ذكريات ممنوعة

ذكريات ممنوعة
        

          إيله شوحاط يهودية عراقية ولدت في إسرائيل لأبوين بغداديين هاجرا من العراق في الخمسينيات... نشطت خلال إقامتها في إسرائيل في عدة حركات شرقية يسارية ثم غادرت إلى أمريكا حيث استقرت نهائيًا. باحثة وناقدة ومحاضرة في الدراسات الثقافية. تعمل الآن أستاذة الدراسات الثقافية في جامعة نيويورك.

          أثار كتابها المهم (السينما الإسرائيلية: تاريخ أيديولوجيا) عندما صدر في إسرائيل لأول مرة عام 1991 سجالاً, وساهم في تشكيل أجندة مغايرة للجدال النقدي في الدولة العبرية من حيث أنه كان صوتًا ليس جديدًا وعميقًا فحسب, بل يضع أغلب المسلمات الأثيرة لدى المجتمع كما لدى النخبة (الإسرائيلية), محط تساؤل وتحليل بأدوات ورؤية جديدة, فإذا بهذه المسلمات ليست كذلك مفهومة بذاتها, وإذا بها أيضًا مبنية على أيديولوجية لا تصمد أمام النقد الذي لا يكتفي بالوقوف على السطح وينأى بنفسه عن غريزة القطيع وعيًا وأيديولوجية وموقفًا.

          والواقع أن دور النشر (الإسرائيلية), كما ينبه المترجم, إسماعيل دبج, لا تتسابق على نشر أعمال الكاتبة, ليس لأنها لا تستحق ذلك, بل لأن الصدر الأيديولوجي والقومي لتلك الدور أضيق من أن يتسع لنظرة نقدية تتحدى الإجماع القائم على فهم أيديولوجي مؤسساتي للقضايا يستلهم منطلقاته من الغرب الكولونيالي ومن المقولات الاستشراقية التي ترى عدا غير الغرب أطرافًا على الضاحية الكونية الغربية, لم يعبروا بعد, وربما لن يعبروا أبدًا بفعل طبيعتهم الأزلية الجوهرانية المتخلفة, عتبة المدنية والرقي.

          لذلك, فإن صدور الترجمة العبرية للكتاب تحت عنوان (ذكريات ممنوعة) عام 2001 عن دار بيماه كيدم (الإسرائيلية) للنشر يعد في نظر المترجم اختراقًا لعقد غير معلن, واقتحامًا لأرض كانت مسيجة ضد ما هو غير مرغوب فيه.

          الكتاب عبارة عن عدة أبحاث ومقالات, نشر بعضها ضمن كتب أخرى أو في دوريات مختلفة باللغة الإنجليزية, وتأخرت ترجمتها العبرية حتى التاريخ المشار إليه.

          وبعد قراءة الكتاب سنقف على السبب الذي جعل الترجمة العبرية والنشر بالعبري يتأخران كل هذا الوقت, ولعل الحق, بمعنى معين, مع تلك المؤسسات البحثية ودور النشر الإسرائيلية الصهيونية التي تحجم عن طباعة, أو حتى توزيع كتابات إيله شوحاط.

          حينما يطرق اسم إيله شوحاط السمع لا بد أن نتوقف لمسألتين: أولاهما, احتراما وتقديرا لشوحاط, وثانيتهما لأهمية ما تكتبه السيدة اليهودية العربية من أصل عراقي ـ كما تحب دائما أن تعرف نفسها ـ فمن لم يقرأ شوحاط وايلان بابيه وإسرائيل شاحاك وباروخ كميرلنج وغيرهم, فسوف تبقى نظرته إلى إسرائيل كما لو أنها (إسرائيل) خليط متجانس يعزف على وتر الصهيونية فكرا وثقافة. في حين أن الواقع الإسرائيلي بتعقيداته المجتمعية وأنساقه الثقافية يشير إلى وجود أصوات تغرد خارج السرب الصهيوني, وتحدث ضجيجا في ردهات جامعات ومؤسسات ثقافية إسرائيلية وعالمية أيضا.

          تقدم شوحاط في الفصل الأول (هويات ممزقة: تأملات يهودية عربية) سردا لمحطات من حياتها الأسروية, حيث كانت مع عائلتها في بغداد, وآل بهم الحال إلى تشتتهم عن وطنهم مع اقتلاع الطائفة اليهودية من هناك. وفجأة أدركت شوحاط فقدان هويتها اليهوديةـ العربية, إذ لا يحق لليهود العرب التحدث في إسرائيل إلا عبر الذاكرة اليهودية الأوربية. وكان ذلك بالنسبة لهم (تدريبا على التدمير الذاتي)(ص 15), وأصبحت العروبة واليهودية كقطبين متعارضين بعد أن كانت (عروبة) اليهود (مدماكا في كلٍ ثقافي عربي تتعاشق فيه أديان ومجموعات إثنية عدة) (ص13) وشطبت بذلك العلاقة التي ربطت اليهودية بالإسلام وأحلت بدلا عنها صلة مقدسة بين اليهودية والمسيحية. وتحول لم الشتات اليهودي إلى  (تفتيت لنسيج الحياة بين اليهود العراقيين والمسيحيين العراقيين).

