عزيزي القاريء

عزيزي القاريء

حــــوار ســـاخـــن

يبدو أن المثقفين الأمريكيين قد قرروا أيضا دخول الحرب التي يشنها الرئيس الأمريكي جورج بوش ضد الإرهاب, فقرر ستون مثقفا من أبرز الأسماء ـ العديد منهم معروف خارج الولايات المتحدة ـ إصدار بيان يحددون فيه موقفهم من هذه الحرب ويدعون المفكرين وخاصة من العالم العربي والإسلامي للدخول في حوار معهم مؤكدين أن هذه الحرب لا تستهدف دينا ولا عرقا ولكنها حرب تهدف إلى القضاء على الجريمة المحضة وتسعى إلى العدالة المطلقة. وعلى الصفحات الأولى من هذا العدد يناقش رئيس التحرير تفاصيل هذا البيان. وهو يعلن من البداية أنه يرحب بأي دعوة للحوار خاصة في منطقة مثل منطقتنا أصابها ضجيج السلاح بالصمم, ولكنه في الوقت نفسه يتساءل عما إذا كانت هذه دعوة للحوار حقا أم أنها ستار شفاف يخفي خلفه مبررات الحرب المعلنة?, ولم يكن هذا التساؤل فريدا في نوعه, فمنذ فترة والعديد من العبارات الملتبسة في البيان تثير حيرة الكثير من المفكرين العرب. وقد استعرض المقال الافتتاحي بعضا من مخاوفهم, ولكن المدهش في الأمر أن هذا النقاش حامي الوطيس لم يقتصر على العرب ـ الذين يعانون اتهاما لم يثبت بعد بصورة قاطعة ـ ولكنه امتد ليشمل قطاعا آخر من المثقفين الأمريكيين أكثر ليبرالية وأكثر تفهما لقضايا العالم (الهامشي) الذي يقع خارج أمريكا, فقد أعلن مائة وثمانية وعشرون منهم في رسالة وجهوها إلى نظرائهم من المثقفين والمفكريين الأوربيين معارضتهم تقـديم الحرب ضد الإرهاب على أنها حرب عادلة, وكذلك اعتبارها حربا بين الخير والشر وهم يتفقون في بيانهم الذي صدر قبل برهة وجيزة من حلول هذا العدد للطبع مع معظم الانتقادات التي ذكرها المقال الافتتاحي.

إن (العربي) تدخل هذا الحوار الساخن وهي تقف على أرضية صلبة تنطلق منها وفق إيمان راسخ بأن الإسلام هو دين يرفض الإرهاب ولا يحض عليه, وأن للعرب قضية عادلة عليهم أن يدافعوا عنها بكل الوسائل, لذلك فهم على استعداد للدخول في أي حوار مهما بلغت درجة حدته.

وتتعرض صفحات (العربي) أيضا في هذا العدد للعديد من القضايا الفكرية والأدبية, فهي ترحل هذا الشهر إلى السودان ذلك البلد العربي الذي يختزل في تضاريسه ملامح قارة بأكملها, ويستعرض آثار سوريا القديمة في منطقة آفامية, وسوريا من البلاد العربية النادرة التي تتراكم فيها طبقات التاريخ وتحمل توالي الحضارات, كما يظفر الشعر بنصيب حافل من صفحات هذا العدد فهناك ثلاث دراسات, تتناول الأولى الشاعر الكويتي المعروف خليفة الوقيان, أما الدراسة الأخرى فتتناول الشاعر اللبناني المعروف خليل حاوي وهي تحتوي على دراسة جديدة للأبعاد الحضارية لهذا الشاعر. وأما المقالة الثالثة فهي تحمل التحية لجدارية الشاعر الكبير محمود درويش في ذلك الوقت العصيب الذي يواجه فيه أهله وإخوتنا في أرض فلسطين أشد أنواع القهر والضيم. وتحفل (العربي) أيضا بالعديد من ثمار الفكر والأدب لتقدم لقارئها باقة منعشة في ذلك الصيف القائظ.

 

المحرر