عزيزي العربي

عزيزي العربي
        

بوح.. قصة حنين

          عندما شاهدت الصفحة الخاصة بأرشيف (العربي) في عددها (552) الصادر في شهر نوفمبر 2004 شاهدت صورة من تونس, التقطت لنسوة بالجنوب التونسي خلال السبعينيات فتذكرت حينئذ طفولتي وبداية علاقتي بمجلة (العربي), فأردت أن أكتب هذه القصة, قصة علاقتي بهذه المجلة. ولكن في الحقيقة انتابني شيء من التردد في أن أبعث هذه القصة, ولكن الذي شجعني على مراسلتكم هي قصة (لقاء الأحبّة) المكتوبة من طرف الأخت من العراق الشقيق في المجلة في عددها (553) والتي تروي من خلالها تعلقها بهذه المجلة, حينها تأكدت أني لست الوحيد الذي له قصة بوح مع مجلة (العربي), لست الأول ولن أكون الأخير الذي ربط علاقة ودّ بها.

          في أواخر السبعينيات كنت دائمًا أزور صديقا لي, كانت لديه أعداد كثيرة من مجلة (العربي) فقد كان مولعًا بشدة بمطالعة مواضيعها, فكنت أنتهز تلك الزيارة وأستعير أحد أعدادها للاطلاع على محتواه, وكم كانت تشدني الموضوعات الواردة بالمجلة نظرًا لدسامتها وتنوعها, وكنت أهتم أكثر بالموضوعات المتعلقة بتعريف مدننا العربية والاسلامية, إذ كنت أعتبرها نافذة مفتوحة على المدينة, حين أقرأ خصائصها وجمالها وكأني أشاهدها من النافذة. وقد تواصل تعلقي بهذه المجلة, ولكن في بداية الثمانينيات وبحكم دراستي بالجامعة واهتماماتي المنكبة على العلوم الصحيحة باللغة الفرنسية, وابتعادي عن صديقي بحكم اتجاهه إلى اهتمامات أخرى تختلف عن اهتماماتي, فقد ابتعدت نوعًا ما عن (العربي) وأصبحت أكتفي بمشاهدتها في المكتبات عند عرضها للبيع, وكانت في كل مرة تذكرني بصديقي الذي ابتعد عني, وبالتالي بمجلتي وبالعديد من المواضيع التي شدتني إليها والتي لن أنساها.

          ولكن الحنين والشوق إلى محتويات هذه المجلة وإلى ذكريات الماضي دفعاني في يوم من الأيام في بداية سنة 2004 - وأنا أمام مكتبة بتونس العاصمة - أن أشتري هذه المجلة في ثوبها الجديد كما بدت لي وأعيد صلتي بمجلتي من خلال ما تقدمه لنا من موضوعات مختلفة, وبعد اطلاعي على أغلب محتويات العدد, أحسست وكأن علاقتي بالمجلة ازدادت, نعم, لقد شدتني مختلف الموضوعات الواردة بها, هذه الموضوعات التي تنير الفكر العربي بطرحها للإشكاليات الموجودة في عالمنا اليوم بطريقة علمية ومدروسة في مختلف المجالات, وبتطرقها إلى تاريخنا العربي والإسلامي وتأثيره في تطور البشرية, كما أن هذه الموضوعات تعرفنا بكنوز عالمنا العربي, وشخصيات عربية, ومدن إسلامية في أنحاء العالم ساهمت في نشر الثقافة العربية, والعلوم في العديد من البلدان في العالم.

          لهذا عدت بقوة إلى مطالعة مجلة (العربي), فكل مرة اشتريت عددًا من أعدادها أحاول إتمام قراءة كل محتوياته, حتى أكون جاهزًا لمطالعة العدد القادم.

          لقد أصبحت تلازمني في كل مكان في حقيبتي عند تنقلاتي, في السيارة, في البيت في مكتبي وفوق كتبي وأبحاثي, وكلما هلّ علينا شهر جديد تراني أسأل عن مجلة (العربي) وكأني أريد أن أغنم بالنسخة الأولى من ذلك العدد.

          فإلى الأمام يا مجلتي, وإني في انتظارك في تونس الخضراء في بداية كل شهر, حتى أغوص في بحرك وأرتوي بمواضيعك الثرية.

حافظ الطرابلسي
نهج فلسطين بن عروس - تونس

قرطبة.. المعنى الأهم

          اسمي خوسيه كانتال من أصل إسباني وتحديدًا من غرناطة, أدرس اللغة العربية بالقاهرة, وإضافة إلى ذلك فأنا قس في كنيسة الكاثوليك اللاتين.

          قرأت باهتمام ما ورد في العدد (555) فبراير 2005 الذي تضمن ملفًا عن مدينة قرطبة.

          فكنت متعجبًا ومحبطًا بعد ما قرأته تحت عنوان (القلعة الحرة) فما سبب هذا الإحباط?

          إذا كان الهدف من هذا المقال هو التعريف بقرطبة التي ارتبط تاريخها ارتباطًا عميقًا بالتاريخ الشرقي والغربي فإنه بالنسبة للأستاذ أشرف أبو اليزيد (كاتب الاستطلاع) لم يوضح للقراء المعنى الكامل والأهمية الحقيقية لقرطبة في العصر الحديث.

          فمن ناحية الوصف وفي الغرفة نفسها التي فيها (صور الحياة في قصور الخلفاء, ومدينة الزهراء, ومجالس الحريم, ومسامر الأمراء ورحلات القوافل, ومعمار البساتين والمنازل, هناك أيضًا صور لكنيسة ومقابلة بين إمام وقسيس, وفي هذه الغرفة معبد اليهود أيضًا, ونسمع بفضل الشريط الذي يشرح, كما ورد في مجلتكم, بأربع لغات: (في قلب مدينة اليهود في معابدهم, المسيحيون في كنائسهم والمسلمون في مساجدهم يصلون لله نفسه).

          ومن ناحية أخرى, فإن برج القلعة الحرة, كما قال الكاتب, هو (متحف الحياة الأندلسية) أو متحف الثقافات الثلاث (الإسلام والمسيحية واليهودية). لكن والحق يقال فإن المقال يتحدث عن الأفكار والشخصيات المسلمة فقط! لقد صدرت كلمات جميلة عن ابن رشد وابن عربي وهي مشهورة, لا شك! بين قرائكم وغيرهم. ودون أن توجد كلمة عن الملك ألفونسو! ولا عن ابن ميمون! وكلماتهما في الشريط نفسه. نسمع بلسان الملك: (أمجد من أعمالي تأسيسي مع الفيلسوف المسلم (محمد الزقوتي) أول مدرسة في مدينة (مورسيه) مع مدرسين مسيحيين ويهود ومسلمين), وتستمر في الشريط كلمات ابن ميمون حيث يقول: (تجد مشاكلنا حلا بالأركان الثابتة لأن لا صدام بين القائم بذاته والتاريخ). ولو كتبت جملة عن الملك ألفونسو وابن ميمون لأوضحت للقراء أهمية الأندلس بشكل أفضل وكامل. وقبل الوصول لسقف البرج والغرف الأخرى أمام السائحين توجد صورة كبيرة تمثل الخليفة عبدالرحمن الثالث يتقبل من راهب مسيحي هدية باسم الإمبراطور البيزنطي عبارة عن كتب يونانية حول علم النبات. ويقول الشريط: (هذا رمز لقاء بين الشرق المسيحي والغرب المسلم). وهذا هو هدف المؤسسة  (www.torrecalahorra.com) في القلعة الحرة بقرطبة الحوار بين الثقافات والأديان.

          أتمنى كإسباني ومسيحي من كل من يحب تاريخ الإنسانية أن يقوم بزيارتنا في وطني, فكما تقولون ونقول جميعًا: (بيتي بيتكم).

          وأشكر (العربي) على أعمالها وإن شاء الله, (العربي) معنا لمدة طويلة.

خوسية كانتال
القاهرة- مصر

سلاطين شعراء وخطاطون

          طالعت في العدد (551) أكتوبر 2004 (دفاتر منسية لحكام الدولة العثمانية سلاطين وخطاطون), بما حواه من معلومات تاريخية موثقة بأرقام وتواريخ, ومن سير ذاتية لسلاطين الدولة وما كانوا يتمتعون به من مواهب في مجالات الشعر والموسيقى وفنون الخط, الذي هو محور الموضوع.

          ولكن لماذا كان السلاطين يوقعون قصائدهم بغير أسمائهم كاسم (عوني) الذي كان يوقع به السلطان الثامن بايزيد الثاني أو (بنحتي) للسلطان الرابع عشر أحمد الأول?.

سمير محمد يحيى المروني
صنعاء - اليمن

الرفق بالإنسان

          من الظواهر اللافتة في المجتمع الغربي, انتشار جمعيات الرفق بالحيوان وتناميها وتزايد أعدادها, وهذه الجمعيات تقوم برصد مبالغ كبيرة لحملات إعلامية ضخمة هدفها جمع التبرعات والهبات لرعاية هذه الحيوانات, كما تشجع على تبنيها ورعايتها مع الأخذ بعين الاعتبار أن معظم الموارد المادية لتلك الجمعيات, عبارة عن تبرعات من ذوي القلوب الكبيرة محبي وعاشقي الحيوانات. إن المفارقة الكبيرة هنا, أن من هؤلاء من يشعر بالرأفة والرحمة تجاه الحيوان دون الإنسان.

          ومما لا شك فيه, أن الرفق بالحيوان واجب أخلاقي وإنساني وديني, أوصت به كل الشرائع والأديان السماوية, ولكن بالمقابل فإن هذا العمل الإنساني النبيل يجب أن يترافق مع شعور بالرحمة والمودة تجاه مخلوق آخر من مخلوقات الله, يشارك الحيوان هذا العالم الفسيح, ألا وهو الإنسان, الذي اصطفاه الله من بين جميع المخلوقات وكرمه. فلا بأس من أن يبدي الغربيون المتحضرون مشاعر التعاطف والمحبة للحيوان, على أن يخصوا بني البشر ولو بقدر يسير من تلك الأخلاق الرائعة وذاك الحس السامي.

          لذا, فإننا نقترح على المجتمع الغربي تأسيس جمعيات هدفها الرفق بالإنسان, سواء كان هذا الإنسان من مواطنيهم أو من الشعوب الأخرى, وأن تنادي تلك الجمعيات بالمساواة في الإنسانية لجميع شعوب الأرض, لا أن تكون كجمعيات حقوق الإنسان في الدول الغربية التي تدافع عن حقوق الإنسان الغربي وتنتهك حقوق سواه. ولا بأس من أن يؤمن أعضاء جمعيات الرفق بالإنسان - المقترحة فيما سبق - بأهداف جمعياتهم إيمان أعضاء جمعيات الرفق بالحيوان بأهداف جمعياتهم.

أنس حبوس
دمشق - سورية

تصويب

          منذ صدر العدد الأول لمجلة (العربي) عام 1958 وأنا أطالعها بشغف, وأجد فيها فاكهتي الشهية, وفسحتي الهنية, وأعاين  تقدمها وازدهارها يومًا بيوم, فأجل خدماتها للغة الضاد وللفكر العربي, إذ فيها كل شائق ومفيد.

          وقد طالعني مقال للكاتبة العربية السورية الكبيرة سلمى الحفار تحت عنوان: (وردة اليازجي 1838-1924)  شاعرة من رائدات القرن التاسع عشر, وذلك في عدد أكتوبر 2003.

          ولما كنت منذ فتوّتي قد اطلعت على شعر والدها المرحوم ناصيف, وشعر أخويها إبراهيم وخليل, وحفظت شيئًا منه, فقد شدني مقال الكاتبة عن ابنته وردة, فقرأته أكثر من مرة شاكرًا للكاتبة ما قدمته من معلومات عن الشاعرة وردة اليازجي.

          وما لفت نظري هو عدم انتظام أوزان بعض الأبيات التي استشهدت فيها من شعر وردة, مما اضطرني لتصويب أوزانها بما وجدته ملائمًا, وأنا لا أملك ديوانًا لوردة لأنه ليس من مقتنيات مكتبتي المتواضعة.

          ففي الشاهد الأول:

أعطاك والدك الفن الذي اشتهرت ألطافه بين العلم والأدب


          فلو أضفنا كلمة أهل بعد كلمة بين لاستقام الوزن.

          وفي الشاهد الثاني:

يا نسمة من أرض وادي النيل وردت فأطفأت بالسلام غليلي


          فكلمة أطفأت تخل بالوزن, فلو صارت أطفت لاستقام الوزن.

          وعند تقديمها لكتاب والدها مجمع البحرين قالت:

دعاها مجمع البحرين لكنْ دعتها الناس مجمع البحور


          فإذا استبدلنا كلمة مجتمع بكلمة مجمع لاعتدل الوزن.

          وفي الشاهد الرابع:

يا غائبًا والقلب قد سار بإثره شوقي مقيم في فؤادي كالجبل


          فإذا حذفنا كلمة قد وهي زائدة فيستقيم الوزن.

          وفي الشاهد ذاته ورد:

لئن يك امتنع اللقاء فإنما لا تمنع الكتب التي تشفي الغلل


          فإذا أضفنا حرف الفاء لئن فأصبحت فلئن لاعتدل الوزن, وصفت موسيقى الشعر, وانتفى الكسر الذي يخدش أذن السامع الذواق:

          وأظن أن هذه أغلاط مطبعية حدثت أثناء النسخ, وهي لا تخفى على القارئ العادي, وعليه اقتضى التنويه.

حسين قشوع
الرجيبية - دمشق - سورية

(العربي) في العراق

          بعد سنوات الحصار وأيام المحنة من حكم النظام البعثي البغيض ها هي مجلة (العربي) قد عادت إلى القارئ العراقي وقد تلقفها كما يلتقط العصفور الحب الجيد من الحب الرديء, لقد منع النظام السابق كل شيء ولو استطاع لمنع الهواء!!

          لقد كنا نقوم باستئجار مجلة (العربي) من المكتبات الخاصة وبسعر باهظ, وكم من أصحاب المكتبات حوكموا بالحبس والسجن والغرامة والإعدام, لا لشيء لأنهم يملكون مجلة (العربي) من أعداد التسعينيات, أما أعداد المجلة في الثمانينيات والسبعينيات والستينيات فهي لاتزال تباع في الأسواق وعليها إقبال شديد, الطريف أن العدد رقم (1) من المجلة أصبح يباع بمبلغ سبعة آلاف دينار!!

مثنى الشرع
النجف - العراق

متى تعلم إسماعيل (العربية)?

          أريد أن أعقب على ما ورد في مقال د. عبد الحكيم الكعبي, الكاتب والأكاديمي العراقي والمقيم في ليبيا وعنوان مقاله: (الأنساب العربية حقيقة أم وهم?) المنشور في باب (تاريخ وتراث) بالعدد (556) مارس 2005. حيث قال في ص 57 ( .... لأن إسماعيل عندما نزل مكة كان يتكلم العبرانية, فلما صاهر اليمنية تعلم العربية) وانتظرت أن يحلل المقال هذا الاعتقاد في معرض رده على الأوهام الكثيرة, والخزعبلات التي أدخلت عن عمد إلى العقل العربي, وأريد هنا أن أسأل تعليقا وتعقيبًا: من أين نطق إسماعيل - عليه السلام - بهذه العبرانية, إذا كان أبوه إبراهيم عراقي المولد ولغته إما سومرية قديمة, أو بابلية? والخط لهذه اللغة يسمى المسماري?! وكان سكان العراق الأقدمون لا يتكلمون هذه العبرانية, وقد بعث فيهم وبلسانهم ليهديهم إلى التوحيد. ثم إن أم إسماعيل عليه السلام السيدة هاجر مصرية وكانت تنطق بلغة قومها, التي لا يُمكن أن تكون هذه اللغة هي أيضا عبرانية?  فإذا لم يتعلم من أبيه ولا من أمه فمن أين أتى باللسان العبراني?

          إن العبرانية في زمن إبراهيم لم تكن موجودة أصلا لأنه لم يوجد شعب عبراني يتكلم هذه اللغة وأن عبرانية القوم إنما حدثت بعد ذلك بمئات السنين,  كما أن اللغة العبرانية كانت اشتقاقًا من لغات قبائل سكن اليهود إلى جوارهم من آراميين وسوريان وعموريين وكنعان ولانزال نرى في اللغة العبرانية ما يردها إلى لغة السريان والآراميين?, إن لغة الأب إبراهيم الآتي من مركز حضاري مهم - وهو العراق - لغة مميزة وخط واضح لم تكن تدعى العبرانية, وأن لغة الأم الآتية من مركز حضاري آخر وهو مصر لم تكن تدعى العبرانية, فإذا كان إسماعيل سليل أب من هذه وأم من تلك فإن الأقرب إلى العقل أن يتكلم إحدى هاتين اللغتين أو خليطًا منهما (وهي بالقطع لا تدعى عبرانية) لا أن يتكلم لغة تكلمها أحفاد أولاد أخيه إسحاق عليه السلام وبعده بعشرات السنين!

          ثم هل العربية أيام إسماعيل تعلمها من أهل اليمن? الذين تكلموا لغة عربية نزل بها القرآن على قريش فيما بعد? فإذا كان ذلك, فلماذا ندعي إذن أن إسماعيل أبو العرب?! الواضح هكذا أن العرب موجودون قبل إسماعيل لأن اليمنية علمت إسماعيل العربية, وهذا كلام غير دقيق, والطبيعي أن إسماعيل لم يتعلم العربية من اليمنية, ولم تكن لغته العبرانية, وبوجوده بدأ تناسل العنصر العربي الذي تفرع عن إسماعيل ومصاهرته لقبائل يمنية. وعليه فإنه لا العربية ولا العبرانية كأنتا في ذلك الزمن لهما وجود, وعليه فإن إبراهيم هو جد العرب والعبرانيين, وإن لم يكن عبرانيًا أو عربيًا وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا انتسب بلغ إلى عدنان ولم يجاوز, وكان عدنان من ولد إسماعيل, وطبيعي أن العرب بهذا الجد العدناني أصبح يطلق عليهم العرب, وتكون هذه الشعوب أو تلك لا يدخل فيها عامل الجد فقط, بل هناك تزاوجات وظروف عديدة تكوِّن هذه الشعوب, مما يجعل نسبتها إلى الجد فقط مجرد خيال.

أحمد محمد عبده
القاهرة - مصر

النبي إسماعيل عربي وليس عبريًا

          في العدد (556) من مجلة (العربي). وفي مقال د.عبدالحكيم الكعبي (الأنساب العربية حقيقة أم وهم?). ورد نص عن سيدنا إسماعيل عليه السلام بأنه عندما نزل مكة كان يتكلم العبرانية, وعندما صاهر اليمنية تعلم العربية!

          وهذا مفهوم غير صائب من الناحية التاريخية جملة وتفصيلاً فسيدنا إسماعيل - عليه السلام - هو الابن البكر لإبراهيم عليه السلام, وهذا ما اتفقت عليه التوراة والقرآن.

          وإبراهيم عليه السلام ولد في القرن التاسع عشر قبل الميلاد, في عهد الإمبراطورية البابلية الأولى - الكلدانية -, والتي أسسها الكلدانيون, وهم  قبائل عربية نزحت من شبه الجزيرة العربية, وكانت تتكلم الآرامية, وهي لهجة من لهجات القبائل العربية (السامية), التي اتجهت نحو العراق والهلال الخصيب.

          وعصر إبراهيم الخليل عليه السلام, هذا عصر عربي قائم بذاته, وليست له أية صلة بعصر موسى عليه السلام, الذي يقع بعد زمن إبراهيم الخليل عليه السلام بسبعمائة عام.

          أما نعت إبراهيم الخليل عليه السلام (بالعبراني), كما ورد في التوراة, فيراد به معنى العبريين, وهي القبائل البدوية العربية, ومنها القبائل الآرامية العربية, التي ينتمي إليها إبراهيم عليه السلام, وبهذا المعنى وردت كلمة (عبري) و (عبيرو) و (خبيرو) في الكتابات القديمة التي اكتشفت, وهي تعود إلى ما قبل ظهور النبي موسى عليه السلام بعدة قرون.

          وفي هذا الصدد يقول د. أحمد سوسة في كتابه القيم ( العرب واليهود في التاريخ): تعد دعوة إبراهيم الخليل عليه السلام إلى وحدانية الله الخالصة, أول دعوة عامة للتوحيد في تاريخ البشرية بالمعنى الدقيق لمصطلح التوحيد  (Monotheism), وهي عربية لغة ووطنا, ثم جاءت رسالة محمد عليه الصلاة والسلام النبي العظيم خاتم الأنبياء, وقد نزلت عليه باللغة العربية أيضا, لأن اللغة التي كان يتكلم بها إبراهيم الخليل عليه السلام, هي اللغة العربية الأم, ووطنها الأصلي الجزيرة العربية, وكانت في تلك الأزمان لغة واحدة تتكلم بها جميع القبائل العربية النازحة من الجزيرة إلى الهلال , وذلك قبل أن تتفرق هذه اللغة الأصلية إلى لهجات مختلفة ضمن كتلة اللغات السامية.

          ويؤكد د. أحمد سوسة أن اليهود جعلوا تاريخهم يرجع إلى عهود قديمة لم يكن فيها أي وجود لأحد, وساروا على هذا النحو في إرجاع لغتهم العبرية إلى عهود قديمة لم يكن لهم أي وجود فيها , فقد اعتبروا وجود لغتهم العبرية قبل دخولهم أرض فلسطين في القرن الثالث عشر قبل الميلاد , وأطلقوا عليها اسم عبرية التوراة (Bibical Hebrew), في حين أن العبرية لم تظهر إلا بعد مرور أكثر من ستمائة عام على دخول اليهود أرض فلسطين, فكتبوا العهد القديم بها, والغريب أن أكثر الباحثين قد أخذوا بهذا التزييف للواقع التاريخي.

          وعليه فاللغة العبرية بصيغتها الحالية لم يكن لها وجود في زمن إبراهيم وأولاده وأحفاده الذين هاجروا إلى مصر, ومكثوا فيها لما يقارب أربعة القرون , وقد تأثرت لغتهم الآرامية باللغة المصرية, فنشأت اللغة العبرية وهي لهجة أكثر من كونها لغة قائمة بذاتها , ثم تأثرت هذه اللهجة باللهجات الكنعانية في فلسطين وما جاورها فنشأت العبرية الحديثة , وفي هذا الصدد تقول الباحثة أبكار السقاف في كتابها ( إسرائيل وعقيدة الأرض الموعودة (: أن اللغة العبرية حديثة العهد نسبيًا لأنها لم تبتكر إلا بعد موسى عليه السلام ببضعة قرون.

          لقد وقع المقال في تناقض آخر, عندما ذكر أن القرآن يرجع العرب إلى جد واحد هو إسماعيل بن إبراهيم, وأن إبراهيم عليه السلام هو أبو العرب مستندا إلى الآية {هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم} , وهو تفسير غريب لمفهوم الآية. فالأبوة هنا عامة للمسلمين كافة,وهي مقترنة بالاجتباء الديني المقترن بعقيدة التوحيد - الإسلام - وليس له أية صلة بعلم الأجناس, أو تخصيص الخطاب للعرب فقط.

سعد سعيد الديوه جي
كلية الهندسة جامعة الموصل
العراق

وتريات.. رحيل

إني علمْتُ وليتني لمْ أعْلمِ بفراق آنسة ببابِ المَعْلمِ
فوقفْتُ أرقبُ سَيْرَهَا ورحيلهَا ذاك المساءَ, وليتَه لمْ يقدم
فالقلبُ منصَدعٌ بحين فراقها والَبَيْنُ أرّقني بليلي المُظلم
ودّعتُها في مرّتين ومرّة خوفَ الفراق, وإنني لم أسلّم
تركت معي نظراتها في المَعْلَم تَبلَتْ بها أعْشار قلبٍ مكلَم
نِعْمَ الأوانسُ والكواعِبُ مَرْيَمُ كالبَدْر في العَليَاء فوق الأٍنجُم
تلك التي فيها نظمت قصيدتي فيها بغير الحق لم أتكلّم


محمد عبشة
بنقردان - تونس

 

   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات