إشعاع متواصل

إشعاع متواصل

اعتبر اللبنانيون جبران رمزًا لإشعاعهم في العالم، وهو إشعاع متواصل في نظرهم منذ أيام قدموس الفينيقي إلى اليوم.

كان قدموس قد زرع في العالم القديم مدنًا وحضارات وهو في طريقه بحرًا إلى اليونان لاسترجاع شقيقته أوربا، التي خطفها أوش كبير الآلهة الإغريق. وأوربا، كما تقول الأسطورة، هي التي وهبت أوربا اسمها، وهي بدورها نموذج لهذا الإشعاع اللبناني.

أما الأمريكيون فقد تعاملوا مع جبران كراءٍ ملهم، إن لم يكن أكثر من ذلك، إذ وجدوا في سيرته وفي كتبه مسحة روحية هم بأمسّ الحاجة إليها في حمّى الحياة المادية الطاغية على مجتمعهم. وعندما قرأوا كتابه «النبي» الذي صدر لأول مرة بالإنجليزية سنة 1923، افتتنوا به أيّما افتتان، فجعلوا يتلونه في معابدهم، كما يتلون الأناجيل والتوراة. ومع الوقت، تحوّل إلى رمز أمريكي، مهملين مسألة لبنانيته، أو تحدره من أصول لبنانية وعربية. وكان من الطبيعي، أو من غير المستغرب، أن يهملوا هذه المسألة لأنهم كلهم، مثل جبران، متحدّرون من أصول أجنبية، ما عدا الهنود الحمر، الذين يؤلفون في المجتمع الأمريكي نوعًا من ظاهرة فولكلورية هي في طريقها إلى الانقراض.

ومَن يراقب كيفية تعامل الأمريكيين مع جبران، يروعه نسبة «الأمركة» العالمية التي منحوها له. فعندما دعوا قبل سنوات بعض الوجهاء والمثقفين اللبنانيين لحضور احتفال تكريمي لجبران أقاموه في العاصمة واشنطن وحضره معهم الرئيس الأمريكي بيل كلينتون، لم يتعرف هؤلاء الوجهاء والمثقفون إلى ملامح جبران اللبناني، ابن مدينة بشري التي وُلد ونشأ فيها. وبلسانهم، وعند عودته إلى لبنان، تحدث نائب بشري السابق جبران طوق، لوسائل الإعلام اللبنانية عن مشاهداته في هذا الاحتفال، فقال بكل بساطة: «لم نعرفه ألبتة. لقد أمركوه تمامًا». أي أن الأمريكيين تعاملوا مع جبران كما لو أنه أمريكي كان مقيمًا حينًا من الدهر في بوسطن، قبل أن يعيش لاحقًا في نيويورك.

ولكن ظل عند اللبنانيين بصيص أمل في استرجاع لبنانيته، فقد عادوا إلى سجلات النفوس في بشري ووجدوا أنه لم يكن ولد فيها سنة 1883، فقد ولد- حسب كتاب لفؤاد البستاني- في وادي الرطل قرب الهرمل، وهي منطقة لرعي الماعز وسائر الماشية، كان أهل بشري ومنهم والد جبران يصطافون فيها مع ماشيتهم عندما يقل الكلأ صيفًا في بشري.

ثم وجدوا ما يؤكد هذه اللبنانية في سجلات مدرسة الحكمة المارونية في بيروت التي درس فيها، بعد عودة مفاجئة له من أمريكا، إلى جنب الشاعر بشارة عبدالله الخوري الأخطل الصغير والرسام يوسف الحويك.

حنين لا ينضب

وكان عند اللبنانيين مستندات أخرى كثيرة تثبت لبنانية جبران، منها حنين لا ينضب في كتاباته إلى بشري ونبع مار سركيس في إهدن. ومنها مساهمات سياسية حتى، في لجان تألفت في أمريكا إبان الحرب العالمية الأولى لتقديم المعونة لشعب لبنان وسورية الذي كان يواجه الجوع والموت. وهناك - بالطبع - كتبه التي كتبها بالعربية، وفي بعضها يتحدث عن ذكريات الطفولة، والحب المبكر، في بلده الأم لبنان.

ولكن اللبنانيين لم يكونوا كلهم بمثل هذا التعامل العاطفي أو الرومانسي مع جبران، فقد سخر دعاة اللغة العربية الرفيعة من لغته العربية الركيكة، سواء في شعره أو في نثره، فسعيد عقل لم يأت على ذكره يومًا بخير، وأمين نخلة أورد مرة قولاً لجبران يتعلق بالمساواة بين البشر من موشح له طويل:

ليس في الغابات حرٌّ لا ولا العبدُ الذميمْ
إنما الأمجاد سخفٌ وفقاقيعُ تعوم!


فسخر من «الفقاقيع التي تعوم»، وأضاف: إذا كان جبران يتحدث في هذين البيتين عن المساواة، فأين ذلك كله من قول الشاعر العربي القديم:

وإن جاءني يلتفّ بالطمر أحمرٌ أتاني أخًا من جانب الأرض يُقبل


أما ميخائيل نعيمة، رفيقه في الرابطة القلمية، فقد خفّف كثيرًا من وهج سيرته وأدبه وشعره في كتابه الشهير عنه، إن لم نقل إنه عمل على في تقييمه. فتارة اعتبره أهم كاتب أطلعه الشرق (مقدمته للأعمال الكاملة لجبران)، وتارة أخرى اعتبره مجرد رسّام أولاً وكاتب ثانيًا، وأنه رحمه ولم يَقْس عليه في كتابه «جبران خليل جبران»، ولو أنه تحدث عنه بصراحة لخرج جبران من بين يديه حطامًا أو رمادًا.

وسخر آخرون من أعمال جبران الشعرية والنثرية الأخرى، ومنها روايته «الأجنـحة المتكسّرة» التي تحسن في نظرهم من مبتدئ، ولكن على أن يخجل منها هذا المبتدئ في وقت لاحق فلا يضمها إلى أعماله الكاملة عند إعادة طبعها، أو يطلب الصفح عنها من الذاكرة الأدبية على أساس أنها من مرحلة البدايات.

وإذا كان هذا هو حال أكثر النخب اللبنانية في التعامل مع أدب جبران، فإن حال أكثر النخب العربية لم يختلف تقريبًا عن حالهم. فعباس محمود العقاد، على سبيل المثال، كان من هؤلاء الساخرين، وكان يحلو له أن يغيظ صديقته، وصديقة جبران أيضًا، الآنسة مي زيادة فيصارحها برأيه في أدب جبران، فتقوم القيامة بينهما بعد ذلك.

روح الإنسان

ويبدو أن ما جعل جبران يطفو على سطح الماء، إذ تقوم باستمرار احتفالات عالمية، أو شبه عالمية، حول أدبه، هو الروح الإنسانية التي تغمر هذا الأدب، وبخاصة كتابه «النبي» الذي يأتي, من حيث عدد المطبوع منه، مباشرة بعد الكتاب المقدس، كما يأتي، من حيث القيم التي يبشر بها، ومنها المحبة والتسامح والرحمة، قمة في التسامي الروحي والإنساني.

ففي الذكرى السنوية لغيابه هذا العام، وبمناسبة مرور ثلاثة أرباع القرن (75 عامًا) على غيابه (1931-2006) أعلن منبر جبران للأبحاث والدراسات في جامعة ميريلاند الأمريكية عن ولادة «الاتحاد العالمي لدراسة حياة جبران وآثاره». وقد ركز الاتحاد في أنشطته ومؤتمراته على «أثر أعمال جبران في الحوار بين الحضارات، وحقوق الإنسان، والمصالحة بين الشعوب طريقًا إلى احترام الأديان، والأسس الأخلاقية والروحية للمجتمع الدولي، انطلاقًا من كونه يختزن في كتاباته تأثيرات غنية استقاها من المسيحية والإسلام، ومن أجواء الشعراء الصوفيين العرب، ومن مناخات الأدب الأمريكي والإنجليزي وأدب الشرق الأقصى». وكل هذه القيم تشعّ، أول ما تشعّ، عند جبران، في كتابه «البني».

