يتساءل المرء: هل يفقد الإنسان مركز الحب? أو هل يتغير المحبوب إذا تغير قلبه وزرع قلب غيره? أو هل يفقد شجاعته وجرأته, إذ طالما تردّدت على الأفواه عبارة قوي القلب على مَن هو قوي الجسم والإرادة.

لقد أثبت العلم أن القلب عبارة عن مضخة تدفع الدم إلى جميع أنحاء الجسم عبر الشرايين, وتسحبه عبر الأوردة لتصفيته في الرئتين. ووجد أيضًا أن للقلب وظيفة هرمونية وهي إفراز هرمون للمحافظة على ضغط الدم, فعندما يزداد الضغط في الأذينين (الأذين الأيمن والأذين الأيسر), بسبب زيادة نسبة الدم فيهما, يحرض على إفراز هرمون ناتريورتيك في خلايا هذين الأذينين, فإن عمل هذا الهرمون هو تقليل امتصاص شاردة الصوديوم في الكلية ليكثر طرحها بالبول مع الماء, فطرح الماء من الجسم يخفض حجم كمية الدم في الدورة الدموية, ولهذا يتوازن ضغط الدم, فهذا الهرمون (ANH) هو معاكس تمامًا لتأثير هرمون الألدوستيرون, الذي يرفع ضغط الدم بسبب تأثيره على الكلية لامتصاص شاردة الصوديوم, والاحتفاظ بالماء في الجسم.

إن عملية زرع قلب إنسان لإنسان, أصبحت عملاً مألوفًا لا جدال فيه, فهو العلاج الوحيد لإنسان حكم عليه بالموت المؤكد بالإصابة القلبية, التي لا يمكن علاجها بالطرق التقليدية الدوائية أو الجراحية, فالعلاج الوحيد والمنقذ هو عملية استئصال القلب المعتل, وزرع قلب آخر. ولهذا شروط وقوانين مدروسة بشكل صحيح.

عندما لا يوجد قلب

في بعض الحالات, التي يراد لها زرع قلب, ولا نجد قلبًا مناسبًا للشروط, وقد ساءت, وتدهورت حال المريض المصاب, بالرغم من تكثيف العلاج الدوائي. في هذه الحالة, نلجأ إلى زرع القلب البلاستيكي مؤقتًا, واستئصال القلب المعتل ريثما يوجد قلب إنسان مناسب لزرعه.

بدأت التجارب والأبحاث على عملية زرع القلب في الستينيات في القرن الماضي. فكانت أول محاولة في العالم بتاريخ 23/2/1964 حيث فشل الجراح هاردي في محاولته زرع قلب شامبنزي لإنسان استؤصل قلبه المعتل, ثم تبعه كولي في عام 1968, حيث حاول زرع قلب خروف لإنسان, إلا إن هذه المحاولات باءت بالفشل كلها, وذلك لرفض الجسم المفاجئ لها, والسريع (الرفض فوق حاد), وذلك بعد ساعات من انتهاء العملية, وتسمى هذه الحالة باستحالة القبول البيولوجي, لذلك بدأت الأفكار والأبحاث في صناعة قلب بلاستيكي يعوّض قلب الإنسان المعتل مؤقتًا, ريثما يتم الحصول على قلب إنسان مناسب.

حياة قصيرة

في عام 1979, نجح كولف في زرع قلب بلاستيكي لبقرة بعد استئصال قلبها, فعاشت 221 (مائتين وواحدًا وعشرين) يومًا. وكان السبق للجراح كولي في هيوستن أول مَن زرع قلبًا بلاستيكيًا لإنسان بقي على قيد الحياة 54 ساعة, فأكثر الأنواع استعمالاً في أيامنا هذه نوع (جارفيك 7), الذي بدأ استعماله عام 1985.

فالقلب البلاستيكي نوع (جارفيك 7) هو مضخة نابضة تعمل بالضغط الهوائي, وهو مكون من تجويفين يمثلان البطين الأيسر والبطين الأيمن يزرع مكان القلب المعتل, فيتم وصل التجويفين على الأذينين والأوعية الدموية (الأبهر والشريان الرئوي), ويوصل هذا القلب بالجهاز المحرك أو المشغل له من خلال أسلاك تخرج من الصدر, وتكون بطول 150 إلى 200سم, أي حوالي المترين. هذا مما يجعل المريض محدد الحركة بهذه المسافة.

إن كمية الدم المندفعة من كل بطين, حوالي 70مم أي أن هذا القلب يضخ كمية من الدم من 6-8 ليترات في الدقيقة, حيث عدد دقات القلب لا تتجاوز 130 دقة في الدقيقة.

مضاعفات نقل القلب

إن أهم المضاعفات التي يصاب بها المريض بعد عملية زرع قلب بلاستيكي هو التكسّرالدموي, والالتهاب الجرثومي, وهي تكون بنسبة 90% من المضاعفات, يلي ذلك 8% حدوث النزف, أما 2%, فيحدث لديهم تخثّر دموي, وتشكّل خثرات دموية, لذلك يبقى المريض, وبعد ثلاثة أيام من زرع القلب البلاستيكي على مسيل الدم عبر الوريد, وبالأخص الهيبارين, وبعد ذلك يعطى المريض مثل الأسبرين, البرسنتين أو البلافكس, من ثم نعطيه الوارفرين بجرعات حتى تصل نسبة سيولة الدم من 2.5 إلى 3.5.

إن تحديد حركة المريض بطول الأنابيب, وقد ثبت علميًا أن الالتهاب الجرثومي (الخمج) سببه هذه الأنابيب الخارجة من الصدر, لهذه الأسباب, فكر الباحثون في زرع القلب البلاستيكي للإنسان, والذي يعمل على الكهرباء (البطارية), يحمله المريض معه. ولهذا النوع من القلب البلاستيكي حسناته وسيئاته, وأيضًا هناك طريقة لمساعدة القلب المعتل دون استئصاله, وذلك من خلال وصل قمة البطين الأيسر إلى الأبهر الصاعد. إذن هناك ثلاث طرق لإنقاذ حياة المريض, ريثما يتم له عملية زرع قلب إنسان آخر, وكل مركز جراحي يفضل طريقة على أخرى. وإن جميع هذه الطرق مؤقتة, لحين وجود قلب إنسان مناسب كي يزرع مكان القلب المعتل, لتبدأ مرحلة جيدة من الحياة.