شفط الدهون حدود ومخاطر!

شفط الدهون حدود ومخاطر!

إن الحمية والتمارين الرياضية والحرص في اختيار الملابس المناسبة تساعد الكثيرين على الظهور بمظهر أفضل، إلا أن الكثيرين يبقون غير راضين وذلك بسبب التراكمات الدهنية والشحمية العنيدة في أماكن معينة تشوه رشاقة الجسد. وتأتي عمليات شفط الدهون كحل طبي مقترح ضمن عمليات جراحة التجميل بصفة عامة، وعمليات تحسين تناسق القوام ( body sculpture ) بصفة خاصة. فبعد أن كانت عمليات شفط الدهون قديما تعتمد على إزالة الجلد والدهون من المنطقة المراد التخلص منها، أصبحت الآن أكثر تطورا وتعتمد على إزالة الدهون من فتحات صغيرة في الجلد بالمنطقة المراد إزالة الدهون منها، وهي عملية آمنة ذات فعالية عالية إذا أجريت بتقنين طبي صارم، وتسمح للرجال والنساء على السواء بتحسين تناسق أجسادهم من دون ندبات كبيرة مما جعلها من أكثر عمليات التجميل شيوعا. فيمكن الآن للرجال والنساء استخدام هذه الجراحة كثيرا لتشكيل الجسم وإزالة التراكمات الدهنية من تحت الذقن والبطن والخصر والأرداف والفخذين والمقعدة والركبة والساق والكاحل. وتبدو حاجة الرجال إلى هذه العملية بشكل أكثر عند تراكم الدهون بمنطقة الخصر، أو الذقن المزدوجة (اللغد) أو زيادة الدهون بجدار البطن، أما النساء فإن حاجتهن إلى هذه العملية عادة ما تكون لإزالة التراكمات الدهنية بمنطقة الأرداف أو منطقة الفخذين أو البطن أو الذقن كما تستخدم كجزء مكمل لعملية شد البطن، أو شد الوجه أو تصغير الثدي، للحصول على شكل أفضل.

إن هذه العملية مصممة لهؤلاء الذي يعانون توضّعات دهنية عنيدة لا يمكن التخلص منها بالرغم من محاولاتهم المتكررة والفاشلة باتباع الحمية والقيام بالتمارين الرياضية واستخدام الأدوية.

هنا لا بد من التأكيد على أن عملية شفط الدهون ليست وسيلة لإنقاص الوزن الزائد كما هو شائع عند كثير من الناس ولكنها تهدف إلى التخلص من الشحوم (الدهون) الزائدة والتي فشلت محاولات التخلص منها سواء بطرق الريجيم الغذائي أو الرياضة. من هنا يتضح أن أفضل النتائج لعملية شفط الدهون يمكن الحصول عليها مع المرضى أصحاب الوزن المعتدل ممن يعانون وجود بعض التجمعات الدهنية في مواضع معينة في الجسم، وننصح من يقدم على إجراء عملية شفط دهون بأهمية المحافظة على وزنه خاصة في الأشهرالأولى.

تقاس عملية شفط الدهون الناجحة بالسنتيمترات وليس بالكيلو غرامات، فالوزن الناقص لا يساوي أهمية التحسن في شكل الجسم. ويعتبر شفط كميات كبيرة من الدهون بهدف تنزيل الوزن (15-20كغ) عملية خطرة وغير مسموح بها في البلاد المتقدمة.

إن المرضى المثاليين لعملية إعادة تشكيل الجسم هم هؤلاء الذين يتمتعون بجلد متين ومرن، كما يجب أن يكونوا بصحة جيدة. ومن الشائع أن يكونوا قد حاولوا التخلص من التوضعات الشحمية بواسطة الحمية والتمارين الرياضية، كما يجب أن يكون لديهم مناطق واضحة من الدهون المتمركزة وغير المتناسقة مع باقي الجسم ويجب أن تكون أهدافهم وآمالهم واقعية ومعقولة، فالهدف هو التحسن الواضح وليس الكمال. ويجب أخذ النقاط التالية بعين الاعتبار:

  • الموازنة ما بين النتائج الإيجابية للعملية والمخاطر المحتملة مع مراعاة السن والحالة الصحية.
  • الخضوع لمقابلة مطولة مع جراح التجميل لأخذ التاريخ المرضي ولعمل الفحص السريري وتنفيذ الفحوصات العملية المطلوبة ومناقشة إجراءات العملية وعدم إخفاء أية معلومات تتعلق بالتاريخ المرضي والعمر الحقيقي حتى لاتحدث مفاجآت صحية خطرة كما حدث في حالات مشهورة نشرتها صفحات الحوادث.
  • عدم المبالغة في انتظار نتائج خارقة، حيث إن أغلب هذه العمليات تصلح بعض العيوب أو الكثير منها، لكنها لاتصلح كل العيوب.

