أخطاء الزلازل!

أخطاء الزلازل!

أرجو التكرم بنشر التصحيحات العلمية التالية لما ورد في (العربي) الغراء العدد 556 مارس 2005 في باب (الإنسان والبيئة) تحت (عندما تساقطت الجثث من على الأشجار) الذي تناول موضوع الزلازل في الصفحات 158-162, حيث وردت عدة أخطاء ربما للسرعة في تناول الحدث, وهي أخطاء لم نعتد ما يشبهها, كما ونوعا في مجلة (العربي) التي نحترم دورها العلمي التثقيفي ونقدره, وقد تتلمذ الكثيرون في الواقع إلى حد كبير بفضل ذلك الدور وجهود العاملين بها.

مختصر الأخطاء الواردة وتصحيحاتها:

1- مقياس قوة الزلازل وضعه العالم الأمريكي ريختر في العام 1900 (العربي ص160).

في الواقع وضع ريختر المقياس المسمى باسمه عام 1935, أما عام 1900 فهو العام الذي رأى فيه ريختر النور فقد وضعته والدته في 26 أبريل 1900. (وتوفي في 20 أبريل 1985).

2- مقياس ريختر هو جهاز يقوم بقياس الطاقة المنبعثة من بؤرة أو مركز الزلزال ((العربي) ص 160)

في الواقع إن مقياس ريختر ليس جهازا على الاطلاق وإنما هو علاقة رياضية تربط ما بين بعض الثوابت والمتغيرات المشتقة من التسجيلات الزلزالية بعد معايرتها لتناسب المواقع التي يتم فيها تسجيل الأمواج الزلزالية.

3- وهذا الجهاز عبارة عن مقياس لوغاريتمي من 1 إلى 9. (العربي ص160)

من الناحية النظرية لا يوجد حد أعلى أو أدنى للقيم التي تنتج عن استخدام علاقة ريختر الرياضية وهنالك زلازل من الممكن تسجيلها عمليًا, وتكون قوتها نتيجة لاستخدام علاقة ريختر الرياضية أرقاما سالبة, كأن نقول -1 أو -2 حسب مقياس ريختر.

4- حيث يكون الزلزال الذي قوته 7 درجات أقوى بعشر مرات من زلزال قوته 6 درجات وأقوى 100 مرة من زلزال قوته 4 درجات وهكذا (العربي ص160).

هذا خطأ شائع يتضمن خلطًا والتباسًا بين قوة الزلزال أو مقداره, الذي يعكس كم الطاقة الزلزالية المفرغة بمناسبة الزلزال مع كميات أخرى يمكن قياسها, (مثل سعة الموجة الزلزالية أو الارتجاج الزلزالي) والواقع أن الفرق ما بين كل درجة والتي تليها على مقياس ريختر هو زهاء 32 مرة, فالزلزال ذو القوة 6 هو أكبر بألف مرة من الزلزال ذي القوة 4 ومليون مرة أكبر من القوة 2 وهكذا.

5- أقوى زلزال في التاريخ هو زلزال شيلي الذي ضرب جنوب شيلي في 29 مايو عام 1960, وكانت قوته هي الحد الأعلى لمقياس ريختر أي 9,5 درجة. (العربي ص160)

إن القوة 9.5 هنا لذلك الزلزال هي ليست حسب مقياس ريختر, وإنما حسب مقياس آخر أحدث يسمى بمقياس كاناموري أو بمقياس العزوم, وهو أيضًا علاقة رياضية تربط الطاقة بعوامل فيزيائية منها الإزاحة الزلزالية ومساحة سطح الصدع الذي حدث عليه الزلزال, إضافة لما يسمى معامل القص في الصخور, ومجمل تلك العوامل يعطي كمية فيزيائية ندعوها (العزم الزلزالي). يشار إلى أن زلزال شيلي يعتبر أكبر زلزال تم تسجيل ألأمواج الزلزالية الناجمة عنه بأجهزة الرصد الزلزالي الحديثة التي بدأت العمل اعتبارًا من عام 1892 بالتقريب, وبالتالي لا يمكن وصفه بأنه أكبر زلزال في التاريخ بشكل مطلق.

جدير بالذكر أن الزلزال المعني حصل في 22 مايو وليس 29 منه.

6- وقد أطلق هذا الزلزال طاقة تدميرية تقدر قوتها بما يعادل 500 قنبلة من التي ألقيت على هيروشيما اليابانية (العربي ص160)

في الواقع الطاقة المشار إليها قدرت بما يزيد على طاقة مليون قنبلة نووية كالتي ألقيت على هيروشيما عام 1945.

7- ربما كانت الحيوانات أكثر ذكاء من البشر (العربي ص 161)

لا تعليق!

أخيرا لقد سجل زلزال سومطرة بمحطة رصد الزلازل في الجامعة الأردنية, وقمنا بحساب قوة ذلك الزلزال حسب (مقياس ريختر), وكانت النتيجة 8.5 درجة أي بما يعادل 9 درجات حسب مقياس كاناموري أو مقياس العزوم, علمًا بأن الرقم المتداول لقوة ذلك الزلزال وهو 9 استنادًا إلى مقياس العزوم حسب ما ورد على موقع الإنترنت الخاص بهيئة المساحة الجيولوجية في الولايات المتحدة الأمريكية التي أطلقت ذلك الرقم ليتم تداوله على النطاق العالمي من الصحافة مرفقا (خطأ) بوصف مقياس ريختر.

أكرر الشكر والتقدير العميقين للدور الريادي في مجال تثقيف الناطقين بالعربية, الذي تقوم به مجلة (العربي) بكل اقتدار, وأعبر صادقًا عن إعجابي الشديد بميزة تميز هذه المجلة المؤسسة في طرح مواضيعها إذ إن من يملك الأعداد السابقة منها يلاحظ أن في طرح الكثير من تلك المواضيع سبقا واستشرافا للمستقبل, إذ لاحظت شخصيًا أن ما يطرح غالبًا في (العربي) متقدم عن وقته بعقد أو عقود من الزمن, ما يلبث أن يكتسب فيما بعد صفة الموضوع الساخن, والأمثلة على ذلك كثيرة بحق.

د. نجيب أبوكركي
أستاذ علم الزلازل والجيوفيزياء
قسم الجيولوجيا البيئية والتطبيقية
الجامعة الأردنية - عمان

 



أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات