فتيات ليل واقفات على باب مغلق بأفينيون. أبولينير المدافع أبداً عن بيكاسو والمعجب به يقول عن اللوحة: فوضى فلسفية, إنها وحشيته في حدها الأقصى. كأن عبقرية الفنان قد أصابها الشلل. كأن القيم الفنية القديمة والحديثة ضربت حتى الموت أمام عيوننا. أقدام كبيرة, أثداء كبيرة, نظرات وحشية, ملامح خشنة, وحشية لم يعرفها الفن الغربي. في الرسوم التحضيرية وضع في منتصف اللوحة بحارا. خاف من التبسيط والرمز المفسد للوحة. اللوحة تحققت مرتين صاخبتين عارمتين الأولى في أبريل والثانية في يوليو.

الفن الإفريقي بالتروكاديرو موضة باريس هذه الأيام.

هل هي إجابة ما أو محاورة ما مع (المستحمات) لسيزان?.. أيضا نذكر الحمام التركي لآنجر والذي قد عرض منذ سنتين في صالون الخريف.

المشاغب بيكاسو أراد أن يأخذ على غرة أو على القدم الثابتة كما يقول لاعبو الكرة. لوحة آنجر, الفن يشاغب الفن, الفن يحاور الفن, الفن لعب وشقاوة.

إنه عمل يجرح العين ويقتحمها في آن واحد.

قارن هذا العمل بالمرحلة الزرقاء ثم المرحلة الوردية. الفنان هادم حتى لقانون من أجل خلق قانون جديد! أليس كذلك?

الناقد فيليكس فينيون: يا بني يبدو أنه عليك أن تذهب إلى عالم الكاريكاتير!

لوحة انفصال وقطيعة عن عالمه السابق في الفن. لوحة تفتح آفاقا جديدة لفن القرن.

بعد التلقي السلبي للنقاد والزملاء أدار بيكاسو اللوحة على ظهرها ووضعها في ركن مظلم بمرسمه بالرغم من اعجاب جيرترود شتاين وأخيها ليو ويبدو أنهما كانا الوحيدين بالإضافة إلى الفنان اللذين أحبا اللوحة.

وهل يبحث بيكاسو عن الحب?

وبعد ذلك سيظل رأيي قائماً بأن التقليد الغربي للفن الياباني أو الإفريقي ظل شكلياً سطحياً وأن لوحة آنسات أفينيون هي مجرد معبر إلى التكعيبية التي سينجز فيها بيكاسو وبراك وسيتبعهما الآخرون وأرى أن الأعمال التي استعارت الشكل الإفريقي ما هي إلا دروس ومحاولات حتى يجد الفنان نفسه والفن أيضاً.