قراءة نقدية في رواية "ذاكرة الجسد" لأحلام مستغانمي فريدة النقاش

قراءة نقدية في رواية "ذاكرة الجسد" لأحلام مستغانمي

منذ اللحظة الأولى يقدم لنا الراوي خالد بطلته الرمز التي هي أيضا مدينة ووطن وحلم مستحيل باعتبارها متجذرة في الأسطورة.

المرأة التي أغرتني بأكل التفاح - لا أكثر - كنت تمارسين معي فطريا لعبة حواء ولم يكن بإمكاني أن أتنكر لأكثر من رجل يسكنني، لأكون معك أنت بالذات في حماقة كل الرجال.

الراوي مناضل فقد ذراعه اليسرى في الثورة ضد الاستعمار الفرنسي فأخذ يستعيض عن اليد التي فقدها بالرسم باليد اليمنى ليصبح واحدا من أفضل الرسامين الجزائريين بشهادة النقاد الفرنسيين ودون اعتراف حقيقي في وطنه.

"اخترقت ذراعي اليسرى رصاصتان، وإذا بمجرى حياتي يتغير فجأة، وأنا أجد نفسي من ضمن الجرحى الذين يجب أن ينقلوا على وجه السرعة إلى الحدود التونسية للعلاج ولم يكن العلاج بالنسبة لي سوى بتر ذراعي اليسرى" .. وقد ظل هذا البتر علامة على جسده، علامة لا يمكن أن تنسى لأنها هي الذاكرة.

ويخرج خالد رغما عنه من المواجهة المباشرة مع العدو ليبدأ مواجهة أخرى وتكون أول لوحة يرسمها هي قنطرة الحبال في مدينته "قسنطينة"، ذات الوشائج البعيدة مع فكرة الصراط المستقيم، إذ إن من يعبر هذه القنطرة سالما ينجو من هوة جرف عميق طالما ابتلع عابرين، وتهيمن قنطرة الحبال على الرواية كأنها قدر غامض منذر.

وكانت رحلة خالد في الحياة بعد الجبهة امتحانا قاسيا لكل ما آمن به وناضل من أجله. فقد عرضوا عليه بعد انتصار الثورة مناصب سياسية كثيرة ورفضها بينما كان الجميع يلهثون للوصول إليها وهو يدرك - كرسام احترمه الفرنسيون - ولم يعرف عنه أبناء وطنه إلا القليل حقيقة الوضع الذي آل إليه حال الوطن.

فلا وقت لدى المواطن الجزائري للتأمل أو التذوق فهو "يفضل على ذلك مهرجانا لأغنية الرأي، يمكن أن يرقص، ويصرخ، ويغني فيها حتى الفجر، منفقا على تلك الأغاني الشعبية المشبوهة ما تجمع في جيبه من دينارات وما تراكم في جسده من ليبريدو؟

تلك الثروة الوحيدة التي يملكها شبابنا حقا، والتي كعملتنا لا يدري أين ينفقها خارج الأسواق السوداء .. للبؤس ..!!"

وحين عينوا خالد في منصب حكومي حلم بثورة ثقافية بعد أن كان قد قضى كل سنوات إقامته في "تونس" بعد خروجه من الجبهة "في تعلم العربية والتعمق فيها، وتجاوز عقدتي القديمة كجزائري لا يتقن بالدرجة الأولى سوى الفرنسية".

كانت الثورة الثقافية تعني ضمنيا استرداد الوطن للغته القومية التي حاربها الاستعمار الفرنسي، وهو استعمار يعلي من شأن طابعه الثقافي ويفرض لغته على البلاد التي استعمرها، وكان أن طرد اللغة العربية فأخذت تحتمي بالكتاتيب والبيوت.

كان خالد يدرك أنه لا يمكن "لإنسان بائس فارغ وغارق في مشكلات يومية تافهة ذي عقلية متخلفة عن العالم بعشرات السنين أن يبني وطنا"

"لقد بدأت كل الثورات الصناعية في العالم من الإنسان نفسه، ولذا أصبح اليابان يابانا، وأصبحت أوربا ما هي عليه اليوم".

ويجد خالد نفسه في وظيفته البيروقراطية كمسئول النشر وهو يتناقض مع نفسه ومع الأهداف العليا التي كافح من أجلها.

"ذات يوم قررت أن أخرج من الرداءة، من تلك الكتب الساذجة التي كنت مضطرا إلى قراءتها ونشرها باسم الأدب والثقافة ليلتهمها شعب جائع إلى العلم. والأمر من ذلك كله أنه في مهنته كان قد تحول إلى شرطي".

"كنت أشعر أنني مسئول عن تدهور صحته الفكرية وأنا ألقنه الأكاذيب بعد ما تحولت من مثقف إلى شرطي حقير يتجسس على الحروف والنقاط .." وفي هذه الظروف يتعرف على زياد البطل الآخر في حياة أحلام بالإضافة إلى كل من أبيها وخالد.

كان خالد قد طلب من الشاعر الفلسطيني، "زياد" حذف أو تغيير بعض الكلمات التي جاءت في ديوانه "والتي كانت تبدو لي قاسية تجاه بعض الأنظمة وبعض الحكام العرب بالذات" وعلمه زياد درسا لم ينسه أبدا حين قال له بحسم "لا تبتر قصائدي يا سيدي، رد لي ديواني سأنشره في بيروت".

ونشر خالد ديوان زياد وأصبحا صديقين ليقدمه هو إلى فتاة أحلامه التي تتعلق بالفدائي الفلسطيني لتفتك الغيرة بخالد ذلك الرجل المذعور من شيخوخته صديق أبيها الشهيد "سي الطاهر" ورفيقه في حرب التحرير، والذي أوصاه قبل استشهاده بأيام قليلة بأن يتولى نيابة عنه استخراج شهادة ميلادها بالاسم الذي اختاره لها.. أحلام.

كان "خالد" خائفا من شيخوخته، معطوب الروح انزلق بدوره تحت غطاء الوحدة وكان قد جرب السجن في ظل الاحتلال ثم السجن في ظل الاستقلال حيث قضى بعض الوقت في سجن للتحقيق والتأديب، يستضاف فيه بعض الذين لم يبتلعوا ألسنتهم بعد.

ويتساءل البطل بمرارة وغضب "هل توقعت يوم كنت شابا بحماسه وعنفوانه وتطرف أحلامه أنه سيأتي بعد ربع قرن، يوم عجيب كهذا، يجردني فيه جزائري مثلي من ثيابي وحتى من ساعتي وأشيائي ليزج بي في زنزانة فردية هذه المرة، زنزانة أدخلها باسم الثورة هذه المرة.

الثورة التي سبق أن جردتني من ذراعي! .." إنها علامات الواقع الجديد بعد الاستقلال في غالبية بلدان الوطن العربي التي سيطر عليها العسكر إما بعد الانقلاب أو بعد انتصار ثورة مسلحة ضد الاستعمار.

"ها هو ذا إذن. تراه ظاهرة ثقافية في عالم العسكر، أم ظاهرة عسكرية في عالم الثقافة أم أن هذا الزواج المنافي للطبيعة أصبح أمرا طبيعيا منذ شاع وباؤه رسميا في أكثر من قيادة أركان عربية!..."

أجساد معطوبة

"ثم كانت سهرة في فرنسا، تتحدث فيها بالفرنسية عن مشاريع سيتم معظمها عن طريق جهات أجنبية بتمويل من الجزائر، فهل حصلنا على استقلالنا حقا؟" لقد أصبح كل من يرى الأمور على حقيقتها مشروع شهيد، أو مشروع جسد معطوب له ذاكرة اثخنتها الجراح، وملأتها الطعنات بدءا من تناقضات الهوية التي يتصارع فيها العربي والفرنسي وصولا إلى ذلك التملك المادي الأخير لجسد المرأة - الوطن من قبل أحد أعمدة الفساد القادم بدوره من صفوة الثورة. وتتراجع إلى الخلف من الأقسام الأخيرة من الرواية صور البطلين الأخيرين في حياة المرأة الوطن - المدينة، أبطال ذلك الزمن الجميل الذي كان، وإذا كان الأب "سي الطاهر" قد استشهد وهي لا تزال طفلة لتطبع سيرته حياتها، فإن زياد الشاعر والمقاتل الفلسطيني يستشهد وهي شابة كاملة النضج بل وكاتبة. وبإشارة بالغة الوضوح لسقوط الجزائر في أيدي التجار وأصحاب الصفقات المشبوهة بعد أن يتراجع المحبون والشهداء إلى السجون أو الصفوف الخلفية يقول خالد: "هذه المدينة الوطن التي تدخل المخبرين وأصحاب الاكتاف العريضة والأيدي القذرة من أبوابها الشرقية، وتدخلني مع طوابير الغرباء وتجار الشنطة والبؤساء ..".

كان خالد قادما إلى بلاده ليحضر فرح حبيبته التي قال عمها، المحارب السابق ضد الاستعمار وشقيق الشهيد "أعطيتها لسي مصطفى" ليكتسب هذا التعبير العفوي بلاغة خاصة في السياق العام للرواية التي يجرى فيها تسليم وطن بأكمله للتجار وكأنه ينزلق إلى هذا الواقع الجديد بإرادته بعد أن خرج من حرب التحرير فخورا ومتعبا.

وتذوي روح خالد وكأنه يموت موتا معنويا ويموت شقيقه "حسان" الذي عاش طيلة عمره في "قسنطينة" وشهد العالم يتقلب من حوله ورأى كل أشكال الخراب ومسالكه، وراح يحلم بوظيفة جديدة تنقله وهو المدرس البسيط نقلة اجتماعية.

يموت حسان موتا عبثيا برصاصة طائشة في الانتفاضة الشعبية الكاسحة في أكتوبر 1988 والتي كانت واقعيا بداية للأزمة العميقة والعنف المتزايد الذي تعيش فيه الجزائر الآن.

يكتسب موت حسان العشوائي معنى أكبر وكأنه عقاب لهؤلاء البسطاء الذين يعرفون كل شيء عن الفساد ولا يحتجون بصورة منظمة عليه وكأنهم سقطوا في هوة يأس عميق بينما يحتج "ناصر" شقيق أحلام بطريقته حين يلجأ إلى الجامع ويخاصم الجميع باعتبارهم كفارا.

أما الغالبية العظمى من الناس فتتعلق بالسلع وتتطلع إلى الاستهلاك في تعبير ضمني عن التشيؤ واليأس والعمى الروحي.

يقول خالد:

"تقلص صدقنا، وماتت فصاحتنا، منذ أصبح حديثنا يدور فقط حول المواد الاستهلاكية المفقودة."

ثم يقول حسان يصف نفسه والغالبية الكاسحة من الشعب: "نحن متعبون، أهلكتنا هموم الحياة اليومية المعقدة التي تحتاج دائما إلى وساطة لحل تفاصيلها العادية فكيف تريد أن تفكر في أشياء أخرى، عن أي حياة ثقافية تتحدث؟ نحن همنا الحياة لا غير، وما عدا هذا الترف لقد تحولنا إلى أمة من النمل، تبحث عن قوتها وحجر تختبئ فيه مع أولادها لا أكثر.

-سألته بسذاجة:
-وماذا يفعل الناس؟
- قال مازحا:
- الناس، لا شيء. البعض ينتظر، والبعض يسرق والبعض الآخر ينتحر. لقد انسحق الإنسان العادي الذي قامت الثورة لتحرره.

"لم نمت ظلما، متنا قهرا، وحدها الإهانات تقتل الشعوب".

ومع ذلك فإن وضعا راهنا مأزوما لا مخرج منه يظلله اليأس والانحدار يخلق روح مقاومة ضمنية في قيمة العودة إلى مدينة الأهل، إلى الطفولة، إلى براءة الثورة وتماسكها الأخلاقي وأحلامها الكبيرة التي لم تكن مستحيلة في الزمن الجميل الماضي.

كان حسان يحلم آنذاك بالعثور على شخص يتوسط له ليحصل على ثلاجة جديدة .. لا غير.."

ويعلق الراوي:

"لقد كنا متخلفين عما كنا عليه منذ نصف قرن أو أكثر. يوم كنا تحت الاستعمار". يومها كان بتر الذراع شهادة فخار، والآن هو نقص ومثار شفقة، إن للجسد ذاكرته المرتبكة لا فحسب بسبب ارتطام لغتين، وإنما أيضا نزاع عالمين أحدهما انقضى دون رجعة والآخر يهيمن.

صدام الشرق والغرب

إنه أيضا صدام الشرق والغرب ذلك الموضوع القديم الجديد في الأدب العربي وهو صدام تضعه المؤلفة في علاقة جسدية تكاد تكون خالية من الروح بين خالد وكاترين الموديل الفرنسية التي "أوشكت أن تكون حبيبتي" حتى أنه بعد علاقة طويلة معها ما أن يرى أحلام إلا ويقع في حبها بطريقة جنونية لا تخلو من مراهقة "كنت أتدحرج يوما بعد يوم نحو هاوية حبك، اصطدم بالحجارة والصخور وكل ما في طريقي من مستحيلات".

وهو لا يبدأ الكتابة إلا مع تجربة ليتجلى هذا الجانب الحسي في تجربة الكتابة .. وهو الألم.

ينهض بناء الرواية على المقابلة المستمرة بين الرواية والرواية الأخرى بداخلها ضمن الرواية الإطار الأشمل وهو انتصار الثورة وانكسارها وحصادها المرير، وما تكتبه المرأة/الوطن وهي تتحدث عن فن روايتها الأولى "إننا نكتب الروايات لنقتل الأبطال لا غير، وننتهي من الأشخاص الذين أصبح وجودهم عبئا على حياتنا، فكلما كتبنا عنهم فرغنا منهم وامتلأنا بهواء نظيف..".

إنها عملية دائمة لإعادة بناء الذاكرة كتهيئة ضد النسيان، واللعب اللغوي على المفارقات والمتناقضات، "يأتي صوت عتيقة غائبا".

ثمة تقابل دائم بين المرأة الوطن كهوية، والمرأة العابرة ضد الهوية، وينسج الراوي صورة المرأة الوطن في تفصيلات دالة تتراكم وصولا إلى "فهل قدر الأوطان أن تعدها أجيال بأكملها لينعم بها رجل واحد؟"

واتساقا مع روح النص كله يكتسب الجنس دلالات متشابكة كاغتصاب لا كاكتمال إنساني، ثمة سيولة في الحكي باستطراداته العفوية، قفزاته المحكمية، التسديد في الزمن حيث تتداخل الماضي والحاضر ويلوح المستقبل باستحضار الكتاب الآخرين، والاستفاضة في تضمين نصوص لهم بألفة عذبة ليصبح التضمين جزءا عضويا من السياق، إن كلا من "كاتب يسن" و"مالك حداد" والشيخ "بن باريس" حاضرون بنصوصهم وبأشخاصهم في ذكريات الثورة وفي الجزء التسجيلي من الرواية. وتتفتح الرواية من بدايتها على النهاية، فتتخذ شكلا دائرا يساعد المؤلفة على إحكام السيطرة على بنيتها وتحويل بؤرة الأحداث إلى العالم الداخلي برغم اتساع وصخب العالم الخارجي المشدود دائما بخيوط غير مرئية إلى أعماق الراوي، حتى إن الكاتبة المرأة التي تحكي على لسان رجل تتقمص رؤية رجولية بحذافيرها.

وذلك حين يتحدث الراوي عن علاقته الحميمة بأبيها الشهيد سي الطاهر "إنه لم يذكر أمك مثلا، تراه لم يحن لزيارتها هي العروس التي لم يتمتع بها غير أشهر مسروقة من العمر وتركها حاملا . .".

فسوف نلاحظ هنا أن تعبير "يتمتع بها" يحمل ضمنيا معنى المرأة والأداة، المرأة موضوع المتعة فلا هي المانحة أو المتلقية لها برضا وفعالية. هنالك كثافة اللغة التي تنهض بدورها على التناقض يقول عن صديقته الفرنسية:

"ربما كانت تخجل أن يراها معارفها وهي مع رجل عربي يكبرها بعشر سنوات وينقصها بذراع".

ويقول مناجيا نفسه: "ها أنت أمام جدلية عجيبة"

-تعيش في بلد يحترم موهبتك ويرفض جروحك، وتنتمي لوطن يحترم جراحك ويرفضك أنت فأيهما تختار وأنت الرجل والجرح في آن واحد، وأنت الذاكرة المعطوبة التي ليس هذا الجسد المعطوب سوى واجهة لها. .".

وعن حبهما:
"التقينا إذن وحدثت الهزة الأرضية التي لم تكن متوقعة، فقد كان أحدنا بركانا، وكنت أنا الضحية".

الرواية والسخرية

السخرية هي أيضا إحدى تقنيات هذه الرواية، ولكنها السخرية المرة التي تستقطر الدموع قبل الابتسامات، "وفي العاصمة بالذات حيث يمكن لأي فتاة تمر بمكتب ما في الحزب أن تحصل على شقة أو خدمة أخرى، والجميع يعرف العنوان طبعا ويعرف اسم من يوزع الشقق والخدمات على النساء والشعارات على الشعب بالتساوي".

ثم "كل البنات يبحثن عن المسئولين والمديرين والرجال الجاهزين وهؤلاء يعرفون ذلك فيزيدون من شروطهم كل مرة، بينما عدد العوانس يزيد كل يوم، إنه قانون العرض والطلب".

"مثل سي حسين الذي أعرفه جيدا والذي كان مدير إحدى المؤسسات الثقافية يوم كنت أنا مديرا للنشر، وإذ به بين ليلة وضحاها يعين سفيرا في الخارج، بعدما طلعت رائحته من الداخل، فتكفلوا بلفه في بضعة أشهر وبعثه إلى الخارج مع كل التشريفات الدبلوماسية خلف علم الجزائر".

ثم "أنا هنالك دائما في هذه الحالات، سلة مهملات شرفية".

ومع ذلك فإن بالرواية قدرا من الترهل والاستطراد غير الضروري والثرثرة والإنشائية مع تأثر واضح بلغة نزار قباني وإحسان عبدالقدوس وعوالم كوليت خوري وليلى بعلبكي وعائشة أبو النور التي جعلتها تقع أحيانا في أسر بلاغة قديمة ومكرورة وخطابية من قبيل، وكان حبل قدري، وربما كان حتفي"."ووحده الوطن يصنع الأحداث، ويكتبنا كيفما شاء ما دمنا حبره" واتقاء شر ناقد يكشف هذه الثغرات تضمن الكاتبة روايتها كلمات شائعة في وصف النقاد: "سيقول نقاد يمارسون النقد تعويضا عن أشياء أخرى، إن هذا الكتاب ليس رواية"

كذلك فإن تلك النظرة الجوانية القائمة على التحليل النفسي ترد المشاعر والأهواء إلى الجروح النفسية الغائرة من فقدان الأب والأم والاستقرار لتجور على تأثير الواقع الاجتماعي الاقتصادي وحقيقة إجهاض الثورة.

وبالرغم من قوة البطلة ابنة الشهيد كرمز للوطن فإن هذا الرمز يجافي الواقعية الفجة لزواجها من رجل فاسد في عمر أبيها ويدهشنا حقا أن المرأة الواقعية كاتبة الرواية المتعلمة لا تتمرد على مثل هذا المصير، بل إنها تقبل ما هو أسوأ من ذلك في شكل طقوس فض البكارة، وإعلان ذلك على الملأ مصحوبا بتوجه فولكلوري واضح لدى المؤلفة التي تسجل الأغنيات الشعبية والطقوس بحذافيرها وهي أوصاف تكررت من قبل في عشرات وربما مئات الروايات وتكتسب العذرية هنا - للمرة الألف ربما - صفة رمزية للانتهاك وكأن الانتهاك سوف يكون أقل وطأة لغير العذراء. إن الكاتبة وهي تصنع الرمز وجدت نفسها تحشر المرأة الواقعية دون مبرر منطقي في عالم ضيق، ومبتذل أحيانا فتسقط المرأة الواقعية المتمردة ولا يكتسب الرمز غنى.

 

فريدة النقاش

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




غلاف الرواية





الروائية أحلام مستغانمي