تعقيب على مقال: حمزاتوف.. قيثارة داغستان يوسف حلاق

أقبلت بشغف على قراءة مقالة الدكتورة مكارم الغمري المنشورة في العدد 403 (يونيو/ حزيران 1992) في مجلة العربي بعنوان " رسول حمزاتوف : قيثارة داغستان الأصيلة ". التي أضاءت جوانب من شخصية هذا الشاعر والكاتب الكبير.

إلا أنه استوقفتني في المقالة المذكورة نقطتان أحببت التوقف عندهما.

النقطة الأولى هي التي أشارت فيها الدكتورة مكارم الغمري إلى فترة الثلاثينيات في هذا القرن في الآداب السوفييتية وجماعة البروليتكولت وقضية التراث القومي التي أثيرت بشكل رسمي عام 1934 في أول اجتماع لاتحاد الكتاب السوفييت.

وفي هذا المجال أقول باختصار شديد إن كلمة بروليتكولت هي اختصار لكلمتين هما بروليتارسكايا وكولتورا ومعناهما الثقافة البروليتارية وليس هناك أي أثر للمعنى الذي تذهب إليه الدكتورة بالقول إنها اختصار للأحرف الأولى من عبودية البروليتاريا. هذا المعنى للبروليتكولت هو المعنى اللغوي الصحيح وهو الذي تقول به كتب تاريخ الأدب والموسوعات الأدبية.

ثم إن الآراء المتطرفة التي عبر عنها القائلون بالثقافة البروليتارية ( أي جماعة البروليتكولت ) وفي مقدمتها موقفهم العدائي من التراث القومي كله لأي أمة، فهذا التراث هو تراث يستغلني وعلى الثقافة البروليتارية ( من أدب، وفن ومسرح.. إلخ ) أن تنهض على أسس جديدة كل الجدة لا تربطها بالماضي أي علاقة - هذه الآراء لم تكن وليدة الثلاثينيات، بل إن الثلاثينيات شهدت نهايتها رسميا في أول مؤتمر للكتاب السوفييت عام 1934. فالجماعة نفسها ( أي جماعة البروليتكولت ) نشأت عام 1917 وأوقفت نشاطها عام 1932 وقد خاضت هذه الجماعة خلال خمسة عشر عاما معارك أدبية وفكرية مع جهات مختلفة ومنها السلطة التي كانت قائمة على التوجيه الفكري الرسمي آنذاك.

والنقطة الثانية تتعلق بما ذكرته الدكتورة صاحبة المقال عن مجموعة أشعاره " داغستاني ".

المعروف أن لرسول حمزاتوف دواوين شعرية كثيرة. أما الذي تقول عنه الدكتورة إنه مجموعة أشعار بعنوان " داغستاني " فهو في حقيقة الأمر كتاب نثري أصلا تتخلله بضع قصائد. وقد ترجم هذا الكتاب إلى العربية وصدر في طبعته الأولى بعنوان " بلدي " وفي طبعته الثانية بعنوان " داغستان بلدي " وقد قام بترجمته كاتب هذه السطور بالاشتراك مع الأستاذ عبد المعين الملوحي. وقد اعتبر هذا الكتاب حدثا مهما في تاريخ رسول حمزاتوف الأدبي وفي تاريخ النثر الأفاري الأدبي المتخلف بوجه عام عن الشعر.

أشير إلى هذين الالتباسين في مقالة الدكتورة مكارم الغمري ثم أقول معها: نعم، رسول حمزاتوت هو قيثارة داغستان الأصيلة، لقد عرف واطلع واستوعب لكنه ظل داغستانيا وانطلق إلى العالمية من خلال داغستانيته.

أليس هو القائل بظرفه المعهود: " أنا لي بيتي الخاص وزوجتي الخاصة وكلمتي الخاصة؟ ".