يَحتوينيَ دُونَ صُراخٍ?
وكيفَ أعالجُ كتْمانَهُ وهوَ صَعْبُ?

***

تُؤاخذني خِلجَةٌ في القرار فأصْحو
على صَوتِ شيءٍ يَئِنُّ وتبكي الجَوانِحُ
أخشى عليهِ مِنَ النُّورِ...
أخشى يَطيرُ بَعيدًا ولا يُسْتَرَدُّ
كيفَ لي أنْ أبُوحَ?
وكيفَ العَواصفُ تَهْدأ بي...
كيفَ يَستوعِبُ النَّهرَ هذا المَصَبُّ?

***

فَرُحْمَاكَ, قُلْ ليَ أيُّ الذنُوبِ أخَفُّ
للنَّفسِ ما بينَ نارٍ ونارٍ
عَذابُكَ فيها مَريرٌ وعَذبُ?
وأيُّ الجَنائِنِ يُغْري بها النَّهرُ شَهْدًا
وأيُّ الجنائنِ تُفّاحُها لا يُرَدُّ?
ففي القَلبِ نارٌ تَلَظّى
وفي النّفْس نارٌ, ونارٌ تُشَبُّ

 

علي عبدالله خليفة   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات