الحِصَص

الحِصَص

شعر

كنتُ هنالكَ,
حين ازدهرتْ حنجرةُ أبيكِ على المئذنةِ,
مؤكّدةً أن الله هو الأكبرُ,
كنتُ هنالكَ,
حين تكوَّمْتِ على زنديْه أمامَ القِبْلةِ,
وهو يربِّتُ بالكفّيْن المعروقَيْنِ
على خدَّيْكِ المجروحَيْنِ
ويصفحُ من قسوةِ أمٍّ,
علَّمتْ ابنتَها حصصَ المدرسةِ,
وحجبتْ عنها حصصَ الدنيا,
فكأنْ أعطتْ شهواتِ العِلْم,
وأخذتْ شهواتِ الجسدِ,
فخَارَ البيتُ من الأسسِ,
هنالكَ كنتُ
أخبِّئُ نفسي خلفَ البيرقِ,
وأراقبُ حشرجةَ الروحِ المهتوكةِ,
وهو يغادر سنواتِ الخِدْعةِ,
مسرورًا أن يملأَ عينيْه المرهقتيْنِ
بزهر صِباكِ المجْلوِّ,
وكنتُ أهِمُّ بأن أهتفَ فيكِ:
(السيّدُ ما ماتَ)
ولكنَّ خروجَ السرِّ الضائعِ كَبَّلني,
فبقيتُ وراءَ البيرقِ,
لأسجِّلَ ميتتَه الثانيةَ,
وأحسبَ عددَ الدمعاتِ السائلةِ,
على خدّيكِ المجروحيْن

 

حلمي سالم

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات