شاعرات من غزة

شاعرات من غزة
        

          هنا, تلكن شاعراتٌ اللغةَ مغموسةً بالهمِّ اليوميِّ, تعجنها بتفاصيلٍ تُرى بعيونِ طفلةٍ وصبيّةٍ وامرأةٍ, عيونٌ تعيِشُ غيابَ المساحةِ في حضور مخيِّلةٍ خلاقةْ, القلقُ حاضرٌ في حضرةِ البياضْ, والرغبة في فردِ أجنحةِ الصراخِ حاضرٌ كذلكْ. جمالٌ آخر في آخرٍ مخلوقٍ من لغةٍ, لغة مكسوَّة بالتفاصيل الصغيرة, مُعطّرة بالحبِّ والجموحْ. يطلُّ إلينا غموضٌ على السطورِ وبينها ليُشْركنا في علاقةٍ حميمةٍ ودافئة. نجد همّاً ميتافيزيقياً مُشكّلاً بأسئلةٍ, وهمّاً وجودياً كذلكْ. سنصادفُ أمزجةً مختلفةً, وذواتٍ تتحركُ في كلِّ الجهاتِ, وآخرينَ حاضرينَ برؤيً متباينةْ..

          غزة, مدينةُ الشِّعرِ, مازالتْ قادرة على التنفُّسِ بانتظامٍ, بقدرةِ وإرادة الحياة التي تمتلكها الأرواحُ المُحلقة, المُتطلعة لحياةٍ أجملْ, يمارسُ الإنسانُ فيها إنسانيتهُ دونَ قويً تجعلُ ذلكَ مستحيلاًْ.

          غزة, هنا, في هذا الملفِ بأسماءٍ من شاعراتها: (سمية السوسي, لين الوعري, كرمل العباسي, نهيل مهنا, فداء الأعرج, نجوى شمعون).. ما هو إلا خطوة لتسليط الضوء على مشهدٍ مفعمٍ بالشعرْ:

سمية السوسي
- مواليد 11/12/1974.
- صدر لها مجموعتان شعريتان (أول رشفة من صدر البحر) 1998, (أبواب)2002.وهناك مخطوطتان شعريتان.
- تنشر في مجلات محلية وعربية.

عن اختفاء الظل

          كُنْتُ أَتربعُ على مملكةٍ من فراغْ, لا كرسي يحملُ عرشي, ولا ملائكة تُصلي لي, واحدةً كنتُ, كان الكونُ تلالَ ركامٍ وصباحاتٍ من قلقْ, بجرأةٍ أنزلتُ قدمي, غُرِسَتْ فيّ شوكة رحيل.

          قلتُ: لعلَّ انشغالي محضُ وقتٍ لم يرفق برحلتي, كنَّا سنلتقي, كان السردُ أصعبَ من نغمةٍ, رفرفَ طيرٌ, انتفضَ ساحباً آخرَ خيوطٍ من سلتي, يلحُّ الطريقُ, مذاقُ الحرقةِ مرارته تزدادُ, تأخذُني شجيرةُ صمتٍ حفرها ظلّ, لا ظلَّ فيها, الطريقُ كتابةٌ قديمة, للفراغات بين أعمدةِ النورِ شكل آخر للمراوغة.

          بريقُ قمرٍ في مجدافِ صبيٍّ يُلوِّحُ بقصةٍ عاديةٍ كما هي القصص, الصيفُ لم يكن صيفاً, طيفٌ يغيبُ بصمتٍ عن رصيفِ الذاكرةْ.

          أستندُ على رائحةِ بخورٍ, أنصتُ من جديدْ, أحفرُ اللحنَ فيّ, أتوحَّدُ ببرودةِ الحجرِ, ألصقُ ذاكرتي بفتاتِ الصخر, أنحني للرُّوحِ التي شكَّتْ وجنتي وجَهِلْتُ دربها من نافذةٍ لم يفتح فكرتها, يؤرقه طائرٌ بملامحٍ أليفةْ. أوصدَ الباب وارتمى على حافةِ الشوقْ, أشرعةُ اللحظةِ لا تكفُّ عن الارتجافْ. باهتةٌ ومستكينةْ.تتألقينَ بأوردةِ الصباحِ. تعيدينَ تلاوة ليبتهج الفراغ. أيتها اللهفة: إلى أي الموانئ ترحلين بي?

          وحيداً تشبه هذه التي من نهاراتٍ, مزجتُكَ بقافلتي والريحُ ريحْ, لكنَّ هذا الطريق يحتملْ!

          من شغفِ اللكنةِ بأمزجةٍ تجرُّها, ترسمُ لعنةً لبريقِ الوقتْ, كأسُكَ لا تفرغْ, والراقصون, على مهلٍ يسحبون كرسيَّ الانتظار, في غفلةٍ من الجميعِ يتسللْ, يأخذُ حفنات قليلة. يضحكون, يغترف المزيد. يصمتون, فجأةً وبدهشةِ من أمسكَ به الضحك: كيف سرق كل هذا منا?

          غرائبية اللوحة: انشداه اللون باتجاهِ كائنٍ لم يشكّله فراغْ. تتدارك حرقة الفقد, بنقوشِ صبيّةٍ مغموسةٍ بعطرِ لحظةٍ تشبهُ مفتاحاً قديماً, تغادرُ بلا نظرة تلملم قرباناً للذاكرة.

          كأنها لنا ولكننا لا نمتلك سوى رؤيتها تمرُّ. وفي قصةٍ عن اختفاء الظلِّ, وما هو إلا احتراق ما يخفيه فيها.

          الثانية تقول: إنَّ فيضاناتٍ تأتى من الشرق. لا ماء فيها, تغرق الكثيرين, ولا تعرف إلا ذاتها. وفي رواية أخرى: عن هذا الذي يعرف كم من الوقتِ يلزمنا لنندهش, يقف صامتاً على بوابةٍ من حكاياتْ. لا تضج بما يحمل وتبتغي المزيد. نبادله وقتنا. يبهرنا الوهم. نفرحُ كأيِّ مشترين, على عتبةٍ أخرى نُلقي بأحمالنا, نبحثُ فينا عنّا, نجدُ السنين فراغاً يتسع في جدار الحكاية

          فضفاضة هي العتمة بهيئةٍ مُحايدةْ, تحاولُ الخروج من الإطارْ, تتشبّثُ بالعبقِ الملتصقِ بزغبِها, تمجّدُ وحدتها لتكونْ, وهج الفقد يعميها, كلّما أوشكت على انتقاء فراغ جديد. يغازلها. والعتمةُ صحو دائماً يُبارك الرهبة. ينهمر فيها شراباً مُعتقاً, وتنهلُ كمن لم يعرف الارتواء, ستهبني لعنتها, هذه الليلة, ليعترف الوقت بأنَّه سارقٌ جميلْ, ينظر من نافذته ويبتسم!!

لين الوعري
- مواليد غزة.
- طالبة تدرس في الجامعة الإسلامية - غزة.
- تكتب الشعر.
- نشرت في الصحف المحلية.

عشرون ربيعًا.. وباقة ورد.. وأجمل الذكريات

          نساءٌ كثيرات في خريفِهِنّ يغرق رجل..

          بيد أن فرحَكِ الذي ينبثق.. من الهاوية ليتشبث بحبال المطر, وعينيكِ اللتين تبحثان عن حلم مُغتَصَب لفتاةٍ جامحة لم يكن لها مثيل.

          عشرون ربيعًا

          ترسم الشمس على أوراقي وجوهًا

          تطرزها بشفافية النور وحمرة الحنون

          يتسلل النسيم إلى شرفة أفكاري

          يعبث بشعري الغجري يقرأ ما رسمته الشمس يضحك بخبث مهددًا أن يفشي ذكرياتي إلى كل الغيمات الماطرة!

          عشرون ربيعًا

          لم تستطِع أن تنتزعني من سرب الطيور أو أن تعلمني كيف تسير النساء بالكعب العالي

          ومازلت طفلة أترقب أن يداهمني المرض أن تنامي بجانبي لتربِّتي على كومة أفكاري وتُعِدّي لي (كأس الحليب)

          لا توبخي الشمس إذ لا تجعل من وجهها لوحة سريالية سخيفة فهي تعشق اللهو بالرمال

          وتسلق الأسوار لتعود في المساء متسخة محمرة الخدَّين حافية ثم لتغرق في البحر..

          عشرون ربيعًا

          أقنَعَت غروري بأني مُحَنَّكة في مراوغة القطط

          فلماذا أشعر بعجزي أمامك?

          فلا أكف عن التظاهر بأني

          لا أحتاجك, لم أعد الآن أرسم في دفاتري

          صورتي أو صورتك وإنما صورٌ لكل الرجال.

          عشرون ربيعًا

          أبحث عن سرّ الداء يتعذب كل هؤلاء, جُنّت النساء

          واستحال دوام حال الرجال

          استقالت العقول إثر رشوة سخية لم يصلوا إلى الحقيقة لكني وصلت, ما غيرك في قلبي وقَر ولا كان لي معشوق سواك فارحم جهلي..

          (إلهي)

          عشرون ربيعًا

          سئِمَتْ كتبي أروقة المطارات واشتاق جواز سفري إلى المبيت في درج مكتبي

          ولفظتني كل السفن المسافرة

          أضعت منديل جدتي الذي ودّعت به

          النخيل وخمائل الزيتون

          ارتفع أزيز جهاز التفتيش

          بحثوا فيَّ فماذا وجدوا??

          قضيب مِن زنزانة مَن حكموا عليه بألف مؤبد لكأنهم تعاقدوا مع ملك الموت! قليلاً من الرعب وكثيرًا من الصمود أكسو به جسدَ حقيقةٍ, سئِمَتْ الحانات الأمريكية لكثرة ما ترددت عليها!

          وصاروخ لم ينفجر بعد سأخبئه في جعبة (بابا نويل)

          ليكون هدية عيد الميلاد والإهداء (صنع في أمريكا)!

          وملاءة سرير طفل اقتحموا عليه حلمه فتناثرت دماء الدُّمَى.

          عشرون ربيعًا

          وجدّتي تخبرني بأن الحمائم تُعِدّ لي ثوبًا من ورق الورد إكليلاً من زعتر القدس وباقة من زنابق يافا وأنها ستُغَسِّل شعري بليمون غزة وتُخَضِّب يدي بحناء بدو السبع

          مضت جدتي, ولم تعلمني أهازيج الفرح

          فمتى أُزَفّ إليك

          عشرون ربيعًا

          هل صنعت من روحي أنثى?!

          حقًا, لا أدري!! لكنها تبقى عشرين ربيعًا أهديها مع خالص حبي.

كرمل العباسي
- مواليد 1984.
- تدرس الإعلام في الجامعة الإسلامية غزة.
- تكتب الشعر والمقال.
- تنشر في صحف محلية.

تراتيل أغنية فيروزية

          (أعطني الناي وغني فالغنا سر الوجود

          وأنين الناي يبقى بعد أن يفنى الوجود)

          ترفضني البداية, واللغة تلعن عجزي, أنفض همس السماء بقلمي

          أخلق ألواناً أخرى... البداية ترسمني وأرفض أنا النهاية

          - نعيش اللابدايات في قصصنا و نتحفظ دائماً على النهايات-

          الوقت غريب والشارع يلوكني,

          الإسفلت يذبل في ثنايا جدائل شعري, اللامكان يسكن معطفي, والريح تجدل أنفاسي, أصل إليك تنتظرني

          - أكره الانتظار و أحبك عندما تنتظرني -

          احتراق الأمطار في شواطيء عينيك تفشي بسر النار العتيق

          ترسم الشفاه التي بلون زنبق الحقل

          تغوص في منبع أزلية الألق

          تجعلني أعزف موسيقى عطري في سماء صدرك

          الوقت أصبح متأخراً - جملة أكرهها - تلفظني نار الأمطار خارج المكان.

          (هل اتخذت الغاب مثلي منزلاً دون القصور

          وتتبعت السواقي وتسلقت الصخور)

          باردة هي عيون المدينة والشوارع تزرع بذور المطر في ضلوعي, ما جدوى السير وحيدة?

          الغيوم تنزف بياضاً, البياض يجرح نصوصاً سوداء نفتعلها حينما تضاجع الأحزان قلوبنا

          الآلهة تقودني إلى اللاعادة أجلس خلف أزراري الباردة أرسم كلمات, أغوص بأحرف منهية

          - لا تكوني سفسطائية - لا تجادلي بالبديهيات

          (يا آلهة اليونان...

          صخرة سيزيف, لم أفش بسر الفراش لا أنشد شيئاً... إلا أن تكون بجانبي), قد يجدي / لا يجدي, لماذا لا تبكي وسماء مدينتك

          أشعر برغبة لرقصة على ألحان سمائي

          ما جدوى السير وحيدة?

          (هل تحممت بعطرٍ وتنشفت بنورٍ

          وشربت الفجر خمراً بكئوس من أثيرِ)

          مرآتي عارية تماماً ألبسها / تلبسني, تخلق آلهة الجمال, ترسمني محارة مرجانية / أرسمها حصاة مرمرية, مرآتي انعكاس لذكرياتي الباهتة, ذاكرة تعبي تستنزف رحيقي/ثغر المجدلية

          مرآتي حطب هياكل العاصفة أسكنها / تسكنني - ترياق لوحدتي -

          ما جدوى الوجود وحيدة?

          تفاصيل البنات صغيرة, والخوف دائماً يغلق أبوابهن

          يأكل النرجس على سياج مدائنهن يعبث بخبايا الرماد في عيونهن, أسرار البنات كثيرة

          تشرب الزيت على أدراج معجزاتهن, تزرع النعناع في جدائل شمسهن, تغرس ثرثرة في خاصرة الوحدة, ما جدوى الوجود وحيدة?

          (هل جلست العصر مثلي بين جفنات العنب

          والعناقيد تدلت كثريات الذهب)

          عيون طفلتي لوزية / بابلية, أسبح في دفء فراتها أقلع مع شفافية تخلقها, طفلتي تتسربل بغبش المساء, الأحزان تشرنق مدنها البغدادية

          - نأتي إلى الدنيا بغير إرادتنا ونغادر بغير إرادتنا

          هل نختار أنفسنا?

          دعينا نتكلم بتجريد عن الروح

          لكل منا خطاياه / الخطيئة تدوم أبداً / أحب الأخطاء الصغيرة نصنع فلسفتنا بموسيقانا

          الرتابة طقس من طقوس العبادة / العبث

          هل نختار أنفسنا?

          تتجرد الأبنية من كل استقلال, ترفض عزلة التجريد

          اللانهاية السيئة هي تكرار أزلي للشيء نفسه, نقع في قوقعة التمثيل الموميائي.. تجريد الروح / العبث

          هل نختار أنفسنا?

          (هل فرشت العشب ليلاً وتلحفت الفضا

          زاهداً فيما سيأتي ناسياً ما قد مضى)

          (الجوهر هو النفي الأول للكينونة)

          تناقضات الكينونة ترفعنا إلى الجوهر, تناقضات الجوهر تعيدنا إلى الكينونة

          - من المستحيل البقاء في المباشر, ومن المستحيل الخروج منه -

          نسير في طريق تقودنا إلى الانطفاء التدريجي.. تمجيد الآلام / تعظيم الموت الموت طور في حياة المطلق

          الطبيعي يموت وحده  يولد شيء متجرد من الطبيعي المحض حركة انبعاث تجعله أبدياً وإلهياً في ذاته

          - الموت هنا لا يشكل مدلولاً شاملاً - ما هية الروح?

          الرؤية تولد من غائيتها الداخلية للتطابق مع الفعل الإلهي

          المفهوم هو ملازمة اللانهاية للمنتهي

          تناقضات الكينونة ترفعنا إلى الجوهر.. تناقضات الجوهر تعيدنا إلى الكينونة

          - من المستحيل البقاء في المباشر, ومن المستحيل الخروج منه -

          (أعطني الناي وغني, فالغنا عدل القلوب

          وأنين الناي يبقى بعد أن تفنى الذنوب)

          صديقي,

          لا ترحل قبل تمزق أوتار الكمان

          لا تجعل الخطيئة تثقل قلبك

          دع يديك تنسدل كالشمس في خاصرة الياسمين, نحتسي القهوة ورائحة المطر تعشق صدرينا

          نتعمد بملح بحر يسكننا/نقبس من ألوهيته

          صديقي,

          أعشق صدى ملائكة السماء

          ألمس خيوط الشمس في أصابعك أوتار الكمان ترسل ألحاناً زرقاء

          هناك... تتماهى خطايانا وألوهيتنا معاً

          صديقي, سترحل في يوم ما وسأرحل أنا

          فيروز تبقى هنا

          (أعطني الناي وغني, وانس داء ودواء

          إنما الناس سطور كتبت ولكن بماء)

فداء الأعرج
- تدرس علم النفس - جامعة الأزهر - غزة.
- تكتب الشعر.
- نشرت في صحف محلية.

موسيقى تلبس عري القافلة

          أيتها الفراشة الهاربة من حلمي إلى وجع الطريق, الحلم زجاجة في حبري إذا انتفض الحبر في بضع كلمة كسرت, وإذا استكان وخزت طيب ألوانه أطلب الآن من شمسي عذرا لبقع الظل تغشى ثوبها

          الظل يفتح عيني ويغلق قلبي عند نقطة المنعطف

          كيف يكون المنعطف نقطة للرجوع?

          وكيف يكون الرجوع انسحابا للظل من شمس ثوبي?

          خشب يرتع في خربشات الصوت

          (1)

          خشب يومض في حشا الربيع

          يخز المسافة المؤرقة

          يزرعها بعفن يتسلق رئة الضوء

          ونحن: عتبتان بينهما تحية ملقاة أرى خلف الستار

          وهنا أتوجس ملامح المعركة لا ستار كي يكون له خلف -أمضي ولكن لموتي أكثر من تركة

          (2)

          يرتع نجم خافت بين أصداء المرايا, ويضيع لا زورق يجمعنا رغم البحر لا.. ولا حتى نجيد الموت السريع

          (3)

          في وضوح الحلم مشنقة غبية تتدلى من خفاء ذاكرتها حشود لا كون تخدش مراياه التي لم تصقل بعد إلا الهزيع الأخير ذلك المرتد عبر أمسه إلي

          (4)

          خربشات تحترف الألق لها حواف ثلجية, بعدها تحترق.. لها شجر ينمو في عمر القصائد..

          ترعاها بعض المكائد, لكنها تهفو ثم تنزلق

          (5)

          الصوت يرجف في زحام الموت بعض الصدى ثم, يضيع الصوت

نهيل مهنا
- من مواليد 5/2/1982م.
- تخرّجتْ في جامعة الأزهر - غزة (كلية حاسوب).
- تكتب الشعر والقصة.
- نشرت في الصحف و مجلات محلية..

