عزيزي القارئ

 عزيزي القارئ
        

المولود الجديد

          لماذا نهتم بالمستقبل? الجواب بسيط. لأننا سنقضي هناك بقية حياتنا. هكذا كانت أسرة (العربي) تفكر وهي تستقبل مولودها الجديد. مولود صغير, ولكن ينتظره مستقبل واعد - كما يقال دومًا - ونعني به (الملحق العلمي) الذي سيجده القارئ برفقة هذا العدد, وبرفقة كل عدد قادم - بمشيئة الله. إن السبب وراء إصدار هذا الملحق كما يقول رئيس التحرير في مقدمته: (لأن الأمر لم يعد ترفًا, ولأن الهوّة التي تغاضينا عنها زمنًا, اتسعت, حتى وجدنا أنفسنا في النهاية خارج منظومتها, ولأن بطاقة المرور إلى الغد , ووسيلة البقاء في قلبه, تكمن في كلمتها السرية (العلم)), من أجل هذا كان صدور هذا الملحق الذي تقدمه (العربي) مجانًا لقرائها, وتتحمل طواعية نفقات طباعته وتحريره وتوزيعه, إيمانًا منها بأن الإنسان العربي - بكل ما في داخله من إمكانات وقدرات - يقف في مواجهة تحد خطير, فهو إما أن يكون جديرا بالتعامل مع العصر, بلغته الجديدة, ومتغيراته السريعة, وإما أن ينتظر ـ في بؤس ـ خارج التاريخ, ليعيش على فتات الآخرين. إننا نتعرض لاتهامات كثيرة توجه إلينا كعرب وكمسلمين, بعضها عن باطل, وبعضها ـ مع الأسف الشديد ـ عن حق, فتهمة الإرهاب التي يلصقونها بنا, وبديننا الحنيف هي باطلة, وأما تهمة العيش عالة على منجزات الحضارة وعدم المشاركة في صنع الحداثة, فهي صحيحة, فقد تخلفنا طويلا, نحن أبناء الحضارة التي كانت تقود العالم, روحيًا وعلميًا, وها نحن ذا ندخل القرن الواحد والعشرين عزلاً, إلا من ذكريات هذا الماضي التليد, وهي ذكريات لا تغني ولا تسمن من جوع, ما دمنا غير قادرين على التمثل بها والاستفادة منها.

          يحاول هذا الملحق, أن يكتشف لغة, نحن في أمس الحاجة إلى فهمها, وأن يعبر آفاقًا معرفية, كان علينا أن نجتازها منذ زمن, وبالرغم من ذلك فقد كنا نطمح إلى أن تكون انطلاقتنا أكبر من هذه, وأن تكون على صورة مجلة علمية متخصصة, تسد هذا الفراغ الهائل الذي يعانيه العقل العربي, ولكننا رأينا أن نبدأ ببطء وبثبات, في ولوج بوابة العلم, وبتواضع واحترام أمام كل ما قدمه الإنجاز البشري.

          سيجد القارئ في هذا الملحق - على صغره - العديد من الموضوعات المهمة والمنتقاه بعناية فائقة, فهو يقدم موضوعًا عن أجيال جديدة من الكمبيوترات قادرة على التفكير, مما يؤكد الخطوة الواسعة التي خطتها ابتكارات الذكاء الاصطناعي, ثم ينتقل إلى الطب النفسي ليدرس تأثير عقار (البروزاك) في علاج الاكتئاب وغيره من أمراض النفس, ويقدم حوارا مع واحد من أشهر مديري المجلات العلمية, ويصعد إلى عالم الفلك, ليراقب النجوم التي تموت, ثم تنبعث من جديد, ويهبط للأرض ليرى إن كانت قوتها القطبية قد أصابها الوهن, ويستعرض بعض الدروس المستفادة من كارثة (تسونامي) التي هزت القارة الآسيوية, ويطرح العديد من الأسئلة العلمية ويجيب عنها في استفاضة. ولا ينسى جانب الخيال العلمي فيقدم واحدة من روائعه القصصية. باختصار هذا الملحق يقدم تجربة غنية لكل عشاق الغد, والذين يرون أن له لغة واحدة ولا بديل عنها هي (لغة العلم).

 

المحرر