عليّ بأنواع الهموم ليبتلي فتحي فرغلي

عليّ بأنواع الهموم ليبتلي

صحا امرؤ القيس في ليلة رأس السنة الميلادية 2004, فتطلع في وجوهنا, ثم قرأ صحفنا وشاهد تلفازنا, وطاف بشوارعنا, فلما تعرف إلى أحوالنا, غادرنا عائدا إلى قبره, وهو ينشد هذه الأبيات:

لومي, عُذيلُ, فإنني لا أشتكي مهما أساء إليّ لوم العُذّلِ
وإذا قسوتِ فإنني متحمِّلٌ فوق الذي يقوى عليه كاهلي
ذنبي إليكِ, وإن تعاظمَ جُرْمُهُ وتناقلَتْهُ الناسُ, ليس بشاغلي
ذنبي إلى قومي: الأذمُّ جريرةً فإذا رأيت اللوم يقتلني, اقْتُلي!
كانوا إذا ما استصرخوني, لم أقم وإذا فعلتُ, فقوْمَةَ المتثاقلِ
حتى نسيت أخوَّتي, وقرابتي وتقطّْعت صلة العروبة داخلي
وتفرقَّ الجمعُ الذي يخشونَهُ صِرْنا شراذم في قطيعٍ غافلِ
ثم انتهينا للهوانً, فحالُنا: بأسُ الضعيف, وهمَّةُ المتخاذل
وتناهبتْنا النازلاتُ, ولم تزل أترى هناك بلية لم تنزلِ?!
ما مرَّ عام مثل ذا بمذلَّةٍ ضُرِبَتْ علينا, همُّها لا ينجلي
تأتي المصائب في غضون شهوره وكأنها مُدَّتْ بحبلٍ مُوصل
ما عاد من غضبٍ يهزُّ عروقنا بردتْ دمائي بعد طول تنازلِ
هذي المذلَّة لم تجئْنا فجأةً بدء المذلةِ في الزمان الأولِ
فقِفا لِنَبْكِ زماننا, وهواننا قدرًا أتانا, أو بفعل الفاعل
وقِفا لِنَبْكِ, فإنما جُعِلَ البُكا للخاسرين, وفيه عَوْضُ الثاكل
أَعُذَيْلُ, إن قارنتِ عام مذلّتي بسنين نكستنا, فميزي واعْدِلي
في تلكمو لم تستذلَّ رقابُنا وبذا قررنا في الحضيض الأسفلِ
بل إننا قمنا نلمّ جراحنا حتى انتصفنا عَنوةً بالمُنْصُلِ
أما الذي صِرْنا إليهِ, فوصفه لا يستقيم لواصفٍ متأمّلِ
لا أستطيب فعالكم ومقالكم الزيف أسفلها, وكذبٌ من عَلِ
إنني أرى ما تدَّعون كما أرى شمطاء تصبغ وجهها المتهدِّلِ
أَفَبَعْدَ ذلك تطلبون تجلُّدي تعنون (لا تهلك أسى وتجمَّلِ)
أيام عامكمو تمرُّ كئيبةً وبطيئةً مثل الجهيد المثقل
يا عامنا الآتي وفيك قتامةٌ أُورِثْتَها من حُلْكِ عامٍ آفلِ
إن كنت مدَّخرا بلايا هاتها هات البلايا للجميع.. وعجِّلِ


 

فتحي فرغلي