عبدالله عقيل وموسوعة أم كلثوم

عبدالله عقيل وموسوعة أم كلثوم
        

ما أنفقته على إصدار هذه الموسوعة عاد علي بما هو أفضل روحيًا

حاوره: د. محمد المنسي قنديل (العربي)

          بالرغم من مرور عشرين عامًا على رحيلها مازالت أم كلثوم تعيش في وجداننا, فهي صوت الذكرى البعيدة, بما فيها من شجن وشجو. ورفيقة ليالي السهر الذي كان ينقي نفوسنا من شائبة النهار. وبالرغم من بعد الرحيل فإن عشاق فنها مازالوا على وفائهم, ولعل أكثرهم وفاء هو ذلك العاشق الكويتي عبدالله عقيل, رجل الأعمال الذي تسكنه روح فنان, فبينما يعمل عقله بدقة وانتظام في مجال البترول, ويلامس عصب الاقتصاد العالمي في كل لحظة, يُحلق قلبه مع إيقاعات الموسيقى ويحوم مع ألحانها المجهولة. وبالرغم من أن عشقه لأم كلثوم حديث نسبيًا فإنه فعل ذلك عن وعي ودراية, فقد تربى منذ طفولته على حب الموسيقى, ودرس عزف الكمان, وتعلم كيف يقرأ مدونات الموسيقى الغربية, خاصة بعد أن درسها بعمق أثناء بعثته في الولايات المتحدة. ثم قادته هذه المعرفة إلى الجانب الآخر, أي الموسيقى الشرقية بكل ما فيها من ثراء لحني وإيقاعي, يقول: إن زوجتي هي التي أرشدتني إلى صوت أم كلثوم, وفور أن حدث ذلك وقعت أسير سحر صوتها.

          لقد أراد عبدالله عقيل أن يترجم هذا العشق إلى عمل جاد يخدم التراث الموسيقي العربي, فقد كان من المؤلم عقد المقارنة بين ذلك التراث النظري - الذي وضعه الغربيون لموسيقاهم - وذلك الفقر المدقع في مكتبتنا العربية, وكانت نتيجة ذلك هو هذا المشروع الضخم من أجل مد هذه المكتبة بتلك الموسوعة الفاخرة الطباعة الدقيقة علميًا عن أم كلثوم, التي شارك في كتابة السيرة الفنية لها د.إلياس سحاب وفي جمع الأغاني وتوثيقها د.فيكتور سحاب.

          كان عبدالله عقيل ضيف مجلة (العربي) . وقد تشعب الحديث حول هذه الفنانة العظيمة وتلك الموسوعة التي تليق بها. والحوار المنشور هنا هو خلاصة ما دار خلال هذه الجلسة, وكان الهدف منه رصد ذلك الجهد المبذول من أجل إخراج هذه الموسوعة:

ولادة الفكرة

  • دعنا نبدأ من البداية, كيف بدأت فكرة هذا المشروع, مشروع توثيق التراث الموسيقي العربي, من خلال تتبع حياة وألحان كبار المطربين?, وهل أنت أولاً موسيقي محترف? أم أنك هاوٍ للموسيقى والنغم الجميل?

          ـ هذه الفكرة قديمة عندي. ربما تعود إلى عشرين عامًا مضت, فقد وجدت أن الكتب التي تتناول الموسيقى العربية سواء كانت كتبًا في السيرة أو في تدوين الأغاني والألحان دون المستوى المطلوب, ولأنني كثير الأسفار, وهاوٍ أصيل للموسيقى فقد كنت أقارن بين مستوى الكتب في الخارج ومستواها عندنا. وكان الأمر مخجلاً لحد كبير. لقد درست آلة الكمان وأنا صغير, وكنت على اطلاع دائم على المدونات الغربية, النوتات والنصوص النظرية, ثم وقعت متأخرًا في عشق الموسيقى الشرقية, ليست العربية فقط, ولكن الهندية والفارسية والتركية أيضًا, وتعلمت العزف, وقد وجدت نقصًا كبيرًا في المدونات المكتوبة بالنسبة لهذه الموسيقى, أي أنني إذا أردت أن أعزف أي مقطوعة مدونة, يجب أن ألجأ للكمان.

