الطفل المنغولي.. كيف نتعامل معه؟

الطفل المنغولي.. كيف نتعامل معه؟

من هو الطفل المنغولي ؟!. وما هي صفاته ؟!. ولماذا وُلد بهذا الشكل؟!.. وما مدى إمكان معالجته؟! وماذا يجب أن نعرف عنه؟!

أطلق تعريف الطفل المنغولي، أو ما يعرف طبيًا باسم (متلازمة داون) (Downs Syndrome) على حالات بعينها يولد فيها الطفل حاملاً لعلامات المرض ومظاهره الواضحة عليه منذ ولادته بحيث يمكن تشخيص الحالة مباشرة بعد الولادة.

وقد عُرف الطفل المنغولي بهذا الاسم بسبب شكله الظاهري الذي يشبه أبناء العرق الأصفر من أبناء منغوليا والصين واليابان، إذ تكون العينان مائلتين مع وجود ثنيات مآقية فيهما، أما الفم فيبقى مفتوحا بسبب ضخامة اللسان النسبية حيث غالبا ما يكون متدليًا من الفم ومتشققًا بسبب تعرضه المستمر لتقلبات الجو، وأما الرأس فهو صغير الحجم نسبيا، وتمتاز يداه بكونهما مربوعتين فهما قصيرتان وعريضتان مع وجود ثنية واحدة في الكف، أما عضلاته ومفاصله فهي على درجة كبيرة من الرخاوة، بحيث يكون الطفل قادرًا على تحريك مفاصله حركات يعجز عن القيام بها الطفل الطبيعي، إلاّ أنّ أهم ما يميز الطفل المنغولي، ملامحه المعبّرة عن الطيبة والمستدرة لعطف الآخرين ومحبتهم، علاوة على اتصافه بالهدوء والنفس الرضية.

ويصنف الطفل المنغولي مع الأطفال المتخلفين عقليًا، إذ إن لديه درجة من البلاهة تجعله غير قادر على متابعة الدراسة كبقية أقرانه، وعلى الرغم من تخلفه من حيث تطور الحركات والأفعال عن بقية أقرانه، فإنه يصبح مع الزمن قادرًا على قضاء حاجاته دون مساعدة، كما يمكنه اكتساب بعض المهارات العملية البسيطة كالقيام بالخدمات المنزلية مثل التنظيف والترتيب، وقد يتعلم حياكة الصوف والحرف المماثلة، التي لاتتطلب مهارات فائقة، والتي يمكن إنجازها عن طريق تكرار حركات معينة، كما يمكن الاعتماد عليه في تأمين احتياجات المنزل من الأغراض والخضراوات والمتفرقات الأخرى.

وللطفل المنغولي إضافة لكل ماسبق ميزة مهمة يمتاز بها عن أقرانه الآخرين بكونه طفلاً ميالاً للمرح واللهو كما أنه طفل مسالم وادع وغير مزعج ولايسبب المشاكل لإخوته أو لأي من أفراد العائلة، فهو طفل لايعرف معنى العدوانية أو المشاكسة والنكد، وهو سهل الانقياد سلس الطباع.

حياة مهددة

تنجم حالة الطفل المنغولي عن أذية تصيب المادة الوراثية مؤدية إلى تثليث الجين رقم(21)، وتشاهد مثل هذه الحوادث عادة عند الأطفال المولودين لأمهات مسنات إلا أنها قد تحدث أيضا عند أطفال آخرين مولودين من أمهات شابات.

وتكمن خطورة المرض من ترافق بعض حالاته مع أذية خلقية في القلب تعرف باسم (تشوه الوسادة)،بحيث يصبح الطفل مهددا بالوفاة، إذ يمكن لأي أنتان تنفسي يصاب به الطفل أن ينعكس على حالته القلبية مؤديا لاسترخاء وقصور في القلب وما ينجم عن ذلك من وفاة للطفل.

وأهم مشكلة تواجه آباء الأطفال المنغوليين هي مشكلة التخلف العقلي، إذ يصعب عليهم تقبل حالة طفلهم العقلية فهم يسعون دائما لمعالجتها وتحسنها ولذلك تجدهم دائما حيث يشاع لهم أنُ هنالك بصيصًا من الأمل والنور.

إلا أنه من المؤسف حقا القول إن حالة التخلف العقلي عند هؤلاء الأطفال هي حالة لاعلاج لها وأنه ما من سبيل لتحسين مستوى الذكاء عندهم أو زيادة مؤهلاتهم وإمكاناتهم، وأن كل ما يشاع حول هذا الموضوع ليس أكثر من ترهات لانصيب لها من الصحة، قد يدعيها بعضهم ليجعل منها وسيلة لابتزاز أسر الأطفال المنغولين وامتصاص مدخراتهم وأموالهم.

اكتشاف القدرات

إن الأمل الوحيد في تحسين حالة الطفل المنغولي يكمن في العمل على اكتشاف قدراته وتنميتها والعمل على تحسين مستوى فعالياته ومهاراته العملية ومساعدته على فهم نفسه من خلال علاقته بالآخرين، وهذه يجب التركيز عليها سواء من قبل الأهل أو المربين والمشرفين على تربية هؤلاء الأطفال بحيث يصبح الطفل أكثر قدرة على التلاؤم مع محيطه وبإمكانه أن يقدم لنفسه ولأسرته العديد من هذه الأعمال الخدمية المنزلية وغيرها.

وأمّا رياض الأطفال المختصة بالتعامل مع أمثال هؤلاء الأطفال فإنّها كبيئة تربوية تساعدهم من خلال تنمية قدراتهم وتوجيهها الوجهة السليمة، وهي تمثل قناة تواصل مهمة، ومن خلالها يستطيع هؤلاء الأطفال التعرف على محيطهم وتعريف الآخرين بهم تعريفاً موجهاً وبناءً.

وبما أنّ حالة الطفل المنغولي هذه لا علاج لها، فإن الوقاية من ولادة طفل منغولي أفضل من قنطار علاج، ومن هنا كان لابد من إيجاد السبل التي تساعد على الوقاية من ولادة الطفل المنغولي، وقد توصل العلم إلى ذلك عن طريق إجراء بزل للسائل الأمنيوسي لدى كل امرأة حامل يحتمل إصابة جنينها بالداء، وعند إيجابية الاختبار يتم إنهاء الحمل.

ويبقى الأمل معقودًا في الغد.