وقد تعامل قسم كبير من دارسي جبران اللبنانيين بمودة وبرومانسية شديدة مع سيرته، إذ قال بعضهم إنه ليلة ولادة جبران ظهرت علامات غريبة في الفلك فوق بشري صاحبت هذه الولادة، شبيهة بتلك العلامات التي ظهرت فوق بيت لحم ليلة ولادة السيد المسيح.

وقد قصد هؤلاء الدارسون إلحاق جبران بجماعة الأنبياء والأولياء، وصوّره دارسون لبنانيون آخرون على أنه لم يقرب الخطيئة مع النساء، وأن علاقته بهن جلّلتها العفة على الدوام. وعلى العموم أحاط هؤلاء الدارسون سيرته بما يليق بها من نزعة روحانية عزّزها عندهم إيمانه بالغنوصية الشرقية، وبعودة الروح مرة، أو مرات أخرى، إلى الجسد بعد مفارقتها إياه. ولا ننسى أيضًا رسومه ذات الطابع الرؤيوي المغرق في التجريد. فقد أسهمت هذه الرسوم في إسباغ الرومانسية على سيرته، وكأن هذه الرسوم كانت من وحي نفس موغلة في السرّ والإبهام والقداسة معًا. هذا مع الإشارة إلى اختلاف النقاد حول أهميته كرسام، إذ قال كثيرون منهم إن رسومه التي قلّد فيها الرسام الإنجليزي بليك لا قيمة فنية عالية لها، فما هي في الواقع سوى تنويع على رسم هيولي واحد لاغير. في حين أن دارسين آخرين له لم يروا في «النبي» سوى عبارات إنشائية غامضة شبيهة بما يُنشر في زماننا الراهن من نصوص تحت عنوان قصائد النثر.ولكن الدراسات العلمية الحديثة، وبخاصة تلك التي كتبها باحثون غربيون، انتزعت جبران من أسطورته التي حاول بناءها بنفسه، كما بناها معه لاحقًا، بعض دارسيه اللبنانيين، وتعاملت معه بروح أكاديمية ومنهجية صرفة. وقد خرج جبران من هذه الدراسات العلمية على نحو مختلف عمّا شاع عنه وذاع. ففي ضوئها يبدو جبران مشدودًا إلى نِعم هذا العالم، تجتذبه شهوات الجنس إذ تصنفه إحدى صديقاته، واسمها شارلوت، أنه زير نساء، وقد عبّرت صديقة أخرى، اسمها ميشلين، حملت منه ثم اضطرت للإجهاض، إن الكلمات الحميمة الدافئة التي كان يهمس بها في أذنيها، كثيرًا ماألقاها على مسامع نساء كثيرات غيرها، كما يفعل، على كل حال، جميع الرجال، وعندما أوصلت ماري هاسكل، وهي صديقته وداعيته، هذه الأخبار إليه ذات يوم، كذّبها على الفور وذكّرها بعمله اليومي المرهق، إذ أين يجد الوقت اللازم للأنصراف إلى حاجات القلب والجسد؟ صحيح - قال لها - إنه يلتقي بنساء كثيرات يقدّرن نتاجه الفني، ولكن هل يجب الاستنتاج بأنه يمارس معــهن فعل الحب في جميع الأحوال؟

كشف القناع

في بداية سنوات 1980، طلب أحدهم من دورا زوجة الشاعر إيليا أبي ماضي، زميل جبران في الرابطة القلمية، أن تروي له ما تعرفه عن حياة جبران العاطفية، فضحكت وهتفت: «أراد أن يتزوجهن جميعًا». كانت دورا تعرف جبران منذ العشرينيات. وفي فكاهتها التي تتضمن سلامة النية وصدقها، نجد أسبابًا كافية لنزع القناع عن الأسطورة، وموازنة الصورة المزيفة التي يعرضها جبران أمام ماري هاسكل، الركيزة الصلبة والضرورية لحياته.

وبالإضافة إلى تكتّمه على مغامراته العاطفية، أعطى جبران ماري هاسكل صورة أقل ما يقال فيها أنها كاذبة عن وضعه العائلي في لبنان كشفت عنها الوثائق التي أودعتها هاسكل، قبل موتها، إحدى الجامعات الأمريكية، ونشرها، توفيق صايغ بعد ترجمتها إلى العربية. المعروف أن والد جبران كان فلاحًا بسيطًا يعتاش من تربية الماعز، وكان يملك منزلاً من حجر الدبش وسقفا من طين شبه منهار. ومع الوقت، أصبح هذا المنزل غير صالح للسكن مما اضطر العائلة لمغادرته واللجوء إلى الإقامة في بناء قدّمه أحد وجهاء بشري مجانًا للعائلة لقاء ولائها السياسي له. وعندما يئست كاملة، والدة جبران، من سلوك زوجها السكير والمقامر المزمن، حملت أولادها إلى بيروت حيث أقلعت بها سفينة متوجهة إلى العالم الجديد. ولكن جبران في رسائله إلى ماري هاسكل، يرسم صورة مغايرة تمامًا لوضع أسرته في «الشرق»: لقد ولد في أسرة غنية تتميز بثقافتها وبموهبة موسيقية ورثتها أمه عن ذويها. «في بشري كانت العائلة تعيش في منزل حافل بالتحف القديمة والأشياء الثمينة. وكان الوالد يملك قصرًا في بشري، إحدى غرفه مخصصة للأسلحة». وفي هذه الرسائل يقارن جبران بين عيشة الفقر التي يعيشها في بوسطن، والرفاهية التي يتمتع بها والده في لبنان، محاطًا بالخدم والخيول.هذه اللوحة التي رسمها جبران لماري هاسكل لا تتناسب مطلقًا مع صورة الفقر المقترنة بأب فظ كسول. سألته ماري هاسكل مرة: هل عشت يومًا إلى جانب القوم البسطاء، وعملت معهم، وشاركتهم في طعامهم؟ يجيب جبران: كلا. ولكنني كنت أتمنى أن أفعل ذلك.

وفي سيرته كما تكشفها الدراسات الحديثة مايفيد أنه استغل ماديًا كل «أصدقائه». فالذي موّل رحلته الدولية إلى لبنان، وأنفق عليه، كان رسامًا احتضن بداياته اسمه فردْ هولنداي. وقد استغل جبران ماري هاسكل إلى أبعد حد، فهي التي موّلت رحلته الدراسية إلى فرنسا، وكانت تدفع أجرة محترفه وتشتري له غالبًا ثيابه. وقد قدّر جبران أهمية ما ترتب عليه من دين لها، إذ كتب لها في أبريل 1914: «أموالك وحبك حفظا حياتي خلال السنوات الأخيرة». وعندما عاتبته على أن المال وحده بقي رابطتهما، كرر لها أن الأمر ليس كذلك، فلحبّهما الأولوية»!

على أن حبه لهذه المرأة الوفية جدير بأن يُخصص له بحث مستقل. فلأنها لم تكن متوافرة على جمال جسدي، فقد أقنعها بضرورة أن تبقى علاقتها عذرية خالصة. إنها صديقته، ونجيّته، وهذا كاف. أما الزواج، والحب الجسدي الذي تطمح هي إليه معه، فلا لزوم له. لقد خطط بعناية لدورها في حياته: إنها صديقة، لا حبيبة ولاخليلة ولا زوجة. على أن أكثر تخطيط انصبّ على عزلها عزلاً تامًا عن أصدقائه في الرابطة القلمية مثل ميخائيل نعيمة ونسيب عريضة، وكذلك عن أنسبائه في بوسطن، وصديقات أخريات له. فلم تر ماري هؤلاء الأصدقاء والصديقات إلا عندما توجهت إلى مقر جمعية السيدات السوريات في نيويورك لإلقاء نظرة الوداع على جثمان جبران بعد أن توفي. فهل أدركت أخيرًا سبب امتناع جبران عن تعريفها بأصدقائه؟ وهل كان جبران يريد أن يستأثر وحده بالمساعدة المادية التي كانت تدعمه بها؟ أم أنه كان لا يريد أصلاً أن يعلم هؤلاء الأصدقاء بأن هذه المرأة الأمريكية تساعده، وأيضًا أن يكشف هؤلاء الأصدقاء أكاذيبه، وخاصة تلك التي تتعلق بطفولته، وأنه ليس أبدًا سليل أسرة غنية وذات شأن؟

على أن هذا «النبي» الذي أشاع كمية هائلة من الروحانية في كتبه كان، كما تصوره الدراسات الأخيرة، وبخاصة دراسة روبن ووترفيل عنه، شخصية نيويوركية اجتماعية بالمعنى المعروف للكلمة. فعندما كان يغادر «صومعته» الفنية عند المساء، كان يمضي ليله في صالونات سيدات أمريكيات يرتادها نساء ورجال من كل لون، كان بينهن مغنيات وراقصات. ويحفل كتاب أمريكي عنوانه «صور شخصيات» برسائل عدة من جبران تسهب في سرد العلاقات التي أقامها مع سيدات الطبقة الأمريكية ذات المستوى الاجتماعي الرفيع. أسلوب هذه الرسائل يطفح بتهذيب جم وإفراط في المجاملة، ومعظمها إجابات أعدت بعناية تلبية لدعوة عشاء، أو لشكر سيدة على استقبالها له في منتجعها الصيفي، أو للتعبير عن امتنانه لتهانيها بمناسبة صدور أحد كتبه. وعندما علم أن هذه السيدة مرضت يومًا كتب إليها: «الكلمات لا تكفي للتعبير عن حزني. إنني أفكر مثل جميع الذين يحبونك أنك الإنسانة الوحيدة على هذه الأرض التي يجب ألا تمرض». هذه اللهجة المطنبة في المديح والتملق، سرعان ما تغيرت بعد ذلك عندما غدا أكثر ثقة بنفسه وبمكانته إذ جعل يكتب إليها بعبارات أكثر بساطة وألفة.على أن الكارثة التي اكتشفتها ماري هاسكل، بعد سنوات من زواجها من شخص آخر مسنّ (بارك جبران بالطبع هذا الزواج) أن جبران كان مدمنًا على الكحول. فقد زارته ذات يوم، بعد انفضاض علاقتهما، لتجده متعبًا منهكًا، له وجه ترابي ولون ترابي، وشعر رمادي.

ضمور الموت

في نوفمبر 1930 أخذ جسمه المتورم يضمر بشكل سريع. كان أنسباؤه يعرفون أنه مصاب بمرض لا شفاء منه، وأنه ينتظر الموت بشجاعة. بل إنه رفض إجراء عملية جراحية، كان يمكن أن تنقذه. وبعد وفاته مباشرة، وتشريح جثته، كشف تقرير المستشفى الرسمي أن سبب الوفاة «تشمع في الكبد وبداية تدرن في إحدى الرئتين»، وهي آفة تعود في معظم الوقت إلى التسمم الكحولي، ولا تقتل مباشرة الشخص المصاب بها، لكنها تؤدي إما إلى نزيف داخلي، وإما إلى ضعف عام مما يسبب غيبوبة لا يستيقظ منها المريض بعدها. وفي رأي بعض الباحثين أن جبران، في سنواته الأخيرة، كان يتودد إلى الموت. كان هناك غياب أخته، وأخيه غير الشقيق، وأمه. مات الأولان يانعين وقضت الثالثة وهي لم تتعدّ مرحلة الشباب. ولأنه رومانسي، فلم يجد في الموت شرّا كبيرًا بل خلاص، أو هروب من مآسي هذا العالم للاستيقاظ في حياة أخرى أكثر نبلاً وجمالاً.

 جهاد فاضل 





بعض اعضاء الرابطة القلمية من اليسار لليمين نسيب عريضة, جبران خليل جبران عبد المسيح حداد, ميخائيل نعيمة.. تاريخ الصورة عام 1920