هل يكون التخلص من الدهون نهائيا؟ نعم، لأنه وبعد سن البلوغ فإن جسـدنا يتوقف عن صنع خلايا دهنية جديدة. وعندما يزداد وزنك يزداد حجم هذه الخلايا الدهنية. إن عملية شفط الدهون تزيل خلايا الدهون وبشكل دائم. واستعدادك لزيادة الوزن بعد عملية شفط الدهون يتوقف على الخلايا الدهنية المتبقية في جسمك. والتراكمات الدهنية العنيدة الموجودة قبل عملية الشفط لا يمكن لها أن تنتفخ مرة أخرى بشكل غير متناسب مع المناطق المحيطة.

و هنا يجب أن نميز بين نوعين: الشحوم المتراكمة وراثيا والشحوم المتراكمة نتيجة التغذية والسمنة، فالأولى تبقى حتى بعد إجراء حمية غذائية ولا تعود بعد شفطها، وتوجد عادة في منطقة الفخذ والكتف وخلف الرقبة وفي منطقة الظهر، وغالبا ما تكون موجودة عند أفراد عدة في العائلة: البنت والأم والخالة والجدّة، أما شحوم السمنة فيكون وجود أغلبها في البطن. وهذه الشحوم قابلة للعودة بعد الشفط إذا لم يحافظ المريض على انضباط غذائه، وهي قابلة للزوال بعد حمية غذائية مناسبة مع ممارسة نشاط رياضي مناسب.

هل يمكن أن أتخلص من التجاعيد عن طريق إعادة حقن الشحم المزال من جسدي ؟ بالتأكيد.. يمكن أن نعيد حقن الشحم لمعالجة التجاعيد في وجهك. وهذه عملية بسيطة يمكن لها أن تؤجل إجراء عمليات أخرى أكبر مثل عملية شد الوجه، حيث يمكن أن تحفظ الدهون في الثلاجة لسنوات بحيث تكون صالحة للاستخدام عند الحاجة، كما هو الأمر في بنوك الدم والقرنيات والنطاف.

كيفية إجراء الجراحة

تستغرق العملية زمنا ما بين نصف ساعة إلى ساعات عدة وذلك تبعا لكمية الدهون المستخرجة من الشخص. ويمكن إجراء هذه العملية تحت مخدر موضعي أو كلي. وفي كلتا الحالتين يمكن للمريض الخروج من المستشفى في اليوم نفسه إذا كانت كمية الدهون المستخرجة صغيرة، أما إذا كان العكس فينصح بأن يبقى المريض في المستشفى يوما على الأقل. وتبدأ العملية بإجراء فتحات صغيرة بالجلد تتراوح ما بين 5 إلى 10 ملليمترات، ويراعى عادة أن تكون في الأماكن غير الظاهرة بالجسد ومن خلال هذه الفتحات يتم حقن كمية من المخدر الموضعي مع مادة قابضة للشعيرات الدموية، ويتم إدخال أنبوب معدني وغير حاد يتم تحريكه برفق، تحت الجلد في الأنسجة الدهنية العميقة، لتحرير الدهون، ويكون هذا الأنبوب متصلا بجهاز امتصاص ذي ضغط عالٍ لشفط الدهون ويقوم الطبيب بتحديد كمية الدهون التي يجب التخلص منها أثناء العملية، للحصول على أفضل منسوب للمنطقة المراد إصلاحها عن طريق النظر واللمس والضغط على الجلد، وحتى لا ينتج اختلال في تناسق الجسم خلال هذه العملية ولاتتم إزالة كل الدهون الموجودة، بل يراعى دائما ترك الطبقة السطحية من الدهون.

وبعد الانتهاء من الشفط يقوم الطبيب بإغلاق هذه الفتحات وتضميدها ثم وضع الأربطة الضاغطة على المنطقة كلها، لتفادي حدوث نزيف أو تجمع دموي تحت الجلد، كما يساعد ذلك على تقليل التورم بمنطقة العملية، ويعمل على التصاق الجلد في المكان الجديد. بعد ذلك يتم ارتداء كساء خاص ضاغط مطابق للمنطقة التي أجريت بها العملية تحت الملابس العادية لمدة شهر على الأقل بعد العملية حتى يلتصق الجلد في المكان الجديد بعد تفريغ الدهون منه.

وعادة ما يشعر المريض ببعض الألم بعد إجراء العملية، شبيهة بألم الكدمات ولكنه لايستمر طويلا ويمكن التغلب عليه بسهولة ببعض العقاقير المسكنة البسيطة وعادة ما تتناسب هذه الآلام مع كمية الدهون المشفوطة. كما تظهر على الجلد بعض الكدمات الزرقاء، ولكنها عادة لا تستمر أكثر من 10 إلى 15 يوما، الا أنه يفضل عدم التعرض لأشعة الشمس لعدة شهور بعد العملية حتى لاتترك آثارا دائمة.

وقد يظهر تغير ملحوظ في الوزن، إلا أنه يقل تدريجيا من الأسبوع الثامن بعد العملية، كما أن مقاسات المنطقة تقل تدريجيا في فترة تتراوح بين ستة الى ثمانية أسابيع وذلك نتيجة للانتفاخ والتورم الذي عادة ما يصيب المنطقة بعد العملية. وإذا كان التورم شديدا فيمكن استعمال المساج أو الموجات فوق الصوتية للمساعدة في تقليل التورم. ويمكن للمريض مزاولة نشاطه الطبيعي بعد أسبوع من إجراء العملية، ولكن يفضل الانتظار أسابيع عدة قبل القيام بأي مجهود شاق أو مزاولة تمارين رياضية.

كيف سيبدو الجلد؟

النتيجة النهائية لعملية شفط الدهون لا تظهر مباشرة بل على العكس قد يلاحظ المريض زيادة طفيفة في الوزن ويجد منطقة الشفط بها كدمات وتورمات مؤقتة تزول بمرور الوقت. والنتيجة النهائية لعملية شفط الدهون تظهر فعليا بعد ستة أشهر على الأقل. وعادة يستطيع المريض الحركة والسير خلال يوم أو اثنين من العملية ويتوقف هذا إلى حد كبير على كمية وموضع الدهون التي تم شفطها.

قد لا تتحسن التعرّجات أو الحفر الجلدية والتموّجات وتشقق جلد البطن تحسنا كبيرا بعد عملية شفط الدهون. وسيكون الشكل الجديد مشابها لما كنت تتوقع فيما لو فقدت كمية مساوية من الشحم عن طريق الحمية أو التمارين الرياضية. إن استخدام الأنابيب الصغيرة يحافظ على الأربطة الليفية بين الجلد والمناطق التي تحته. تتقلص هذه الأربطة مع مرور الوقت مما يؤدي لزوال الكثير من الترهلات الجلدية، وبالتالي يتفادى الكثيرون ضرورة القيام باستئصال الجلد بواسطة عمل جراحي أكبر، أي عملية شد البطن. هل سأحتاج إلى عملية أخرى ؟ على الأرجح تكون عملية واحدة كافية، بعض المرضى يحتاجون على أية حال إلى عملية - نحت جراحية بسيطة في مواعيد تالية.

يستطيع المريض عادة العودة إلى مقر عمله خلال يومين أو ثلاثة وإن كان في بعض الحالات قد يتأخر ذلك لمدة أسبوعين حسب نوع العملية. كذلك العودة إلى النشاط اليومي المعتاد يتوقف إلى حد كبير على مقدار الشفط وعلى الحالة العامة للمريض. والانتفاخ والتغير الحادث للون الجلد في موضع العملية عادة يزول خلال شهر أو شهرين من عملية الشفط. السؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل ستدوم نتيجة عملية الشفط مدى الحياة؟ الإجابة نعم بشرط الاستمرار في اتباع نظام غذائي مناسب مع المحافظة على الرياضة المنتظمة. ومن المحبذ أن تباشر نشاطك الاعتيادي في اليوم التالي من العملية ولكن يجب تجنب النشاط المضني في بعض الحالات ولبضعة أسابيع. ويُسمح بالتمارين الخفيفة بعد بضعة أيام كما ترفع الضمادات عادة بعد أربعة أيام.

العواقب، والخطورة

المشكلة الأساسية التي يمكن أن تحدث تبعا لهذه العملية هي تموج الجلد الناتج عن شفط الدهون بطريقة غير مستوية أو ارتخائه وترهل الجلد، في مريض عنده ترهل قبل العملية، مما يؤدي الى انكماش الجلد بطريقة غير ملائمة، وذلك يستلزم أحيانا إجراء عملية جراحية أخرى للوصول الى أفضل النتائج. أما بالنسبة للتموج الجلدي فإنه لايختفي بعد العملية المعتادة، ولذا يستلزم تطوير العملية بإجراء شفط من طبقة الدهون السطحية حيث يفيد في علاج بعض الترهلات البسيطة بالجلد. أيضا لابد من ذكر أن العملية لا تؤدي إلى أورام خبيثة كما كان شائعا قديما، وأيضا لا تؤثر في القدرة على الانجاب عند النساء والرجال. وبذلك يستمتع الإنسان بحياته بعيدا عن السمنة وأضرارها.

هل هذه العملية خطيرة؟

إن عملية شفط الدهون هي أكثر العمليات شيوعا وشعبية في العالم، وكما في كل الجراحات فإن عمليات الجراحة التجميلية تتضمن بعض المخاطر وتعد جراحة شفط الدهون من أكثر جراحات التجميل شيوعا في الغرب، وخصوصا في الولايات المتحدة، وحسب أرقام الجمعية الأمريكية لأخصائيي جراحة التجميل وإعادة التأهيل تم إجراء نحو ثلاثمائة ألف جراحة لإزالة الدهون خلال العام الماضي وحده. ومن أسباب شيوع هذه الجراحة التحسن الملحوظ في مستوى السلامة فيها، حيث قدر تقرير نشر في المجلة الأمريكية لجراحة التجميل خطر الموت من جراء إجراء العملية بحالة واحدة من نحو 415 عملية بشرط ألا تلازمها عملية جراحية أخرى. لقد أجريت آلاف العمليات من دون أية مضاعفات خطيرة وذلك باستخدام التقنيات الحديثة. وفي حالات نادرة يمكن حدوث مشاكل صغيرة مثل التورم المؤقت أو الخـدر المؤقت، أو تموج الجلد الخفيف في بعض الأماكن. إن حوادث الوفاة أو النزف الذي يتطلب نقل الدم أو الدخول إلى العناية المشددة بسبب الصمامات الرئوية تحدث فقط لدى استعمال التخدير العام من أجل شفط كميات كبيرة من الدهون في آن واحد، بهدف تنزيل الوزن، وهذا الأمر غير مسموح به في البلدان المتقدمة علميا والمنضبطة طبيا،ولكن استخدام عملية شفط الدهون لإنقاص الوزن، وبإفراط، أعطى لهذه العملية الأنيقة سمعة سيئة في الشرق الأوسط.

ههنا، في قلبيَ الرحْبِ، العميق! يرقص الموتُ وأطيافُ الوجودْ!
ههنا، تعصف أهوالُ الدجى ههنا، تخفِقُ أحلامُ الورودْ
ههنا، تهتف أصداءُ الفنا ههنا، تُعزَفُ ألحانُ الخلودْ
ههنا، تمشي الأماني، والهوى، والأسى في موكبٍ فخْمِ النشيدْ


 

محمد حسن الفحار 




طبقات الدهون الموجودة تحت الجلد: الطبقات السطحية والوسطى والعميقة. يتم شفط الدهون من المناطق العميقة





تبدأ عملية شفط الدهون بحقن مخدر موضعي في المكان المحدد شفط الدهون منه





جهاز امتصاص ذو ضغط عال يقوم بامتصاص الدهون الزائدة





إذا تم شفط الدهون بكمية كبيرة يجب أن يبقى المريض في المستشفى





يجب عدم شفط الدهون بكميات كبيرة حتى لا يتسبب في إرتخاء الجلد