تغيير الصورة.. بالديمقراطية

 تغيير الصورة.. بالديمقراطية

طالعت في مجلة (العربي) العدد (554) يناير 2005. مقالة (صورتنا في الغرب.. مسئولية من?) لرئيس التحرير د. سليمان العسكري.

وأبدأ بمقولة لميكافيلي. وقد شوهد وهو ينصح الأمير: بـ (إن الناس يحكمون على الأمور بأعينهم لا بأيديهم لأن الفرصة متاحة أمام الجميع ليروا. أما اللمس ففرصته أقل. وهذا يعني أن المفهومية لم تعد سندا يركن إليه)

صورتنا في الغرب من صنعها? وأقول إن:

1 - الأمة التي لا تتعامل مع المتغيرات العالمية بخطوط دقيقة لاكتشاف رؤى الواقع لا تحقق النهوض الحضاري.

فصورتنا في الغرب تتغير إن امتلكنا الأدوات الاقتصادية والعسكرية والسياسية لأن القوى المهيمنة في العالم أصبحت تنظر للبلدان النامية, نظرة: التخلف والجهل والمرض.

ونسأل أنفسنا: أين اليقظة السياسية لبلدان الأمة?? أين تداول السلطة? أين التصنيع من أجل التصدير?

إن نقاط الضعف في بلدان الأمة تكشف عيوب السياسات, بل والأفكار لغياب ثقافة التغيير. ثم أين دور المثقف العربي بالنقد البناء, وبما يؤسس لفكر مستقبلي يأخذ بأسباب المعرفة العلمية والاقتصادية, بل والسياسية?

إن هناك تسابقا عالميا من أجل امتلاك التطور الحضاري. ونحن اليوم أمة تفتقد علماء يصوغون حركة مستقبلها العلمي.

2 - فمتى نترك الماضي خلفنا ونتطلع للمستقبل لامتلاك متطلبات النهوض والنمو الإنساني والديمقراطية. لإحداث النهضة والتغيير. فكل شيء في عالم اليوم يتحرك بالتخصص. ولننظر لشكل الهيمنة المعاصرة وكيف انطلقت أهدافها, لنجد أنها في قوة الاقتصاد والتسلح.

مع انهيار الاتحاد السوفييتي. أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية تتمتع بقوة عالمية وفي زمن أقل مما استغرقته أمم أخرى. فما سر ذلك?

التعدد الثقافي والعرقي الذي أتاح للولايات المتحدة الأمريكية أن تمتلك القوة. فهل أمة العرب استثمرت ما تملك من طاقات بشرية ومادية وطبيعية, وبخطط طويلة وقصيرة المدى للوصول إلى الأهداف المنشودة لتقدم الأمة?

هنا سوف تتغير النظرة داخل الغرب, من خلال تصحيح الأهداف المغلوطة عن الأمة.

3 - ننظر للحداثة الأوربية وكيف تشكلت?? نجد أنها قامت بعد نهب ثروات الشعوب الأخرى. خاصة بعد فترة الاستعمار لبلدان الأمة?

ولو نظرنا أيضا لشكل النهضة العربية نجدها بدأت في مصر مع عهد محمد علي ولكن طبيعة الاقتصاد لم تنجح بالقدر المرجو, نتيجة سياسة الإقطاع. والقضاء على الإقطاع كان أحد المبادئ الستة لثورة يوليو 1952 في مصر.

وفي رأيي: أن مشكلة ضعف الأمة لا ترجع للحقبة الاستعمارية فقط, إنما نمت من غياب إعادة بناء الجبهة الداخلية بمنطق القوة, والإيجابية, والبناء بحاجة إلى تخطيط عقلاني نحو المستقبل, وإرساء العدل والمساواة في الحقوق والواجبات.

4 - ننظر لصنع القرار في عالمنا العربي, فهل دائرة صنع القرار أسهمت في تطوير حركة المجتمع?

هل للمثقف علاقة بدائرة صنع القرار ومع كل أزمة يطرح التساؤل: ما سبب الأزمة? وما المخرج? بدءًا من التجزؤ والفرقة.. التخلف العلمي والتقني. الفقر والتخلف الاقتصادي.

إن الصورة مشوهة لدى الآخر باعتبار أن الإسلام لا ينشد التقدم, وبدليل حركة أبنائه في عدم صنع مستقبلهم.

والإسلام الحق يتحقق, بالقرآن الكريم والسنة المطهرة مثلما بدأ الإسلام أولا ببناء ذات الإنسان, وبناء المجتمع, والعمل على نشر الرسالة عالميًا.

وكل مرحلة ارتبطت بوعي الإنسان وإرادته, وكيفية امتلاك سنن التغيير.

الأمة تمتلك منهج الوسطية, ومع قراءة لواقع العالم الغربي وحضارته واكتشافه العلوم, إلا أنه فقد البعد الروحي والأخلاقي.

وأزماته الحضارية في رأيي أشد خطرًا من أزمات بلدان الأمة, لأن أزمات الأمة تتلخص في عدم إعداد العقل العربي للقيام بدوره.

إن الأمة حينما تسرع بالتنمية سيكون لديها منظور بعيد المدى لتصبح قادرة على صنع التوازن الحضاري, فلا أمة من دون ديمقراطية وحوار بالداخل, ويحكها إطار استراتيجي للتنمية, والمفهوم الاستراتيجي بتسخير موارد الأمة نحو أهداف محددة, والحذر من لعبة السياسات العالمية والتي تدخل في تحالفات متبدلة ومتغيرة, لنشر الهيمنة والتبعية.

وهكذا أرى أن تصحيح الصورة في الغرب ممكن بما تملك الأمة من مقومات النهضة الحضارية, ساعتها سوف تتغير الصورة نحو الأفضل.

يحيى السيد النجار
دمياط - مصر