وجهان للانتظار الجميل

وجهان للانتظار الجميل

وبعد قليل
وبعد قليلٍ
ستأتي الفتاةُ,
محملةً بالهجيرِ,
وصهدِ الجوى الساحليِّ,
وبالعطرِ, موجِ الحنينِ,
ونهرٍ من الهسهساتِ الخجولاتِ,
حُلْمِ النوارسِ بالصيفِ,
شيءٍ من الخوفِ, عَزْفِ العصافير,
فوق رباباتِ أشجارها الشاعريةِ,
تجلسُ, تبسمُ,
أو تكتسي بالسكوتِ,
وترنو إلى ولدٍ مارقٍ,
طاعنٍ في الهوى, دافقِ الوجدِ,
أسمر حتى البكاءِ,
فيرنو إليها, ويهفو, ويهفو
وبينهما المائدة...!!
عليها.. إناءٌ من الماءِ,
كوبٌ من الزنجبيلِ,
وكأسُ عصيرٍ غريبٍ,
ومنفضةُ التبغِ, قداحةٌ,
علبةٌ فرغت من سجائِرِها,
ومناديلُ من ورقٍ فاغمٍ,
وقصائدُ لم يكتملْ بوحها,
للندى, وردةٌ بللتت بالمدى,
واستحمتْ, وخرّتْ على شوكِها
راقدةْ...!!
.......
وبعد قليلٍ
سيفتتحانِ المساءَ المُذابَ,
ويبتدئانِ العتابَ, العذابَ, الكلامَ القليلَ,
السؤالَ, الجوابَ,
ويختصرانِ اللقاءَ,
فيلوي الفتى حاجبيهِ,
ويسحب من نهرهِ ضفتيْهِ,
تهبّ الفتاةُ, وتلقي بوجهِ الفتى وردَهُ,
وقصائدَهُ,
وتفرّ إلى بيتها عائِدةْ...
.......
وبعد قليلٍ
يقوم الفتى,
فيلملمُ أشواقَهُ
ويبعثر أوراقَهُ في المساءِ,
ويمضي إلى حزنِهِ,
ثم يرحلُ في التيهِ,
يبدأُ رحلتَهُ الكاسِدَةْ
.......
آهِ
لا فائدةْ!!

وهَيّأ القرنفلات
أعدَّ كلَّ شيءٍ
في انتظارِه لها
ودندنَ اسمَها
وهذّبَ الكلامَ والأحلامَ,
لَوّنَ المكانَ والزمانَ,
بازدهائِهِ بِها...!!
ورش حُجْرَتيْهِ بالبنفسجِ الخجولْ
وروادَ السهولَ,
عن حريرِ حُلْمِها...!!
وأيقظَ الفصولْ!!
وأسدلَ الستائرَ التي تنامُ,
منذُ دمعةٍ ووردتينِ,
فوقَ فضة الهديلْ
وهيَّأ القرنفلاتِ,
كي يَبُحْنَ, يسترحنَ,
في زجاجةِ الذهول!!
وصبَّ شايَهُ الممزوجَ بالنعناعِ,
صبَّ ما استطاعَ من ليمونِهِ
ومن عصيرِ خَوْ.. فِهِ
وتينِهِ
وَرَصَّ دورقَ الحليبِ,
سلةَ التفاحْ!!
وقطعة الحلوى التي تُحبّها,
وقطعة العزفِ على كمنجةِ الفؤادِ,
حينَ عبَّ من جنونِه المُباحْ!!
وفَكَّكَ القصيدةَ التي أمدَّها
بصِكَّ عشقِهِ...,
مستفعلن
مستفعلنٌ... وباحْ
وهبَّ ثم ساحَ في ظنونِهِ
وكلّم المرآةَ مرتينِ,
وانتشى, مشى, وهدهدَ الجراحْ!!
وصالَ ثم جالَ, وارتدى سكونَهُ,
وحُلَّةَ انكسارِهِ
وظلَّ جالساً, مُعَذَّباً,
بلدغةِ انتظارِهِ
وجاءَهُ النعاسُ قاتلاً
ومطلقاَ رماحَهُ
فَكَرَّ, فَرَّ, خرَّ سابِحاَ,
في أحمرِ انتحارِهِ...!!

 

عزّت الطيري