أحلام المنفى الفلسطيني ومشاهد موجعة من الدموع والفرح

أحلام المنفى الفلسطيني ومشاهد موجعة من الدموع والفرح

سينما

في حفل افتتاح فيلمها (أحلام المنفى) في لندن, قالت المخرجة الفلسطينية البارزة مي مصري للجمهور: (الفيلم يمس الناس على المستوى الإنساني. وأنا أريد أن يرى الناس الفلسطينيين كما هم, وليس كما يتم تصويرهم في الأخبار. أريد أن يرى الناس الأطفال الفلسطينيين كأطفال عاديين, يرغبون في الضحك, ويرغبون في الحياة).

والأمر المؤكد أن الفيلم قد مس بعمق مشاعر مشاهديه. فمع انتهائه ظل الجمهور يصفق له طويلاً, ولخص المحامي ميشيل عبدالمسيح, رئيس رابطة الجالية الفلسطينية في بريطانيا, موقف الكثيرين بقوله: (إنه فيلم مؤثر حقا, وقوي حقا, وهذا يعود في جانب منه إلى أنه يخاطب المشاهدين العرب والمشاهدين الغربيين على السواء).

وقد أقيم العرض الافتتاحي للفيلم في قاعة بروناي في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن. وكما هو الحال مع كل عروض أفلام مي مصري الأخرى, فإن كل حصيلة شباك التذاكر تذهب لـ (صندوق مي) الذي خصصته في بيروت لتمويل التعليم الجامعي لطلاب السينما.

وكان (أحلام المنفى) قد عرض إلى جانب فيلم مصري السابق (أطفال شاتيلا) في سبتمبر الماضي ضمن مهرجان (عشرون فيلما فلسطينيا), الذي أقيم في معهد الفنون المعاصرة في لندن.

ويأخذ (أحلام المنفى) المشاهدين إلى حياة الأطفال الفلسطينيين اللاجئين في مخيمين, هما مخيم شاتيلا في لبنان ومخيم الدهيشة في بيت لحم في الضفة الغربية. ويروي حكاية الأطفال من خلال عيون فتاتين, منى ابنة الثالثة عشرة في مخيم شاتيلا ومنار ابنة الرابعة عشرة في مخيم الدهيشة.

ويسجل الفيلم المشاهد شديدة العاطفية عند الحدود اللبنانية - الإسرائيلية في الأيام التي تلت الانسحاب الإسرائيلي في مايو 2000. فقد تدفق الفلسطينيون من مخيمات اللاجئين في لبنان باتجاه الجنوب ليشاهدوا فلسطين عبر أسلاك الحدود الشائكة, الكثيرون منهم للمرة الأولى, وليحاولوا الالتقاء بأقاربهم, الذين تدفقوا إلى الحدود من الجهة المقابلة.

وتعكس المشاهد مزيجاً موجعاً من الدموع والفرح فيما الفلسطينيون الذين لم يشاهدوا بعضهم بعضا لأكثر من خمسين عاماً, يتبادلون الأخبار, ويخبرون بعضهم البعض عن الظروف التي يعيشون في ظلها, ويتبادلون الطعام والصور الفوتوغرافية والهدايا عبر الأسلاك. وفي ظرف أيام قليلة سدّت إسرائيل الحدود وأعلنتها منطقة عسكرية مغلقة, وأصبحت تلك اللقاءات مستحيلة مجدداً.

تواصل مباشر

وكانت مي مصري قد عرضت هذا الفيلم لأول مرة في لبنان في مايو الماضي, وعرض الفيلم منذ ذلك الوقت في مناسبات عدة. وفي عرضه الأول في بيروت, حضر حفل الافتتاح الأطفال المشاركون في الفيلم ووقفوا على خشبة المسرح وقدموا أنفسهم للجمهور, كما حضروا أيضاً عدداً من عروض الفيلم في لبنان. وكانت مي سعيدة جدا للاستقبال الجيد للفيلم بين اللبنانيين.

وفي الأسبوع الثاني من سبتمبر الماضي, بدأت مي بجولة بالفيلم في كندا والولايات المتحدة. وعرضت الفيلم في أوتاوا وفي جامعة ماكجيل بمونتريال. وكان من المقرر أن تعرضه في جامعة بوسطن مساء 11 سبتمبر الماضي, ثم في جامعة ييل وجورج تاون في واشنطن. لكنها ألغت هذه العروض بعد الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها نيويورك وواشنطن في 11 سبتمبر.

وكان مشاهدو العرض الأول في لندن قد اعربوا عن أملهم في أن يعرض الفيلم في التلفزيونات الغربية, للمساعدة في تعديل الصورة السلبية العامة للفلسطينيين, بمن في ذلك الأطفال, في وسائل الإعلام. غير أن مي مصري تقول إنها تريد: (أن يعرض الفيلم أولا مع الجمهور, قبل عرضه في التلفزيون). وكانت أفلامها السبعة السابقة التي أخرجتها قد عرضت في العديد من محطات التلفزيون في أنحاء مختلفة من العالم.

وهي تأمل بشكل خاص أن يعرض الفيلم في محطات التلفزيون في الولايات المتحدة.وكان الفيلم قد أنتج بتمويل من شركة أمريكية - هي شركة CBB, وساهمت في تمويله محطة ITVS. وهناك 350 محطة تلفزيون مستقلة في الولايات المتحدة. أرسلت محطة آي تي في إس نسخا من الفيلم إليها لكي تبحث مسألة عرضه على شاشاتها.

وتنوي مي مصري العودة للولايات المتحدة للقيام بجولة للفيلم, كما ستعرضه في مهرجانات سينمائية في بيروت والإسماعيلية وجوتنبرج (السويد) وطوكيو وأماكن أخرى. وهناك سبعة عروض مقررة للفيلم في دبي وعرض خاص في عمان.

وعن سنوات عمرها المبكرة تقول مي مصري (ولدت في عمان وأمضيت طفولتي المبكرة بين عمان ونابلس في الضفة الغربية, ووالدي من نابلس وأمي أمريكية, وكانا قد التقيا في جامعة أوستن في تكساس. وبعد العام 1967, تعذر علينا العودة إلى فلسطين لذا فقد نشأت في لبنان حيث تعلمت في إنترناشيونال كوليج في بيروت, وخلال طفولتي في الستينيات والسبعينيات شهدت المنطقة تطورات كثيرة, حركة القومية العربية, وبدايات الحركات الفلسطينية, والحركة الثقافية الكبيرة في لبنان. وكان المرء يشعر بأن هناك أشياء مثيرة كثيرة تجري حوله. وأعتقد أن هذا ما جعلني أقرر دراسة السينما).

و(أحلام المنفى) هو ثامن فيلم تخرجه مي خلال السنوات العشرين الماضية. وقد أخرجت أربعة من هذه الأفلام بالاشتراك مع زوجها, المخرج اللبناني البارز جان خليل شمعون, وهو أيضاً المنتج المنفذ لفيلمها الأخير. وكانت مي قد شاركت هي الأخرى في إنتاج فيلمين أخرجهما زوجها, وقد فازت أفلام مي وجان بالعديد من الجوائز السينمائية الدولية.

وكانت فكرة مي الأولى عن (أحلام المنفى) العودة للأطفال الذين صورتهم العام 1998 في فيلم (أطفال شاتيلا), الذي فازت عنه بجائزج أفضل إخراج في مهرجان الشاشة العربية في لندن العام 1999 (فاز الفيلم أيضاً بجائزة أحسن تصوير). وكانت تريد أصلاً أن تصور كيف تغيّرت حياتهم بعد ثلاث سنوات, وما الذي حدث لأحلام طفولتهم.

وقد وجدت مي أن أطفال شاتيلا يستخدمون الكمبيوتر في (مركز الصمود) للتواصل مع أطفال مخيم الدهيشة عبر الإنترنت والبريد الإلكتروني. وكان أطفال الدهيشة يردون عليهم من خلال الكمبيوترات الموجودة في المركز الثقافي في المخيم.

وعن نجاحها في جعل الأطفال في (أحلام المنفى) يبدون بهذا القدر من الطبيعية, وكأنهم غير مدركين لوجود الكاميرا, قالت مي مصري (أعتقد أن هذا يعود للعلاقة التي طورتها مع هؤلاء الأطفال, لأنني أعرفهم جيداً, ولأنني أيضاً أشعر بأنني أنتمي للمكان. وأنا أعيش في بيروت على بعد بضع دقائق من شاتيلا, الذي واصلت تصويره على مدى العشرين عاما الأخيرة. وقد صورت هؤلاء الأطفال لأول مرة في فيلم (أطفال شاتيلا) الذي كان أسرع فيلم أخرجته - صنعته في أربعة أشهر من البداية للنهاية, وكان معجزة, وكان من الواضح في ذهني أنني أردت أن أركز على عالم الأطفال المتخيل. وفي (أحلام المنفى), صورت المجموعة نفسها من الأطفال.

وربما كان بوسعي أن أصنع فيلما مثل هذا في جواتيمالا أو في أي مكان آخر في العالم, صدقيني إنه موقف عاطفي, وأعتقد أنه بوسعي أن أقيم علاقة من هذا النوع من الأطفال في أي مكان آخر. وأعتقد أنه من المهم أن تقيم معهم علاقة ثقة تجعلهم يؤمنون بأنك تمنحهم صوتاً, وقد طورنا علاقة جعلتنا نعمل معاً من أجل تصوير حياتهم. وهذا ما جعلهم ينسون وجود الكاميرا وكانوا طبيعيين وعبّروا عن مشاعرهم بحريّة).

لكن الفيلم أخذ مساراً جديداً نتيجة لتحرير جنوب لبنان واندلاع الانتفاضة الثانية. فبعد انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان قرر أطفال شاتيلا والدهيشة أن يحاولوا الالتقاء لأول مرة عبر الحدود, وصورت مي هذا اللقاء.

وقررت مي مصري أن تجعل من منى الشخصية المحورية من مخيم شاتيلا لأسلوبها الشعري في التعبير عن نفسها, وعندما شاهدت منار أثناء لقاء أطفال المخيمين على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية اختارتها لكي تكون المقابل لمنى في الدهيشة. وتقول مي: (استحوذت منار فعلا على اهتمامي, فهي قوية ومفعمة بالحيوية ومرحة. وهما في الوقت نفسه طفلتان وشخصيتان تكمل إحداهما الأخرى.

وعن قرارها دراسة السينما تقول مي مصري: (أردت دائما أن أسلك طريقا فنيا في حياتي, وقد شعرت بأن السينما ستكون هي الطريق الأمثل. فكوني فلسطينية أعيش هذه المحنة جعلني أرغب في أن أفعل شيئاً أعبر من خلاله فنياً عن نفسي وعن تجاربي. ومن هنا ذهبت لدراسة السينما في جامعة ولاية سان فرانسيسكو في العام 1976, في العام الثاني للحرب الأهلية اللبنانية. وكان بالنسبة لي عالماً جديداً اكتشفت فيه أشياء كثيرة. وكانت سان فرانسيسكو مكاناً كوزموبوليتانيا حقا. وقد جاء زملائي في الدراسة من أماكن مختلفة من العالم).

وتضيف: (التقيت جان لأول مرة في لقاء قصير خلال إحدى عطلاتي الصيفية. وبعد أن عدت لبيروت بعد تخرجي العام 1981, عرف بعودتي وطلب مني أن أعمل معه. وكان يعمل في ذلك الوقت على مشروع وثائقي لفيلم تاريخي. لكننا عندما بدأنا العمل البحثي في العام 1982 قامت إسرائيل بغزو لبنان ووجدنا أنفسنا فجأة وسط حصار بيروت. وقررنا تصوير فيلم وثائقي عن تجربتنا تلك, وجاء فيلم (تحت الأنقاض), وكان أول فيلم أشارك في إخراجه مع جان شمعون).

وعن شراكتها السينمائية تقول (أخرجنا معا بعضا من أفلامنا الأولى, وحاولنا أن نطور أسلوبنا الخاص. ولا نزال نتعاون حتى الآن, لكن بطريقة مختلفة. وفي البداية, عندما كنا نتقاسم الإخراج, لم يكن هناك من فريق عمل غيرنا, كنا نقوم بأنفسنا بكل شيء, التصوير والصوت وكل شيء. وكنا ننتقل لنعيش في الأماكن التي نصور فيها أفلامنا. على سبيل المثال عندما كنا نصور فيلم (زهرات القندول - نساء من جنوب لبنان) (عرض 1986) انتقلنا إلى جنوب لبنان وعشنا في قراه). وتضيف (إننا نصنع علاقة قوية جداً مع الناس الذين نعمل معهم. كانت ميزانيتنا محدودة, وكنا خفيفي الحركة نحمل معداتنا معنا, وصنعنا أفلاما (من الداخل). ومع الأيام طورنا هذا الأسلوب, وهو ليس وثائقيا خالصا, فأفلامنا تتسم بقدر كبير من الروائية, هي حكايات عن ناس عاديين في ظروف حقيقية. أشعر دائما بانجذاب نحو الناس العاديين, الذين يعيشون في ظل هذه الظروف الاستثنائية, وأحاول أن أصور كيف تؤثر هذه الظروف عليهم. وأرى أن أفضل طريقة هي أن نترك الناس يعبرون عن أنفسهم بطريقتهم. ثم أحاول أن أدمج كل هذه المشاعر والعواطف مع منهج أكثر واقعية وأفتش عن الشعر هناك, شعر الواقع).

جذور ضاربة

وتمتلك منار بالفعل خبرة في الخطابات العامة. ونشاهدها في الفيلم وهي تخطب في مسيرة أمام البيت الأبيض في واشنطن حول حق العودة. وقد زارت الولايات المتحدة عدة مرات, كما ذهبت إلى دربن للمشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة لمناهضة العنصرية الذي أقيم في مطلع سبتمبر الماضي.

وتقول مي: (أعتقد أننا سنسمع الكثير عن منار في المستقبل, إنها بالتأكيد حنان عشراوي أخرى). (يمكننا أن نثق في مي عندما تقول ذلك لأنها تعرف أكثر - فمن بين أفلامها فيلم (حنان عشراوي.. امرأة في زمن التحدي)).

وفي (أحلام المنفى) نشاهد الظروف المتباينة التي تكبر في ظلها مجموعتان من الأطفال. فآباء العديد من أطفال شاتيلا قتلوا في الهجمات المختلفة التي تعرض لها المخيم على مدى السنين. وكان المخيم قد دمر وبني مجددا ثلاث مرات. وهناك لا توجد ماء ولا كهرباء, ويعيش الناس في بيوت بالية. وعندما تمطر السماء تتحول طرقات المخيم إلى برك طينية.

ولم تذهب مي أبداً إلى مخيم الدهيشة قبل تصوير الفيلم, لكنها عندما زارته وجدته أكثر استقراراً من مخيم شاتيلا, فسكانه متعلمون جدا وأقرب جغرافيا من قراهم الأصلية. ولا تزال جذورهم ضاربة في ثقافة قراهم, وهم كرماء ومنفتحون.

لكن أطفال الدهيشة عانوا الكثير من الاحتلال الإسرائيلي. فوالد منار كان في السجن عند ولادتها, وظل هارباً من ملاحقة الإسرائيليين له طوال معظم سنوات طفولتها. وخلال الانتفاضة الحالية, شاهد الأطفال زملاءهم في صفوف الدراسة يقتلون أثناء الصدامات مع الإسرائيليين, ويتضمن الفيلم مشاهد من جنازة طبيب ألماني قتل وهو يحاول حماية سكان بيت جالا. وتصف منار في رسالة إلى منى مدى حزنها وغضبها عندما شاهدت أشلاءه ودماءه تغطي الجدار. وقد جُرحت منار نفسُها برصاصة بلاستيكية أطلقها عليها جندي إسرائيلي.

ورغم ظروفهم القاسية, فإن أطفال شاتيلا والدهيشة مفعمون بالحيوية, ومرحون وأذكياء ومبدعون. وهم في جوانب عدة مثل أقرانهم في كل مكان, يدرسون ويغنون ويرقصون, ويمرحون مع أصدقائهم, ويتحدثون عن الحب والزواج, ويحلمون, ويكتبون مذكراتهم, ويبعثون بالرسائل الإلكترونية إلى أصدقائهم.

ويظهر الفيلم كيف أن أبناء الجيل الحالي من الفلسطينيين قادرون على استخدام التكنولوجيا الحديثة لزيادة وعي شعبهم بالمحنة, ولإعادة اكتشاف تاريخهم وللتواصل مع الفلسطينيين في أنحاء مختلفة من العالم.

وقد طلبت منى من منار أن تزور قرية صفورية بالقرب من الناصرة, وهي القرية التي غادرتها عائلتها في العام 1948. وسافرت منار إلى هناك مع كاميرا فيديو ووصفت لمنى كم هي جميلة قريتها, بديرها وحصنها القديم, رغم أن منازلها قد دمرت. كما أرسلت لمنى حفنة من تراب قريتها.

وذهبت منار أيضا مع جدها لزيارة قريتها الأصلية, وهي قرية رأس أبو عامر بالقرب من القدس. وأخذها جدها إلى أطلال منزله, الذي بني بالحجارة ذهبية اللون التي اشتهرت بها القرى الفلسطينية.

وقد تعمقت الصداقة بين أطفال شاتيلا والدهيشة أكثر بعد صنع الفيلم. وأمضوا معا عطلة مدتها أسبوعان في قبرص في أغسطس الماضي.

سلام الأمل

والواقع أن (أحلام المنفى) دليل حي آخر على أن هناك جيلاً جديداً شديد الارتباط من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعانون الحرمان والمستقبل المجهول. لكن هذا الجيل يظل واعياً جداً بتاريخه وبالمظالم التي تعرض لها الشعب الفلسطيني. ويبقى من الجلي أنه فقط من خلال حل عادل يستجيب لحقوق هذا الجيل ولحقوق الفلسطينيين يمكن أن يكون هناك أمل في سلام دائم في هذه الأوقات العصيبة في الشرق الأوسط.

وتقول مي إن (أول فيلم لنا يموله تلفزيون الـ (بي بي سي) كان (جيل الحرب) (عرض العام 1988), الذي عرض في سهرة على القناة الأولى لتلفزيون الـ (بي بي سي). وقد اشتركت أنا وجان في إخراج هذا الفيلم الذي جاء استمراراً للأسلوب الذي طورناه, العيش مع أبطاله وتمضية الوقت في التفتيش عن الأفكار.

وصنعت فيلم (أطفال النار) للقناة الثانية في تلفزيون الـ (بي بي سي). وهو فيلم وثائقي أخرجته في بلدتي نابلس في العام 1990 أثناء الانتفاضة الأولى. وهو أول فيلم أخرجه وحدي. وكان معي طاقم تصوير بريطاني. وكانت رحلتي الأولى إلى نابلس منذ طفولتي. وكان أحد أصعب الأفلام التي أخرجتها لأن حظر التجول كان مفروضاً في معظم الأوقات وكنا نتحرك سراً. وكنا آنذاك الشاهد الخارجي الوحيد على بشاعة الاحتلال. وقد صورنا معظم الفيلم من خلف زجاج النوافذ, وسرا في معظم الأحيان. وهو فيلم شديد الخصوصية بالنسبة لي لأنني كنت أكتشف نابلس مجدداً. أما فيلم (أحلام معلقة) (عرض العام 1992), الذي تشاركت في إخراجه مع جان, فقد صنعناه للقناة الثانية في تلفزيون الـ (بي بي سي). وهو فيلم يتحدث عن بيروت بعد انتهاء الحرب, وعن إعادة الإعمار وكيف تصالح الناس مع ما حدث. وهو يركز على أربع شخصيات, هم اثنان من رجال الميليشيات السابقين وكاتب مسرح وامرأة اختطف زوجها. وقد عرض هذا الفيلم في أكثر من مائة محطة تلفزيونية في أنحاء مختلفة من العالم).

 

سوزانا طربوش







مشهد عاطفي عند الحدود اللبنانية ــ الفلسطينية بعد تحرير الجنوب





فتاة تؤدي دورها في الفيلم





لحظة تصوير فيلم أحلام المنفى الفلسطيني داخل احد المخيمات





المخرجة الفلسطينية مي مصري أثناء تصوير مشاهد الفيلم