عزيزي القاريء

عزيزي القاريء
        

فبراير.. حس الحرية

          افتقاد الحرية, ولو لفترة قصيرة, تجربة مريرة لمن اعتادها, وهذا هو المغزى الذي يمثله شهر فبراير بالنسبة للإنسان الكويتي, فهو ليس فقط شهر الاستقلال وميقات بزوغ دولته الحديثة, ولكنه أيضًا ذكرى استعادة الحرية من قبضة الاحتلال الطارئ الذي دنس أرضه وعكر صفو حياته لمدة سبعة أشهر كاملة, فقد تكونت شخصية المواطن الكويتي ضمن ميراث قديم من ممارسة هذه الحرية, من خلال رحلاته في البحر الواسع عندما يكون المرء قبطان نفسه ومالك زمام أمره, وأثناء ليالي الرعي في أعماق الصحراء المظلمة, وهو مسهد العينين ليحمي أهله ورعيته, كل ذلك ولّد لديه ذلك المزيج الدائم من الحرية والإحساس بالمسئولية, وظهر ذلك واضحًا في شكل الملامح الأساسية لنهج الحكم, الذي سار عليه وجعله يأخذ من المشاركة مبدأ ثابتًا بكل ما فيها من أعباء وواجبات, هذا الميراث الطويل لم يكن ليهدم بين عشية وضحاها, عندما قام النظام العراقي السابق بغزوه للكويت في صبيحة يوم الثاني من أغسطس عام 1990, ولم يستطع هذا النظام الذي لم يؤمن أبدا بالديمقراطية, أن يطفئ شعلة الكويت المتوهجة التي كانت تنير الخليج بحسها الشعبي وديمقراطيتها الأصيلة.

          ولابد أن الذين حضروا ندوة (العربي) - التي أقيمت في شهر ديسمبر الماضي - قد شعروا بهذا المناخ من الحرية, فقد دارت الندوة التي حملت عنوان (حوار المشارقة والمغاربة ـ الوحدة في التنوع) في إطار من المناقشات الفكرية دون قيود, بل وبدعم من المسئولين والمنظمين للندوة, وعلى هامش هذه الندوة يكتب رئيس التحرير مقالته الافتتاحية مسلطًا الضوء على جانب من الفكر الوحدوي الذي ضاع وسط عتمة التفاصيل والذي كان الهدف الأعم وراء إقامة الندوة.

          وتحمل صفحات (العربي) تحية إضافية للمرأة الكويتية التي برز دورها كأخت للرجال أثناء محنة الاحتلال, ولم يتوقف دورها منذ ذلك الحين, ونحن هنا نستعرض بعضًا من هذا الدور من خلال ما تقوم به في العمل التطوعي داخل الكويت. وترحل (العربي) إلى مدينة قرطبة الإسبانية لا لتنقل لنا نفحة من تاريخها الإسلامي وآثاره الباقية فقط, ولكن لتتابع أيضا الاحتفال الذي قامت به مؤسسة ثقافية كويتية خاصة, تحية لدور هذه المدينة في إثراء الثقافة العربية. وتبقى تحية (العربي) موصولة من خلال الحوار الذي تنشره في هذا العدد مع الشاعرة الكبيرة سعاد الصباح التي تعودت دائمًا أن تترك شعرها يتحدث عما يدور في أعماقها الجياشة. ولكنها خرجت عن مألوف عادتها وخصت (العربي) هذه المرة بحديث مطول ومهم يتجلى فيه تواضع الأديب وعمق الموهبة.

          وكعادتها تحفل (العربي) بالعديد من الموضوعات العلمية والفنية والأدبية, وهي واثقة من أن القارئ سوف يكتشفها بنفسه, ولكنها أرادت فقط في هذه السطور القليلة أن تقدم تحيتها للشعب الكويتي في أيامه الوطنية المباركة.

 

المحرر