الإنسان الآلي.. جراح قلب

 الإنسان الآلي.. جراح قلب
        

          يبدو تطور جراحة القلب المفتوح وبالأخص زرع الشرايين واضحًا وجليًا, ولاسيما في السنوات الأخيرة عندما تم استخدام الإنسان الآلي للقيام بهذه الجراحة.

          تجرى العمليات الجراحية على القلب الصناعي وأوعيته الدموية الرئيسية بطريقتين: الأولى توقف القلب تمامًا وعزله عن الدورة الدموية واستعمال القلب والرئة الصناعية لتعويض عمل القلب والرئة للمريض, وهذه الطريقة تسمى جراحة القلب المفتوح.

          أما الطريقة الثانية وهي إجراء العمليات الجراحية على القلب وأوعيته الدموية الرئيسية من دون توقف القلب, وهي ما تسمى جراحة القلب المغلق (القلب النابض).

          فالمراحل التاريخية التي مرت بها جراحة الشرايين التاجية بدأت منذ عام 1706 عندما كتب عالم التشريح الفرنسي فيوسن, ولأول مرة عن الشرايين التي تغذي عضلة القلب فأسماها الشرايين التاجية نظرًا لتوضعها على سطح القلب كتوضع التاج على رأس الملك وأسماها آخرون بالشرايين الإكليلية نظرًا لأنها تشبه إكليل العروس.

          وفي عام 1946 قام الجراح أرثور فينبرج بأول محاولة جراحية في إعادة التروية للعضلة القلبية عن طريق تحويل مسار شريان الثدي الباطن الأيسر وغرسه مباشرة في عضلة القلب عن طريق إحداث نفق عشوائي فيها.

          ففي عام 1953 بدأت جراحة القلب المفتوح عندما قام جراح القلب جيبون في أمريكا ولأول مرة في العالم بإغلاق الفتحة بين الأذينتين باستخدام القلب والرئة الصناعية. وفي عام 1959 أجرى سونز, ولأول مرة وبنجاح, تصوير الشرايين التاجية (القسطرة).

          في عام 1967 أجرى جراح القلب فافالورو في مستشفى كليفلاند في أمريكا أول عملية تجسير بين أبهر القلب الصاعد والشريان التاجي المتضيق فكانت تلك الطريقة انطلاقة العلاج الجراحي لنقص التروية للعضلة القلبية, فانتشرت هذه الطريقة في جميع المراكز الجراحية في العالم.

          وفي عام 1977 قام جرونزج لأول مرة بعملية توسيع الشرايين التاجية المتضيقة بواسطة النفخ بالبالون.

زراعة الشرايين

          إن الجراحة التقليدية لزرع الشرايين تتم بمراحل مهمة وتتجلى بفتح الصدر عموديًا وفي المنتصف وذلك بنشر عظم القص طوليًا, والمرحلة الثانية وهي تركيب أنابيب القلب الصناعي في قلب المريض والمرحلة الثالثة توقف القلب وزرع الشرايين عليه.

          ونظرًا لظهور مضاعفات لهذه الطريقة بدأت بعض المراكز الجراحية بإجراء عملية الزرع من دون توقف القلب, ومن دون استعمال القلب الصناعي, وهذا ما يسمى زرع الشرايين بالقلب النابض. وأيضًا بدأ البعض يتحاشى فتح الصدر بالطريقة التقليدية, وبدأ فتح الصدر والوصول إلى القلب عن طريق الفراغ بين الأضلاع, وذلك لتخفيف الشعور بالألم بعد العملية.

          بدأ استعمال الإنسان الآلي في جراحة القلب - وخاصة في جراحة الشرايين التاجية - في أوربا عام 1998 بعد أن استعمل في جراحة البطن عام 1997.

          إن عمل الإنسان الآلي بطريقة مبسطة ومبرمجة ومحددة ويعمل كما يلي:

          يكون المريض تحت تأثير التخدير العام, وبعد وضع الأغطية المعقمة عليه, يقوم مساعد الإنسان الآلي بإحداث ثلاث فتحات صغيرة في الصدر لا تتجاوز (1.5 - 2سم) بين الأضلاع وفي الفراغ (2 , 4 , 7) وإدخال كاميرا التصوير ثلاثية الأبعاد وأطراف الإنسان الآلي داخل الصدر, يبدأ الجراح وهو في مركز القيادة (التحكم) بتحريك يديه وبذلك تتحرك أطراف الإنسان الآلي تجانسيًا مع حركة يدي الجراح. يبدأ أولاً بتسليخ شريان الثدي الباطن الأيسر عن حائط الصدر الداخلي, وبعد أن تتم عملية التسليخ لشريان الثدي الباطن الأيسر يقوم المساعد بعمل فتحة صغيرة رابعة في الصدر لإدخال المثبت حول المنطقة المجاورة للشريان الأمامي النازل المراد الزرع عليها. تتم عملية زرع شريان الثدي الباطن على الشريان الأمامي النازل والقلب يعمل (القلب النابض).

          إن استعمال الإنسان الآلي في جراحة القلب لها محاسنها مقارنة بالجراحة التقليدية, فالألم بعد العملية يكون أخف مما لو كانت العملية التقليدية ويستعيد المريض نشاطه بزمن قليل (عدة أيام). وندرة تعرض المريض للالتهابات الجرثومية في الجرح, إضافة إلى أن فتحات الصدر تكون تجميلية (فتحات صغيرة في الصدر) وفقدان كمية قليلة في الدم مقارنة بالجراحة التقليدية, وإن الكلفة المادية لتلك العملية أقل بكثير من الجراحة التقليدية ذلك في تقليل عدد أفراد الطاقم الطبي والجراحي. أيضًا فإن إجراء عملية الزرع بواسطة الإنسان الآلي يقي من أي اهتزاز في يدي الجراح أو أي تعب فيما لو قام الجراح مباشرة بهذا العمل.

          من خلال هذه النظرة السريعة والمراحل التي مرت بها عملية زرع الشرايين على القلب نلاحظ التطور السريع على هذا النوع من الجراحة, وما يخبئه المستقبل لطرق أفضل في علاج نقص التروية للعضلة القلبية, ففي الأفق وفي زمن قريب جدًا سوف يصل العلم إلى حل جذري لهذا النوع من العلاج وبأسلوب أقل عدوانية.

 

عدنان أرشيد   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




وضع أطراف الإنسان الآلي في الصدر





الفريق الجراحي المتكامل مع الإنسان الآلي





شكل توضيحي لأطراف الإنسان الآلي في الصدر





تحريك يدي الجراح في مركز التحكم للإنسان الآلي





عملية البدء في وصل شريان ثدي الباطن الأيسر مع الشريان الأمامي للقلب