المرأة الكويتية... خطوة للأمام

المرأة الكويتية... خطوة للأمام

أخيرا صار بإمكان المرأة الكويتية أن تكون ناخبة ونائبة ووزيرة, وأن تعلن بوضوح رأيها في مختلف القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية تحت قبة البرلمان, وأن تشارك في العملية السياسية, جنبا إلى جنب مع شقيقها الرجل.

ماذا بعد أن ظفرت المرأة الكويتية بحقوقها السياسية?

أخيرا.. تحقق الأمل الذي انتظرته المرأة الكويتية على مدى ما يقرب من أربعين عاما, هي عمر الحياة البرلمانية في الكويت. وأسفرت الكويت عن وجه حضاري, كثيرا ما اختبأ تحت ركام من التمييز الذي وجدت المرأة الكويتية نفسها ضحية له منذ أن صار للكويت برلمانها المنتخب, والذي كثيرا ما تباهت به باعتباره واحدا من أهم البرلمانات العربية فاعلية, وأكثرها حيوية على صعيد ما يدور في أروقته من نقاشات حرة كثيرا ما وصفت بالسخونة وفقا لمعطيات القضايا السياسية والاجتماعية المطروحة.

أخيرا نالت المرأة الكويتية حقوقها السياسية التي حرمت منها تحت وطأة الرفض, الذي أبداه المجتمع الذكوري, ممثلا بأعضاء مجلس الأمة الذين تعاقبوا على احتلال مقاعده, على مدى دوراته المتتالية.

أخيرا وضعت المرأة الكويتية نقطة على السطر الأخير لحكاية طويلة ظلت مثابرة على متابعة تفاصيلها ومفرداتها بجهد وصبر ونضال مستمر, والأهم من كل هذا بأمل لم تستطع قوى التخلف والظلام أن تنال منه بالرغم من محاولاتها المستديمة والمستميتة على هذا الصعيد.

والحكاية التي تعددت فصولها وتوارث أبطالها تبعات قضيتهم, حقبة بعد حقبة بدأت مع صدور قانون الانتخاب عام 1962 وانتهت مساء الاثنين السادس عشر من مايو الماضي عندما أعلن رئيس مجلس الأمة موافقة المجلس على تغيير المادة الأولى من هذا القانون, بحيث أصبحت تتيح للمرأة الكويتية أن تمارس حقها في الترشيح والانتخاب لأول مرة جنبا إلى جنب مع شقيقها الرجل.

وبين التاريخين يتمدد تاريخ طويل ظلت المرأة الكويتية فيه دائما محل تشكيك بقدراتها في المشاركة في العملية السياسية, حيث لم يتح لها أي ممارسة منظمة من هذا النوع, وكان غيابها الأكبر مجسدا في غيابها عن مجلس الأمة, بالرغم من أنها كانت حاضرة دائما في تشكيل مفردات الدولة الحديثة منذ نشأتها قبل أكثر من قرنين من الزمان وحتى الآن.

ومع التحولات التي ألمت بالكويت, وخصوصا بعد الاستقلال, أصبح للنساء دور كبير في قوة العمل بشكل عام مقارنة بدور زميلاتهن في دول الخليج العربي الأخرى, خاصة أن المراة الكويتية اندمجت بسرعة شديدة في أشكال الحياة الجديدة التي فرضتها ظروف بناء الدولة آنذاك, فقد أقبلت على التعليم بشكل كبير, وهي تشكل نسبة ثلث الطلبة الجامعيين الكويتيين, كما أن ما يزيد على 67 بالمائة من خريجي جامعة الكويت من النساء ومن مختلف التخصصات, بالإضافة إلى عدد كبير منهن تخرجن في الجامعات العربية والغربية, وعدن للكويت مشاركات في عملية التنمية, وقد انخرطت النساء للعمل في كل الوظائف حتى تلك الوظائف التي كانت محصورة على الرجال, وهن يشكلن 31.8 في المائة من قوة العمل الكويتية وفقا لإحصاءات سنة 2001, وهذه أعلى نسبة مشاركة للمرأة في منطقة الخليج. وتعمل الغالبية العظمى منهن في القطاع الحكومي, ويحصلن بوجه عام, على أجر متساو مع أجر الرجل, في الوظائف المتماثلة في القطاعين العام والخاص. وقد ازداد حضور المرأة الكويتية في سوق العمل باطراد في العقد الأخير, ويفترض أن يستمر في التزايد مستقبلا.

دور نضالي أثناء الغزو

وقد جاء غزو نظام صدام البائد لدولة الكويت في أغسطس عام 1990, ليضع المرأة الكويتية الحديثة على المحك فيما يتعلق بمسئولياتها الوطنية, وأهليتها العملية, وكفاءتها النضالية, حيث نجحت في هذا الامتحان العسير بسهولة كبيرة, فمازال الجميع يتذكر أن أول مظاهرة مناهضة للاحتلال قامت في الأيام الأولى له كانت مظاهرة نسائية بالكامل, ولم تكتف المرأة بتنظيم المظاهرات والتي سرعان ما قمعت بقسوة من قبل قوات الاحتلال, فقد قامت بأدوار عديدة صبت كلها في إطار النضال الوطني الشجاع, فبالإضافة إلى نشاط الكثيرات منهن في مجال المقاومة السرية المسلحة, حيث استشهد وأسر منهن الكثيرات.

وقد أشاد سمو أمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح في أول خطاب رسمي له بعد التحرير عام 1991 بنضالات المرأة الكويتية, ففي ذلك الخطاب الذي ألقاه في 17 أبريل ذلك العام بمناسبة العشر الأواخر من شهر رمضان لسنة 1411هجرية وعد سموه بدراسة موضوع حقوق المرأة السياسية, إذ قال إنه سوف يدرس موضوع مشاركة المرأة في الحياة النيابية لتقوم بكامل دورها في بناء المجتمع والنهوض به.

لكن الفرصة لم يحن وقتها إلا بعد ذلك بعدة سنوات, خاصة أن المجتمع الكويتي بشكل عام لم يكن ليتقبل فكرة مشاركة المرأة في الحياة السياسية بشكل مباشر, ويبدو أن هذا الرأي قد تكون نتيجة تراكمات سياسية تاريخية واجتماعية وثقافية, فبالرغم من أن الدستور الكويتي لم يكن متحيزا ضد المرأة, وترك الباب مشرعا أمامها لتتساوى مع الرجل, عندما كفل المساواة بين المواطنين بشكل عام في العديد من مواده, إلا أن قانون الانتخاب رقم 35 الصادر عام 1962 حرم المرأة من حقها في الانتخاب والترشيح للبرلمان.

أول محاولة.. للسداني

ولعل الكثيرين من المهتمين بقضية الديمقراطية في الكويت يتذكرون أول محاولة جادة لمطالبة المرأة الكويتية بحقوقها السياسية في السبعينيات, وذلك عندما تقدمت نورية السداني, بصفتها رئيسة لجنة يوم المرأة العربية في الكويت, ورئيسة جمعية النهضة الأسرية, يوم 29 ديسمبر لعام 1971 بمذكرة طالبت فيها بعدة مقترحات تصب في مصلحة المرأة الكويتية, أهمها منحها حق الترشيح والانتخاب, وقد أحيلت تلك المذكرة إلى رئيس مجلس الأمة الذي أحالها في 3 يناير عام 1972 إلى لجنة الشكاوى والعرائض, حيث وافقت هذه اللجنة على التوصيات الواردة فيها, ورفعتها للمجلس الذي خصص عدة جلسات لمناقشتها بدءا من تاريخ 8 ديسمبر 1973, لكن تلك المحاولة باءت بالفشل, حيث قرر المجلس عدم الاعتراف للمرأة بحق الانتخاب أو الترشيح, وذهبت أحلام نورية السداني - وورفيقاتها ورفاقها من النساء والرجال المؤمنين بحق المرأة السياسي - أدراج الرياح السياسية المتقلبة, واستمر الوضع على ما هو عليه, الى أن حان موعد المحاولة الثانية.

محاولات فاشلة كثيرة

ففي 15 فبراير عام 1975 وخلال الفصل التشريعي الرابع تقدم به النائبان جاسم عبدالعزيز القطامي, وراشد عبدالله الفرحان, بأول مشروع قانون مفصل يعطي النساء جميعا حقوقهن السياسية كاملة بالترشيح والانتخاب.

وخلال الفصل التشريعي الخامس والذي امتد مابين عامي 1981 و 1985 تقدم النائب أحمد فهد الطخيم باقتراح بقانون لتعديل المادة الأولى من قانون الانتخاب والاعتراف بحقوق المرأة.

وفي الفصل التشريعي السادس والذي جرت انتخاباته في 20 فبراير عام 1985 تقدم النائب عبدالرحمن خالد الغنيم باقتراح بقانون يمنح المرأة حقها في الانتخاب والترشيح.

وفي عام 1992 وخلال الفصل التشريعي السابع تقدم النائب حمد الجوعان باقتراح قانون يمنح المرأة حقوقها السياسية بالترشيح والانتخاب. وخلال نفس الفصل التشريعي تقدم في 2 يوليو عام 1994 النواب علي البغلي وعبدالمحسن يوسف جمال وجاسم الصقر وعبدالله النيباري باقتراح بقانون يعطي المرأة حقها في الانتخاب والترشيح.

وفي الفصل التشريعي الثامن الذي بدأت انتخاباته في السابع من أكتوبر عام 1996 تقدم النواب سامي المنيس وعبدالله النيباري والدكتور حسن جوهر باقتراح بقانون يمنح المرأة حقوقها السياسية, وذلك في نهاية ديسمبر 1996.

وخلال الفصل التشريعي نفسه وبتاريخ 29 يناير عام 1997 تقدم النائبان صلاح عبدالرضا خورشيد وعباس حسين الخضاري باقتراح يعطي المرأة حقوقها السياسية.لكن كل هذه المشاريع بقوانين التي تقدم بها برلمانيون مؤمنون بحق المرأة السياسي على مدى أكثر من ثلاثة عقود كان مصيرها الفشل, خاصة أن الحكومة كانت غير متحمسة لإقرار هذا الحق, فكانت تصوت بالرفض حينا, وبالامتناع حينا آخر مما أتاح للرافضين لهذا الحق أن يتمادوا في رفضهم وتوحيد موقفهم.

رغبة أميرية

لكن تحولا في موقف الحكومة قد حدث عندما أبدى سمو أمير البلاد رغبته في إرجاع الحق إلى صاحباته من نساء الكويت المنتظرات إقرار هذا الحق على أحر من الجمر, ففي16 مايو 1999 أقر مجلس الوزراء مرسوما بقانون يعطي المرأة الكويتية الحق الكامل للترشيح والانتخاب في انتخابات مجلس الأمة والبلدي. وفي 25 مايو من العام نفسه أصدر سمو الأمير الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح المرسوم بقانون رقم 9 لسنة 1999 بتعديل المادة الأولى من القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة بحيث يصبح النص كالتالي: لكل كويتي يبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية كاملة حق الانتخاب, ويستثني من ذلك المتجنس الذي لم يمض على تجنيسه عشرون سنة ميلادية وفقا لحكم المادة 6 من المرسوم الأميري رقم 15 لسنة 1959 بقانون الجنسية الكويتية).

لكن مجلس الأمة الذي كان منحلا أثناء صدور المرسوم, عاد بعد التئامه ليرفض ذلك المرسوم, وفي 23 نوفمبر عام 1999 وخلال الفصل التشريعي التاسع رفض مجلس الأمة المرسوم بقانون رقم 9 لسنة 1999 وأعلن رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي نتيجة التصويت على تقرير لجنة شئون الداخلية والدفاع بهذا الشأن, والتي كانت قد رفضت المرسوم إذ كانت النتيجة موافقة 41 عضوا على التقرير وعدم موافقة 21 عضوا من إجمالي الحضور البالغ 62 عضوا. وفي الجلسة نفسها وافق مجلس الأمة على اقتراح قدمه 14 عضوا يعطي صفة الاستعجال للاقتراح بقانون, المماثل للمرسوم بقانون الخاص بإعطاء المرأة الحقوق السياسية في الانتخاب والترشيح للمجالس النيابية والذي كان قد رفضه المجلس.

وجاءت نتيجة التصويت في الجلسة نفسها على هذا الاقتراح - والتي تمت بالنداء بالاسم -موافقة 31 عضوا على الاقتراح وعدم موافقة 30 عضوا وامتناع عضو واحد عن التصويت من إجمالي الحضور البالغ عددهم 62 عضوا.

