جذور الهمجية.. سقوط الإمبراطورية الرومانية

جذور الهمجية.. سقوط الإمبراطورية الرومانية

تقريبًا في الرابع من سبتمبر 476 بعد الميلاد, كان هناك صبي في عمر 14, خلع عن العرش كإمبراطور روماني, وكان خليفته, يعلم أكثر من غيره أنه نصّب نفسه إمبراطورًا, حيث كان قائدًا لفيلق من المرتزقة, غالبيتهم من شمال إفريقيا وأوربا, الذين غدوا قبائل شرسة, أو بالأحرى (الهمجيين), كما أطلق عليهم الرومان ذلك, وكانوا كالطوفان, حطموا الحدود الإمبراطورية, واستولوا بالقوة على أي أرض تصل إليها أياديهم قدر استطاعتهم.

وحسمًا للنهاية, نجد أن هذا القائد الذي نصب نفسه حاكمًا لإيطاليا, أرسل طيلسانًا للمُلك يرتدى في حفلات تنصيب الملوك, للإمبراطور الآخر الذي حكم الجزء الشرقي من القسطنطينية.

بهذه الطريقة, استمرت هذه الإمبراطورية ردحًا طويلاً من الزمن, تسيّدت فيها المعمورة, إلى أن شاخت, على الرغم من أن النصف الشرقي, استمر لقرون عدة بعد ذلك. ومن سخرية القدر, فإن الإمبراطور الأخير, كان يطلق عليه روميليوس, وعُرف على نطاق واسع بـ (أوجستيوليوس), أو (أغسطس الصغير), وهذه الأسماء ما هي إلا صدى لإرث تاريخي لمؤسس روما, والإمبراطور الأول لها.

ما أسباب هذا الطوفان السياسي? ما القوى التي سبّبت انهيار هذا النظام القوي, والذي كان مرتبًا بشكل جيد?

في اعتقاد إدوارد جيبسون: ربما كانت هناك أسباب بعيدة عن الروح, ثمة إخفاق قيمي. انهيار الإمبراطورية الرومانية, يظل رواية تلقى الاهتمام, ولكن هذا التفسير - أو ذاك - لم يكن منسجمًا مع الحقائق, هناك الكثير من الهمة, الإثارة والخيال هيمنت في القرون الثالث والرابع والخامس - على أفكار هؤلاء القادة, الذين غيّروا الكنيسة المسيحية, وحوّلوها إلى (منظمة) مُرعبة, واستمر هذا طيلة ألفي سنة, ومازالت قوية, وهل ننسى العقول الخلاّقة التي أوجدت القانون الروماني?!

هل الديانة المسيحية المحبة للسلام قوّضت من القوة العسكرية لروما? ولو حدث ذلك, هل أثر هذا على القبائل التي ورثت الإمبراطورية? بل أصبح غالبية الغزاة مسيحيين, ولم يعودوا إلى عدائهم لأحد, أجيال من المؤرخين أمعنوا التفكير في هذه المعضلة التاريخية!

ويعد بيتر هيثر, مؤلف هذا الكتاب, آخر من قدم تحليلاته, حيث قال: إن الأحدثين من المعلقين جادلوا بأن قالوا إن الإمبراطورية الرومانية لم تنته هكذا بين عشية وضحاها, ولكنها اجتازت تغيرًا تدريجيًا, وعلى النقيض, فإن بعض الكُتّاب قالوا إن الغزوات الجرمانية (الذين قادهم أودواسر عام 476م, وهو الحدث الذي جعله المؤرخون حد النهاية لعصور التاريخ القديم), كانت أقل جدية مما يدّعي أي إنسان.

عارض (هيثر) هذين الاتهامين بعنف, لقد فسر ما اعتقد أنه قصة معقدة, ملطخة بالدم, تأخذ الدهشة بألبابهم في كل ركن, على الأقل خلال المائة سنة الأخيرة من عمر الإمبراطورية لدى الغرب, وقد قصّ هذا بإتقان, أولاً, أن الرومان شيّدوا حكومة مترامية الأطراف, يتحصّل كل فرد على دعم مالي, ساد حكم القانون, وأخيرًا, الحرية لكل الناس. ثانيًا, ماذا فعل هؤلاء البرابرة (الهمجيون)? لقد تواكبت التحديات العسكرية مع أفول نجم هذه الإمبراطورية من قبل هؤلاء المغوليين المتوحشين, أو من كان يطلق عليهم (الهون).

هذا الاتجاه تم تناوله كما قيل, ولكن ليست هناك أي تفسيرات منفردة لسقوط الإمبراطورية, وعلى نطاق واسع, هذا جزء من فصل من الأحداث, وفوق كل ذلك, لم يحل الرومان هذه المعضلة كيف كانوا ينتقلون برفق من منطقة في الإمبراطورية إلى منطقة أخرى, والنتيجة كانت متواصلة, حيث استمرت الحروب الأهلية, التي أضعفت كلا المتنافسين.

هذه الأشياء, ربما لا تثبت الغزوات البربرية, وهذه الحملات العسكرية تحتاج إلى مزيد من الوقت الكافي, حتى يصبح مواطنوها, رومانيين منتسبين إلى تلك الإمبراطورية المترامية الأطراف, ولكن كل إمبراطور كان يحيط به إما محتال مخادع, أو أحمق, أو طفل, هذا روميليوس أغسطس كان غِرًا صغيرًا عندما حكم, فأحيط قصره بما سبق من حاشية, على الرغم من أنه كان بمنزلة (تحذير مرعب لمخاطر الحكومات الفاسدة).

 

بيتر هيثر

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات