عندما نهضت الفيزياء

عندما نهضت الفيزياء
        

القرن الثامن عشر كان عصرًا فيزيائيًا ماديًا تجريبي النزعة, فقد سعى العلماء فيه لوضع كل النظريات القديمة محل التطبيق العملي.

          فيما بين (ثورة مدرسة العلم البريطانية) التي جاءت بالنظرية الجسيمية النيوتونية (1675 - 1704), و(الثورة الشعبية الفرنسية) التي قامت خلال العقد الأخير من القرن الثامن عشر (1789 - 1799) وجاءت بالجمهورية إلى فرنسا, تولدت ظواهر حضارية جديدة في الحياة الأوربية, تكشّفت جلية (عبر انطلاق المجتمع) الأوربي من عصور الظلام والجهل إلى عصر إشراق, لا سابق له, في الفلسفة والعلوم والتمدن البشري). وفي هذا الصدد, قال الرياضي البريطاني البارز: ألفريد نورث هوايتهيد (1861 - 1947), وهو أحد كبار فلاسفة عصر التحليل (القرن العشرين), ما يلي: (كما يمكن أن تتضارب المناخات الفكرية لمختلف الحقب التاريخية, كانت رسالة القرن الثامن عشر مضادة حقًا مع تلك التي حملتها العصور الوسطى. وتجلى هذا التضاد في التباين بين الهيئات الكنسية والمنتديات الباريسية, حيث تعارض جين دالامبير (1717 - 1783) مع فولتير (1694 - 1778). وقد كانت العصور الوسطى مسكونة برغبة في تسويغ اللانهائي, حيث قام رجال القرن الثامن عشر بتسويغ الحياة الاجتماعية للمجتمعات العصرية, وأرسيت النظريات الاجتماعية كاستجابة لحقائق الطبيعة. وكانت الفترة الأولى عصر الإيمان المرسي على العقل. وفي الفترة اللاحقة, تركوا الكلاب النائمة تستلقي: وأقصد أن القديس أنسيلم كان الإحباط سينتابه لو فشل في العثور على استدلال مقنع بوجود الرب), وعلى هذا الأساس أرسى بناء الإيمان, في حال أرسى دايفيد هيوم (1711 - 1776) رسالته على إيمانه بالنظام الطبيعي. وبمضاهاة هاتين الحقبتين, من المستحسن تذكر أن المنطق قد يقع في الإثم,وأن الإيمان قد يوضع في غير محله) (1956).

          وفي خضم هذا اليمّ الحضاري المضطرب, هبت رياح تغيير جديدة على مسيرة تطور النظام الفيزيائي الناهضة في القارة الأوربية والكيانات المستعمرة الملحقة بها, وبخاصة تلك القائمة في القارة الأمريكية. على أي حال, يمكن تبسيط وتعميم (طبيعة الإشراق) التي سادت, عبر القرن الثامن عشر, من خلال زخم التقدم المشهود في الفكر الفيزيائي وتفاعله الشديد مع الفكر الفلسفي, وفي بريطانيا بخاصة. وبالنسبة للفكر الفلسفي يمكن القول: (إن أظهر ما يبدو للناظر في فلاسفة القرن الثامن عشر هو اشتراكهم في التحليل والنقد, تحليل المعرفة ونقد العقل والدين والنظم الاجتماعية والسياسية. فأما نقد العقل فيستند إلى المذهب التصوري من جهة, وإلى المذهب الحسي من جهة أخرى. وينبثق مبدأ المذهب التصوري من أننا لا ندرك سوى أفكارنا, فيبقى كل ما عدا الأفكار موضع بحث, كما كان عند ديكارت والذين جاءوا بعده. في حال ينطلق مبدأ المذهب الحسي من الاعتقاد بأن لا قيمة للمعاني المجردة, فينتج أن لا قيمة لما بعد الطبيعة. وكان نيوتون قد عرض علمًا خالصًا من الميتافيزيقا, فأعجب به كثيرون, واتخذوا منه ومن الحسية دعامتين أقاموا عليهما المادية) (كرم, 1962). هذا وقبل الدخول في مشاهد تطور الفكر الفيزيائي خلال عصر الإشراق, نجد من المفيد تبسيط إيقاع التغيير في نماء النظام الفيزيائي لهذا العصر.

التجريب المادي

          على الرغم من أن النظريات العتيدة التي ابتكرها جاليليو, وجيريكيه, وبويل,ونيوتون, بقيت خلال القرن الثامن عشر, كأصحابها نجومًا متألقة عملت على تزيين الوجود الفكري الحضاري خلال القرن السابع عشر, وأعطت النظام الفيزيائي تقدمه الاستثنائي الفريد حتى العقود الأولى من القرن الثامن عشر. فإنه وعبر العقود اللاحقة من عصر الإشراق هذا, (تنامت ردود فعل مميزة إزاء النزعة النظرية الفيزيائية), عملت على كبح نزعة (التنظير) (أي التفكير المجرد) وحفزت نهج البحث التجريبي حول (طبيعة الأشياء). على أي حال, لا بد من التأكيد هنا أن هذا النهج الجديد لم يأت بعبقريات فائقة في المجال التجريبي تحاكي تلك التي أبداها جاليليو, وهويجنيز, ونيوتون. وقد اتسم القرن الثامن عشر بكونه (العصر الواقعي في العلم), كان لا بد له من ابتكار مفاهيم عملية يمكن تقويمها من خلال التجربة كمفهوم الطاقة والقوة والعطالة وغيرها البارزة في فكر القرن السابع عشر العتيد. وفي الوقت الذي استمدت الرياضيات قوة جديدة من خلال تحريات بيرنوللي, أولر, كليرو, دالامبير, لاجرانج, ولابلاس, بقيت أسس النظام الفيزيائي الفتية بحاجة إلى تعزيز, على الصعيدين النظري والتجريبي. والمؤسف أن هذا التوجه لم يتيسر له سوى علماء محدودي الإمكانات الفكرية والتجريبية وذلك بالمقارنة مع إمكانات فيزيائيي (مدرسة العلم البريطانية) الناهضة في القرن السابع عشر مثلاً. والجديد في أمر النهج المادي - التجريبي المتولد ضمن النظام الفيزيائي, عبر القرن الثامن عشر, هو سعي المفكرين والمجربين فيه - على حد سواء - إلى تفسير ظواهر فيزيائية خفية في الفيزياء والكيمياء, وذلك من خلال افتراض وجود أشياء: غير قابلة للتقويم المادي جدّ رفيعة, وذات أشكال مخففة من المادة غير قابلة للوزن, وذلك بدلاً عن وجود المادة العادية والقابلة للوزن.

          والجدير بالذكر أنه ومن خلال هذا السعي تم التوصل إلى (افتراض) وجود حوالي سبع مواد, ثلاث منها تم توارثها عن القرون السابقة, واعتبرت بكونها تحمل وزنًا. وفي هذا الصدد, يمكن التذكير بأن أقدم الأشياء غير الموزونة هي التي تحمل هيئة حرارية, حيث عرفت منذ أيام مدرستي العلم الإغريقية والعربية - الإسلامية بالحرارة, ولو أن اسم (حراري) هو حديث نسبيًا, حيث تم تقديمه من قبل الكيميائي لافوازييه ضمن كتابه المنشور عام 1789: بعنوان: (Traite elementaire de chimie). ولا ريب في أن ثمة العديد من قادة العلم في القرن السابع عشر قد نظر إلى الحرارة على أنها (شكل من أشكال الحركة). ومن هذا المنطلق, تمكنت الحرارة, في القرن الثامن عشر, من السيطرة على عقول الفيزيائيين جميعًا, وتابعت فعل ذلك حتى حوالي منتصف القرن التاسع عشر. وفي هذا الشأن يمكن إيراد الشواهد الأربعة التالية:

          - في أعمال هويجنيز, وهوك, كان ثمة تناغم ما في الرأي مع فكر نيوتون حول ضرورة افتراض (وجود جسيمات أثيرية وضاءة, تغشى الوجود الكوني كله).

          - افترض ديكارت أن ثمة وسطًا ماديًا, يملأ المكان الكوني, ويمضي متحركًا وفق دوامات عظيمة. وتصور ديكارت أن هذه المادة غير قابلة للوزن, عالمية الشكل, تحمل هيئتين ماديتين هما: مادة الشمس الوميضة, والمادة الكامدة للأرض (1910), حيث حاز هذا المفهوم المادي مكانًا له في عقول القارة الأوربية حتى منتصف القرن الثامن عشر تقريبًا.

          - وفي الكهرباء والمغناطيسية: (1) أحس دو فاي وسيمر بالحاجة إلى افتراض سائلين غير موزونين, و(2) افترض فرانكلين الحاجة إلى جسيم واحد فقط, معتقدًا في حينه أن: (الكهرباء ذات بنية حبيبية, متناغمة مع المفاهيم العصرية وقتئذ, و(3) قام البعض بافتراض أن المغناطيسية ناجمة عن سوائل غير موزونة). وفي الوقت الذي استخدم فيه أولر أحد السوائل المغناطيسية, عمد كولون إلى استخدام سائلين كهربائيين, ومع الاعتقاد بأن هذين السائلين يحملان مكونات مادية بالغة الدقة, تمكنها من المرور عبر الزجاج الذي يفصل ما بينها وإبرة مغناطيسية مقابلة.

          ـ بُعيدَ وَهَن الاعتقاد بوجود الأثير, واختفاء دوامات ديكارت من الأذهان, وجفاف السوائل المغناطيسية والكهربائية من أرض الواقع الفيزيائي, شعرت قلة من العلماء في القرن الثامن عشر بالحاجة إلى هذه المادة, وبناء على ذلك ساد شبه اتفاق فيزيائي على فكرة أن (المكان الكوني - الذي يحتوي المنظومات الكوكبية - هو مكان خال, يغشاه الخلاء, دون جدال).

          على أي حال, وبالرغم من النزوع التجريبي المادي الرافض لأفكار احتواء المادة والمكان على مواد فرضية عالمية مثل الإيثير, فقد حمل بعض الفيزيائيين, المعنيين بشئون الحرارة والضوء, عقيدة الإيثير هذه حتى الربع الأخير من القرن التاسع عشر. وفي هذا المقام يبدو من المفيد التعريف بهذا المفهوم من جهة وبيان فشل التسليم بوجوده من جهة أخرى.

          وفيما يخص الجانب التعريفي: (بنيت النظرية الإيثيرية هذه على وجود وسط مادي افتراضي لا وزن له, شفاف, لا احتكاك داخلي فيه, غير قابل للكشف كيميائيًا أو فيزيائيًا, يملأ المادة والمكان, وضروري لنقل الأمواج الكهرطيسية, مثلما يعمل الهواء مثلا على نقل الأمواج الصوتية).

مستجدات فيزيائية

          بالرغم من قوة النفوذ التجريبي الصاعدة, خلال القرن الثامن عشر, والرامية إلى دفع مسيرة النظام الفيزيائي قدمًا للأمام, فلم يتمكن أصحاب العقائد التجريبية في مختلف أركان الفكر الفيزيائي سوى إبداء بعض محاولات, لا يستهان بها, شكلت وسيطًا حافزًا لانطلاقة فيزيائية جديدة, تواكبت خلال القرن التاسع عشر مع الانطلاق العقائدي للوجود الفكري البشري حينئذ, لذا نجد من المجدي في مثل هذا الوضع, استخدام منطق عصر التنوير الأوربي, والعمل في هذا المقام على: إنارة أبرز المحاولات التجريبية الفيزيائية التي تحققت عبر مشقات متغايرة خلال عقود القرن الثامن عشر, شبه المضيئة تقريبًا, وذلك على النحو التالي:

          أولاً: شهد النظام الفيزيائي تطورًا ناجحًا في الكهرباء خلال القرن الثامن عشر, حيث اقتصر البحث على الظواهر الكهربائية الساكنة, علمًا بأن العقد الأخير من القرن الثامن عشرة قد شهد بداية ملاحظة ظواهر التيار المستمر والبحث فيها.

          ولا ريب في أن تشارلز أوجسطين كولون (1736 - 1806), قد احتل قمة نجاحات هذا العصر عندما استغل, نتائج بحوثه التجريبية حول الكهرباء الساكنة, ليثبت أن قانون نيوتون للتجاذب العالمي محقق فعلاً في مجال تفاعل الشحنات الكهربائية من جهة, كما أنه أرسى عبر مذكراته التجريبية - التي ظهرت بين 1785 و1789 - الأصول الرئيسة (للنظرية الرياضية للكهرباء) التي أرساها بواسون من جهة أخرى.

          ثانيًا: وفي الشأن الكهربائي, لا يمكن البتة إغفال بحوث هنري كافنديش (1731 - 1810) الكهربائية التجريبية التي اكتملت عام 1773, ولكنه لسبب ما (?), لم يرغب بنشر نتائجها بالرغم من أهميتها النسبية وقتئذٍ. علمًا بأنه وبعد قرن من الزمان قام جايمز كليرك ماكسويل بنشر كتاب بعنوان (Electrical Researches of the Honourable Henry Cavendish) أظهر فيه أن كافنديش قد توصل إلى معظم الحقائق الكهربائية التي اكتشفت بشكل متقدم في القرن التاسع عشر.

          ثالثًا: والجدير بالذكر أن أعمال كولون وكافنديش لم تتشكل في مناخ خالٍ من العطاء التجريبي الكهربائي الأصيل الذي يمكن تبين سماته من خلال اكتشافات مميزة, يمكن تبين أبرزها في الجدول (1).

          رابعًا: سبق للفكر الفيزيائي الحراري أن سلّمَ خلال القرن السابع عشر عمومًا, ودون أي اهتمام تجريبي أو نظري مناسبين, بحقيقة: أن (الحرارة) (إنما تنبثق من وجود الحركات الجزيئية). وعندما بدأ المجتمع الفيزيائي الأوربي بالتفكير الجاد في هذا الشأن, خلال القرن الثامن عشر, سار هذا التفكير في الاتجاه المعاكس للنظرية الحرارية الحركية - الجزيئية, حيث تم تبني رؤية مادية بحتة للطبيعة الحرارية.

          وكان رائد هذا التوجه هو الرياضي بيير جاسيندي (1592 - 1655), أستاذ الرياضيات في الكلية الملكية الباريسية, منطلقًا من اعتقاد نظري يقول: (إن الحرارة وسيط مادي), مثلما الوسيط الأثيري. وبشكل مستقل, عزا جورج إيرنست ستاهل (1660 - 1734), الأستاذ بجامعة هالي, هذا الوسيط إلى طبيعة العناصر غير الموزونة نفسها (كالأثير), أطلق عليه اسم الحرارة. وبغية الخروج من هذا الوضع الحائر, أعلنت أكاديمية العلوم الفرنسية عام 1738, عن جائزة ستمنحُ لمن يقوم بشكل متقدم بإيضاح طبيعة الحرارة: فكان الفائز في هذه المسابقة هو من تمسك بالنظرية المادية, (وكان أولر أحد الفائزين الثلاثة الأول في هذه المباراة العلمية), حيث جرى تمييز هذا الوسيط الجديد بأنه:(بالغ المرونة وأن جسيماته تعمل بعضها على نبذ بعضها الآخر). وعبر هذا التنافر, تقوم الجسيمات الساخنة بإعطاء الحرارة إلى الجوار. كما افترض لاحقًا: (أن جسيمات الحرارة هذه تقوم بجذب المادة العادية إليها), ومن هذا المنطلق, جرى تفسير توزع الحرارة بكميات تتناسب مع انجذابها المتبادل مع قبل المواد الأخرى, أو وفقًا لاتساع صدرها لاستقبال الجسيمات الحرارية. وعند نهاية القرن الثامن عشر, ساد قبول عام بهذه النظرية تقريبًا, حيث اعتمد مارات (1743 - 1793), أحد قادة الثورة الفرنسية, عام 1780 على نظرية نيوتون الجسيمية للضوء في تفسير هذه النظرية. وتم في عام 1856, تفضيل هذه النظرية على النظرية التحريكية, وذلك ضمن مقال نشر في حينه ضمن إنسايكلوبيديا بريتانيكا الطبعة الثامنة). وفي الوقت الذي منحت فيه (النظرية الحرارية) هذه اهتمامًا ما, فإن ذلك لم يحل دون التفكير التجريبي بشأن الظواهر الحرارية, حيث تم التوصل إلى الكشوف التجريبية المبين أهمها الجدول 2.

          خامسًا: سجل القرن السابع عشر تصادمًا مشهودًا بين نظريتي الضوء: الجسيمية (النيوتونية) والموجية (لهيويجينز) . وكان الكاتب المميز ليونارد أولر (1707 - 1783) وبنجامين فرانكلين من مؤيدي النظرية الموجية, وبخاصة في الجوانب النظرية الخاصة فيها, لكنهما لم يقنعا أحدًا بهذه النظرية وقتئذ. على أي حال, ما كان يشغل بال الفيزيائيين الضوئيين وقتئذ هو التسابق على تصنيع المناظير الفلكية والمكبرات, فقد تركز الاهتمام في تجاوز الزيغ اللوني في العدسات المستخدمة ضمن هذه الأجهزة والمكبرات, حيث تركز الاهتمام في تجاوز الزيغ اللوني في العدسات المستخدمة ضمن هذه الأجهزة من جهة واستخدام مرايا كبيرة من جهة أخرى.

          سادسًا: وقد تمكنت مبادئ النظرية النيوتونية من تفسير أي ظاهرة فيزيائية أرضية, سواء كانت تحريكية أو اتزانية: فقد تشجع الفيزيائيون, عبر كامل القرن الثامن عشر, على استخدام هذه النظرية في تفسير العديد من الظواهر الميكانيكية وغيرها, والتمكن من صياغة قوانين خاصة بها. مثال ذلك, مبدأ دالامبير وقوانين بقاء كمية الحركة وبقاء مركز الكتلة, وبقاء المساحات.

          ولقد ساهم القرن الثامن عشر كثيرًا في تطوير هذه المبادئ, والتمكن تجريبيًا من رؤية العديد من الظواهر الميكانيكية وغيرها, والتمكن من صياغة قوانين خاصة بها. مثال ذلك, مبدأ دالامبير وقوانين بقاء كمية الحركة وبقاء مركز الكتلة, وبقاء المساحات.

          ولقد ساهم القرن الثامن عشر كثيرًا في تطوير هذه المبادئ, والتمكين تجريبيًا من رؤية العديد من الظواهر الميكانيكية الرئيسة من موقف جديد. مثال ذلك قيام جورج أتودد (1746 - 1807), الأستاذ بجامعة كيمبريدج, عام 1784 بدراسة سقوط الأجسام تجريبيًا, نشر بنتيجته رسالة مشهودة في ذلك العصر بعنوان: (حركة الحركتين المستقيمة والدورانية للأجسام).

          سابعًا: ولا بد من التأكيد في ختام هذا العرض المكثف إلى خلو ساحة الفكر الفيزيائي, بشقيه النظري والتجريبي, من أي رؤى جديدة في فيزياء الصوت, عدا المحاولات المحدودة التي أبداها أستاذ الرياضيات في الكلية الفرنسية, جوزيف سوفير (1653 - 1716) 

الجدول (1)  

الزمن

 الابتكار الفيزيائي الجديد

1730 ستيفن جراي (? - 1736) اكتشف أن الفرق في الناقلية الكهربائية ليس تابعًا فقط للون الأشياء أو لأي سمة أخرى, بل يرتبط بنوع المادة. وبين أن الجسم البشري ناقل كهربائي, وكان أول من يكهرب جسمًا بشريًا في عام 1730, وبين لاحقًا إمكان عزل ناقل كهربائي.
محفزًا بتجارب جراي, قام الفيزيائي الفرنسي تشارلز فرانسوا دي سيستناي دو فاي (1698 - 1739), بأبحاث مكثفة في الكهرباء فتبين له: وجود نوعين من الكهربائية, مؤكدًا عدم صحة تصنيف ويليام جلبرت (البريطاني) للمواد من الناحية الكهربائية. ولشرح التنافر والتجاذب الكهربائي افترض دو فاي وجود سائلين يفصل بينهما الاحتكاك ويعدل أحدهما الآخر لدى التقائهما. وتلك هي أول محاولة لوضع نظرية كهربائية. وقد تم دحض هذه النظرية من قبل روبرت سايمر معتمدًا على رأي فرانكلين بوجود سائل كهربائي واحد
1748 بنجامين فرانكلين (1706 - 1790) تفرغ لبحوثه الكهربائية, حاول تفسير الصاعقة الكهربائية من مبدأ كهربائي: الصاعقة هي من طبيعة الشرارة الكهربائية نفسها.
1777 اخترع كولون مقياس الكهربية المعلق. بييتر فان مسشينبروك (1692 - 1761), تحرى علاقة الكهرباء الساكنة بالمادة, وحاول كهربة الماء في زجاجة: الأمر الذي قاد إلى صنع جرة لايدن الكهربائية.
1780 ألوزيو جالفاني (1737 - 1789) طبيب وفيزيائي إيطالي بجامعة بولونيا الإيطالية توصل بالصدفة إلى التيار الكهربائي المستمر.
1786 أبراهام بينيت 1786 اخترع كاشف الكهربية ذا الورقة الذهبية
1800 الساندرو فولطا (1745 - 1827) أستاذ الفيزيائية في كومو الإيطالية, وأستاذ الفيزياء بجامعة بافيا بدأ التفكير العملي بالكهرباء العصبية. وفي عام 1800 كتب فولطا إلى جوزيف بانكس رئيس الجمعية الملكية البريطانية يصف فيها الخلية الكهربائية, والتي دعاها باسم الجهاز الكهربائي الصناعي. في عام 1801 دعا نابليون فولطا إلى باريس كي يجرب خليته أمام الناس, ومنحه جائزة ذهبية
1801 وبشكل موازٍ لأعمال فولطا نشرويليام نيكلسون والسير أنطوني كارلايل ورقة شكلت الأساس للكيمياء الكهربائية


الجدول (2)

الزمن

الكشف الفيزيائي الحراري

1756 بالرغم من النظريات الحرارية العجيبة التي ظهرت خلال العقود الأخيرة من القرن الثامن عشر, فقد عثر على حقائق حرارية جديدة مثيرة للاهتمام لأول مرة في تاريخ الفكر الفيزيائي: حيث اكتشف جوزي بلاك الأسكوتلندي (1628 - 1799), أستاذ بجامعة جلاسجو, معنى الحرارة المتأخرة, والسعة الحرارية للمادة (الحرارة النوعية). وفي عام 1756, راقب بطء انصهار الجليد والماء المتحول إلى بخار واستنتج أن كمية كبيرة من الحرارة تذهب لتغيير الحالة المادية. ووفقًا لرؤيته هذه كانت تلك الحرارة المتأخرة. على أي حال شكلت أعمال بلاك أصول علم القياسات الحرارية, ولقد ساير بلاك فيزيائيون عدة مثل جين أندريه ديلوك (باريس) ويوهان كارل ويلكي (اوبسالا), ويعتبر الكيميائي العظيم أنطوان لوران لافوازييه (1743 - 1794), الذي أعدمته الثورة الفرنسية, تلميذًا نجيبًا في مدرسة بلاك الحرارية. وبشكل مقارب لبيير سايمون لابلاس (1749 - 1827) حدد لافوازييه, حوالي 1783, عددًا من حرارات المواد النوعية, وفق إتقان بلاك.
1702 غايوم أمونتون (1663 - 1705) الفرنسي, حقق في عام 1702 تحسينًا في ميزان الحرارة الهوائي الذي ابتكره جاليليو من قبل. كان ميزان أمونتون ذا حجم ثابت وبهيئة حرف U تنتهي إحدى ذراعيه الأقصر بحبابة زجاجية, بينما يبلغ طول الذراع الأخرى حوالي 45 بوصة, تحتوي على زئبق يشير إلى درجات الحرارة.
1724 محفزًا ببحوث آمونتون الحرارية, بدأ مصمم أجهزة الطقس, الفيزيائي الألماني جابرييل دانييل فارنهايت (1686 - 1736) بحوثًا دقيقة تخص التصميم الدقيق لميزان الحرارة. ونشر في مجلة الجمعية الملكية البريطانية, عام 1724, بحثًا حول أعماله في هذا الشأن. وكان على تواصل مع الفيزيائي الدنماركي أولاف رومر. وخلال بحثه في العثور على نقاط عيارية ثابتة تبين له أن كل سائل يملك نقطة غليان ثابتة (وهي مسألة شغلت بال هويجينز, نيوتون وهالي طويلاً). كما اهتم خصوصًا باستخدام كل من الزئبق والكحول (النبيذ) في صنع ميزان الحرارة.
جان أندري ديلوك (1727 - 1817) السويسري عاد إلى استخدام الميزان الزئبقي لسماته المهمة المعروفة.
1742 استخدمت مقاييس السنتجرادية الحرارية من قبل عدة فيزيائيين من أوبسالا. لكن أندرياس سيلزيوس أكد عام 1742 أهمية استخدام نقطة غليان الماء الصفر ونقطة التجمد 100 مئوية, وتم عكس النقطتين من قبل مارتن ستومر بعد ثماني سنوات. وشهد القرن الثامن عشر تباريًا في دقة السلالم الحرارية, حتى بلغ عددها 19 سلمًا
1747 أما بواكير موازين الحرارة التي تعتمد تمدد الأجسام بالحرارة وتقلصها بالبرودة, فقد ورد ذكرها عام 1747 من قبل بييتر فان ماشينبروك في لايدن. وتم تحسينها من قبل جين ثيوفيل ديساجليي. وبعد 35 سنة جاء مقياس الحرارة الضوئي (بايروميتر) على يد جوسيا ويدجوود البريطاني.


 

عدنان مصطفى   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات