متى تنطلق ثقافتنا من عقالها؟

 متى تنطلق ثقافتنا من عقالها؟

كتب د. عبدالله الجسمي مقالاً في مجلتنا الغراء «العربي» جاء تحت عنوان «الدور الشعبي ونهوض الثقافة العربية» في العدد (556) مارس 2005، وقد تطرق إلى واقع الثقافة ماضيًا وحاضرًا، محاولاً تبيان الفارق الكبير بين هاتين المرحلتين، أي بين ماض كانت الثقافة فيه ناهضة ومتقدمة، وبين واقع ثقافي حالي مؤلم ومحزن اتسم بالتراجع والنكوص، وفي ضوء ما طرحه الكاتب، أجد أنه قد وضع يده على الألم الذي أصاب جسمنا الثقافي العربي، وحاول مشكورًا أن يدلنا على وصفة الدواء الناجعة، التي تمكننا بالفعل من استعادة عافية ثقافتنا كي تنهض من جديد، وتنفض من على كاهلها هذا الغبار الذي تراكم ردحًا من الوقت، وتتمثل هذه الوصفة التي أرشدنا الكاتب إليها بـ «تحرير الثقافة العربية من الهيمنة السياسية»، وكف الساسة والسياسيين من محاولات الاستمرار في تدجينها ومسخها وإفراغها من محتواها وطابعها الشعبي.

إذا كان الكاتب في مقاله الضافي والشافي قد استخلص الأسباب والمسببات، التي أدت إلى تراجع ثقافتنا العربية خطوات إلى الوراء من واقع قراءته لماضيها المزدهر والمتقدم، فإنه قد أراد أن يقول لنا بأسلوب واضح وجليّ إن تجربة الماضي الثقافية الزاخرة جديرة بالتوقف عند محطاتها المضيئة لاستلهام دروسها المشرقة، إذا ما أردنا الخروج من أزمتنا الثقافية الحالية، واستعادة دورها الذي أفل وذبل، وهذا لن يتأتى إلا من خلال إعادة الاعتبار للمواطن العربي كي يستعيد دوره المسلوب والمصادر الذي انتزع عنوة منه، وعلى غفلة من الزمن بفعل تسييس الثقافة، وهنا أتساءل قائلاً: ألم يحن الوقت كي نطلق عنان العقل العربي، ونحرر ملكة الإبداع والتفكير من قمع وجلافة السلطة؟!! وهل يستطيع العقل أن يعطي دون حرية؟!

أسئلة يظل مفتاحها بيد من أغلقوا العقول بأقفال حديدية، حتى يدرك هؤلاء الحقيقة المرّة، ويفقهوا معانيها، هذه الحقيقة التي نوّه إليها الكاتب حين قال «إن الثقافة العقلية هي مفتاح العصر وطريقة تفكيره، ومن لا يفكر بطريقة عصره فسيبقى في مؤخرة الركب».

محمد عبدالرحمن العبّادي
محافظة الضالع - اليمن