وعاد مجلس الأمة في جلسة يوم 30 نوفمبر عام 1999 فأسقط هذا الاقتراح بقانون والذي تقدم به خمسة نواب هم محمد الصقر وسامي المنيس وأحمد الربعي وعبد الوهاب الهارون وعبد المحسن جمال في جلسة الثاني من أغسطس عام 1999, والقاضي بإجراء تعديل على المادة الأولى من القانون رقم 53 لسنة 1962 بشأن انتخابات مجلس الأمة. وجاءت نتيجة التصويت بعدم موافقة 32 عضوا وموافقة 30 عضوا وامتناع عضوين عن التصويت.

وفي29 يوليو 2000 أعلن رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي أنه تسلم اقتراحا بقانون يهدف إلى تعديل المادة الأولى من قانون الانتخاب, وذلك لتمكين المرأة من ممارسة حقها السياسي, وقدم هذا الاقتراح سامي المنيس ومحمد الصقر وعبدالله النيباري وعبدالوهاب الهارون.

وفي 16 يناير عام 2001 أصدرت المحكمة الدستورية حكما برفض الدعوى الخاصة بالطعن الدستوري المقدم من أحد المواطنين ضد مدير إدارة الانتخابات وشئون مجلس الأمة بوزارة الداخلية بصفته بشأن عدم دستورية قانون الانتخاب.

وفي 29 يناير عام 2001 تقدم عضو المجلس البلدي خليفة الخرافي باقتراح لرئيس المجلس بمطالبة الحكومة بتشريع قانون يتيح للمرأة حق الانتخاب والترشيح والتعيين لعضوية المجلس البلدي.

وفي 17 مارس 2002 رفضت لجنة فحص الطعون المنبثقة عن هيئة المحكمة الدستورية دعويين رفعتهما مواطنتان ضد وزير الداخلية بصفته, طعنا في قرار وزارة الداخلية بعدم قبول قيد اسميهما وأخريات في جداول الناخبين مطالبتين بإلغاء أحكام المحكمة الإدارية التي سبق أن رفضت قضيتهما لانتفاء سلبية قرار وزارة الداخلية, الخاص برفض إدراج أسماء المتقدمات للتسجيل بالجداول الانتخابية.

وفي 11 مايو 2003 أقر مجلس الوزراء تعديلات جوهرية على قانون البلدية إذ منح المرأة تمثيلا في المجلس البلدي ترشيحا وانتخابا وتعيينا, وفي 30 مايو 2004 أحالت الحكومة على مجلس الأمة مشروعا بتعديل المادة الأولى من القانون رقم 53 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة, وذلك بموجب المرسوم رقم 130 لسنة 2004 والذى أحيل على لجنة الداخلية والدفاع في المجلس.

ساعة الحسم

في الساعة السادسة من مساء يوم الاثنين 16 مايو من هذا العام كانت المرأة الكويتية على موعد مع واحد من أهم انجازاتها التاريخية على الإطلاق, عندما صوت مجلس الأمة بالموافقة على مشروع بقانون يمنح الحقوق السياسية للمرأة, مما سيتيح للنساء خوض الانتخابات البرلمانية والتصويت فيها.

وأيد مجلس الأمة مشروع القانون الذي رعته الحكومة بأغلبية 35 صوتا مقابل 23 مع امتناع عضو واحد عن التصويت من إجمالي 59 عضوا حضروا تلك الجلسةالتاريخية.

وقال سمو رئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح فيما انطلقت الاحتفالات النسائية بإقرار القانون, والتي شارك بها بعض الرجال المؤمنين بحقوق أخواتهم النساء, أمام مبنى البرلمان على شاطئ الخليج العربي: إن ما حدث هو الديمقراطية بعينها وشكر الذين صوتوا لصالح القانون ومن عارضوه , وهنأ رئيس الوزراء النساء في الكويت, وتمنى أن تشارك الكويتيات في بناء الديمقراطية في البلاد.

وتمثل موافقة البرلمان على مشروع القانون انتصارا مهما في النضال التاريخي, الذي خاضته المرأة الكويتية منذ زمن مبكر, من أجل منح المرأة حق الانتخاب في الكويت, حيث سعت الكويتيات منذ سنوات طويلة من أجل الفوز بكامل حقوقهن السياسية التي كفلها لهن الدستور, ولكنها سلبت منهن فيما بعد على يد واضعي قانون الانتخاب, الذين قصروا هذا الحق على الذكور من المواطنين.

نساء الكويت : هذه خطوة أولى

وتدرك المرأة الكويتية قبل غيرها أن ما تحقق لها من حقوق على الصعيد السياسي حتى الآن خطوة أولى في طريق الألف خطوة, ولا بد من العمل جديا على متابعة الطريق الصعب خاصة بالنظر الى تجارب النساء العربيات اللواتي سبقنها على هذا الصعيد, فلو حاولنا قراءة الواقع البرلماني العربي على الصعيد النسائي في الدول العربية التي مكنت المرأة من ممارسة هذا الحق منذ سنوات طويلة, لوجدنا أن التجربة فقيرة ومحدودة جدا, وبلغة الأرقام فإن 6.5%فقط من أعضاء البرلمانات العربية المنتخبة نساء, في حين نجد أن المتوسط العالمي هو 15.7%, ولنا أن نضع ما نشاء من علامات التعجب والاستفهام وراء هذه الحقيقة الرقمية !!!.

ويبدو أن السيدة الكويتية تعرف هذه الحقيقة المرة, ولذلك, فهي لا تريد أن تبدأ من الصفر, خاصة وأنها تأخرت كثيرا عن الوصول إلى نقطة البداية, وها هي قد وصلت إلى تلك النقطة, ولذلك يجب عليها أن تعرف أن ما تحقق لها تحت قبة البرلمان الكويتي يوم 16مايو 2005, بالرغم من أهميته التاريخية الكبرى, ليس إلا محاولة إضافية في سبيل توكيد أهليتها لنيل هذا الحق, وهي مؤمنة أن أمامها محاولات أكبر وأهم لترجمة هذا الانتصار من مجرد قانون صوّت لصالحه رجال مجلس الأمة إلى واقع حقيقي وملموس يشارك في إنجازه الشعب كله برجاله ونسائه في أول استحقاق انتخابي مقبل.

فكيف تقرأ المرأة الكويتية هذا الواقع الانتخابي على صعيد ما تحقق وما سوف يتحقق?

وماذا أعدت للخطوة الثانية بعد أن تأكد لها النجاح الكبير في خطوتها الأولى في طريق حقوقها السياسية?

وأي تغيير يمكن أن تضيفه المرأة الكويتية على العملية الديمقراطية في الكويت ليس باعتبارها ناخبة وحسب بل باعتبارها مرشحة أيضا?

بماذا استعدت أو ستستعد لخوض غمار التجربة?

وماذا تتوقع من نجاحات وإخفاقات تنتظر هذه التجربة?

هذه التساؤلات وغيرها حملتها (العربي) إلى عدد من السيدات الكويتيات الناشطات في مجال الدفاع عن حقوق المرأة ومناقشة قضاياها المختلفة, وكانت الإجابات والتوقعات والأحلام والطموحات.. كثيرة ومتنوعة.. متفقة ومختلفة أيضا, ولكن الأهم أنها جاءت مغلفة بفرحة النجاح المدوي, والذي لم يتحقق إلا بعد سنوات كثيرة من الانتظار المشوب بشعور النقص والأمل أيضا.

أثر لم يتبلور بعد

بداية حديثنا كانت مع رئيسة الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية في الكويت شيخة النصف, التي قالت إن دخول المرأة الكويتية, الى مجلس الأمة الكويتي بعد نضال وانتظار طويلين هو خطوة ستتبعها خطوات كثيرة لا بد منها, في سبيل النهوض بمجتمعنا والمشاركة في بناء نظامنا الديموقراطي ودولتنا الحديثة القادرة على استيعاب كل طاقات شعبنا وحسن إدارة مواردنا.

وأضافت النصف قائلة: إن دخول عنصر جديد في العملية الانتخابية وهو المرأة بعد غياب دام طويلا سيكون له أثر كبير, بالرغم من أن هذا الأثر لم يتبلور حتى الآن بشكل واضح, فلا ندري كيف سيكون تأثير مشاركة المرأة في الانتخابات ترشيحا وانتخابا على العملية الانتخابية برمتها في ظل تنازع أطراف كثيرة بهذا الشأن. ولكن بشكل عام أرى أن تأثير المرأة سيعتمد على حجم مشاركتها ومستوى أدائها ووعيها بما هي مقبلة عليه.

ولعل التأثير الأكبر الذي يمكننا أن نرصده منذ الآن على العملية الانتخابية سيتم على أيدي المرشحين من الرجال الذين سينتبهون لقضايا المرأة واحتياجاتها, وسيسمعون ما تنادي به, ويحاولون تحقيق ما تريده منهم كناخبة, فقد صار للنساء أكثر من نصف الأصوات التي يمكن أن توصل أي مرشح إلى قبة البرلمان, ولهذا بدأ الكثير منهم فتح ملفات القضايا التي تهم النساء وتهم الأسرة الكويتية بشكل عام حرصا على استباق الأمور, واستغلالاً للصوت النسائي القادم.

وتلقي النصف أضواء كاشفة على جهود الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية في هذا المضمار, خاصة أن الجمعية كانت واحدة من جهات قليلة انتبهت لهذا الحق المهضوم وحاولت استرجاعه بشتى الطرق, ولها في ذلك صولات وجولات عديدة بدأت بتحركات بسيطة أوائل السبعينيات من القرن الماضي إلى إن وصل إلى حد تنظيم العديد من الندوات التوعوية والندوات التثقيفية والمظاهرات المطالبة بعودة الحق إلى صاحباته.

تغيير مباشر

وترى الدكتورة بدرية العوضي أستاذة القانون في جامعة الكويت والعميدة السابقة لكلية الحقوق أن التغيير المنشود لا بد أنه سيتحقق, وقالت: حتما سيكون هناك تغيير في تركيبة مجلس الأمة بمشاركة النساء, بل إن التغيير سيظهر مباشرة في المجلس المقبل 2007, وذلك بصفتها ناخبة مساهمة بشكل فاعل في اختيار النواب المؤمنين بدورها وبتأثيرها في العملية الانتخابية بشكل عام. وقد لا تصل المرأة في البداية إلى البرلمان كنائبة نتيجة لتراكمات اجتماعية وتاريخية كثيرة, ولكن دورها الحقيقي في التغيير سيكمن في اختيارها للنواب الذين يؤمنون بدورها وقضاياها وبتأثيرها في تشكيل اللوبي في المجلس, وهذا لم يكن مسموحا لها من قبل لأنها كانت مجرد متفرجة, أما الآن فقد تغيرت الأوضاع بشكل كلي, وسيعمل المرشحون لوجودها كناخبة ألف حساب, مما سينعكس إيجابا على تركيبة المجلس القادم في حال بدأت الإعداد منذ الآن لاكتساب الخبرة في ممارسة دورها المقبل, ولذلك يجب القيام بحملات منظمة لتوعيتها بحقوقها, وأهمية أن يكون لها صوت في المجلس, أو على الاقل إيصال من يؤمن ويتعاطف مع قضاياها إلى المجلس المقبل.

أما الدكتورة ميمونة خليفة العذبي مدير مركز دراسات الخليج والجزيرة ـ بجامعة الكويت فقالت إن حصول المرأة على حقوقها السياسية يعتبر نهاية مرحلة من مراحل المطالبة من قبل المرأة الكويتية بهذه الحقوق المشروعة, كما أنه وفي الوقت نفسه بداية مرحلة جديدة, يجب أن تكون حيوية وفاعلة على صعيد التفكير والتخطيط والتنفيذ والمتابعة أيضا. وهذا يتطلب من المرأة الكويتية أن تكون واعية وجادة ومتفهمة لطبيعة المرحلة القادمة وأهميتها ومعطياتها أيضا. ولن يتم ذلك بشكل مرض إلا بتكاتف الجهود ليس بين النساء وحسب, ولكن بينهن وبين الرجال المؤمنين بحقوقهن أيضا.

وترى الدكتورة العذبي أنه يجب العمل منذ الآن على إعداد برامج توعية نسائية في سبيل تبيان أهمية ممارسة المرأة لما تحقق لها من حقوق, عبر التسجيل في الجداول الانتخابية في فبراير المقبل, والعمل من قبل القادرين والقادرات على بناء وتنمية القواعد الشعبية لدعم مشاركة المرأة بما يعزز فرص فوزها في الانتخابات, إلى غير ذلك من الأمور التكتيتكية الأخرى الضرورية لإنجاح التجربة.

وتعتقد رئيس جمعية الاقتصاديين الكويتية الدكتورة رولا دشتي أن مشاركة نساء الكويت في العملية الانتخابية سيضاعف القاعدة الشعبية مما يجعل التغيير حتميا وأكيدا, خاصة أن هذه المشاركة النسائية ستعمل على الحد من الفساد الانتخابي بسبب اتساع القاعدة الانتخابية, وبما أن للمرأة ما يهمها من القضايا الاجتماعية والاقتصادية مثل البطالة والإسكان والأسرة والطفل والمخدرات والفساد وغيرها, فإنها بلا شك ستعمل على تفعيل دور التشريعات فيها مستفيدة في ذلك من خبرتها الثقافية والعملية لإثارة النقاشات ووضع الحلول المناسبة.

وتستطرد دشتي قائلة: إن الكويت اليوم تقف عند مفترق طرق بين الحرية وترسخ الديمقراطية, وبين الرجوع إلى الوراء والانغلاق على الذات وعدم احترام التعددية, وبلا شك فإن مشاركة المرأة الكويتية كناخبة وكمرشحة سيصب في انحياز الكويت إلى المستقبل وخياراته المفتوحة.

واقع فعلي

أما الناشطة في مجال المطالبة بحقوق المرأة خديجة المحميد فهي ترى أن المرأة الكويتية صارت على المحك بعد إقرار مجلس الأمة لحقوقها السياسية ترشيحا وانتخابا, وهي بهذا صارت تعيش واقعا فعليا جديا, سيترتب عليه مشاركتها المباشرة في العملية السياسية بعد أن كانت مجرد متفرجة على ما يحدث.

تحرك تدريجي

وتوافقها الرأي التربوية خولة العتيقي, والتي ترى أن تحرك المرأة سيتم في المرحلة المقبلة وفق مراحل تدريجية, وقد استغرقت المرأة المرحلة الأولى من هذه المراحل وهي المرحلة التي تلت إقرار الحقوق. وتعتبرها العتيقي فترة راحة واستجمام وتأمل في إعادة ترتيب الأولويات المقبلة, والتركيز على الإيجابيات, والاهم من هذا وذاك مراجعة الذات, ووضع أجندة للانتقال إلى المرحلة الثانية والتي هي عبارة عن دعوة جميع الفئات النسائية في الكويت إلى التعاون والتعارف وتنظيم الصفوف وإخلاص النية وتوحيد الجهود والجلوس حول طاولة مستديرة يتم من خلالها الاتفاق على اولويات المرحلة الثالثة وهي مرحلة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وفق استراتيجية مدروسة ومحددة الأهداف ترضي الجميع.

وتتوقع العتيقي أن مثل هذه الطاولة المستديرة ستواجه مشكلة في كيفية إقناع عدد كبير من نساء الكويت بأهمية ممارسة حقوقهن السياسية, في ظل تراكمات اجتماعية, صورت للمرأة أن هذه المسألة غير مهمة. ولذلك يجب العمل بكل جد في سبيل تحرير هؤلاء النساء من خوفهن وخشيتهن وتشجيعهن على ممارسة حقوقهن الانتخابية باستقلالية وحرية ووعي أيضا.

بلورة خطاب نسائي

أما الوكيلة المساعدة لقطاع السياحة في وزارة الإعلام نبيلة العنجري فتقول إن المطلوب هو القيام بتحركات مكثفة ومنظمة استعدادا لإثبات قدرة المرأة الكويتية على المشاركة الفاعلة من جهة وعلى إيصال عضوات الى مقاعد المجلس في الدورة المقبلة من الانتخابات المقبلة من جهة أخرى, وذلك من خلال تنظيم فعاليات وحملات للتوعية السياسية.

ودعت العنجري إلى بلورة خطاب نسائي يتسم بالوعي الشديد لأولويات المرحلة المقبلة على مختلف الصعد, خاصة أن مشاركة النساء في العملية السياسية تعني تمثيلهن في المؤسسات السياسية ومراكز صنع القرار, كما تعني أيضا إشراك المرأة في اتخاذ القرارات الوطنية العامة, وهذا يعني مشاركتها كمواطنة وليس فقط كامرأة.

وتلاحظ المحامية سارة الدعيج أن المرحلة الأهم من النضال النسائي في الكويت قد بدأت الآن, وهي تعتقد أن الناشطات على صعيد المطالبة بحقوق المرأة وتعزيز مشاركتها في الحياة السياسية يجب أن يذهبن للجمهور في عقر داره والنزول إلى الشارع, وهذا لا يتحقق إلا إذا كانت نوايا الجمعيات النسائية التي تضم هذه الفعاليات صافية, وترغب بالتكاتف والاتحاد, والعمل بشكل متناغم ومكتمل ومنسجم وموجه نحو هدف واحد, وهو إيصال المرأة الكويتية إلى مقاعد البرلمان.

وتوافق على ذلك لولوة الملا أمينة السر في الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية, وتقول إن المرأة الكويتية صارت الآن على محك التجربة الفعلية, فلها حقوق وعليها واجبات من الضروري تأديتها والقيام بها وهذا لا يقتصر على المرأة بل ينطبق على الرجل أيضا. فكل مواطن غيور على مصلحة الوطن يجب أن يباشر إلى تأدية دوره في تعزيز المسيرة الديمقراطية وتكريس دور المرأة فيها, خاصة أن المرأة, لسوء حظها كانت ولسنوات طويلة تراوح مكانها في موقع التهميش.

وتقترح الملا في البداية محاربة السلبية, وذلك حتى يكون للمرأة دورحقيقي و فعّال ومؤثر في العملية الانتخابية خاصة أن النساء يمثلن أكثر من نصف عدد الناخبين, وبالتالي فإن أصواتهن ستكون مؤثرة بشكل كبير جدا ان استخدمنها بالفعل, ولهذا يجب أن يبادرن إلى تسجيل أسمائهن في جداول الناخبين في الوقت المناسب.

وسائل مقترحة

وترى شيخة النصف أن الخطوة الملحة الآن والتي يتحتم على جميع نساء الكويت القيام بها هي المبادرة إلى تسجيل أسمائهن في سجل الناخبين في شهر فبراير المقبل على اعتبار أن هذه الخطوة لا بد منها تمهيدا لمشاركة المرأة الكويتية مشاركة حقيقية وفاعلة في العملية السياسية. ودعت النصف النساء إلى تسجيل أسمائهن, حتى لو كن غير مستعدات للمشاركة في العملية الانتخابية الآن, فمن يدري ماذا سيكون موقفهن بعد سنتين عندما يحين موعد الانتخابات? عندها لن ينفع الندم لو قررن فجأة أنهن يردن المساهمة في اختيار مرشحيهن الأفضل. وتقول النصف إن الجمعية الثقافية النسائية لن تقف مكتوفة الأيدي على هذا الصعيد بل ستستمر في دورها الذي بدأت به منذ سنوات طويلة ومازالت مستمرة في أدائه حتى الآن وهو المساهمة في توعية وتثقيف المرأة الكويتية سياسيا عبر وسائل عديدة, ولدينا بهذا الخصوص برنامج كبير سنبدأ بتنفيذه في شهر سبتمبر المقبل إن شاء الله.

أما الدكتورة بدرية العوضي فتدعو إلى الاهتمام بالإعداد لبرنامج زمني يهدف إلى تفعيل الحق الانتخابي عبر اللجوء لوسائل مختلفة, مثل الانخراط في تجمعات جماهيرية بين صفوف النساء في مختلف محافظات الكويت, هدفها التوعية مع ضرورة أخذ تجارب المرأة البحرينية على سبيل المثال بعين الاعتبار, خاصة أنها شبيهة بتجربة المرأة الكويتية.

وتعدد الدكتورة ميمونة العذبي المواصفات التي تعتقد أنها يجب أن تتوافر في أي امرأة تود أن تخوض غمار الانتخابات على صعيد الترشيح كأن تتمتع بكفاءة وثقافة عاليتين, بالإضافة إلى الخبرة في العمل الإنساني المتصل بالجماهير العريضة, والقدرة على التخطيط السياسي والشعبي, وعلى استيعاب حاجات البلاد والعباد.

وتقول الدكتورة العذبي إن الاتحاد الكويتي للجمعيات النسائية ولجنة شئون المرأة برئاسة الشيخة لطيفة الفهد السالم الصباح, بدآ بالإعداد لبرنامج مقترح يهدف إلى تمكين المرأة من تكريس كل طاقاتها في سبيل ما ينتظرها على طريق الديمقراطية, وذلك بالتعاون والتشاور مع جميع الجهات المعنية.

وتعتقد الدكتورة رولا دشتي أن نساء الكويت سيقبلن على تسجيل أسمائهن في الكشوف الانتخابية بنسبة خمسين في المائة مبدئيا, لكن النسبة ستزيد كلما حققت المرأة نجاحا في هذا المضمار, خاصة أن الرجال المحافظين والذين كانوا يرفضون إعطاء المرأة حقوقها السياسية في السابق, سيكونون أول من يقوم بتشجيعهن على القيام بهذه الخطوة, وبالتالي لا أشعر بالخوف على نساء الكويت من هذه الناحية, فالكل سيصل إليهن ويحاول إقناعهن بتسجيل أسمائهن في الكشوف للاستفادة من أصواتهن التي ستكون مرجحة وفاعلة بشكل كبير في إيصال جميع أعضاء مجلس الأمة المقبل من الرجال والنساء.

أما خولة العتيقي فترى أن على المرشحات من النساء اللجوء إلى طرق مبتكرة في إدارة حملاتهن الانتخابية بدلا من الطرق الرجالية التقليدية, وأن تستفيد من تجارب شقيقاتها من النساء في البلدان العربية والإسلامية اللواتي سبقنها في مجال العمل الانتخابي. مع ملاحظة أن المرشحة التي تنتمي لتنظيم حزبي قادر على مساعدتها في حملتها الانتخابية بكل ما أوتي من خبرات متراكمة وميزانيات كبيرة, ستكون أقرب إلى الفوز من المرشحة التي تخوض الانتخابات بشكل منفرد.

وترى نبيلة العنجري أن العمل النسائي يجب ألا يقتصر على النساء, خاصة أن نجاح المرأة في الممارسة السياسية قد تكون مستحيلة دون تأييد ومساعدة من شقيقها الرجل, ولذلك يجب على الجمعيات النسائية مراعاة شمول الرجل بخطاب المرأة السياسية, والحرص على ان يترك هذا الخطاب أثره الإيجابي في نفوس جميع فئات المجتمع.

وبالإضافة إلى العلم والثقافة تعتقد سارة الدعيج أن المرشحة يجب ان تحظى بالقبول لدى الناس, والقدرة على التواصل معهم والمساهمة في حل مشكلاتهم من خلال العمل على إقرار تشريعات وقوانين تهمهم, وليس من خلال تقديم الخدمات الآنية والواساطات كما يفعل كثير من النواب الرجال, كما يجب على المرشحة أن تكون على دراية بما يدور حولنا على الساحة الخليجية والعربية والإسلامية والعالمية, وتأثير كل ذلك في قضايانا المحلية, فالعالم قرية صغيرة ونحن جزء من هذا العالم,ولن نؤثر فيه ما لم ندرك ما يدور ونعمل من خلال مجموعات وتجاذبات نحقق بها مصالحنا الأساسية.

وتلقي لولوة الملا بالكثير من مسئولية تفعيل الحق النيابي للمرأة على جمعيات النفع العام التي يجب أن تعمل على إشاعة الوعي الانتخابي, وضرورة مشاركة المرأة في صنع القرار عبر بوابة البرلمان عند المواطنين من الرجال والنساء, وعبر الكثير من الوسائل مثل إقامة الندوات والمؤتمرات وورشات العمل المساعدة على تعزيز دور المرأة القيادي بهدف دعم مشاركتها في عملية اتخاذ القرار ومن ضمنها العملية الانتخابية.

رافضات

وفي النهاية حاولنا استطلاع آراء ضيفات هذا التحقيق عما إذا كن ينوين ترشيح أنفسهن لانتخابات مجلس الأمة في دورته المقبلة والمتوقع إجراؤها عام 2007, فانقسمن ما بين رافضة ومترددة وموافقة, وكانت لكل منهن أسبابها.

ومن الرافضات شيخة النصف التي تقول: ليس من الضرورة أن تترشح للانتخابات كل من كانت تطالب بتمكين المرأة من حقها الانتخابي, فقد عملنا ما علينا, وسنظل نعمل, كل واحدة من موقعها.

الدكتورة بدرية العوضي: لا أعتقد أنني سأقدم على هذه الخطوة, فأنا مشغولة بعملي الأكاديمي والقانوني الذي أحبه, ولكنني لن أتوانى عن تقديم المساعدة الممكنة لكل من تريد ترشيح نفسها, وأرى أنها ستكون إضافة مهمة لمجلس الأمة.

أما الدكتورة ميمونة العذبي فتعتقد أنها تصلح لكي تكون مرشحة مناسبة, ولكنها لن تقدم على هذه الخطوة لأسباب تتعلق بعرف لأسرة آل صباح الحاكمة, والتي اعتاد أبناؤها على الامتناع عن الترشيح لانتخابات مجلس الأمة. وتقول الدكتورة ميمونة : إن هذا لن يمنعها من دعم من تراها مناسبة من نساء الكويت للوصول الى البرلمان. وهي متفائلة على هذا الصعيد خاصة أن الشعب الكويتي يعتبر شعبا مرنا يسهل عليه تقبل متطلبات العصر وحاجاته مع الحفاظ على هويته الخاصة وتعاليم شريعته الإسلامية السمحاء.في حين ترفض سارة الدعيج فكرة ترشحها الشخصي للانتخابات المقبلة بسبب انشغالها الكبير بمسئوليات عديدة تلتهم الكثير من وقتها, فهي تعمل صباحا ومساء, وهذا يتعارض مع ضرورة التفرغ لهذه المهمة النبيلة والكبيرة.

مترددات

وللمترددات أسبابهن المختلفة أيضا, فتقول خديجة المحميد: إن النية موجودة خاصة في ظل وجود من يشجعني على خوض غمار هذه التجربة, ولكن القرار النهائي ما زال بحاجة إلى المزيد من التفكير وهو يعتمد على مدى جدية القاعدة الداعمة للمشاركة في الإعداد لبرنامج انتخابي يلبي الطموحات المرجوة من قبل الناخبين من الرجال والنساء, بالإضافة إلى ضرورة مراجعتي لظروفي الاسرية ومدى مناسبتها لما ينتظر المرشح من مسئوليات إضافية.

أما خولة العتيقي فلم تحدد موقفها من الترشيح حتى الآن, وهي تعتقد أنها لن تترشح في ظل التقسيم الحالي للدوائر الانتخابية, ولكنها قد تغير رأيها في حال تم تعديلها كأن تصبح الكويت كلها دائرة واحدة,كما ينادي البعض, بحيث تصبح فرصة الفوز أكبر للمرشح المستقل الذي لا يعتمد على القبلية والطائفية وشراء الأصوات.

وتقول نبيلة العنجري: إن الوقت مازال مبكرا على اتخاذ قرار الترشيح, ليس بالنسبة لها وحسب, ولكن بالنسبة لجميع النساء وذلك لتحقيق غاية أسمى ألا وهي توفير أفضل السبل من أجل استنهاض النساء من الآن وحتى موعد الانتخابات بعد سنتين.

وتوافق على ذلك لولوة الملا التي تقول إنها لا تفكر في ترشيح نفسها في الوقت الحاضر ولكنها تعتقد أن لكل حادث حديثا, فمن يدري ما الذي سيحدث غدا, وترى الملا أن المهم بالنسبة لديها أن حلمها الشخصي بنيل المرأة الكويتية لحقوقها السياسية والتي ناضلت من أجله طويلا قد تحقق أخيرا وهذا يكفي مؤقتا.

موافقة

ولكن الدكتورة رولا دشتي كانت الوحيدة التي عبرت بوضوح وحماسة شديدين عن رغبتها الأكيدة بترشيح نفسها لانتخابات مجلس الأمة في دورتها المقبلة, وقالت: نعم, سأرشح نفسي. قد لا يحالفني الحظ بالفوز, وهذا ليس مهما بقدر أهمية أن تمارس المرأة حقا ناضلت من أجل الحصول عليه كثيرا وطويلا, وأن تشجع غيرها على ذلك.

الوزيرة الأولى في تاريخ الكويت

في أعقاب القرار التاريخي بإقرار حقوق المرأة الكويتية النيابية, أعلن سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الأحمد, ولأول مرة في تاريخ الكويت السياسي, عن إسناد حقيبة وزارية هي وزارة التخطيط ووزارة التنمية الإدارية لامرأة هي الدكتورة معصومة المبارك.

وأكدت د.المبارك في تصريحات صحفية عقب توزيرها أنها (قادرة على حل ملفات التخطيط الشائكة, ضمن سياسة فريق العمل التي تؤمن بها, وقالت إن ما يقلقني هو العدد الهائل من العاطلين عن العمل في دولة كالكويت, ومن الصعوبة بمكان أن أقول ان لدي خطة لكل المشاكل, لأنني أعمل ضمن فريق عمل وجهاز فيه من القياديين والعاملين الكثير من الأكفاء, وهذا لا يدعو لأن أبدأ من الصفر, لإنني مما لا شك فيه سأكمل مسيرة الزملاء الأفاضل الذين سبقوني).

يذكر أن الدكتورة معصومة المبارك كانت حتى ساعة تعيينها وزيرة للتخطيط والتنمية الإدارية تعمل أستاذة للعلوم السياسية في جامعة الكويت, وناشطة بقوة في مجال حقوق المرأة. وهي متزوجة وأم لأربعة أبناء, 3 بنات وابن. وتحمل شهادة دكتوراه الفلسفة في مجال العلاقات الدولية من جامعة دنفر في ولاية كولورادو الأمريكية عام 1982, إضافة إلى ماجستير في التخصص نفسه من الجامعة المذكورة, وماجستير في العلوم السياسية من جامعة شمال تكساس الأمريكية عام 1976, ودبلوم تخطيط من المعهد العربي للتخطيط في الكويت عام 1973, وبكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة الكويت عام 1971, وهي أستاذ زائر في جامعة دنفر 1986 ـ 1988, وأستاذ زائر في جامعة البحرين 1990 ـ 1991.

