طيور الإبداع تحط في الشارقة

طيور الإبداع تحط في الشارقة
        

          طيور الإبداع حطت رحالها مرة أخرى في أرض جديدة, الشارقة, تلك الإمارة الصغيرة على حافة الخليج, التي فتحت أحضانها الواسعة لتضم تلك الطيور, وتتيح لها موطنًا تستعيد فيه دورة الحياة والإبداع, فما أروع الثقافة والفكر والفنون حين يتصل بها راع أمين يسعى لتوطينها واستبطانها, لتصبح هي البدء والقرار والهدف والوسيلة. فالثقافة اليوم في إمارة الشارقة هي الطريق الأفضل لبناء الإنسان, حتى استحقت عام 1998م لقب (عاصمة الثقافة في العالم العربي) من منظمة اليونسكو لاهتمامها بالفن والثقافة والمحافظة على التراث.

          لقد كانت هذه الأنشطة الثقافية التي لا تهدأ هي التي دفعتني أنا وزميلي المصور إلى جولة واسعة وسط تلك المعالم الثقافية من مؤسسات ومتاحف ومسارح, حاملا عدة أسئلة: لماذا كانت الثقافة هي خيار الشارقة, ولماذا سعت للتميز فيها, ولأن تجعل منها علامة لها?, هل ساعدها على ذلك موقعها الجغرافي? أم أهلتها لذلك تلك الاكتشافات الأثرية التي تحفل بها أرضها?, أم أن وجود حاكم محب وراع للثقافة كان السبب الرئيسي وراء ذلك?!, أم أن الأمر كان خليطا من كل هذه الأسباب?!

الموقع.. النعمة والنقمة

          يفرض موقع الشارقة طبيعته على القادم إليها, فهي مستطيل من الأرض, تتداخل فيه مياه الخليج الزرقاء مع صخور الشاطئ, مكونة مجمعًا من الخلجان و(الجوانات) الصغيرة التي تجعل من السهل للسفن الغريبة أن تأوي إليها.

          وعندما أعلن في 2 ديسمبر 1971م قيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة, وتكونت من إمارات سبع هي: الشارقة, أبو ظبي, دبي, رأس الخيمة, أم القيوين, عجمان, الفجيرة, كانت إمارة الشارقة تحتل المرتبة الثالثة من حيث المساحة بعد أبو ظبي ودبي, وكانت هي الوحيدة التي تطل أراضيها على كل من الخليج العربي وخليج عمان ذلك أن واقعها الجغرافي والتاريخي يفسر تمددها, الأمر الذي اكسبها وضعا متميزًا لإقامة علاقات تجارية مع الشرق وجعل منها دوما منطقة أكثر انفتاحا على العالم الخارجي, وقد أغرى موقع الشارقة البرتغاليين الطامحين لاحتكار تجارة التوابل وقاموا عام 1507م باحتلال الساحل الشرقي, وبناء الحصون في خورفكان وكلباء ودبا, وظلوا هناك مدة قرن من الزمان, إلى أن طردهم الهولنديون والإنجليز من بعدهم.

          وفي القرن الثامن عشر أصبحت قبيلة القواسم الحاكمة قوة بحرية مرهوبة الجانب في جنوب الخليج وتمركزت قوتهم في رأس الخيمة والشارقة. وفي عام 1803م أصبح الشيخ سلطان بن صقر القاسمي والد الحاكم الحالي, شيخا على الشارقة وحكمها لأكثر من خمسين عاما.

          هذا الموقع المتقدم أهل الشارقة لأن تكون أكثر احتكاكا بالثقافات الأخرى, وأكثر انفتاحا على رياح الفكر التي كانت تأتي مع السفن القادمة, سواء كانت للغزو أو التجارة.

وزارة الإعلام المصغرة

          كانت بداية رحلتنا إلى الإدارة التي هي بمنزلة القلب لباقي أعضاء الجسم, والنقطة المركزية التي ترتبط بها جميع البنى الثقافية والتعليمية وغيرها في الشارقة, إنها دائرة الثقافة والإعلام بحكومة الشارقة, التي تقع بالقرب من قصر الثقافة وقصر الحاكم, إضافة إلى مجموعة أخرى من المباني الرسمية الحيوية, كان هذا المبنى الفخم ينهض على طابقين يحمل عناوين الأنشطة الثقافية التي تنتجها الدائرة, وفي داخله التقينا بعينة من مهندسي تلك الأنشطة.

          وقد نشأت هذه الدائرة مع اختيار إمارة الشارقة عاصمة ثقافية لدولة الإمارات العربية المتحدة, لتصبح هذه الدائرة بمنزلة وزارة إعلام مصغرة في الشكل الهرمي لدولة الإمارات, تأكيدا للشعار الذي رفعه حاكم الشارقة عندما قال (كفانا من ثورة الكونكريت ولنبدأ ببناء الإنسان). إن الشارقة بالحجم الجغرافي مدينة صغيرة في الوطن, ولكنها في الوقت نفسه, (متخمة) بالثقافة.

          وتنظم الشارقة معرضا سنويا للكتاب من عام 1982م تشارك فيه أكثر من 47 دولة, وتصاحب المعرض أنشطة فكرية وثقافية, كما تنظم كل عامين أنشطة أيام الشارقة المسرحية, ويتم كل عامين تنظيم بينالي دولي للفنون التشكيلية, يعد ظاهرة دولية يتم فيها استقطاب أشهر الفنانين التشكيليين في العالم, وكان أول بينالي افتتح في الرابع من أبريل عام 1993م. وعلى الصعيد الوطني تحتفل إمارة الشارقة بالعيد الوطني لدولة الإمارات من خلال أنشطة أيام الثقافة الوطنية, ويتم سنويا تكريم رواد الشعر الشعبي في مهرجان خاص بهم اعترافا بدورهم وحفاظا على تراث المنطقة.

          أخذت العناية بالتراث والفنون شكلا منظما بالشارقة, فكل ما له علاقة بالتاريخ والتراث وضع في منطقة سميت بمنطقة التراث, والشيء نفسه حدث مع الفنون, حيث أنشئت لأجله منطقة الفنون, وفيما عدا بعض المتاحف الموجودة خارج هاتين المنطقتين, فإن كل تاريخ الشارقة موجود في بقعة واحدة.

          في منطقة التراث على ساحل البحر ـ وهي المدينة القديمة ـ توجد عدة متاحف, منها متحف التراث (بيت النابودة) والمتحف الإسلامي والبيت الغربي. أما منطقة الفنون فيوجد بها متحف الشارقة للفنون ومعهد الشارقة للفنون ومركز الشارقة لفن الخط العربي والزخرفة ومعهد الشارقة للفنون المسرحية.

التعليم طريق الثقافة

          ولعل هذا النشاط الثقافي يدعونا لأن نغوص قليلا في التاريخ المعاصر لدولة الإمارات, ولبدايات التعليم في إمارة الشارقة على وجه التحديد, فهي مسيرة تتشابه في ملامحها مع مسيرة التعليم في باقي مناطق الخليج, ففي أيام الفقر والجوع والغوص بحثا عن اللؤلؤ كانت الكتاتيب - أو المطاوعة باللهجة الدارجة - يقدمون ما تيسر لهم من العلوم البسيطة وتليها مرحلة التعليم النظامي التي ظهرت كإحدى إيجابيات ظهور النفط, وما تبعه من نهضة تعليمية وعمرانية في منطقة الخليج.

          وقصة التعليم في الشارقة هي قصة للتعاضد والتعاون بين أهلها وأشقائهم العرب الذين لبوا نداء الواجب, ونهضوا لمؤازرة أخوتهم في الشارقة. وتذكر مجموعة من المصادر قصة بدايات التعليم في إمارة الشارقة فالدكتور محمد مرسي عبد الله يسجل في كتابه (الإمارات العربية المتحدة وجيرانها) أن المدرسة التيمية المحمودية في الشارقة افتتحت كإحدى أقدم المدارس في الإمارات عام 1905م على يد التاجر علي بن محمد بن علي المحمود التميمي في منطقة الحيرة, وقد بنيت من الطوب اللبن وبها سبعة فصول, واستوعبت المدرسة التيمية مائتي طالب من الشارقة ومائة وعشرين طالبا من إمارتي رأس الخيمة وأم القيوين وكانت الدراسة فيها حتى سن معينة غالبا ما تكون السابعة, وتوفر التيمية المحمودية لطلابها السكن والطعام والكساء وباقي اللوازم الدراسية.

          وفي عام 1935م أسس الشيخ محمد بن علي المحمود مدرسة ثانية هي (الإصلاح) التي ضمت عند افتتاحها أربعة فصول, ثم توسعت بعدها وسميت مع بداية الخمسينيات من العام الهجري (مدرسة القاسمية), ثم (الإصلاح القاسمية) عام 1953م.

الدعم الكويتي للتعليم في الشارقة

          ومع وصول أول بعثة تعليمية من الكويت إلى الشارقة عام 1953م, تم افتتاح المدرسة القاسمية, وتكونت البعثة من مدرسين فلسطينيين, هما مصطفى يوسف طه وأحمد قاسم البوريني اللذان قاما بتدريس المنهج الكويتي الحديث وقد تكفلت الكويت بتزويد القاسمية بجميع احتياجاتها واحتياجات الطلبة الدراسية, وقد اتبعت المدرسة سياسة قبول كل من يفد إليها من الطلبة, وفي العام التالي لافتتاح المدرسة القاسمية للذكور تم افتتاح المدرسة القاسمية للبنات, مع وصول المدرسة الفلسطينية شريفة البعباع من الكويت. والى جانب القاسمية للبنات, التي تحولت لمدرسة (فاطمة الزهراء) تم افتتاح مدارس أخرى للبنات مثل ابن خلدون والأمل ورابعة العدوية وأسماء. وفي سنة 1955م قامت الكويت بافتتاح مدرسة ابتدائية في منطقة خورفكان المطلة على الساحل العماني والتابعة لإمارة الشارقة وتبعها في العام نفسه أول بعثة مصرية من الكويت مكونة من اثنين من المدرسين.

          وإلى جانب أعضاء البعثة التعليمية في القاسمية للذكور شارك بعض المواطنين في التدريس ومنهم جاسم المدفع, عبد الله القيواني, علي راشد العويس, وعلي الغانم, وانضمت قطر عام 1961م إلى قائمة الدول المساهمة في دفع عجلة التعليم في الشارقة, إذ افتتحت مدرسة (العروبة الثانوية), وكانت مدرسة (عبدالله السالم) التي فتحت أبوابها عام 1968م هي آخر ما ساهمت به الكويت في المجال التعليمي في الشارقة.

          وبعد ظهور النفط وإعلان الاتحاد بين إمارات الخليج العربي قفزت المسيرة التعليمية في إمارة الشارقة قفزات واسعة في مختلف المراحل التعليمية. وفي إحصائية عام 2001م لعدد المدارس في الشارقة من رياض الأطفال وحتى التعليم الثانوي, تم تسجيل 121 مدرسة حكومية و79 مدرسة للتعليم الخاص, وبلغ إجمالي الطلبة الدارسين في تلك المدارس 50385 طالبا وطالبة. وبالنسبة للتعليم العالي فقد أنشئت في الشارقة مدينة جامعية مترامية الأطراف تضم مجموعة متنوعة من الجامعات المرموقة والكليات التقنية المتخصصة, كما تضم مكتبة عامة أنجزت أخيرًا لتلبي احتياجات الطلبة والباحثين.

العرصة.. أقدم أسواق الإمارات

          وللتراث مكانة خاصة في منظومة الثقافة في الشارقة, فهناك سعي دائم للحفاظ على التراث القديم, خاصة في مجال العمارة, حتى لا تلتهمها أمواج المعمار الحديث, ولعل خير دليل على ذلك هو سوق (العرصة), فهو أحد أقدم الأسواق الشعبية, ويعود بناؤه إلى أكثر من 150 عاما, وهو ما يعني أنه من أقدم أسواق دولة الإمارات العربية المتحدة, وكان سوقا تباع فيه البضائع المختلفة, وكذلك المقايضة. والعرصة تعني مساحة الارض الفضاء الواسعة (الساحة) الكائنة بين البيوت, ومع تسارع الحياة وطغيان العمارات الشاهقة تغيرت ملامح تلك المنطقة كثيرا دون أن تنال منها آلات الحفر والبناء, خاصة في ظل الحرص الشديد من قبل المسئولين على أهمية الأماكن التراثية القديمة, والسعي الحثيث نحو المحافظة عليها, وكان سوق العرصة من المواقع التراثية المهمة التي تمت العناية به عبر إعادة إعماره وترميمه.

          يتم الدخول الى سوق العرصة من خلال أربع بوابات تغلق في المساء, وهو يجتذب اليوم بمحلاته السبعة والسبعين السياح الأجانب بشكل خاص نظرا لنوعية البضائع التراثية التي تباع فيه مثل الملابس والمصوغات والمجوهرات التقليدية والتحف النحاسية والفضية والخشبية والتمور والأعشاب الطبية والألعاب الشعبية. ويمثل مقهى العرصة واحدا من أبرز معالم السوق حيث تقدم فيه المأكولات والحلويات الشعبية إضافة للمشروبات الساخنة والباردة, ولا يقدم المقهى خدمة الشيشة - أو القدو باللهجة المحلية - لأنها ممنوعة في إمارة الشارقة عموما.

مكتشفات أثرية

          وبعيدا عن منطقة التراث يقع متحف الشارقة للآثار بالقرب من ميدان الكتاب وبجوار مبنى تلفزيون الشارقة, وكانت زيارة ذلك المتحف ضرورية للتعرف على الآثار التي تم العثور عليها ووسائل اكتشافها, وتزخر إمارة الشارقة بالعديد من المواقع الأثرية المهمة المنتشرة في مختلف أجزائها, ويوضح لنا أمين المتحف السيد عبدالله العويس أن كلا من منطقة مليحة وجبل البحيص وتل الأبرق والنويب من أشهر مواقع التنقيبات في الشارقة, ومنها جلب الكثير من مقتنيات متحف الشارقة, ومنذ بداية السبعينيات من القرن الماضي بدأ فريق من علماء الآثار من جميع أنحاء العالم العمل في مجال الاستكشاف والحفريات في إمارة الشارقة.

          وقد حازت تلك المواقع في السنوات الأخيرة اهتمام السلطات المعنية, التي تحركت في اتجاهين:  الاتجاه الأول هو تشكيل كادر محلي يتولى الأنشطة والتنقيبات الأثرية, ويعمل بصورة شبه دائمة طوال العام. والاتجاه الثاني هو الاستعانة بالبعثات الأجنبية التي تعمل لمدة تتراوح بين الشهر والشهر ونصف الشهر, وتعود في العام التالي لاستكمال ما انتهت إليه. د. صباح عبود جاسم أستاذ آثار الشرق الأدنى القديم, ومدير التنقيبات الأثرية في دائرة الثقافة والإعلام أكد لنا وجود برنامج سنوي متعلق بإجراء تنقيبات أثرية لمواقع عديدة في إمارة الشارقة, موضحا أن تلك المواقع تعود إلى فترات تاريخية متنوعة, ابتداء من عصور ما قبل التاريخ, وحتى الفترة الإسلامية.

          ونظرا لطول المدة التي تعمل فيها البعثة المحلية فإن ذلك يتيح لها تحقيق إنجازات أكبر. ويشير د.جاسم إلى اكتشاف موقع مهم في جبل البحيص يعود تاريخه إلى 5000 سنة قبل الميلاد, وفيه وجدت بقايا بنائية ومواقد نار تدل على نوعية الأنشطة اليومية, كما وجد ينبوع ماء متحجر ساهم في إطالة أمد بقاء من عاش في تلك المواقع, ووجدت مقبرة تحتوي على أكثر من هيكل عظمي جميعها ممددة باتجاه الشرق, ولعل لذلك مغزى أو عقيدة دينية لدى هؤلاء الناس, وقد زينت تلك الهياكل بقلائد من الحجر العقيق واللؤلؤ, وبالرغم من مرور ثماني سنوات على اكتشاف موقع جبل البحيص فإن التنقيبات مستمرة وذلك لضخامته وأهميته, وهناك مشروع لنقل مكتشفات الموقع إلى متحف الشارقة للآثار.

          وعثر على مواقع أخرى تملأ فجوة معلوماتية في السجل الأثري خلال الألف الرابع قبل الميلاد, كما يؤكد د.جاسم, مثل موقع أم النار - نسبة إلى جزيرة أم النار - ويبلغ قطره الدائري 14 مترا, ومن العصر البرونزي توجد مدافن وادي سوق وتضم مستوطنات وقبورًا, وفي خورفكان هناك مستوطنة كبيرة تقوم على سفوح ثلاثة جبال متجاورة تطل مباشرة على الساحل العماني, وعن أشغال البعثات الأجنبية التنقيبية في إمارة الشارقة عدد د.جاسم في بداية حديثة جنسيات تلك البعثات, وهي من أستراليا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإسبانيا واليابان. وتمكنت البعثة الإسبانية قبل عامين تقريبا من اكتشاف فلج كبير جدا في موقع الثقيبة, عمقه خمسة أمتار وطوله خمسون مترا في الاتجاهين. واختارت البعثة اليابانية مدينة خورفكان للتنقيب فيها, وهي تعمل هناك منذ خمس سنوات ويعود تاريخ ذلك الموقع إلى الفترة الأولى التي أسست فيها المدينة أواخر القرن الثالث عشر أو أوائل القرن الرابع عشر الميلادي, واكتُشفت في الموقع أوان فخارية يُعتقد أنها مستوردة من إيران ومنطقة شرق آسيا, إضافة إلى أسس بنائية وأبنية مساجد. وختم د.صباح عبود جاسم حديثه قائلا : (حضارة الإمارات جزء لا يتجزأ من حضارة الخليج العربي بدليل وجود مكتشفات متطابقة في كل مناطق دول الخليج وبالتالي فهي وحدة حضارة متماسكة).

المتحف الإسلامي

          يقع المتحف في منطقة الغرب, إحدى أقدم مناطق مدينة الشارقة داخل سور المدينة القديم, وعند وصولنا عند البوابة الرئيسية للمتحف توقفت حافلة مليئة بالسياح الألمان عرفنا لاحقًا أنهم يمثلون ظاهرة متكررة في المتحف الإسلامي, تشمل العديد من السياح الغربيين, ازدادت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م في مدينتي نيويورك وواشنطن.

          كان متحف الشارقة الإسلامي في الأساس بيتا تراثيا, وهو عبارة عن بيتين متلاصقين يربط بينهما جسر, ويقدر عمر البيت بمائتي عام تقريبًا, وتعاقب أهل البيت على العيش فيه حتى أوائل السبعينيات من القرن الماضي, حيث بدأت ثورة البناء الجديد وانتقال الناس للعيش في مناطق جديدة. مدير المتحف الإسلامي علي المري أكد لنا أن عوامل الاهتراء لم تلحق ببيت الشامسي فحسب, بل المنطقة المحيطة به, والتي تعرف اليوم بمنطقة التراث. وظل البيت فريسة لعوامل التعرية القاسية إلى أن قرر حاكم الشارقة الشيخ د. سلطان بن محمد القاسمي بداية فترة التسعينيات ترميم منطقة التراث وإعادتها للحياة مرة أخرى, تحت إشرافه المباشر واليومي, مضيفا : (إن الاحتفاظ بالبيوت التراثية هي موجة عالمية تجتاح العالم بأسره, وأي مكان يصلح لخدمة الحركة الثقافية تتم الاستفادة منه بأسرع وقت), ويواصل المري : (من بيت النابودة والمناطق المحيطة به بدأت الترميمات. ولهذا البيت يرجع الفضل في التنبيه لما وقع - أو سوف يقع - من سرقات للقطع الأثرية المهملة, فقبل سنوات قريبة ارتاب رجال الجمارك الإماراتية -في أحد المنافذ- في حمولة قد تكون مسروقة وكان صاحبها يأمل بأخذها معه لبلاده واتضح بعد التحقيق معه أن تلك الحمولة هي أحد أبواب بيت النابودة. لقد كانت تلك محاولة لسرقة قطعة من تاريخنا ومؤشرًا على ضرورة التحرك, لقطع الطريق ضد أية محاولات قادمة). ويذكر أن في إمارة الشارقة قانونًا لحماية الآثار غير موجود في باقي الإمارات الأخرى. وتنص القوانين الإماراتية على تطبيق القوانين المحلية في كل إمارة على حدة وفي حال عدم وجود قانون ما تتم الاستعانة بأي قانون مناسب في أقرب إمارة, الأمر الذي يجعل من قانون إمارة الشارقة لحماية الآثار المرجع الأول في دولة الإمارات ما لم تصدر في المستقبل قوانين مثيلة به.

          وعندما وصلنا بالحديث مع السيد على المري إلى محطة أهم مقتنيات المتحف الإسلامي, فضل القيام بجولة سريعة على قاعات المتحف كي يتحدث والقطع الأثرية أمام الجميع فذلك أسهل في الشرح, ويقدم المتحف الإسلامي مجموعة من التحف والمخطوطات الإسلامية النادرة, كما يضم نماذج مختلفة من فنون الحضارة الإسلامية وصناعات من فخار وخزف وزجاج ومشغولات معدنية وعملات نقدية أموية وعباسية وغيرها وأسلحة, بالإضافة إلى المشغولات المصنوعة من الذهب والفضة, وقد عثرنا على طاولة نادرة من العصر المملوكي في مصر لا يوجد منها سوى أربع في العالم وقد نقش عليها اسم السلطان الأشرف قلاوون.

          وقد وزعت أغلب مقتنيات المتحف على دور محددة فمثلا دار المسكوكات الإسلامية تحتوي على أكثر من 2600 قطعة تمثل مختلف العهود الإسلامية, وفي دار المخطوطات الإسلامية توجد عشرات المخطوطات من مختلف العلوم, كمخطوطة تفسير القرآن الكريم (ذهب الإبريز في تفسير القرآن). أما دار العلوم فتتميز باقتنائها أول خارطة للعالم والتي أعدها الشريف الإدريسي الذي ولد في مدينة سبتة المغربية عام 1099م, ويذكر عندما قورنت خريطة الإدريسي بخارطة العالم الحالية سميت بالخارطة المقلوبة.

          وفي عام 1995م بدأ العمل بإعادة بناء وترميم المتحف الإسلامي على الطراز القديم, وتم الاعتماد على بعض الصور الجوية القديمة مع عمليات التنقيب, التي سبقت رفع الجدران المتهالكة, وكل ذلك للتأكد من إقامة البيت في المكان الصحيح. وقد أزيلت الجدران الداخلية التي تفصل بين الغرف لتسهيل الحركة وإضافة بعض التعديلات التي تجعل ذلك المكان مناسبا لاستقبال الزوار, وبمناسبة إقامة معرض الكتاب السنوي في الشارقة عام 1996م تم في السادس من نوفمبر افتتاح المتحف الإسلامي رسميا.