تسع قصائد

رغبة

          إذا انحنى على الفكرة هزم مجدها.. يسكنه رصيفاً أحادي هناك.. لم يكن سوى البياض

          رغبة مستندة إلى البحر طفل وموجة ومحاولة متكررة لاحتوائها بحبل سمراء.. عينان فارغتان تسلب قرير الوسادة قلبٌ كالسواد ظلامه.. ظالمة هي.. تزرع لحريتي سياجاً يفترسني أكره المكر الفطري فيها, أتمنى لو لم تكن تحت سريري هذه الفأرة المزعجة!!

اعتراف

          لن تخدعني مجدداً تلك اللحظة..

          عهدكِ ألا أستفيق إلا على عبق قهوة

          أختنق من النشوة, رائحتكِ مازالت ملّحة

          تلتهم لذة فنجاني

          خذي القهوة?!

          واتركي لي الرائحة

وحدة

          أردتكَ هنا.. لتمتص من جبهتي التعب وحدي, أقاوم البرد.. الدفء لن يشتعل في إيقاع منفرد

          أمشيني خطوة خطوة

          لا تنهلني دفعة واحدة, أجمل رفيق أنتَ (كتابي العزيز)

          عالي الأفق.. تسرق مني دقائقي

صديقة

          في ركن الحائط.. أفكار بلون الفوضى تغرس في هيبتي شوكة لتكف عن اعتناقي الحماقات!!

          في السنة,, تصاب الطيور باكتئاب حاد يحرمها بحة الغناء

          في الشهر,, تسقط المدينة تحت وابل الرصاص تتهاوى الفتات ربيعاً ربيعاً

          في اليوم,, عواصف لا تصارع الموج

          عتمة حبلى بشموع مشروخة

          في الساعة,,

          تتزوبع في أرقي

          خيانة

          لست غبية?!

          في هذه اللحظة, ما أبعدكِ عني تقتلكِ الصدفة!! أكتشف بعد مشوار مرير أنها عسراء

انتفاضة

          من سيقتل شبح الموت اليوم?

          أشرف مصاب بتساقط في الشِعر

          أم عقيمة تنجب كل صباح, باقة ورد طفولية

          مقبرة بحاجة إلى مصمم ديكور فريد

          (وأنتِ يا جميلة ما اسمك?)

          اسمي اسم هذه المدينة

          وماذا لكِ من العمر?

          عدد هموم شيوخ الأرض

          ما تهمتكِ?

          اللهو تحت شجرة تفاح يحاصرها جيش من الأسود

بياض

          قالت: صف لي اللون الأبيض?

          قال: لون الحليب

          - كيف هو لون الحليب?

          0 كالشمع حين يبكي

          - لم أصل بعد!

          0 القمر في ليلة ليلاء

          - من هو القمر?

          0 ذو اللون الأبيض

          - اللون الأبيض?!

          0 كصفاء قلبكِ..

          - الآن فقط رأيته..

          ضريرة تحاور معلمها في الفلسفة, بليغة هي الأسئلة,

          حين تتكشف عن نور القلب

ذاكرة

          اليوم الأربعاء,, تمنيت إنهاء اللوحة, ينقصها فقط لوحة, ارسم أقرب منظر إلى نفسك تموء قطة في حلقي

          اليوم الخميس,,

          اللوحة كالأنثى تعشق الأضواء, أسقيها مزيداً من الألوان, أزرق.. وردي

          الجمعة,,

          يرتديني سأم.. موعدي مع تلك المغرورة, أذيلها بتوقيع ثنائي نسيت التاريخ!! لست عابئة انحرفتْ سهواً.. انسكبت جميع الألوان لم يبق سوى التاريخ.. في ذاكرتي

هذيان

          بعد عناء.. اتفقت مع الموت  ألا يزورني إلا مرة واحدة

          تكبلني الأسرار.. ليست الكتابة ما أتعب رأسي?!

          قبة الليل المعربد مغارة فيروزية في ركن من السماء أقلّم للقمر أظافره ثمة لغة لا تتقنها سوى الملامح

نجوى شمعون
- مواليد:10/10/1970, مدينة رفح/ قطاع غزة/ فلسطين.
- 90 - 91 دبلوم معهد المعلمين والمعلمات.
- تخصص لغة عربية من جامعة الأزهر.
- تكتب الشعر والقصة والمقال.
- نشرت  في صحف محلية.

هنالك نساء

          (1)

          هنالك نساء يقفن في الريح وتحت المطر لليل يمتص رحيق القبل ولا يبقى سوى الضجر.

          (2)

          هنالك نساء على حافة الرصيف يطويهن الحنين إلى اللاشيء وإلى الشيء..فيسرقهن الملل رويداً رويداً.

          (3)

          هنالك نساء

          تحت العواصف..عاصفة وتحت الرعد..رعد وتحت الحنين..بنفسجة

          هنالك نساء

          في بحر من قلق يجرفهن تيار..ويقتلهن تيار

          يمضي الخريف وتموت أزهار تحت القبعة.

          (4)

          هنالك نساء يخرجن سراً..من زاوية العمر تتوه بهن وجوه فوق الزحام وفي حقائب السفر

          يسرقن حرير الذكرى

          رخام الذكريات فيمضين إلى حتفهن المنتظر.

          (5)

          هنالك نساء يقتلهن البرد عنوة, ويخطفهن الليل في رداء فيخرجن أشباحاً, وورد أقل.

          (6)

          هنالك نساء يتطاير شعرهن خريفاً..خريفاً ويسقط كقطن الحقول

          ناعماً..ناعماً  فيكسرن نوافذ المكان نافذة..نافذة

          لا عابر يلتفت للجدول حين يمر..دماً.

          (7)

          هنالك نساء يرقصن كجذوة النار المسهدة لا غزال يشد العشب الأخضر فتتوهج الشمس ولا قمر يسقط فيضيء صرخاتهن.. هنالك.

          (8)

          هنالك نساء يفتشن الغيب

          بئراً.. بئراً قافلة..قافلة يفتشن عن ومضة في جناح سنونوة فيحترق ليلهن في الليلة الشاردة.

          (9)

          هنالك نساء ينقبن الحقول عن يد

          عن سيد للغياب الطويل عن فرس النهر..

          هنالك نساء يعصرهن الشوق نبيذاً..نبيذاً

          ويتركهن ناعسات.. ولا حنين مفاجئ في أول العتمة ولا آخر السرداب

          شعاع يفضي إلى لمسة.. لا خشخاشة تطمئن عزفهن المنفرد لا صور معلقة في أعلى النسيان لأول قدم وأوائل الالتحام.

          (10)

          هنالك نساء

          لا توعدي السحابة قدوم محارب

          قالت سيدة: واختفت في ظلام دامس وقت يؤجل الموت بطيء.. بطيء فينتشر الوطن رغوة وغيمة أحزان

          لا حنين مفاجئ في أول العتمة

          لا ظل يكفكف ظله ويسرق من حقل برتقالة

          لا شمس تشرق لا أشجار تتشابك ولا نهر يمر بالمكان.

 

يوسف القدرة   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




أعطني الناي وغني فالغنا سر الوجود





ترسم الشمس على أوراقي وجوها تطرزها بشفافية النور وحمرة الحنون





اضعت منديل جدتي الذي ودعت به النخيل وخمائل الزيتون





لم أعد أرسم في دفاتري صورتي أو صورتك وإنما صور كل الرجال





بعد عناء.. اتفقت مع الموت ألا يزورني إلا مرة واحدة





هناك نساء تحت العواصف.. عاصفة, وتحت الحنين.. بنفسجة





تفاصيل البنات صغيرة والخوف دائما يغلق أبوابهن





هنالك نساء ينقبن الحقول عن يد, عن سيد للغياب الطويل