          في الفصل الثاني (الشرقيون في إسرائيل: الصهيونية من وجهة نظر ضحاياها اليهود) حاولت شوحاط أن تتبع مسار الصلة التاريخية بين المحنتين الفلسطينية والشرقية(أي اليهود الشرقيين), منذ ظهور الصهيونية. فالصهيونية سلبت الفلسطينيين مكانهم, وغيبتهم عن الوجود في خطابها الفكري والسياسي والإعلامي. بالمقابل أسكتت (الشرق الآخر), كما تسميه شوحاط, أي اليهود الشرقيين, عن الجدال الدائر, وذلك لإبراز (الأوربإسرائيليون الإشكناز), باعتبار الشرقيين صوتا يسيء إلى الفكرة الصهيونية الزاعمة بأن ) الصهيونية الأوربية (أنقذت) الشرقيين من أنظمة (آسريهم) العربية المستبدة وخلصتهم من شروط بدائية يسودها الفقر والأمية والخرافات, وأخذت بيدهم, بعناية وسخاء, إلى داخل مجتمع غربي حديث يتسم بالتسامح والديمقراطية والقيم الإنسانية).

          اللافت للنظر في تتبع شوحاط وسردها لأدبيات صهيونية تعج بالعداء لليهود الشرقيين, أنها أزاحت الستار عن الخطاب الصهيوني باعتباره خطابا كولونياليا بامتياز, يرتبط بـ (وشائج مباشرة مع الفكر المركزيأوربي ومع الكولونيالية الأوربية) لكن هذا الخطاب سعى من جانب آخر للتفريق بين الشرق السيئ والشرير, أي العربي ـ الإسلامي, وبين الشرق الجيد, أي اليهودي ـ العربي, مما يعني, كما تقول شوحاط أن الصهيونية قد (أخذت على عاتقها تطهير الشرقيين من شرقيتهم وإنقاذهم من الإثم القديم المتمثل في انتمائهم للشرق).

          تستفيض شوحاط في نقدها للخطاب الصهيوني الاستشراقي الذي نظر إلى ثقافة اليهود الشرقيين قبل مجيء الصهيونية (كما الأرض البور في فلسطين, مهملة وجامدة وستاتية, تنتظر بشوق ولهفة نفحة الروح الأوربية المنعشة), ثم تتطرق شوحاط إلى السياسات الصهيونية لاقتلاع يهود العراق من وطنهم تحت مسمى (العودة إلى الوطن) وتعتبر ما حدث للفلسطينيين من اقتلاع من الأرض والتاريخ والجذور والثقافة شبيها بحالة يهود البلدان العربية. فالمسألة شديدة الصلة لأن الفاعل واحد, أي الحركة الصهيونية, في حين تعتبر إسرائيل أن ما حدث عبارة عن تبادل سكاني ليس إلا, وتنفي شوحاط هذه الأكذوبة وتعتبر أن الفلسطينيين واليهود العرب لم يسألوا عن رأيهم إن كانوا يرغبون في الانتقال المتبادل, فضلا عن ذلك كانت ممارسات الصهيونية أبعد ما تكون عن العفوية, فما حدث للاجئين الفلسطينيين من قهر وإذلال وحرمان في مخيمات البؤس لهو شبيه بما فعلته الصهيونية باليهود العرب الذين اقتلعوا من أوطانهم وجيء بهم إلى فلسطين, فما زال حنينهم إلى الفضاء الجغرافي الذي ولدوا وترعرعوا فيه قويا, بل أشد ما اعترى اليهود العرب شعورهم بأن عملية تدمير الذات والذاكرة قد بدأت على أيدي المؤسسة الإشكنازية لأن هؤلاء نظروا إلى أنفسهم على أنهم ملح الأرض لذا فهم يستحقون شروطا حياتية أفضل من اليهود الشرقيين. هذه التراتبية أسست لبناء نظام بنيوي ذهب بمقتضاه اليهود الشرقيون إلى أسفل السلم الاجتماعي, مقابل دفع اليهود الاشكناز إلى أعلاه.

          من هنا تصر شوحاط على أن التمييز كان (ممنهجا ومحسوبا) (ص64) تم تنفيذه بعناية تحت رعاية حزب المباى. لقد سعت شوحاط لإزاحة قناع المساواة بين اليهود الشرقيين واليهود الغربيين, وأبرزت الخطاب الرسمي المضلل بشأن المساواة ووصلت إلى نتيجة أن استيعاب المهاجرين الشرقيين في داخل المجتمع الإسرائيلي (كان مقترنا... بقبول الإجماع الممأسس للمجتمع (المضيف) والتخلي عن تقاليد ( ما قبل الحداثة)... وبينما لم يطلب من المهاجرين الأوربيين سوى (الاستيعاب) طُلب من المهاجرين من إفريقيا وآسيا الاستيعاب عبر التحديث).

          حاولت شوحاط أن تدحض مقولة أن عداء الشرقيين للفلسطينيين والعرب متأصل فيهم بتأكيدها أن الصورة النمطية للفلسطينيين والعرب لا تقتصر على الشرقيين, بل هي (نتاج الأيديولوجيا الصهيونية).

          وقدمت شوحاط تفسيرا مختلفا عما هو سائد في الخطاب الإعلامي السياسي الإسرائيلي لظاهرة النسبة العالية لتصويت اليهود الشرقيين لليكود على أنه تعبير عن ثورة الشرقيين على ما عانوه من اضطهاد على يد (المباى) (وهو الحزب الذي سيطر على دفة الحكم في إسرائيل منذ تأسيسها حتى عام1977) وحركة العمل خلال عشرات السنين, وبذلك يكون تصويتهم لليكود (وسيلة بقاء) (ص82) ليس إلا. وتعتبر شوحاط أن صورة (الآخر) الشرقي في الخطاب الصهيوني (اليساري) شُوهت وجعلت من الشرقيين كبش فداء بإدعاء أنهم هم (اليهود الشرقيين) يجعلون إسرائيل دولة يمينية لا ديمقراطية, وترى بذلك (أبلسة) لليهود الشرقيين وحجب حقيقة أن هذا اليسار (وتقصد على وجه الخصوص (حركة السلام الآن) الإسرائيلية) نأى بنفسه عن أية محاولة نقدية جوهرية لنموذج الدولة الغربية اليهودية التي توجه قمعها نحو اليهود الشرقيين والفلسطينيين(عرب إسرائيل).

عملية غش كبيرة

          وتصل شوحاط إلى خلاصة جوهرية وهي أن (الصهيونية كانت, بمعانٍٍ عدة, عبارة عن عملية غش كبيرة تجاه اليهود الشرقيين), وأن اليهود الشرقيين والفلسطينيين لعبوا (دور الموضوع وليس الذات في السياسات والأيديولوجيا التي ناورت عليهم وساقتهم إلى وقوف بعضهم ضد بعض), ولا تجد شوحاط حلا لتداخل محنة الفلسطينيين واليهود الشرقيين (دون الاعتراف والموافقة على حقوق الفلسطينيين التاريخية, كذلك فإن سلاما حقيقيا لا يستطيع أن يغفل الحقوق الجمعية لليهود الشرقيين).

          في الفصل الثالث (المنفى كحلبة نزاع: المثقف الفلسطيني إدوارد سعيد والخطاب الصهيوني) تنتقل بنا شوحاط إلى عالم المفكر الفلسطيني الراحل ادوارد سعيد, ليس بهدف التعريف بما أنتجه في حقل الاستشراق, وإنما لدراسة حالة سعيد كحالة عيانية شديدة الحساسية والتعقيد, فالشرق مثّل لسعيد المحرض للبحث في ماهية الاستشراق, وشوحاط تجد في حالة سعيد حالة شبيهة بحالتها, فسعيد عاش كفلسطيني في المنفى, إلا أنه حمل معه الشرق بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى, وشوحاط ترى في تجربتها في أمريكا منفى من طراز جديد, فهي اقتلعت من وطنها( العراق), ولما استحال عليها العودة إلى الجذور اختارت النفي والهجرة إلى الولايات المتحدة لتعيش تجربة منفى من طراز جديد.

          بحث شوحاط في الخطاب الصهيوني الاستشراقي أوصلها إلى أن هذا الخطاب يحمل في ثناياه تناقضا جوهريا عبرت عنه بقولها (إن الصهيونية وضعت حدا (للشتات اليهودي) وإسرائيل تحولت إلى دولة تطبق أفعالا ومقاربات استشراقية).

          في الفصل الرابع, والأخير, (ذكريات ممنوعة وتأملات منفى: كولومبوس, فلسطين, ويهود عرب) لم تشأ شوحاط, في هذا الفصل إلا التأكيد على أن ثمة (تضايفا بين هويات ومقولات تبدو ظاهريا وكأن لا شيء مشتركا بينها) وتعني شوحاط بذلك التأكيد على أن (تلك الدول القومية بالذات التي لا تملك احساسا راسخا بالهوية الثقافية والجغرافية هي التي فرضت الأحادية القومية بالعنف) وأدت إلى اقتلاعات شديدة القسوة لشعوب من أراضيها تحت مسميات ملطفة: (تبادل سكاني) الذي آل, ليس فقط إلى تغيير التركيب الديمغرافي, على الرغم من أهميته, بل إلى إنتاج (تعريفات جديدة للهويات القومية أيضا). وهكذا فإن كولومبوس, يغدو في عرف المؤرخين القوميين مكتشفا ذا تاريخ مجيد, بدل أن يوصف بأنه المهاجر اللاشرعي الأول, ويصبح الفلسطينيون الذين يحاولون اجتياز الحدود والعودة إلى بيوتهم (متسللين) ويشطب البعد العروبي لليهود العرب. فالمنظور الكولونيالي الأوربي ـ الإسرائيلي صد اليهود العرب عن الانتماء إلى فضاء الشرق وثقافته. لكن المصيبة الكبرى التي تشير إليها شوحاط أن المثقفين العرب تجاهلوا حقيقة أن حكومات بلادهم تعاونت مع الصهيونية سواء كان ذلك بشكل مباشر من خلال تشجيع هجرة اليهود العرب ـ أو بشكل غير مباشر ـ بعدم الإصرار على التمييز بين اليهودية والصهيونية. فالمأساة التي شكلتها حياة الأديب العراقي / الإسرائيلي الراحل سمير النقاش تمثل شاهدا حيا على رفض الساحة الجيو ـ ثقافية العربية التعامل معه لمجرد كونه إسرائيليا.

السلام وإنهاء الاحتلال

          تخلص شوحاط في تأملاتها وذكرياتها (الممنوعة) إلى أن السلام يعني أكثر من مجرد إنهاء الاحتلال, فالسلام من وجهة شوحاط, يكتسب فعلا تاريخيا يقوم على (فتح الحدود ودمج إسرائيل/ فلسطين ثقافيا وسياسيا في الشرق الأوسط) هذا الدمج, وإن كان يعني ما لا تبوح به شوحاط, دولة واحدة ديمقراطية تجمع في كنفها الفلسطينيين والإسرائيليين, وتفكك القطبين المتناقضين (اليهودي في مواجهة العربي), إلا أن شوحاط لا ترى تحقيق ذلك إلا بلازمة أساسية وهي : (شطب الحدود الثقافية بين إسرائيل وفلسطين) و(رسم جديد لخرائط الهويات القومية والإثنية) وذلك بسبب الندوب العميقة التي فرضتها ثنائية الشرق ـ الغرب والنظام الأوربي الكولونيالي. فهل تحث الذكريات الممنوعة وتأملات شوحاط في منفاها على تكوين وتأسيس خطاب نقدي يؤسس لفضاء ثقافي خالٍ من الممنوع بهدف رتق ما تمزق من ذكريات اليهود الشرقيين ووضع حد لعذابات المبعدين عن أرض وطنهم?

          قد يبدو للوهلة الأولى أن كتاب شوحاط هو عبارة عن سرد ببليوغرافي لحياة يهود عرب ذاقوا الأمرين من بني جلدتهم, بعدما غُرر بهم, أو أجبروا على ترك بلادهم, وارتحلوا طمعا في دولة تحقق لهم المساواة الدينية والدنيوية, إلا أنه في الجوهر كتاب في سوسيولوجيا هوية اليهود العرب. وما يضفي على الكتاب أهمية خاصة أن معالجته لموضوع الهوية كان من الداخل, أي من ذات يهودية عربية أدركت كينونة المشروع الصهيوني, باعتباره مشروعا كولونياليا تأسس على أرضية الفكر الاستشراقي الأوربي.

          على العموم يمكن القول إن كتاب (ذكريات ممنوعة) فريد في نوعه, سواء في الموضوع, أو في معالجته للموضوع, وهذا الأهم, لكن قراءة الكتاب كانت ستكون أكثر متعة وفائدة لو أن الأستاذ المترجم إسماعيل دبج, ترجم الكتاب كاملا, لا فصولا انتقاها وفقا لتقديراته ومبرراته.وتغفر له دقة الترجمة ونقله للنص وتعريبه بشكل جيد حتى لكأننا نحس بأن شوحاط كانت تتحدث بالعربية.

          بيد أن الأكثر أهمية أن هذا الكتاب ينقلنا إلى عالم رحب, بعيد عن سطوة الأيديولوجيا, ولربما يشكل مع غيره من الكتب والدراسات الدائرة في فلك هذا الموضوع, والمترجمة عن اللغة العبرية, ثغرة نستطيع بها أن ندرك الآخر بتعدده الثقافي سعيا لبناء فسحة من الجغرافيا على أرض فلسطين خالية من القتل والعنف, فهل يشكل اليهود العرب جسرا للمصالحة التاريخية بين العرب والإسرائيليين?.

 

إيله شوحاط   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات