ولماذا لا يُحَسِّن الغرب صورته أيضا?

ولماذا لا يُحَسِّن الغرب صورته أيضا?
        

          طرح د. سليمان العسكرى فى حديثه الشهري بالعدد: 554 يناير 2005م, إشكالية: (من المسئول عن التشويه المتفاقم لصورتنا في الغرب?), وما ذهب إليه الطرح لا خلاف عليه, فنحن نتحمل المسئولية عن تشويه صورتنا الذاتية داخليا قبل أن نشوهها خارجيا, بيد أنه ولتكتمل الصورة, وتخفيفا من حدة النقد الذاتي, وبأسلوب القراءة المغايرة, ثمة سؤال يُطرح: لماذا لا يُحَسّن الغرب صورته هو أيضا?, وعلى نسق ما ثار بعد الأحداث المشئومة ـ أحداث سبتمبر:(لماذا يكرهوننا?), فللعرب أن يطرحوا: (لماذا يعادوننا?) مستندين إلى ما يلي:

          - سعى الغرب عبر عقود من الاحتلال إلى تفتيت دول العالم العربي والإسلامي, وتوزيع تركة الرجل ـ ليس المريض ـ بل الُمجهز عليه, قاضيا على وحدته وعوامل توحده مستقبلا, بزرعه لرأس حربة له, ويد طولى له, وترسانة متقدمة لأسلحته, وباصطناعه الحدود, وإبقائه لمواضع توتر وتنازع بين كيانات تتناحر لا أن تتكامل.

          - مساندته لمناخ الاستبداد وصوره, مادامت مصالحه يتم المحافظة عليها, وكأن الحرية والديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان وقفٌ فقط عليه دون أن ينعم بها غيره.

          - إبقاؤه الدول العربية والإسلامية ضمن منظومة (العالم الثالث.. المتخلف/النامي) تتناوبها الأمراض والعلل التي في أغلبها هو مسببها: فقرا.. وتكريسا له, وديونا وتراكم فوائد تستحيل على السداد, وعبر مؤسساته البحثية المختصة, وتمويله لتقارير ترصد معدلات التنمية يشيع مناخًا بحتمية العجز والتخلف على هذه الدول.

          - فرض الهيمنة والارتهان والإلحاق الثقافي والاقتصادي عبر الشركات المتعددة الجنسية, وصندوق النقد الدولي واتفاقيات تجارية عالمية تُبقي على أسواقنا مفتوحة ـ فقط ـ للأقوى, وفق نظرية الخمس أو 20/80 (فالغرب خمس العالم يتحكم في 80% من الثروة في العالم, وباقي العالم لديه فقط 20% من الثروات).

          - تصدير نزاعاته الداخلية للخارج عبر اصطناع عدو تلو آخر.. وهو بذلك يحافظ على تماسك نسيجه الاجتماعي الفسيفسائي الهش, وجلبا للمزيد من التنازلات ضمن الهيمنة والعولمة التي لم تتحدد معالمها الأخيرة بعد, (فالعدو الأخضر بعد العدو الأحمر), و(الإرهاب العربي/ الإسلامي العالمي بعد الحرب الباردة).. ولبدء (حربه الساخنة) سبقها بمقولات مثل: (صدام الحضارات) و(نهاية التاريخ) و(نهاية الأيديولوجيا), إلخ.

          وعلى الرغم من الضعف والوهن الحضاري والغثائية التي يعانيها العالم العربي والإسلامي: (فلماذا يعادوننا?), هل لمعرفته بما نحن غافلون عنه من إمكانات ثقافية واجتماعية واقتصادية للنهوض?, والذي إذا ما حدث فسيتراجع هو بعد نجاح وسيادة, وربما يصل إلى التفتت والتشرذم, الأمر الذي يكرسه في الآخرين خشية أن يصيبه!

          إن ما سبق من مشاهدات لا يبرر بحال ـ تلك الأحداث المشئومةـ ولا يعلق كل الأسباب - التي حدتنا على أن نكون في ذيل القائمة الحضارية - على الغرب وحده, وفق التفكير التآمري, فالأسباب الداخلية غير منكورة, ولكن لتفادى مثل تلك الأحداث مستقبلا, تخفيفا من حدة التصارع الذي يقوده (المحافظون الجدد) على الغرب تحسين صورته أيضا, تغييرا للهيمنة والاستغلال واعترافا بالتعددية الثقافية والحضارية لشعوب العالم, إذا ما أراد التعايش لا التصارع.

 

ناصر أحمد سنه   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات