دريدا عربياً.. قراءة التفكيك في الفكر النقدي العربي

دريدا عربياً.. قراءة التفكيك في الفكر النقدي العربي

يهتم الباحث محمد أحمد البنكي في كتابه (دريدا عربيًا), الذي نشرته المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت, بتحديد المفاهيم والإجراءات النظرية, التي يحتكم إليها البحث, مع إبراز النماذج النظرية التي تثري رصد انتقال أفكار دريدا إلى مجالات الفكر النقدي العربي. كما يستكشف مساحة الاشتغال العربي بقراءة دريدا, وتوضيح جوانب المشهد الذي عني باستراتيجيات التفكيك في ميادين الفكر النقدي العربي.

وهو يُعنى أيضًا بتحليل بعض القراءات العربية, التي تقاطعت مع دريدا, وسعت إلى صياغة نماذج من المواقف المتعاطفة أو المتعارضة مع مقولات التفكيك, وإمكان الإفادة منها في بيئات الفكر والنقد.

ثم يقف على المظاهر المختلفة للإنتاج النقدي العربي, الذي اتصل بالتفكيك من خلال تقسيم مساحة الاشتغال بحسب تحقيب زمني عشري, يتناول شبكات ومراحل وتجليات انتقال التفكيك إلى بيئات الفكر النقدي في الساحة العربية, وذلك من خلال تتبع هذه المظاهر والتجليات في العقد السبعيني والعقد الثمانيني والعقد التسعيني من القرن العشرين على الترتيب.

ويقول الباحث في كتابه إن المتن الذي تمتح منه مقاربة القراءات المنقحة لجاك دريدا, وتيارات التفكيك في الفكر النقدي العربي الراهن, واسع ومتفلت, وهو ينتشر في فضاء تداولي متداخل, يصبّ فيه الأكاديمي والصحفي والإبداعي, ويتوزع على دراسات ومقالات وبيانات وحوارات ومؤلفات يصعب حصرها. ثم إن منه ما ينمّ على انشداه بالموضات ومسارعة إلى إغراء الرواج, وإن العكوف على متن متراكب من هذا النوع, يفترض اجتهادًا نوعيًا متوخيًا التمييز, مستدعيًا متطلبات منهجية, تقتضي مرونة الانتقال من عمل الباحث كموثق أرشيفي يلتقط النصوص والبيانات الدالة من جنبات المشهد, إلى العمل كمهتم بنقد الثقافة, يوفر الاعتبار لروابط الإنتاج الثقافي, مع المؤسسات والتحولات الاجتماعية والثقافية المحيطة, ثم يستحضر هواجس مؤرخ الفكر, الذي يتتبع مسارات الفكرة والجدالات النظرية, التي عدلت من مكوناتها ومضامينها, وأخيرًا العمل كمؤوّل يحاول استنطاق النصوص, واستبانة الأصوات المتساكنة فيها, والتأويلات المتصارعة في ثوائها.

تستثمر هذه الدراسة موارد متعددة للمعلومات, يتفاوت طابعها ونسقها, كان من بينها بيانات معزوّة إلى الجرائد والصحف السيارة, كما دخل في مشمولاتها حوارات واستجوابات منشورة في قنوات إعلامية مختلفة, وكلها تضيء فضاء القراءات العربية لإسهامات دريدا, والاتجاهات التفكيكية.

 

محمد أحمد البنكي

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات