المفكرة الثقافية

  المفكرة الثقافية
        

مدريد

ذخيرة الدنيا... من الكويت إلى العالم

          اختتمت الشهر الماضي في العاصمة الإسبانية (دار الآثار الإسلامية) معرضها العالمي المتنقل (ذخيرة الدنيا. فنون المصوغات الهندية في العصر المغولي الإسلامي) والذي أقيم في أحد الأجنحة الكبيرة بالقصر الملكي الإسباني, والذي دشّن ضمن احتفالية حضرها ملك وملكة أسبانيا ووزير الإعلام الكويتي محمد أبو الحسن والشيخة حصة صباح السالم الصباح المشرف العام لدار الآثار الإسلامية وسفير دولة الكويت في إسبانيا الشيخ د.سالم جابر الأحمد والعديد من الشخصيات الكويتية والإسبانية, وتابعها حضور إعلامي مكثف. ضم المعرض 395 تحفة متنوعة تمثل فترة ازدهار الدولة المغولية الإسلامية من 1526م إلى 1858م. خصص القصر الملكي للمعرض 13 قاعة متداخلة وتم عرض التحف في سبع منها والباقي للاستقبال وخدمات المعرض.

          وقالت الشيخة حصة: إن المعرض يتمحور حول ثلاث دول هي الهند, وإسبانيا, والكويت, فالهند, حيث أتت المقتنيات الفنية في المعرض, هي موطن لحضارة عريقة خاصة مرحلة ازدهار الحضارة الإسلامية المغولية, التي اتصفت بخصوبة الأخذ من السابق, وإضافة الإبداع إلى اللاحق. وثانيًا, إسبانيا التي يعود الفضل لها في اكتشاف الأحجار الكريمة عندما وصلت في اكتشافاتها الجغرافية لأمريكا اللاتينية, وإلى موطن حضارة الأنكا في كولومبيا. وكيف بدأت في الفترة نفسها التبادلات التجارية بين إسبانيا والهند, ووصول الأحجار الكريمة الكولومبية من إسبانيا إلى الهند, مقابل وصول الألماس الهندي من منجم (جولجندا) على أيدي التجار الإسبان والفرنسيين إلى إسبانيا. وبقدرما انتعشت التجارة بين الجانبين, صيغت فنون المجوهرات المتنوعة بشكلها المتفرّد المتميّز على يد الصائغ الهندي خلال القرنين 17 و18 الميلاديين. لقد ترك بصمته الجمالية على الحجر, فجعل له حضورًا وتاريخًا وأبعادًا جمالية وتوثيقية. أما الكويت, فكان لها فضل تجميع هذه المنجزات الفنية المتميزة وغايتها ودراستها وعرضها للعالم, لكي يستمتع بها فكريًا وروحيًا.

          وعن سؤال حول التحفة الأغلى ثمنًا, أشارت الشيخة:

          إن في تراثنا العربي قولاً جميلاً يرى الأغلى والأولى بالرعاية في الأولاد هو الصغير أو الغائب أو المريض. وتحف (دار الآثار) كالأولاد, وبالتالي أغلاهم هو غائبهم. واستعرضت ما تعرضت الكويت له من عدوان غادر عام 1990, كان من عواقبه التخريبية البشرية والمادية العديدة نهب تحف (الدار) ونقلها إلى بغداد, وبعد تدخل الأمم المتحدة ممثلة في اليونسكو تم إرجاع المقتنيات مع فقدان 59 تحفة مازالت غائبة. شاء حسن الحظ أن تسترجع الكويت خنجرًا مغوليًا يعد تحفة نادرة من بيت سوثبي للمزادات بلندن عام 1996. ولكن هناك ثلاث زمردات تعود للعصر المغولي الإسلامي في القرن 17 الميلادي, تعد من نوادر الإبداع الجمالي مازالت مفقودة. ومن يتأمل براعة صياغة هيكلها العام مع توائم مفردات ما شكّل عليها من زخارف أو نصوص يدرك للتوّ أنها تتعدى كثيرًا قيمتها المادية, وأضافت (نحن نشتري بالمال ما هو أثمن من المال).

          أما الشيخ الدكتور سالم جابر الصباح, فقد استعرض في كلمته عمق العلاقات الإسبانية - الكويتية مركزًا على أهمية قيام أنشطة ثقافية لتعزيز هذه الرابطة, ثم تناول خبير الفنون الإسلامية وأمين مجموعة الصباح, مانويل كين, الأبعاد التاريخية, والفنية للمجموعة المعروضة.

          ومن أهم الأحداث التاريخية لقصر ومكتبة الاسكوريال الذي أقيم المعرض في رحابه ما حدث عام 1612 حينما تم الاستيلاء على مكتبة مولاي زيدان, سلطان المغرب, ونقل ما يقرب من 4000 مخطوط إلى القصر, تعرض عدد كبير منها للاحتراق عام 1671. اطلع الوفد الزائر في الاسكوريال على مخطوطتين نادرتين هما مصحف مولاي زيدان, وكتاب (منافع الحيوان) لابن الدريهم الموصلي (يعود لعام 1354م).

          وقد تنقل المعرض الكويتي العالمي المتنقل من المتحف البريطاني من  16مايو 2001 إلى 2سبتمبر 2001, إلى متحف المتروبوليتان (نيويورك) من 15 أكتوبر 2001 إلى 13 يناير 2002, مرورًا بمتحف كليفلاند (أوهايو) من 24 فبراير 2002 إلى 19 مايو 2002, فمتحف الفنون في هيوستن (تكساس) من 30 يونيو 2002 إلى 27 أكتوبر 2002, ومتحف سانت لويس للفنون (سانت لويس) من 25 نوفمبر 2002 إلى 27 أبريل 2003 قبل أن يصل إلى القصر الملكي (مدريد) في الفترة من 11 أكتوبر 2004 إلى 9 يناير 2005, وسيتابع المعرض جولاته العالمية حيث انتقل إلى متحف الفن الإسلامي في برلين يوم 29 يناير الماضي, ويستمر إلى 19 أبريل 2005.احتفالية افتتاح معرض (ذخيرة الدنيا) أعادت زمان الوصل الأندلسي والحوار الثقافي النقي, وصرفت الأذهان عن زمان ما يسمى بالصدام الحضاري أو إرهاب الآخر. وهذه هي رسالة الإبداع الأصيل.

القاهرة

نيرودا.. شاعر أيقظ العالم

          يستعد المجلس الأعلى للثقافة في مصر من خلال (المشروع القومي للترجمة) هذه الأيام لإصدار الترجمة العربية للأعمال الكاملة للشاعر التشيلي الشهير بابلو نيرودا (المولود في يوليو 1904 في بارال بوسط تشيلي, والمتوفى في سانتياجو في 23 سبتمبر 1973), والتي تضم دواوينه الشعرية ومذكراته الشخصية التي يسجل فيها علاقاته بأعلام عصره من كتاب ورجال سياسة, مفسحا صفحات طويلة لتجربته في باريس التي كان سفيرا لبلاده فيها.

          وكان المجلس قد عقد أخيرًا ندوة دولية حول نيرودا وتقارب القارات والثقافات, بالتعاون مع وزارة الثقافة الإسبانية والمعهد المصري للدراسات الإسلامية في مدريد, وافتتحها الدكتور جابر عصفور, الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة, وشاركت فيها 15 شخصية بارزة من إسبانيا وأمريكا اللاتينية, وعدد من أبرز أساتذة الأدب الإسباني في الجامعات العربية, في مقدمتهم: الدكتور محمود علي مكي الذي قدم قراءة في (النشيد العام) لنيرودا, والدكتور حامد أبو أحمد الذي تطرق إلى الالتزام في شعر نيرودا, والدكتور محمود السيد على الذي درس المرأة والكون في شعر نيرودا, والدكتورة نادية جمال الدين التي جاءت مشاركتها تحت عنوان (بابلو نيرودا: البحث عن الكلمة الخالدة), والدكتورة عبير عبد الحافظ التي توقفت طويلا أمام كيفية ترجمة إبداع نيرودا.

          وقد أخرجت هذه الندوة الشاعر بدر توفيق من عزلته التي ضربها حول ذاته في السنوات الأخيرة, حيث ألقى الضوء على جوانب كثيرة في حياة وإبداع نيرودا, بدءاً من حصوله على جائزة لينين للسلام, ثم جائزة نوبل في الآداب (1971) والتي جاء في حيثياتها أنه (شاعر كرامة الإنسان المهدرة.. بعث الحياة في قلب قارة وأحلامها). ومروراً بدراسته الفرنسية التي أهلته ليصير معلما, ثم كتابة الشعر في سنوات المراهقة, ليصدر ديوانه الأول (عشرون قصيدة حب وأغنية لليأس) (1924), والذي تأثر فيه بالمدرسة الرومانسية, ثم تحول إلى استخدام العلاقات اللغوية السريالية, وأصبح السرد الشعري للوقائع التاريخية والنفسية مقتربا من لغة الحياة اليومية, ومؤثرا في شعر الشعوب المتحدثة بالإسبانية, وانتهاء بوفاته في 23 سبتمبر من العام 1972, إثر مرضه واحتجازه في أحد مستشفيات سانتياجو.

          وأوضح الشاعر بدر توفيق ـ الذي عايش نيرودا من خلال أعماله ومذكراته ـ كيف أن هذا الشاعر التشيلي قد تماثل إبداعه مع حياته العريضة, الساخنة حينا, والحزينة الثائرة حينا آخر, ولعل الموت الباكر لأمه في عام مولده نفسه جعل نيرودا يشب مكسور القلب, فارغ اليدين من رعاية الأم الحقيقية, وقد أحسنت معه زوجة أبيه, أو الأم الأثيرة ـ كما سماها نيرودا في إحدى قصائده, ولهذا السبب لا غرابة في غياب حياته العائلية.

          أما الباحث الإسباني روثيو أبيدو فقد ركز في دراسته على المرحلة الأولى من شعر نيرودا, لاسيما ديوانه (عشرون قصيدة حب وأغنية لليأس) الذي صار فيما بعد أنموذجا للشعر الحديث. وأكد أن ديوان (دفتر تيموكو) الذي تم اكتشافه في عام 1997, يعد في رأي الكثير من النقاد ـ من بينهم فيكتور فارياس الذي قام بكتابة مقدمة هذا الديوان ـ عملا على نفس مستوى أعمال نيرودا الأخرى مثال (شفقي) الذي نشره نيرودا وهو في السادسة عشرة من عمره و(الجندي المتحمس) الذي تزامن مع صدور (عشرون قصيدة حب...) تقريبا, وكذلك (تجربة الرجل اللانهائي) وأخيرا كتاب نثري صغير بعنوان (الساكن والأمل).

          وأشار روثيو أبيدو إلى أن سمة أساسية ميزت هذه المرحلة الأولية من رحلة نيرودا الإبداعية, وهي أن الشاعر يوقظ العالم ويترجمه بصورة غنائية.

مصطفى عبد الله

شرم الشيخ

(كتاب في جريدة) اتساع الآفاق

          استضافت شرم الشيخ بمصر أعمال المؤتمر الثاني لمشروع (كتاب في جريدة).

          وحضر الاجتماع رؤساء تحرير وممثلو الصحف العربية المنضوية في مشروع (كتاب في جريدة).

          وقد تجلت خلال المؤتمر طموحات واضحة نحو الارتقاء بأداء المشروع ومستواه, خاصة بعد أن عبر راعي المشروع الشيخ محمد بن عيسى الجابر عن نيته في السعي إلى زيادة توزيع النسخ المطبوعة للوصول إلى عشرة ملايين نسخة شهريًا من الإصدارات المختارة وذلك بحلول العام 2007.

          وأكد المجتمعون أن ثمة واقعًا جديدًا جعل من (كتاب في جريدة) أكثر من مجرد إصدار كتاب دوري وإيصاله للقارئ العربي مجانًا, مما حتّم عليه أن يشهد اتساعًا في آفاق نشاطاته, وامتدادًا في إسهاماته من أجل تعميم المعرفة بوصفها فاعلية أساسية في تنشيط إسهام النخبة والجماعة على حد سواء في التفاعل مع التطورات الهائلة, والاستجابة للتحديات الراهنة التي تفرضها معطيات الوضع العالمي.

          وفي مدى هذا الاتساع لآفاق المشروع أقر المؤتمرون مبادرة راعي المؤتمر بتخصيص جائزة سنوية مادية ومعنوية بقيمة عشرة آلاف دولار لكل حقل, وينشر الكتاب ضمن منشورات (كتاب في جريدة), وتشمل الحقول مجالات الطفولة والمرأة والتنمية البشرية في الوطن العربي, على أن يجري تشكيل لجنة خاصة بالجائزة تتولى الإعداد لمشروع متكامل حول طبيعتها وشروطها وآليات منحها.

          كما أكّد المشاركون في المؤتمر ضرورة إنشاء موقع إلكتروني على الشبكة العالمية, يتضمن جميع الإصدارات الشهرية, إضافة إلى إصدار عدد سنوي في قرص مدمج لتسهيل عمل الباحثين وذوي الاختصاصات, وتهيئة مادة اختزالية وأرشيفية أساسية في هذا المجال, على أن يجري العمل في السياق نفسه على التواصل مع منظمة اليونسكو لتفعيل المشروع الخاص بتدوين التراث الشفاهي والمكتوب في أقراص مدمجة خاصة وتوزيعه مجانًا مع الصحف الشريكة.

          وفي إطار البرنامج القادم للعام 2005 ناقش المجتمعون وبصورة مستفيضة خلال جلستين صيغًا متعددة حول كيفية إقرار الإصدارات الشهرية وسط خيارات كثيرة خضعت للمناقشة المطوّلة في مجالات الأدب بشقيه التراثي والمعاصر والدراسات الفكرية والاجتماعية والترجمة, ووجدوا أن هناك ضرورة لتوسيع مجالات النشر وحقوله المعرفية لتشمل جوانب من هذه المعارف وأهمية إصدار موجز مناسب عنها.

          وانتهى المجتمعون إلى اعتماد البرنامج السنوي للعام 2005 باختيار خمسة عشر إصدارًا جرى اختيارها بواقع عدد واحد كل شهر على أن ترجأ الإصدارات المتبقية لبرنامج العام 2006, من أجل إتاحة هامش لتلافي أي تعثّر في تعذّر إصدار أحد هذه الأعداد لأسباب ما.

          وجاء برنامج الإصدارات الشهرية على النحو التالي: مختارات من أشعار مظفر النواب, صيادون في شارع ضيق لجبرا إبراهيم جبرا, مختارات قصصية لجمال أبو حمدان, قصائد من أدب الطفل لسليمان العيسى, عروبة القدس في عيون الرحالة العرب والأجانب, رواية الفردوس اليباب لليلى الجهني, مختارات من الشعر الشنقيطي, نزهة المشتاق في ارتياد الآفاق للإدريسي, مختارات من الشعر السوداني, نحو رؤية إنمائية للعالم العربي د. مهدي الحافظ, مختارات من الكتابات الفكرية لأنور عبدالملك, مختارات قصصية لواسيني الأعرج, رواية الأرض يا سلمى لمحمد أحمد عبدالولي, مختارات من الكتابات الفكرية لقسطنطين زريق, مختارات من إدوارد سعيد.

          وفي ختام مؤتمرهم وجه المجتمعون برقية إلى الشيخ محمد بن عيسى الجابر أثنوا فيها على رعايته الكريمة لمشروع (كتاب في جريدة) واستضافة أعمال مؤتمره الثاني. وكانت مجلة (العربي) قد كرّمت من خلال ندوتها الفكرية السنوية الرابعة, (حوار المشارقة والمغاربة..الوحدة في التنوع) مشروع (كتاب في جريدة), ضمن تكريم عدد من المؤسسات الفاعلة في الحوار الخلاق الذي يجتاز الحدود الوهمية بين أعمدة الثقافة العربية, كما تنشر (العربي) مختارات سنوية من الإصدارات على صفحاتها.

بيروت

معرض الكتاب.. رؤى حرة لحقيقة مختلفة

          احتوى الكتاب الذي وزعه النادي الثقافي العربي الذي ينظم معرض الكتاب العربي السنوي في العاصمة اللبنانية كلمة للشاعر الفلسطيني محمود درويش في بيروت. فقد قال الشاعر إنه يرى في بيروت القدرة على تجديد حيوية الأسئلة والنقد الذاتي, كما يرى فيها منابر الحوار وهوامش الاختلاف, وتمكن ثقافة الديمقراطية على المشترك وتعايش الأضداد, وتعايش الماضي مع المستقبل وسجال التعددية مع الحصرية. ومما قاله أيضًا أنه يرى في بيروت صناعة الكتاب الأرقى في العالم العربي.

          وقد قدم معرض بيروت العربي الدولي للكتاب في دورته الثامنة والأربعين مثل هذه الصورة المشرقة التي رآها الشاعر الفلسطيني الكبير في بيروت. فقد كانت تتجاور فيه أجنحة قد لا يرى فيها الزائر أي صلة وصل نظرًا إلى نوعية الكتب التي تعرضها والتي تختلف اختلافًا جذريًا في توجهاتها وموضوعاتها وأساليب معالجتها.

          ولكن الذي يقف ويتأمل هذه الكتب المتصادمة البعيدة في الظاهر كل البعد عن أي رابطة يشد بعضها بعضًا, لا يعدم أن يجد, في خاتمة تأملاته, روابط شتى تجمعها منها أنها تعبيرات ورؤى حرّة ومختلفة للحقيقة أو لليقين أو للثقافة كما رآها كاتبوها, وقد أتاح لها معرض كتاب سنوي فرصة اطلاع الجميع عليها. ولعل من أبرز مميزات هذا المعرض أنه صورة تعكس واقع مكان أو وطن. فلأن لبنان اقترن في تاريخه الحديث بالحرية, وفيه تتعايش طوائف ومذاهب وعقائد, فإن عالم النشر فيه يعكس واقع هذه الجماعات على أفضل وجه. فلم يحدث مرة أن مُنع كتاب في هذا المعرض, باستثناءات قليلة تتعلق بالكتب التي قد تسيء إلى النظام العام, بمعناه الراقي, أو إلى الآداب.

          على أن معرض بيروت لم يكن معرض بيروت وحدها. فقد شاركت فيه دور نشر مصرية وسورية وأردنية ومغربية أيضًا.

          ومن جملة الندوات التي أقيمت في قاعاته لهذه السنة ندوة عن معرض فرانكفورت الدولي للكتاب وخلاصة التجربة العربية من مشاركة الناشرين العرب فيه, والتي تمثلت بحلول الكتاب العربي ضيف شرف فيه وما أثير حول ذلك من جدل استمر عدة أشهر.

          وقد كرّم معرض بيروت في دورته الأخيرة مفكرين عربيين هما منح الصلح وأنيس صايغ, فعقد ندوتين عن دورهما ومسيرتهما الفكرية الطويلة, كما عقدت ندوة أحيت ذكرى الروائي العربي الكبير الراحل عبدالرحمن منيف.

          وألقى د. كلوفيس مقصود محاضرة بعنوان (العرب إلى أين?).

          كما ألقت وزيرة المغتربين السورية د. بثينة شعبان محاضرة عن دور المغتربين العرب في خدمة القضايا العربية الراهنة.

          ومن أطرف ما سجله معرض هذه السنة دخول الفنانين في خدمة الكتاب. فقد حضرت الفنانة هيفاء وهبي أكثر من مرة إلى المعرض للترويج لكتب تعليم الإنجليزية.

          وكان من الطبيعي في حفل افتتاح المعرض أن ينصرف الجمهور عن متابعة جولة الرسميين اللبنانيين على الأجنحة, ليتحلقوا حول الفنانة التي اشتهرت بزرع الدفء في قلوب الجمهور الذي يستمع إليها.

جهاد فاضل

دمشق

الحب والحرب في أفلام عربية وفرنسية

          بتنظيم من (المركز الثقافي الفرنسي بدمشق), وبدعم من (المكتب السمعي البصري الفرنسي في عمَّان), استضافت دمشق, (مهرجان الأفلام العربية الفرنسية) الذي تضمن عروضاً لعدد من الأفلام العربية, ذات الإنتاج المشترك العربي الفرنسي, أو الأفلام التي تلقت أشكالاً من التمويل الفرنسي, وهي (باب الشمس) إخراج يسري نصر الله 2004 و(الأبواب المغلقة) إخراج عاطف حتاته 2000, وكلاهما من مصر, والفيلمان التونسيان: (رقصة الريح) إخراج الطيب الوحيشي 2003, و(الكتبية) إخراج نوفل صاحب عناية 2002, والفيلمان اللبنانيان: (الأرض المجهولة) إخراج غسان سلهب 2002, (طيارة من ورق) إخراج رندة شهال صباغ 2003, فضلا عن ثلاثة أفلام, من سورية: (ما يطلبه المستمعون) إخراج عبد اللطيف عبد الحميد 2003, والعراق: (نحن العراقيون) إخراج عباس فاضل 2003, والجزائر: (رشيدة) إخراج يمينة بشير شويخ 2002.

          في صالة الشام, وسط حشد كبير, غالبيته من الشباب, عرض فيلم (باب الشمس) للمخرج المصري يسري نصر الله, عن رواية تحمل العنوان ذاته, للروائي اللبناني إلياس خوري.. ومما لا شك فيه أن هذا الفيلم هو أطول فيلم في تاريخ السينما العربية, على الإطلاق, إذ يستمر عرضه بجزأيه حتى يبلغ 280 دقيقة, وهو ما يثير سؤالاً حول ضرورة أن يمتدَّ فيلم روائي, مُعدٌّ للعرض الجماهيري, مدة تزيد عن أربع ساعات من الزمن.. فهل الجمهور العربي, الذي يشكو الكثيرون من اضطراب علاقته بالسينما, مؤهل لمثل هذه التجربة في مجال الفرجة السينمائية..

          فيلم (باب الشمس) يمكن اعتباره محاولة جادة لصياغة ملحمة بصرية, عن المأساة الفلسطينية, وكان من المهم أن يتمَّ عرضه في دمشق, حيث إن الجزء الأكبر من تصوير الفيلم تمَّ في مناطق متعددة في سوريا, في محاولة لمحاكاة التشابه الجغرافي بين البلدين, كما استعان المخرج بممثلين وممثلات, وطواقم فنية, سورية, في العمل على تحقيق فيلمه هذا, الذي أخذ أربع سنوات من التحضير والتصوير والعمليات الفنية. قبل أن يُعرض ضمن لائحة الأفلام الرسمية, خارج المسابقة, في مهرجان (كان) السينمائي الدولي في فرنسا عام 2004.

          أثار الفيلم آراء متفاوتة, بين متحمِّس مشجِّع, وآخر لا يكاد يواري امتعاضه, برز ذلك على المائدة المستديرة, التي ضمَّت مخرج وطاقم عمل الفيلم, إلى بعض النقاد السينمائيين والصحفيين, خاصة مع ملاحظة ميل الفيلم إلى الطابع الحسّي )الإيروتيكي) دون ضرورة فنية, تقتضيها تماما قصة الحب, التي حاول الفيلم جعلها معادلاً درامياً لمأساة الفلسطينيين.

          وغالبية الأفلام, التي شاهدها الجمهور الدمشقي, في المساءات الباردة, لم تخرج عن ثنائية (الحب والحرب), وإن تنوعت الاتجاهات والأشكال الفنية, واختلفت الرؤى الفكرية, التي انتهجها كلُّ مخرج, إلى درجة يمكن اعتبار الأفلام رؤى ذاتية, واقتراحات تجريبية, تنطلق من واقع السينما العربية, الجادة, التي تكاد تنغلق على حدود )النخب المثقفة( ذات الاهتمام المباشر بالسينما, انطلاقاً من عملها, أو هوايتها. وهو الأمر الذي يكاد يفسر (لا جماهيرية) هذه الأفلام, و(نخبويتها), بالمقارنة, أو بموازاة السينما التجارية.

          يمكن لنا أن نستثني, من ذلك, الفيلم السوري (ما يطلبه المستمعون), إذ إن مخرجه عبد اللطيف عبد الحميد, هو أحد أشهر المخرجين السوريين الذين تمكنوا من تحقيق طرفي المعادلة, بين نخبوية السينما, وجماهيريتها.. على الرغم من أن الفيلم السوري لم يخرج عن الثنائية ذاتها, (الحب والحرب), فنحن أمام قصة حب, في قرية أقصى شمال سورية, أواخر الستينيات, واتصالها بالحرب من خلال ذهاب الشاب, إلى الجبهة, على مبعدة مئات الكيلومترات, حيث حرب الاستنزاف.. وما بين انتظار سماع الأغنية المطلوبة عبر أثير المذياع, وسيلة الاتصال الوحيدة يومها, وعودة الشاب شهيداً, تتكثَّف المأساة.. الحرب تقتل الحب.

          ومع ملاحظة خلو الفيلم السوري (ما يطلبه المستمعون), من مشاركة واضحة في الإنتاج, أو التمويل الفرنسي, يمكن الانتباه إلى أن اختيار هذا الفيلم للعرض, في إطار هذه المهرجان, إنما هو محض تحية للسينما السورية, بواحد من أحدث أفلامها, على الرغم من أن ثمة فيلما آخر, من إنتاج سوري فرنسي مشترك, واضح, هو فيلم (صندوق الدنيا), إخراج أسامة محمد 2002, وكان من الممكن أن يكون مناسباً أكثر, للمشاركة السورية من خلاله في هذا المهرجان, على الأقل لأنه يشترك بالسمات الفنية والفكرية العامة, للأفلام ذات الإنتاج العربي الفرنسي المشترك.

          ثنائية (الحب والحرب).. تبدو طافحة في الفيلم اللبناني (طيارة من ورق), إذ تقترب المخرجة رندة شهال صباغ, هنا إلى قرية صغيرة تقع على حافة الحدود اللبنانية, حيث لا تبعد سوى أمتار عن القرية الأخرى الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي.. في القرية الأولى ثمة فتاة مراهقة هي (لمياء), وفي القرية الثانية ابن عمها, الموعود بالزواج منها, وما بينهما تنهض حدود وأسلاك شائكة, وبرج المراقبة, وجندي الاحتلال..

          (مهرجان الأفلام العربية الفرنسية) كان مناسبة استثنائية لالتقاء جمهور السينما الدمشقي, ببضع أفلام عربية جديدة, قادمة من غير بلد عربي, مشرقاً ومغرباً, نالت العديد من الجوائز السينمائية العربية والإقليمية والعالمية, وبدت حاملة للعديد من الاقتراحات على صعيد الشكل السينمائي, والبنية الفنية, والمقولات الفكرية, إزاء واقع عربي يحتاج من مثقفيه ومبدعيه ومفكريه إلى جرأة الوقوف أمام الأسئلة, التي لا مفر من مواجهتها, في زمن لم يعد يترك الكثير من متعة الكسل, ولا سانحة لإدارة الظهر).

بشار إبراهيم

الدار البيضاء

(ألف شهر) وسينما الحداثة في المغرب

          استطاع المخرج الموهوب فوزي بنسعيدي أن يقدم فيلما سينمائيا متكامل العناصر, ومختلف الرؤى عن معظم الأفلام المغربية التي قبله, يتوفر على الجمالية البصرية من جهة وعلى عمق الفكرة التي تعتمل داخلها من جهة أخرى. وهو بهذا يكون صحبة أفلام مغربية أخرى, أخص بالذكر منها فيلمي ( خيط الروح) لحكيم بلعباس و(العيون الجافة) لنرجس النجار, قد خطا بالسينما المغربية نحو محطة حداثية جديدة, محطة تعتمد على الرؤية الذاتية لتقديم العمل وتحرص في المقابل على توفير الشروط الفنية الراقية لتحقيقه, الفيلم يحتوي على مجموعة مختلفة من الحكايات, كل حكاية منها تشكل فيلما قصيرا داخله, بحيث يتحول هذا الفيلم إلى كرنفال من الصور المتدفقة, لكن, وهذا هو الجميل في الأمر, أن هذه الحكايات تلتقي في نهاية الأمر داخل بنية الحكاية الكبرى التي تؤطرها وتمنحها معناها الكلي, وبالتالي فإن تلك الأفلام القصيرة المشكلة لها تندمج هي الأخرى داخل بنية الفيلم - الإطار, وتحقق له معناه المبتغى, وهو معنى يتلخص في الرغبة في تصوير الحياة الاجتماعية للمغرب, في فترة من فترات تاريخه, والتي حدثت في زمن الثمانينيات بالخصوص, وفي منطقة جغرافية من مناطقه, هي منطقة تخوم جبال الأطلس, وإن كان هذا لا يمنع من انفتاحية الفيلم على مناطق جغرافية أخرى, يتم الوصول إليها عن طريق التاكسي, وهي تحديدا مناطق مدينية, لها علاقة بمجرى الحكايات داخل الفيلم, كفضاءات السجن, حيث كانت (أمنية) تذهب لرؤية زوجها السجين هناك, أو كفضاءات الدراسة حيث كانت تذهب بنت القايد على سبيل المثال. إن هذا الفيلم يحكي قصة امرأة رحلت عند حميها (والد زوجها) صحبة ابنها الصغير, بعد الزج بزوجها في السجن, هذا الحمو الذي يقطن وحيدا, والذي لا يملك إلا ما يسد به رمقه, وهو مع ذلك وحرصا منه, على عدم مفارقة حفيده, يكابر ويقدم لهما معا ما يحتاج إليه من طعام وشراب وملبس, حتى وإن كلفه الأمر القيام بعملية بيع لأثاث المنزل والتظاهر أمام زوجة ابنه بعدم حاجته إليه, ليتم التركيز في الفيلم بعد ذلك على مجموعة من الحكايات المجاورة, كحكاية هذا الحفيد في حد ذاته مع الكرسي الذي كلفه معلم القسم بالمحافظة عليه والحرص على سلامته, لأنه أصبح يشكل بالنسبة له رمز وجوده بحيث لا يستطيع القيام بواجبه دون وجود هذا الكرسي, وهو ما تم بالفعل, حين تعرض هذا الكرسي للسرقة من لدن جد الطفل نفسه, الذي اضطر لبيعه من أجل سد حاجياته المنزلية, إذ ما كان من المعلم إلا أن أعلن عن عدم استطاعته التدريس وهو لا يملك كرسيا يجلس عليه. أما بالنسبة للطفل فقد كانت حكايته مع هذا الكرسي حكاية سريالية بامتياز, فكثيرا ما كانت عين الكاميرا تركز عليه وهو يحمل هذا الكرسي فوق رأسه, معلنا من خلال هذا الفعل عن تميزه عن باقي زملاء فصله, فهو الذي كلفه المعلم بحراسة كرسيه, إضافة إلى ذلك فإن هذا الكرسي, سيظل حاضرا كشخصية رمزية داخل قصة الفيلم, إذ بعد عملية بيعه من لدن الجد إلى أحد ممولي الحفلات, سنجد أن هذا الكرسي سيكون سببا في إثارة معركة جانبية على هامش الحفل الكبير الذي أقامه القايد بمناسبة زواجه من احدى بنات المنطقة التي دفعته بحسن سلوكها وقوة جمالها إلى التقدم إلى خطبتها, وهي ذات الفتاة التي كانت محط أنظار فتيان المنطقة, وفي مقدمتهم الشاب الذي هام بها كثيرا وتواعدا معا على الزواج, لكنها سرعان ما تخلت عنه حين رغب القايد فيها. وهو الأمر الذي يجعلنا ننتقل إلى الحديث عن مجموعة من حكايات الحب المبثوثة داخل الحكاية - الإطار للفيلم, هذه الحكايات التي تقدم لنا جانبا آخر من العلاقات الاجتماعية التي تسود في الغالب بين الفتيان والفتيات حين يكونون في مقتبل العمر وعند حدود مرحلة الزواج بالضبط.

          لقد استطاع المخرج فوزي بنسعيدي أن يقدم لنا فيلمًا متكامل الرؤية بالرغم من تعددية الحكايات المبثوثة ضمنه, ذلك أن هذه الحكايات كانت تتلاقى فيما بينها تلاقيًا يعتمد على وحدة الرؤية, فحكاية الطفل الصغير ومعاناته, كانت تلتقي بحكاية ابنة القايد الأول للمنطقة ومعاناتها, مع حكاية الزوجة التي اضطرت مرغمة إلى فراق زوجها بعد إلقاء القبض عليه, إلى حكاية الجد الذي فقد ابنه وأصبح همه الاحتفاظ بحفيده بغية الاستئناس به, إلى حكاية المعلم وهكذا في سلسلة سردية تعتمد على عملية التقطيع أكثر من اعتمادها على عملية التواصل السردي النمطي الذي يعتمد على تنامي الحكاية بشكل استرسالي. كما أن لعبة التشخيص في الفيلم كانت محكمة ومقدمة بشكل احترافي بحيث استطاع كل واحد من الممثلين, كل في دوره, أن يبدع بطريقته الخاصة, ما جعل الفيلم يوحد داخله بين التشخيص السينمائي النمطي والتشخيص السينمائي المركب الذي يعتمد على التعبير الحركي أكثر من التعبير الكلامي وبين التشخيص المسرحي الذي يقدم الحالة المشخصة في إطارها الانفعالي المتدفق بالتعبيرات الجسدية وقوة دلالاتها, وقد تميز به بالخصوص الممثل محمد عفيفي والممثل محمد بصطاوي.

د. نور الدين محقق

أبوظبي

مؤتمر بادية الإمارات

          ينظم مركز الوثائق والبحوث بديوان رئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة مؤتمرًا علميًا وعالميًا متخصصًا في مدينة أبوظبي في الفترة من 26/2 ولغاية 2/3/2005 بعنوان (بادية الإمارات.. بين فاعلية الوثيقة ومنطق الرواية) ويستهدف هذا المؤتمر دراسة بادية الإمارات, وذلك في توجه علمي متميز يبرز معالم البادية قديمًا وحديثًا باعتبارها موئل تاريخنا وموطن أجدادنا.

          وحول هذا المؤتمر صرحت د.فاطمة سهيل المهيري نائب المدير العام لمركز الوثائق والبحوث بأن عددًا من العلماء والباحثين من مختلف مراكز البحوث العلمية سوف يشاركون في معالجة محاور المؤتمر, ويجري المركز الآن اتصالاته مع العديد من دور الأرشيف العالمية والهيئات الأكاديمية والجامعية للتمهيد لمشاركة أكبر عدد ممكن من المتخصصين في موضوع المؤتمر, من خلال عدة محاور تغطي مجمل مظاهر الحياة البدوية وهي:

          المناحي الثقافية لبادية الإمارات (البادية, المفهوم والمصطلح والمحتوى, أدب البادية: اللهجة, القصة, الشعر, الرواية... إلخ, أدب البادية وتسجيل التاريخ, البادية في أدب الرحلات الأجنبية, التاريخ الشفاهي في بادية الإمارات), والسياسة في بادية الإمارات (النظام الأساسي القبلي في البادية, البعد الجيو - استراتيجي للبادية (قبيلة بني ياس نموذجًا), البادية والحضر: علاقات انسجام أم تنافر?, مبادئ العمل السياسي في البادية, صور سير العمل السياسي في البادية (الشورى نموذجًا).

          ومجتع البادية (مفهوم المجتمع البدوي ومعطياته, دورة الحياة في البادية: ميلاد, زواج... إلخ, التقاليد والعادات والأعراف البدوية, الحياة الأسرية في البادية, معالم التراث الشعبي البدوي: الفنون, الأزياء, الأطعمة... إلخ, المرأة في المجتمع البدوي). ومعالم الحياة الاقتصادية في بادية الإمارات (مقومات اقتصاد الصحراء, الماء ومصادره في البادية, معالم التجارة في البادية, النباتات والأشجار في البادية, دور الإبل والخيل والحيوانات الأخرى في حياة البدوي). رموز من البادية: (زايد بن سلطان آل نهيان نموذجًا).

 

   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




الملك خوان كارلوس ووزير الإعلام محمد أبو الحسن





ملصق معرض (ذخيرة الدنيا)





ملك إسبانيا يسأل والشيخة حصة تشرح مفردات المعرض





د. سليمان العسكري ود. جابر عصفور والشاعر شوقي عبدالأمير ود. سمير سرحان, خلال المؤتمر الثاني لمشروع (كتاب في جريدة)





 





لقطة من فيلم (باب الشمس)