إمارة المسرح الهادف

          للمسرح في إمارة الشارقة حظوة يصعب إنكارها أو إخفاؤها, خاصة حينما نعلم أن حاكم الشارقة د. سلطان بن محمد القاسمي كتب العديد من المؤلفات التاريخية والدرامية المسرحية والروائية, التي ترجمت على أرض المسرح وكانت ذات حضور متوهج, ومنذ الدورة الأولى لأيام الشارقة المسرحية في عام 1983م وثب المسرح في الشارقة وثبته القوية, نحو بلورة تجارب المسرح المحلي ولفتح حوار يثري الحياة المسرحية ويساهم في تأهيل المسرحيين الإماراتيين, وأخذت عملية التطوير والتحديث في المسرح الوليد عدة أشكال من أهمها الاستعانة بعصارة خبرات نخب المسرح العربي واستضافة الفرق المسرحية الدولية وتجاربها الإبداعية على مدار العام. وأخيرًا تشييد صرح ثقافي هو معهد الشارقة للفنون المسرحية عام 1999م الذي جُهّز بأحدث المعدات والأجهزة ليكون مكاناً مناسبا للعروض المسرحية, ولإقامة الدورات التدريبية, والورش والمختبرات المسرحية, والتحصيل الأكاديمي.

          ويرأس الأستاذ قاسم محمد, قسم المسرح في دائرة الثقافة والإعلام بحكومة الشارقة وهو حاصل على دراسة تخصصية في الإخراج المسرحي من موسكو, ويعتبر الأستاذ قاسم وهو من أبناء بلاد الرافدين من الخبرات المسرحية العربية, التي استُقطبت في الشارقة منذ عام 1984م عندما جاءها لأول مرة كي يرأس لجنة تحكيم, ثم تطورت العلاقة بينه وبين الشارقة ليبقى فيها هناك منذ ذلك الوقت, ويختصر الأستاذ قاسم قصته بالشارقة بالكلمات المعبرة التالية : (إن الحلم الفني والإبداعي عندما يموت في مكان نجده يبعث ليعيش في مكان ثان).

          ويرى الأستاذ قاسم محمد أن معهد الشارقة للفنون المسرحية أنجز ليكون مدرسة للمسرح وللأجيال الجديدة بأسلوب علمي أكاديمي, يمكن الدارسين فيه من الاطلاع على تجارب المسرح في الوطن العربي والعالم, ويستضيف المعهد سنويا تظاهرة مهمة هي أيام الشارقة المسرحية, إضافة إلى العروض المسرحية التي تقام على مدار العام. ويتميز النشاط المسرحي في الشارقة بالتنوع الشديد في جماليات إبداع المسرح وهو يستقبل فرقا أجنبية من أرمينيا وليتوانيا وأذربيجان وتونس والمغرب, ويمكن مشاهدة كاتب من أمريكا الجنوبية يجلس إلى جانب كاتب من السعودية كما نجد التنوع في النصوص المسرحية يلبي جميع الأذواق ما بين المعاصرة والتراث والملحمية والواقعية والكلاسيكية, ما يعكس نوعا من التسامح الفكري ومؤشرا على سلامة البيئة المحيطة.

          ولا يخشى الأستاذ قاسم محمد على المسرح في الشارقة مما أسماه بالموجات التترية للمسرح التجاري, لأن السلوك الأخلاقي السائد يجعل أصحاب تلك الموجات يفكرون مائة مرة قبل الإقدام على أي خطوة, وعن ثنائية الفصحى والعامية, يعتبر الأستاذ قاسم محمد اللهجة المحلية مكملاً جماليًا لجماليات التمثيل والإخراج, بما تنطوي عليه من حلاوة وحكمة (الناس). وأخيرًا كان الحديث عن مدى فاعلية الأنشطة المسرحية التي تقام في تأسيس حركة مسرحية قوية في الإمارات, وهل هناك مردود في مقابل حجم النشاط المبذول? يرد الأستاذ قاسم محمد : (إن الحركة المسرحية في الإمارات ليست جديدة وعمرها يعود إلى نهاية الخمسينيات, وفي كل إمارة توجد هناك فرقة أو فرقتان مسرحيتان وفي الشارقة وحدها توجد خمس فرق مسرحية, وجميع تلك الفرق يقودها مواطنون, ولها مجالس إدارات منتخبة وتضم مخرجين ومؤلفين درسوا وتخرجوا في مختلف العواصم العربية العريقة في مجال المسرح وتدرسيه. والآن هناك نقاش حول ضرورة إيجاد فرق مسرحية رسمية متفرغة بالكامل للعمل المسرحي لمعالجة الوضع الحالي الذي يغلب عليه عمل الهواة.

حصن الشارقة

          انتقلنا من منطقة التراث وتوجهنا سيرا على الأقدام إلى حصن الشارقة القريب منا, فالحصن يقع في قلب مدينة الشارقة المليئة بالحركة والضجيج, وهو محاط بكتل من العمارات الحديثة المتباينة في أطوالها وهندستها المعمارية, ومن يتمعن جيدا في ذلك المشهد المتنافر زمنيًا, يخيل له أن الحصن عبارة عن محاولة أخيرة للبقاء تقوم بها الأرواح التي سكنت تلك المنطقة في يوم من الأيام.

          بني حصن الشارقة عام 1820م في عهد الشيخ سلطان بن صقر القاسمي (الأول) وكان كل حاكم يأتي بعده يضيف شيئا جديدا في بناء الحصن, ولاحقا أصبح ذلك الحصن مقرا لعدد من حكام الشارقة ومقرا لرئاسة حكوماتهم, كما لعب دورا كبيرا في التطور الاجتماعي والتجاري والسياسي والعسكري لإمارة الشارقة.

          وأوشكت المدنية بآلاتها المعدنية المتوحشة أن تمسح عام 1969م حصن الشارقة من خريطة التراث الإماراتي, لولا تدخل الشيخ سلطان بن محمد القاسمي, الذي قطع دراسته بالقاهرة وعاد إلى الشارقة ليوقف عملية الهدم التي دمرت قسما كبيرا من الحصن وليحتفظ بما هو موجود طيلة ثمانية وعشرين عاما على أمل إعادة بنائه من جديد, وما بين عامي 96/1997م تمت عملية بناء حصن الشارقة من جديد تحت الإشراف المباشر لحاكم الشارقة الشيخ د.سلطان بن محمد القاسمي. ولضمان دقة العمل تمت الاستعانة بالصور القديمة والوثائق وروايات كبار السن من سكان الشارقة.

          ويتوسط الحصن من الداخل فناء واسع, تحيط به ثلاثة أبراج وتوجد به عدة غرف وصالات تم توظيفها في تقديم المعلومات التاريخية عن مدينة الشارقة وحكامها, ويلفت الانتباه سجن المحلوسة الذي لا توجد له أبواب ويقوم الحراس بإنزال المسجونين بالحبال من أعلى برج المحلوسة, ومع إعادة بناء حصن الشارقة من جديد تمت إضافة باب للزوار يمكنهم من خلاله رؤية سجن المحلوسة من الأسفل كأي غرفة من غرف الحصن. ويمكن الاطلاع على الصور والرسائل الأصلية وقصاصات الصحف القديمة التي تؤرخ أحداثا مهمة في الشارقة بين 1924م و1951م.

متحف المحطة بالشارقة

          كان البريطانيون في الثلاثينيات من القرن الماضي بحاجة إلى تأمين عدة مطارات تتخلل خطوط الطيران الملكي, الذي يغطي مساحات شاسعة على خريطة العالم. وقد اختيرت الشارقة كنقطة مهمة لاستراحة المسافرين ضمن الطريق المؤدي إلى الهند وقارة أستراليا, وفيها تم بناء قلعة المحطة التي تحولت فيما بعد إلى متحف يؤرخ لمرحلة مهمة من تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة وإمارة الشارقة بشكل خاص. ويعد مطار الشارقة الأول من نوعه كمطار مدني في منطقة الخليج العربي إلى أن حول إلى متحف في 14/3/2000 م لينضم إلى قائمة المتاحف في الشارقة, ويحتوي المطار على عدة أجنحة منها جناح حظيرة الطائرات, وجناح مكاتب الضباط البريطانيين - الذين سيروا حركة العمل في مطار الشارقة - وجناح علمي مميز يعرض قصة المحاولات التي بذلها الإنسان كي يحلق عاليا في السماء, من الطائرات الورقية, مرورا بالمنطاد وانتهاء بالطائرات والمركبات الفضائية.

          كان المنظر الخارجي للمتحف لا يوحي بحجمه الحقيقي من الداخل, ولعل جناح حظيرة الطائرات المغطى يكفي وحده لأن نصاب بالذهول, فهذا الجناح يحتوي على أربع طائرات قديمة صفت ثلاث منها على الأرض والرابعة علقت في سماء الحظيرة على هيئة الإقلاع, وتبدو بين الطائرات الرابضة بسكون على الأرض سيارة لتزويد الطائرات بالوقود. ويضم المتحف أول طائرة هبطت على مطار الشارقة بتاريخ 6/6/1932 م تابعة للخطوط الجوية الملكية البريطانية, وطائرة من نوع دي سي 3 استخدمت لنقل الركاب والشحن, وأخيرا أول طائرة امتلكتها شركة طيران الخليج قامت بأول رحلة طيران من الشارقة إلى البحرين. وبالرغم من أن الإنجليز هم الذين صمموا مطار الشارقة, فإن الطابع الشرقي فرض نفسه في بعض أجزائه - ربما أخذوا بآراء أهل الشارقة الذين بنوا المطار - فالفناء الداخلي الذي يتوسط المطار لا يختلف طرازه عن طراز البيوت العربية في منطقة الخليج, حيث تطل معظم حجراته على الحوش, إلا أن الإنجليز أضافوا حديقة في المنتصف ترتفع قليلا عن الأرض أضافت منظرا جماليا يخفف من قسوة المحيط الصحراوي الغارق باللون الأصفر وذرات الغبار التي تخترق الفولاذ.

          نهاية الجولة كانت في قاعة العرض السينمائي, حيث شاهدنا فيلما تسجيليا قديما ضم مشاهد نادرة, تؤرخ لمدينة الشارقة وسكانها في فترة الثلاثينيات, ومشاهد لعمليات بناء مطار الشارقة وطريقة التحضيرات لاستقبال وتوديع الطائرات وركابها.

          إن المشهد الثقافي في الشارقة مليء بالتفاصيل, ويزداد هذا المشهد غنى في كل عام بما يضاف إليه من مؤسسات متخصصة, الأمر الذي يجعل هذه الإمارة أكثر تميزا. ويمكن القول إن الشارقة قد حولت المناسبة التي تم اختيارها فيها للثقافة لمدة عام واحد إلى مناسبة دائمة وشخصية متجددة تمثل إضافة حقيقية للثقافة العربية ككل.

 

إبراهيم المليفي   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




قناة القصباء جمال ساحر ولمسة إبداعية تربط بين بحيرة خالد وبحيرة الخان وهي تجمع بين الترفيه العائلي والتنوع الثقافي ويطل عليها مبنى ضخم يضم العديد من فروع المنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني





حركة دائمة تدب بجانب ميناء الشارقة البحري, فمنذ القدم كانت إمارة الشارقة وموقعها البحري المتميز أحد أهم المراكز التجارية في منطقة الخليج العربي





يعد سوق العرصة من أقدم أسواق الإمارات, وقد أعيد ترميمه وبناؤه ليصل الماضي بالحاضر, وحاليًا فيه ما يقارب الثمانين محلاً, ويحظى بإقبال واسع من الأهالي والسياح





تحتل مكتبة الشارقة مكانًا متميزًا في المدينة الجامعية وتبلغ مساحتها 20 ألف متر مربع وهي مكتبة عامة مفتوحة للجميع





د. يوسف عيدابي





علي المري





قاسم محمد





د. صباح عبود جاسم





مجموعة مختارة من مقتنيات المتحف الإسلامي في الشارقة, وهو يضم أيضا عملات إسلامية وسلطانيات مصنوعة من السيراميك تعود للقرن التاسع وأواني زجاجية من فارس وجرارًا فخارية من سورية ونحاسا عثمانيا وتحفا من القرن الثاني عشر





مجموعة مختارة من مقتنيات المتحف الإسلامي في الشارقة, وهو يضم أيضا عملات إسلامية وسلطانيات مصنوعة من السيراميك تعود للقرن التاسع وأواني زجاجية من فارس وجرارًا فخارية من سورية ونحاسا عثمانيا وتحفا من القرن الثاني عشر





مجسمات لسفن بحرية تراثية معروضة في المتحف البحري





أحد فصول مدرسة الإصلاح التي تحولت إلى متحف حيث تعتبر من أقدم مدارس الشارقة





يؤرخ متحف المحطة لمرحلة مهمة من تاريخ الشارقة, وفي الجناح الرئيسي عرضت مجموعة من الطائرات القديمة التي عملت في مطار الشارقة, ومنها طائرة تابعة للخطوط الجوية الملكية البريطانية





عمليات التنقيبات الآثارية في إمارة الشارقة أثمرت اكتشافات مهمة, ملأت فجوة معلوماتية في الجانب الأثري خلال الألف الرابع قبل الميلاد





الواجهة الرئيسية لحصن الشارقة الذي بني عام 1820م ودمر عام 1969م ثم أعيد بناؤه قبل سنوات





معدات سجن المحلوسة الملحق بحصن الشارقة وهو سجن بلا أبواب





جزء علوي من بيت النابودة الذي أصبح (متحف التراث) وكان هذا البيت من ضمن المباني التي أعيد ترميمها وإنقاذها من الإهمال وثورة البناء الحديث





أصبحت الشارقة اليوم قبلة في منطقة الخليج للراغبين في استكمال تعليمهم العالي وقد استقطبت تلك الإمارة أشهر الجامعات الدولية ومنها الجامعة الأمريكية في الشارقة





العناية بالثقافة والآثار والفنون في إمارة الشارقة لا تعني إهمال الجوانب الأخرى كالترفيه والتسلية, ففي داخل بحيرة خالد الاصطناعية يوجد منتزه الجزيرة المليء بالفرح والسعادة للكبار والصغار على حد سواء





التجول في منطقة التراث التي أعيد إحياؤها يكون أحيانًا في الأزقة الضيقة التي تفصل بين العديد من المتاحف والمباني التراثية القديمة