          وقد جعلني هذا في إحدى زياراتي للقاهرة أن أعلن تبرعي بمبلغ 100 ألف دولار من أجل شباب الموسيقى, حتى يقوموا بعمل دراسات على مستوى علمي من أجل تدوين هذا التراث, وخاصة تراث الموسيقار رياض السنباطي, لأنني أعتقد أن هذا الملحن لم يأخذ القدر الذي يستحقه من الشهرة التي حظي بها بقية المطربين والملحنين.

          ولكن مع الأسف لم يساعدني أحد, ولم يتسن لي الوقت ولا الإمكانية لتنفيذ هذا المشروع. لقد قابلت المؤرخ الموسيقي المرحوم عبدالعزيز العناني وقد أحزنني كثيرًا أن أجد عنده حوالي 8 آلاف أسطوانة نادرة وهو لا يملك الإمكانات لحفظها وتجديدها بشكل صحيح.

          وبالرغم من تحمسي لهذا الأمر, فإنني أعتقد أن حفظ التراث الموسيقي ليس مهمة الأفراد, ولكن على مؤسسات الدولة أن تتدخل. الأوبرا والمعاهد الفنية ووزارات الثقافة, إن هناك تراثًا لجيل كامل من الموسيقيين مهدد بالضياع.

أم كلثوم والتوثيق العلمي

  • ما الذي دفع بهذا المشروع للحياة مرة أخرى? وما الذي أعاد حماسك لإنتاج هذا السفر الضخم الذي يحوي سيرة وأغاني سيدة الغناء أم كلثوم?

          - إنني اعتدت على زيارة لبنان, وكان لي صديقان هناك هما الأخوان رفيق وجورج نحاس. وهما مثلي من هواة العزف, وفي عام 1992 طرحت عليهما فكرة حفظ التراث, وأن نبدأ بشيء عملي ومحدد. وأن يكون هذا هو (أم كلثوم), لأن هناك تراثًا ضخمًا لها, كنت أريد أن أحدد مثلاً ما الأغاني التي أدتها? ما الأغاني التي فقدت من هذا التراث. أمثال الأغاني التي غنتها للأسرة الحاكمة السابقة في مصر وقد حجبت هذه الأغاني بعد ذلك, هل يمكن الحصول عليها? أما الهدف الثاني فقد كانت كتابة نوتات هذه الأغاني بطريقة علمية ومضبوطة.

          أنا أعرف أن هناك العديد من أغاني أم كلثوم مدونة, ولكنها غير كاملة, وغير صحيحة أيضًا, مصر منذ سنوات كانت أفضل بكثير في مسألة التدوين الموسيقي. وكان الملحن الكبير محمد القصبجي يقوم بتدوين كل ألحانه. وكان يستطيع أن يحول ألحانه أيضًا إلى آلة البيانو, ولكن الآن هناك تهاون في تدوين الأغاني, وفي ضبط كلمات الشعر وفي رصد المقامات أيضًا.

          وهكذا اتخذنا قرارنا أن نبدأ بهذا الكتاب على أن يتلوه مشروع كتاب آخر عن محمد عبد الوهاب. وكانت رؤيتي أن يحتوي الكتاب على سيرة حياتها وكلمات أغانيها. أما التدوين الموسيقي فقد كان سيزيد من حجم الكتاب أضعافًا مضاعفة. ويكفي أن تعرف أن وزن الكتاب الحالي هو 8 كيلوجرامات. ولو أضفنا المدونات الموسيقية فربما يصبح حجمه 25 كيلوجرامًا.

لماذا.. ليست القاهرة?

  • حدث كل هذا قبل أن يدخل كل من الأستاذين الياس وفيكتور سحاب إلى المشروع. يمكن أن يقال أنكم كنتم فريق الإعداد والتفكير. فمتى دخل الأخوان سحاب إلى مرحلة التنفيذ? ولماذا لم تذهب إلى مصر, حيث البلد الذي نشأت فيه أم كلثوم, ومن المؤكد أنك سوف تجد المتخصصين في كل تفاصيل حياتها?

          - حاولت قبل ذلك في مصر وأعترف أنني شعرت بالضياع, كما أن ردة فعلي لم تكن جيدة تجاه مصر بسبب مشروعي الأول الذي لم يساعدني أحد على إنجازه. كما أن وجود جورج ورفيق نحاس في بيروت قد سهل لي كثيرًا من الإجراءات. أنا أعرف أن في مصر كثيرًا من المتخصصين, ولكن الوصول إليهم كان صعبًا بالنسبة لي. كنت أكثر معرفة ببيروت, وبدا الأمر بالنسبة لي سهلاً ومنظمًا, خاصة أنني إنسان غير متفرغ, أستطيع أن أديره دون أن أدخل في التفاصيل الصغيرة, كما أن التجاوب السريع لما أريده كان شيئًا مهما لي أيضًا.

          هكذا تقابلت مع الأخوين سحاب في منزل جورج نحاس بالحازمية, وكنت أعرف أنهما من المتخصصين في الغناء العربي. وقلت لهما على فكرة الكتاب واتفقنا أن يتولى إلياس سحاب كتابة السيرة بحكم أنه مؤرخ موسيقي. وأن يقوم فيكتور بتدوين الأغاني وشرحها, وقد استحسنا تقسيم العمل وبدآ بالفعل في التنفيذ.

          وبالرغم من إقامتي في الكويت فقد كنت على اتصال دائم بهما. وكنت أذهب إلى لبنان في زيارات منتظمة. وكنت أدرك أن ما ينقص العمل هو البحث الدائم عن الأغاني النادرة, والأغاني التي نعدها مفقودة. ويمكن القول إن البحث قد هداني إلى مجموعة نادرة من الذين يهوون سماع أم كلثوم ويملكون تسجيلات نادرة لا توجد في أي إذاعة عربية. على سبيل المثال في الكويت وجدت الأخ د. علي حيدر الذي يحتفظ بعدة تسجيلات نادرة يضعها في خزائن مضادة للحريق. وعن طريقه عرفت الهاوي الثاني الكويتي وهو الأخ عبدالله الصائغ. وقد ذهبت إليه وقابلته في أحد المقاهي الشعبية واكتشفت أنني أمام ذاكرة ضخمة تحفظ كل التواريخ المهمة في حياة أم كلثوم.

          يكفي أن تذكر له اسم أي أغنية حتى يقول لك عن ظهر قلب التاريخ والمكان والظروف التي تحيط بها. وقد قضيت معه حوالي العام ونصف العام, وأنا أستمع للمعلومات التي يسردها علي. لقد كان موسوعة حية ومتنقلة عن كل ما يخص أم كلثوم, وقد ذهبت إلى منزله في منطقة شرق, ورأيت الغرفة التي يضع فيها تسجيلات أم كلثوم ويغلقها بباب حديدي كأنها خزينة مسلحة. وهو لا يعترف بأي مطربين آخرين, أم كلثوم فقط, وقد وجدت عنده خمس أغاني تعتبر من نوادر النوادر. أغنيات لا أعتقد أن أحدًا آخر يملكها. وقد أراني مخطوط كتاب قام به باحث عراقي هو مصطفى المدرس وهو عاشق أيضًا لأم كلثوم. وقد احتوى المخطوط على تاريخ غناء أم كلثوم لأي أغنية, أي أن فيه تسجيلاً لكل أغانيها التي أذيعت منذ عام 1934 حتى توفاها الله. وقد صورنا هذا المخطوط وضممناه إلى الكتاب.

          إضافة لبقية الوثائق والمجلات الفنية التي وجدتها عند عبدالله الصائغ, وحملتها بعد ذلك إلى لبنان لتساعد فيكتور في بحثه.

          المشكلة أنه بالرغم من كل هذا البحث الموسع فإنني أدرك أن هناك من لديهم تسجيلات أخرى نادرة وقد رفضوا الكشف عنها, لقد قابلت عددًا منهم يحتجزون لأنفسهم بعض هذه التسجيلات, وقد بح صوتي وأنا أقول لهم: (يا جماعة الخير هذا تراث لا يمكن حجبه), ولا يمكن لأحد أن يمتلكه وحده, ولكننا لم نتعود بعد على التعامل مع التراث. لقد حدث لي مع أحدهم وهو يمتلك أغنية واحدة لا يريد أن يخرجها أو يمتلكها أحد غيره. لذلك لم أجد بدًا من أخذه على نفقتي الخاصة إلى بيروت هو والأغنية وجهاز تسجيل وأجعل د.فيكتور يستمع إلى كلماتها ويدونها ثم يعود الرجل ومعه أغنيته حتى لا نتمكن من عمل أي تسجيل لها.

تسجيلات نادرة

  • هل هناك تسجيل نادر حزنت لأنك لم تستطع الوصول إليه?

          - أجل, هناك تسجيل في جلسة خاصة يجمع بين أم كلثوم وعبدالوهاب وكل واحد منهما يغني للآخر, هذا التسجيل أقدم بكثير من أنت عمري. وهو ينفي تمامًا كل ما يقال عن العداوة التي كانت بينهما. لقد كان كل واحد منهما يحترم الآخر ويقدره. كما أن أم كلثوم كانت تأتي إلى الكويت كثيرًا. وكانت تربطها مع الأسر الكويتية علاقات خاصة, وكانت تغني في مجالسهم وأفراحهم. ومع الأسف ضاع جزء كبير من هذا التراث عندما حدث الغزو العراقي وهجرت كثير من هذه الأسر بيوتها وتلفت كل هذه التسجيلات النادرة.

          لقد جمعنا هذا التراث من بلدان كثيرة بخلاف الكويت. من مصر طبعًا وجدنا العديد من الأشياء ومن سورية, بل ومن المغرب أيضًا.

أدق التفاصيل

  • حدّثنا إذن عن مراحل عملكم في الكتاب. من الواضح أنك لم تكتف فقط بعرض الفكرة وهي أساس الكتاب. ووضع التمويل اللازم وهو وسيلة إتمام الكتاب, ولكنك شاركت أيضًا في مراحل الإعداد المختلفة. لقد كان الكتاب مسيطرًا على ذهنك كأنه نوع من الهوس.

          - سأحكي لك حكاية, ذات مرة كنت أقود سيارتي في أحد الطرق السريعة في الكويت. وبينما أنا أعبر أحد الجسور تذكرت فجأة أنهم أبلغوني في بيروت أن أغنية (حيرت قلبي معاك) مدونة في الكتاب تحت اسم مقام خاطئ. وأنها من مقام حجاز كاركرد, وبسرعة توقفت غير آبه بالسيارات التي تصرخ من خلفي واتصلت ببيروت لأهتف فيهم أوقفوا الطباعة فورًا.. هناك مقام خاطئ. أريد أن أقول إنني لست مجرد ممول للمشروع, أو ناشر يبحث عن الربح, أنا أتبع الأسلوب الغربي, وهو يعني المشاركة في كل مراحل الكتاب.

          إن هذا ليس كتابًا عابرًا وإنما مشروع متكامل, لذلك أسست شركة اسمها (موسيقى الشرق). وكنت آمل أن أحضر كثيرًا من التسجيلات التي تملكها شركات أخرى, عربية وغير عربية, حتى نضمها إلى الكتاب. وكذلك تدوين نوتات كل الألحان. أنت تتحدث عن الهوس, ولكن أقول لك إنني أحسست أن الموسيقى الشرقية هذه تشبه الذهب المطمور في التراب وأن علي المساهمة في إنقاذه.

أغاني ضائعة

  • كم استغرقت عملية توثيق الكتاب وإعداده? وكم عدد الأغاني التي مازالت مفقودة?

          - حوالي ثلاث سنوات, وأعني به بداية اجتماعي مع الأخوين سحاب, قبل ذلك كانت مجرد إرهاصات. وأستطيع القول الآن إننا جمعنا معظم أغنيات أم كلثوم, ولا ينقصنا سوى 37 أغنية فقط, وقد عرفنا ذلك من القصائد التي غنتها ونشرت بعض الصحف المناسبة التي قيلت فيها ولكننا لم نجد تسجيلا للاغنية. ومعظم هذه الأغنيات تخص الملك السابق فاروق وعائلته ويمكن تسميتها (فاروقيات) وهناك عدة أغنيات أخرى أوقفت بحكم المحكمة حين قام زكريا أحمد أثناء خلافاته المالية مع أم كلثوم باستصدار حكم يمنع إذاعة هذه الأغاني. وكان أن حفظت الإذاعة هذه الشرائط في مكان ما ثم اختفت فيما بعد, بعضها تسرب إلى الخارج وبعضها الآخر لا نعلم عنه شيئًا. عمومًا, لقد وضعنا في هذا الكتاب أقصى ما وصل إليه جهدنا, ولو ظهرت أغاني أخرى فسوف نضمها للكتاب ونحن على استعداد لإصدار طبعة ثانية.

  • هل ستعاود بذل هذا الجهد لكتابك القادم وأعني به (عبدالوهاب) لأن تراثه أكبر وسيرة حياته حافلة?. فهو لم يلحن ويغني فقط, ولكنه لحن للآخرين أيضًا. هل أنت مستعد لخوض التجربة مرة أخرى?

          - كنت مستعدًا لتحمل أكثر من ذلك, التكلفة المالية, والجهد, والبحث المستمر. لولا الإحباط الذي أصابني من ردة فعل هذا الكتاب, لقد اكتشفت أن هناك نوعًا من السلبية يسود كل نواحي حياتنا, إنني أشعر بخيبة الأمل ليس تجاه الإنسان العربي فقط ولكن تجاه المؤسسات والحكومات العربية. لقد كنت أتوقع أن أتلقى دعمًا وتشجيعا من أجل حفظ التراث, وليس من أجل المال. لقد دفعت في هذا المشروع حوالي 257 ألف دولار ولست نادمًا على دفعها. لقد وصلت إلى أماكن عميقة من النشوة من هذه المطربة, وبقية الموسيقيين العظام, الذين أحاطوا بها, وهي تجربة تستحق أكثر مما وصفت.

          هناك من شجعني على إنتاج هذا السفر, وقد تحدثت عنه كثير من الصحف والمجلات, وأذيع أكثر من برنامج تلفزيوني عنه, ولكنني أتحدث عن الصورة العامة. كانت صورة مخيبة لآمالي, على سبيل المثال, أثناء الصيف الماضي قصدت أن أضع الكتاب بشكل مكثف في إحدى مكتبات (بحمدون) في لبنان. لأن هذا المكان يزدحم بالخليجيين طوال الصيف, وآملت بما لهم من قدرة مالية على شراء هذا الكتاب, ولكن في نهاية الصيف اكتشفت أن نسخة واحدة فقط هي التي بيعت. أنا لا أريد أي مكسب من وراء الكتاب, كل ما كنت أطمح إليه أن أموّل من دخل هذا الكتاب مشروعي الآخر عن (عبدالوهاب). وبالرغم من ذلك فنحن لم نتوقف, وأعمالنا متواصلة في الإعداد لهذا المشروع الضخم, ولكن لن أنشره, ولن أطبعه, سوف أنتظر لعدة شهور لأرى إن كان هناك أي نوع من الدعم والمساندة.

  • هل كنت تتوقع مثلاً رواج الكتاب بين الجمهور العادي? أم تتوقع أن تتبارى المؤسسات العربية المهتمة في احتضانه?!

          - لا أريدهم أن يتباروا.. لا أريد أن يركض خلفي أحد, أريد لكل واحد أن يقوم بدوره, أن يعرفوا جميعًا أن حفظ هذا التراث من الضياع وتدوينه بشكل علمي عمل مهم, لا أريد شهرة ولكني أرى أن الصحافة وبعض وسائل الإعلام المرئية ركزت على بعض الفريق الذي أعد المشروع وأظهرتني أنا وكأنني ممول خليجي وناشر لا أكثر, وأنا لست كذلك أنا تحملت كل التكاليف المالية بجانب فكرتي وجهدي الواسع في جمع المادة والتوجيه ورسم الخطة, وربما وسائل الإعلام غير ملومة لأنها لا تعرفني ولست شخصًا من الوسط الفني أو الأدبي, لذا حاز بالتركيز الإعلامي من فريق هذا العمل من هم لهم الشهرة في المجال الأدبي والموسيقي.

          لقد أخرجت هذا الكتاب بدافع من الحب. لم ألجأ إلى أي جهة حتى تقوم بتمويلي. بل إنني أنتظر حتى أتقاعد من وظيفتي في مجال البترول لكي أتفرغ لهذا المشروع من زاوية جديدة. إن الإحباط يقعدني الآن, ولكنني واثق من أنه في المستقبل سوف أكون أكثر إصرارًا على مواصلة الطريق الذي بدأته.

  • ولكن وأنت مقدم على إنتاج هذا الكتاب, ألم تكن تدري أن ذوق المستمع العربي قد تغير, إلى درجة كبيرة?! ويمكن ألا يقدم على هذه النوعية من الكتب, أو يهتم بهذه الموسيقى, خاصة بين الشباب?!

          - توقعت أن يتغير الذوق, ولكن ليس إلى هذه الدرجة, وأعترف بجهلي في هذا الأمر. كنت أتوقع أنه مهما انساق الشباب وراء أغاني (الواحدة ونص), فإنه في نهاية الليل, سوف يحن إلى هذا النوع من الغناء الشجي, الذي ينساب إلى أعماق النفس. كنت أتخيل أنهم سوف يسهرون مع (اذكريني), ومع (النهر الخالد), وأشياء أخرى. وأعتقد أن المتذوقين الحقيقيين للفن مصابون الآن بالإحباط, فالفن العربي يعاني منذ سنوات حال الانحطاط. ولكني راهنت على الجدية, راهنت على أن العمل الجاد سوف يبقى ويدفع الآخرين لتقليده.

كيف استقبلوا موسوعة (أم كلثوم)?

  • (لا يتوقف الكتاب عند أم كلثوم كظاهرة صوتية عبقرية فقط, بل تجاوز ذلك إلى إلقاء الضوء على أم كلثوم كظاهرة ثقافية. تقلبت بين أكثر من تيار من التيارات الثقافية المتلاطمة في مصر بالذات. في النصف الأول من القرن العشرين قبل أن تستقر على مفهوم واضح الملامح والشخصية لفنها الغنائي, بما جعل هذا الفن ناطقًا بلسان أحد التيارات الثقافية, التي تكوّنت الثقافة العربية المعاصرة من مخاض تفاعلها الفني).

نظام ماروني - جريدة المستقبل - بيروت

  • (إنه حق على مصر أن تكرم كل من شارك في إصدار هذه الموسوعة. لا أقل من احتفالية فنية في دار الأوبرا, وشهادات تقدير تقول لهؤلاء الكبار شكرًا على ما قدمتموه لنا, وفعلتموه نيابة عنا. فهذه الموسوعة التي تذكّر مَن نسي بما كنا عليه من ريادة حقيقية, وشكرًا على ما تبذلونه من جهد في إنجاز موسوعة عبدالوهاب).

جمال بخيت - صباح الخير - القاهرة  

  • (أحدث المحاولات عملية لنقل صوت (الست) من ارتجاجات الوجدان إلى رصانة كتاب التاريخ, تتجلى في أحدث المؤلفات وأكثرها مرجعية (أم كلثوم) في ثلاثة مجلدات تضم ألف صفحة من القياس الموسوعي في طباعة أنيقة تجمع 90% من تراث الفنانة الراحلة, وهو ما أتيح جمعه, بعد جهد أدى للعثور على خمس أغانٍ كانت مفقودة).

محمد علي فرحات - الحياة - بيروت  

  • (موسوعة أم كلثوم هي ثمرة جهد أفراد تجمّعوا بشغف لإنتاجها. ولكن التمنيات أن تصبح مؤسسة وتتفرغ إلى الأبحاث التي هي في رأيي من صلب السياسة والعمل الوطني. لدينا تراث يستحق أن نحافظ عليه, ونؤسس عليه من أجل النهوض في المستقبل).

فيكتور سحاب
المؤرخ الموسيقي وأحد المشاركين في الكتاب
السفير - بيروت

  • (أهم ما في الأمر أن أصحاب مؤسسة موسيقى الشرق لم يتعاطوا النشر كصناعة أو تجارة قبل الآن. غير أن علاقتهم كهواة للفن الموسيقي والغنائي الرفيع, دفعتهم منذ سنوات إلى تبادل الأفكار بشأن ضرورة أن يحظى الفن الموسيقي والغنائي العربي بإصدار كتب تؤرخ لرموز هذا الفن, وتعرض نتاجهم بما يستحق من الجهد التاريخي الجاد).

إلياس سحاب
المؤرخ الموسيقي وأحد المشاركين في الكتاب
السفير - بيروت

  • (لقد أرسى هذا الكتاب منهجًا علميًا كان مفتقدًا بالنسبة لأم كلثوم. وأعتقد أننا قد أسسنا في العربية لمولد علم جديد هو التأريخ الفني. ولو أن هذه الموسوعة قد صدرت قبل أن أؤلف مسلسل أم كلثوم لوفرت علي كثيرًا من الجهد).

محفوظ عبدالرحمن
مؤلف مسلسل أم كلثوم - إذاعة الشرق

  • (ظاهرة أم كلثوم لها حجم تاريخي خارق. وقد حاولت الموسوعة التعمّق فيها, وتلمسها بأوسع ما يمكن من الشمول في سيرة أم كلثوم الشخصية والفنية).

جهاد فاضل - القبس - الكويت

30 أغنية مفقودة

          قال المرحوم مصطفى المدرس في كتابه إنه كان لديه 30 أغنية مفقودة لأم كلثوم, وقد وعد الإذاعة المصرية بتزويدها بها, ولكنه مات قبل أن يقوم بذلك. ويدعو ناشرو الموسوعة كل مَن لديهم تسجيلات نادرة أن يتصلوا بهم حتى يضعوا ثبتًا بها في الطبعة الثانية, ويبلغ العدد الكلي للأغاني المفقودة 37 من أصل350 أغنية غنتها أم كلثوم.

          وعنوان الناشر هو: موسيقى الشرق, ص.ب 360 حازمية, لبنان.

عبدالله الصائغ ودوره في الموسوعة

          كان لهذه الموسوعة الفضل في اكتشاف خمس أغنيات كانت مفقوده لأم كلثوم, وهي ضمن مجموعة عبدالله الصايغ أشهر هاوٍ لأم كلثوم في الكويت وهذه الأغاني هي:

          1ـ عيد الدهر - الملك بين يديك (أحمد شوقي ورياض السنباطي) 1936.

          2ـ اجمعي يا مصر (أحمد رامي ورياض السنباطي) 1938.

          3ـ مبروك على سموك (أحمد رامي - ورياض السنباطي) 1947.

          4ـ قصة السد - كان حلمًا (عزيز أباظة ورياض السنباطي) 1959.

          5ـ أتعجل العمر (أحمد رامي ورياض السنباطي) 1973.

          كما كان لعبدالله الصايغ فضل كبير في حفظ تراث أم كلثوم ونشره. وقد أمد الموسوعة بالكتاب الذي كتبه مصطفى المدرس, الذي وضع ثبتًا دقيقًا لكل حفلات أم كلثوم, وكل ما فيها من أغنيات منذ 1934, أي منذ افتتاح الإذاعة المصرية حتى وفاتها في عام 1973. ويقول عبدالله الصايغ : لقد سجلت مقاطع من الأغاني النادرة التي أملكها وقدمتها هدية لصوت العرب. وبثت الإذاعة هذه المقاطع لمناسبة وفاة أم كلثوم. وقد أحدث هذا البث ضجة في العالم العربي.

 

   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




عبدالله عقيل وموسوعة أم كلثوم





عبد الله عقيل يهوى عزف العود ويعشق النغمات الشرقية ولديه في منزله مجموعة من الأعواد النادرة من كل بلد على حد تعبيره





رغم مرور ربع قرن على رحيلها فمازال شدوها متواصلا في الوجدان





ابنة طماي الزهايرة التي اصبحت سيدة الغناء الاولى





عبدالله الصايغ هاوي جمع تراث أم كلثوم