عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

مدينة الثقافة

تتصدر صفحات هذا العدد رحلة إلى مدينة فلورنسا, تلك المدينة الإيطالية التي ازدهرت على أرضها أرقى فنون العمارة في عصر النهضة الأوربية ومنها انتشرت إلى بقية العالم, وفي الوقت الذي تتصفح فيه صفحات هذا الموضوع سوف يقرأه معك الكثير من القراء الإيطاليين بعد أن تمت ترجمته إلى لغتهم لينشر بالتزامن مع مجلة (العربي) وفق ترتيب خاص مع السفارة الإيطالية في الكويت, ولفلورنسا فضلا عن تاريخها الطويل كواحدة من أشهر (دوقات) البحر المتوسط, وضع خاص عند أهل الكويت, ففي العام 1990 عندما اجتاحت قوات النظام العراقي السابق أرضهم, وحاولت قوات العدوان إلغاء وجود الكويت من على خريطة العالم, كانت فلورنسا هي واحدة من أولى المدن الأوربية التي وقفت في وجه هذا العسف, واجتمع مجلس مدينتها وقرر عقد معاهدة للتآخي والصداقة بين فلورنسا ومدينة الكويت المحاصرة, وفي الوقت الذي كانت ترتفع فيه صيحات العدوان والمحو جاءت صيحة فلورنسا الحضارية لتعيد الأمور إلى نصابها, ولأن الكويت دار وفاء لا تنسى فضل كل الذين وقفوا بجانبها, فهي لم تنس تلك المدينة التي احتضنت كل حضارات العالم القديم, ومنها بزغت أنوار النهضة.

وتحتفي (العربي) أيضا بمناسبة مهمة في تاريخ الكويت, وهي نيل المرأة الكويتية حقوقها السياسية, وحصولها للمرة الأولى على حقي الانتخاب والترشح للمجالس النيابية والبلدية, بل وحقها أيضا في أن تعتلي مقعد الوزارة, وهو الأمر الذي تحقق بالفعل خلال الشهور الماضية بفضل تفتح رجال الحكم في الكويت وتجاوب القيادات الشعبية معهم, وبذلك تقدم الكويت دليلا جديدا على ريادتها لرحلة التطور السياسي والاجتماعي في الخليج العربي, فلم يعد هناك لمجال لإبقاء المرأة الكويتية بعد الرحلة الطويلة التي قطعتها ـ تعليميا ووظيفيا ـ خلف جدران البيت, ولكن الأمر بعد ذلك مرهون بقدرة المرأة على استخدام هذه الحقوق وإثبات أهليتها على إحداث التغيير المطلوب من أجل مجتمع أكثر توازنا.

وفي مناسبة أخرى يقدم رئيس تحرير (العربي) في مقاله الافتتاحي تحيته الخاصة إلى منظمة اليونسكو العالمية التي تستعد للاحتفال بذكرى مرور 60 عاما على إنشائها والدور الذي قامت به من أجل إعلاء وحدة الثقافة البشرية والتراث الإنساني في مواجهة دعاوى الحرب والنزاعات والتعصب العنصري. ويثير المقال بهذه المناسبة قضية العلاقة الشائكة بين السياسة والثقافة.

وبالرغم من أنه يوجد في هذا العدد اكثر من موضوع أدبي مهم, فإنها تود أن تلفت أنظار قرائها إلى تلك القصائد القصصية التي ترجمها عن الألمانية أستاذنا الكبير عبد الغفار مكاوي, وهي خمسة من عيون هذا الأدب من تأليف الشاعرين الألمانيين, جوته وشيللر, وهي قوالب فنية لم تجد من يسير على نهجها في أدبنا العربي إلا نادرا, وهي دعوة للفت أنظار شعرائنا إلى هذا القالب الأدبي الجميل.

نكتفي بهذه النماذج الأربعة من عدد حافل بثمار الفكر والإبداع, ومليء بالقضايا الثقافية المهمة التي نتمنى أن تلقى منكم الاهتمام الذي تستحقه.

 

المحرر