رئيس الوزراء أكثرهم سعادة

(أهنئ المرأة الكويتية بحصولها على حقوقها السياسية, وأنوي تعيين وزيرة بالحكومة قريبا), كان ذلك أول تعليق لرئيس الوزراء الكويتي سمو الشيخ صباح الأحمد الصباح عقب إقرار مجلس الأمة (البرلمان) تعديل قانون الانتخاب وإقرار حق المرأة الكويتية في التصويت والانتخاب لأول مرة في تاريخ الكويت. وأكد سمو الشيخ صباح الأحمد, الذي بدا أكثر من حضر تلك الجلسة التاريخية سعادة بما آلت إليه الأمور, أن نيل المرأة الكويتية حقوقها السياسية في الانتخاب والترشيح هو (قرار وطني ورغبة سامية لصاحب السمو أمير البلاد ترجمته الإرادة الشعبية إلى حقيقة واقعة).وعلق سمو رئيس مجلس الوزراء في تصريحات صحفية على ردود الفعل الإيجابية التي تلقتها دولة الكويت بعد إقرار حقوق المرأة السياسية بقوله (نعرب عن اعتزازنا وتقديرنا لكل من هنأ دولة الكويت وأثنى على ديمقراطيتها بهذا الإنجاز الكبير).وأضاف: (نحن سعداء بأن نرى رغبة سمو أمير البلاد تتحقق بعد أن بحث هذا الموضوع من جميع جوانبه طويلا ومن قبل الجميع, ونحن نعتبر حصول المرأة الكويتية على حقوقها السياسية في الانتخاب والترشيح فوزا كبيرا لدولة الكويت ولديمقراطيتها المشهود لها).

يذكر أن الشيخ صباح الأحمد حقق نيته التي أعرب عنها في تلك الجلسة بتعيين الدكتورة معصومة المبارك وزيرة للتخطيط ووزيرة التنمية الإدارية كأول امرأة كويتية تنال هذا الشرف التاريخي.

للمرأةِ الكويتية في عيدها

بعد يوم من إقرار مجلس الأمة بحقوق المرأة السياسية نشرت الشاعرة د. سعاد الصباح قصيدة أهدتها (للمرأة الكويتية في عيدها).. قالت في بعض أبياتها:

أريدُ أن أقولَ ما أقولُهُ..
مِنْ دونِ أن يتبَعَني السيّافْ.
ودون أن أُدْفَنَ في قَبْرٍ من العادات والأعرافْ.
أريدُ أن أهرُبَ من بَشَاعةِ التُجّارِ في البازارْ
ومِنْ مَزادِ اللونِ, والأجناسِ, والخُصورِ, والأردافْ
أريدُ أن أهرُبَ مِنْ جِلْدي...
ومِنْ جِلْدِ بني مَنافْ...
أريدُ أن أُفَجّرَ الوقتَ إلى شَظايا
أريدُ أن أسترْجِعَ العُمْرَ الذي
خَبّأتُهُ في داخِلِ المرايا...
أريدُ أنْ أصْرُخَ...
أنْ ألْعَنَ...
أن أحْتَجَّ
أن أقتُلَ تاريخاً من العُطورِ, والبَخُورِ, والسبايا...
أريدُ أن أهرُبَ من رُطوبَةِ الحريمِ, والتَكايا...
أريدُ أنْ أهرُبَ مِمّنْ حَلّلوا دِمَايَا..

أول الغيث.. سيدتا البلدي

بعدما أقر القانون الذي يمنح المرأة الكويتية حقوقها السياسية, عين مجلس الوزراء الكويتي, في أول تطبيق عملي للقانون الجديد, المهندستين فوزية البحر والشيخة فاطمة ناصر الصباح عضوتين في (المجلس البلدي) لتصبحا أول امرأتين تنالان عضوية مجلس عام منتخب في الكويت.وتعتبر المهندسة فاطمة ناصر الصباح الحاصلة على بكالوريوس الهندسة المعمارية من الولايات المتحدة الأمريكية إحدى النساء العاملات في القطاع الهندسي والانشائي ومن انجازاتها تصميم مشروع القرية التقليدية الكويتية الذي سيقام في السعودية وشغلت في العامين 90 , 92 عضوية فريق الكويت للطوارئ وإعادة البناء وتولت رئاسة دائرة الهندسة في الديوان الأميري, ثم وكيل الديوان للشئون الهندسية.أما المهندسة فوزية البحر فهي أول مهندسة كويتية تحمل من الخبرة اكثر من 29 عاما في مجال الكهرباء, وشغلت العديد من المناصب منها عضو المجلس الاستشاري الهندسي ومؤسس النادي العلمي للتقنيات ونائبة رئيس مجلس إدارة نادي الفتاة وشغلت أخيرًا مدير إدارة المتابعة الفنية في مكتب الوكيل المساعد لمشاريع محطات القوى الكهربائية.

 

سعدية مفرح

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات




فرحة الفوز .. لأول مرة ارتفعت زغاريد النساء من فوق منصة مجلس الأمة في لحظة صدور الموافقة على مشاركة المرأة في الحياة السياسية





بعد أن ناضلن من أجل زوال الاحتلال من على أراضي بلادهن, نزلن إلى الشارع مرة أخرى من أجل حقوقهن السياسية





للديمقراطية دائما وقت وأذان فقد نضجت المرأة الكويتية بما فيه الكفاية وآن لها أن تتحمل مسئولياتها





 





كانت جلسة التصويت على القانون تاريخية لذلك لم يفوتها أحد حتى السفراء والمقيمون الأجانب في الكويت





مناقشات ومداولات وتكوين جبهات ضد أو مع القانون حتى صدر وسط مظاهرة ديمقراطية رائعة





أطراف القضية في مكان واحد. الأعضاء يتداولون في القاعة بينما تجلس النساء في منصة الزوار يترقبن اللحظة التي يجدن لهن فيها مكانا في قاعة المجلس





الدكتورة معصومة المبارك وزيرة للتخطيط ووزيرة التنمية الإدارية (الوزيرة الأولى في تاريخ الكويت)





لحظة إعلان نتيجة التصويت .. لقد ولد قانون جديد سوف يغير التركيبة السياسية في الكويت ويجعل للمرأة دورا فعالا





شيخة النصف





د. بدرية العوضي





د. ميمونة العذبي





د. رولا دشتي





نبيلة العنجري





رئيس الوزراء أكثرهم سعادة





 





المناقشات الساخنة خلال الجلسة التاريخية لم تحل دون النهاية السعيدة لها





 





 





الخطوة التالية هي أن تتحمل المرأة مسئوليتها وتشارك في صنع مستقبل الكويت