مـن أوراق جـمـيـل بـن مَـعْـمـَر

مـن أوراق جـمـيـل بـن مَـعْـمـَر

1
في البدءِ..
لم يكُ غيرُ وَجْهكِ.. وافترارِ الحُلْمِ ثانيةً.. وعودةِ
ذاتي الأولى إليَّ.. وأَوْبَةِ الْفَرَحِ/ البواكيرِ/ الطلوعْ
هذا جمالُكِ ـ يا ابنةِ الآرام ـ خِشْفاً يرتعى
صَفْوَ الضِّيَاءِ.. ويَجْتَني زَهْوَ السُّطوعْ
من بحر عَيْنَيْكِ ازْرِقاقُ البحر يَأْخُذُ سَمْتَهُ الصُّوفِيَّ..
مِن بُستان سِحْرِكِ تُفْغٍمُ الأطيابُ أَوْعِيَةَ المَدَى
وتُنمنمُ الأزهارُ أوشحةَ الرّبوعْ
لا.. ليس هذا الحسنُ ـ وهو المستحيل ُ ـ سوى
عَرَارِ الرُّوح يَنْفُثُ في دمى عطرَ الوُلوعْ
لا.. ليس هذا الحسنُ غيرَ أيائل النيران تُطْلِقُها
يدُ الأقدار في عرصاتِ أغواري فتنبجسُ الصبابة
في جذور صبابتي.. وتوشّحُ الأفراح أمشاجي..
وتأتلقُ الفروعْ
ما أنتَ في نومٍ ولستَ مُغيَّباً
لتظنَّ نفسكَ حالماً أو واهما
يقظانُ أنتَ فكيف تَحْسِبُ ما جرى
أضغاثَ أحلامٍ تخامرُ نائما?

2
في البدء كنْتِ,
وكانت السَّنةُ: انبلاجَ النورِ في أرجاء ذاتي..
وانهمارَ الماء في خُلجان عُمْرٍ كادَ يطويه الأُفولْ
قلبانِ قد مُزِجا معاً في لحظة قَدَرِيّة هي خُطوة
أولى على الدَّرْب الطويلْ
رُوحانِ منذُ تلاقيا كان الولوجُ لحضرة العمر
الجميلْ
ولدٌ وبنتٌ من جديد يولدان كما أرادهما
الهوى المشبوبُ والعشقُ/ السُّيولْ
نارٌ مؤججةٌ هي الأشواق مِلأَهُما.. وألْفُ
حكايةٍ عن طائريْنِ توحّدا والجمْرَ والوَجْد/
الذهولْ
ماذا يقول ُ الناسُ إلاّ أَنْ يقولوا:
صَبَّانِ مَدَّ سِماطه لهما الذُّهُولُ
فهما ـ النَّجيَّيْنِ ـ النموذج سَكْرَةً
وهما ـ الصَّريعَيْنِ ـ المثالُ المستحيلُ

3
في البدءِ كنتِ,
وكانت السنةُ: البداية لارتجاعٍ الشّعْرِ والشدوِ
البديعْ
في أُفْقِ ذاتي أَشْرَقَتْ شمسٌ مُقصَّبَةُ السَّنَا فانجابَ
عن سنوات شِعري ما تراكم من جبال الثلج
وانقشعتْ ضَراوَاتُ الصّقيعْ
يا وَجْهها الشَّمْسيَّ إنّكَ في دمي: السِّيمْياءُ,
والسًّحْرُ المُمَوْسَقُ, وانهمارُ الدِّفْءِ, والوهجُ
المُقَطَّرُ, والسُّطوعْ
صيغَ الزَّمانُ ـ بناظريّ! ـ صياغَةً أُخْرى,
وحال بخاطري ـ منذ التقيتُكِ ـ جدبُ
قيثاري بساتينا تَضُوعْ
فرحٌ طفوليٌّ كأنَّ القلبَ عُصْفورٌ يُبَاكِرُهُ الربيعْ

(خليليّ,إنْ قالتْ بثينةُ: ما لَهُ

أتانا بلا وَعْدٍ? فَقُولا لها: لَهَا

أتى وَهْوَ مَشْغولٌ لِعُظْمِ الذي به

وَمَنْ بات طولَ اللّيْلِ يَرْعى السّها: سها

بُثَيْنةُ تُزْرى بالغزالةِ في الضّحى

إذا برزتْ لم تُبْق يوماً بِهَا: بَهَا.

لها مقلةٌ كحلاءُ نجلاءُ خِلقةَ

كأنَّ أباها: الظبْيُ, أو أُمَّها: مَهَا) (1)





 

محمد محمد الشهاوي