رغم أن أفلاطون أشار إليها.. الغرب طبق الديمقراطية أواخر القرن العشرين

رغم أن أفلاطون أشار إليها.. الغرب طبق الديمقراطية أواخر القرن العشرين
        

          لقد وقفت أمام السؤال الذي طرحه (د.وجيه كوثراني) من خلال مقاله الخاص في الإصلاح الدستوري عبر العالم الإسلامي المنشور في العدد (549) أغسطس 2004 - حائرًا لبعض الوقت, فسؤاله (لماذا غيبت الشورى على امتداد التاريخ الإسلامي, حتى تذكرها فقهاء الإصلاح في أواخر القرن العشرين? وما الأسباب التي دعت إلى تذكرها واستدعائها?) هو سؤال خطير فعلاً ومهم, إلا أن الأمر هنا مثله كمثل الطائر, الذي لا يطير إلا بجناحين, السؤال أحد الجناحين فأين الجناح الآخر?

          أعني بالجناح الآخر الجواب الذي - بالتأكيد - لا يقبل من صاحب السؤال, وذلك لإتمام الفائدة حيث يجب أن يجيب المسئول أو من يرى نفسه في ذلك المكان مادامت هناك إجابة, وليس أفضل من مجلة (العربي) للإجابة, فعلى صفحاتها كان السؤال عدا عن أنها المجلة المناسبة لمثل تلك المسألة, أقول إن السؤال سابق الذكر يقابله سؤال هو (أين الغرب منذ سالف العصور إلى ساعتنا هذه - في الحقيقة - من الديمقراطية?

          ومما لاشك فيه أن الدين الإسلامي لم يكن في يوم من الأيام مجرد شريعة تنظم العلاقة بين الإنسان وخالقه, إذ كما أنه كذلك فهو ينظم العلاقة بين الإنسان وسائر الخلق أيضا, أعني الإنسان وعلاقته بالبيئة وكل شركائه ومكونات تلك البيئة...إلى آخره. وعلى ذلك, فهذا الدين ومن خلفه القرآن والسنة, أبدا لم يوجد لخدمة المجتمع في العصور الأولى له فقط, بل في كل القرون, وذلك هو الهدف من وراء عدم تفعيل مناهج وأسس اجتماعية موجودة بالقرآن والسنة مسبقًا, والشورى لم تفعّل في القرون الأولى لأنه, أي تلك القرون, لم تكن مستعدة للاستيعاب والتعامل مع ذلك النهج. نعم, لقد كانت هناك أمثلة وحالات نبوية ولصحابة كرام من بعد الرسول الأمين  عليه السلام وتابعين ناجحة. لكنها لم تزد عن كونها أمثلة يحتذى بها, ولتكون نبراسًا يتقدم التفعيل الحقيقي لهذا المنهاج عندما يحين الزمان, وهذا هو حال كل المناهج والأفكار الإسلامية الموجودة, والتي نقرأ عنها ونقرأها في القرآن والسنة, نعرفها, ولكن لا نمارسها لعدم توافر شروط ممارستها ومزاولتها, انظروا إلى المجتمع في الجزيرة العربية وبلاد الشام, حيث أكثر من نهج للحياة الاجتماعية منها البداوة والمدنية والمجتمع الزراعي, هل رأيتم أن البيئة البدوية قد طبقت فيها أصول المعيشة المدني? وإن كان فهل كان ذلك دون تمهيد امتد السنوات تلو السنوات على الرغم من وجود المجتمع المدني منذ سالف العصور في المنطقة بأريحا والمدينة المنورة مثلا?!

          منذ (أفلاطون) هناك ذكر للديمقراطية, ولكن الغرب لم يتقمصها - لا أقول مخدوعًا إنه طبقها - إلا بعد الحرب العالمية الثانية, أي أيضًا أواخر القرن العشرين.

كفاح نصرالله - الأردن

 

   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية  
اعلانات