المفكرة الثقافية

المفكرة الثقافية

الكويت

المعرض الحادي عشر لهواة الفنون التشكيلية

يعد معهد الفنون التشكيلية للتدريب الأهلي، الذي افتتح في عام 1995 ، من أبرز المعاهد الأهلية في الكويت التي تهتم بالفنون التشكيلية من خلال عقد الدورات التدريبية للهواة وإقامة المعارض لهم كوسيلة لنشر الثقافة الفنية.

استطاعت السيدة سميرة اليعقوب صاحبة المشروع، أن تفتتح المعرض الحادي عشر لمتدربي المعهد، برعاية الشيخ أحمد الفهد، ووسط حضور عدد كبير من المهتمين بالفنون التشكيلية والإعلاميين، الذين أبدوا إعجابهم بغزارة الإنتاج الفني للهواة وما فيه من عمق بالمضمون.

ضم المعرض لوحات فنية تعددت المواد المستخدمة في رسمها، فمنها ما رسم بالرصاص والفحم، وأخرى أشرقت بالألوان المائية والزيتية والباستل والجواش، ولم يقتصر العرض على اللوحات الفنية بل كان هناك جانب للأشغال اليدوية، مثل الرسم على القماش والزجاج، والتشكيل الفني باستخدام عجينة السيراميك، وطباعة الحفر على الخشب (الجرافيكس)، بالإضافة الى المنحوتات والمجسمات الخزفية والخط العربي الذي أبدع في عرض جماليات لغتنا العربية، كما كان للتصوير الفوتغرافي حيز منفرد، وتمكن هواة التصوير من خلق مادة فنية ذات محتوى عميق من منظر قد لايوحي لغير مصوره بأهميته.

تميز المعرض لهذا العام، بعرض لوحات فنية لهواة من صغار متدربي المعهد حيث تتراوح أعمارهم مابين 4 و 9 سنوات، رسموا فيها المناظر الطبيعة بعين طفولية كالبحر، والأسماك، والطيور، ونفس المادة الفنية قدمتها فئة عمرية تتراوح مابين 10 و 15 عاما ولكن بمهارة أكثر وألوان جذابة وأساليب مبهرة.

برزت الحرفية في الرسم والإبداع، لمتدربي المعهد والهواة الأكبر سنا الذين صقلوا مواهبهم بالدراسة، حيث تنوعت مادتهم الفنية من المناظر الطبيعية والأفكار المباشرة إلى الرمزية والغموض.

وانفردت بعض اللوحات بتقديم التراث الكويتي، فظهرت البيوت العتيقة البسيطة، والسفن الشراعية القديمة، كما تجسد التراث المصري ببعض اللوحات في الفوانيس، والريف البسيط وما يحمله من عراقة.

إن الرعاية الفنية التي يحظى بها الهواة في معهد الفنون التشكيلية، تجعله المكان الأنسب لتأهيل الراغبين في دخول معهد الفنون المسرحية، وكلية التربية الأساسية بأقسامها الفنية.

هذايل الحوقل

الإسكندرية

اكتشاف ثلاثة أعمال مخطوطة لعبد الرحمن بدوي

بعد أن احتفلت مكتبة الإسكندرية بتلقيها مجموعة معهد لويس باستير بمدينة ليون الفرنسيَّة التي تتألف من عشرين ألف كتاب، ضمت إلى خزانة كتب الإهداءات بالصرح الثقافي الكبير، أضيفت مجموعة ثمينة أخرى للدكتور عبد الرحمن بدوي قوامها 12641 كتاباً ومخطوطة (أصلية أو مصورة) وكرّم إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية أسرة الراحل، في احتفالية ذكراه السنويَّةِ الأولى التي استضافتها الإسكندرية، والذي وصفه طه حسين يوم ناقش رسالته للدكتوراه، قائلاً: اليوم يولدُ أولُ فيلسوفٍ مصري!

وفي ظل الاحتفالية تنشر المكتبة ثلاثة أعمال اكتشفت للمترجم والمفكر العملاق هي ترجمته للأعمال المسرحية الكاملة للشاعر اليوناني القديم يوريبيدس أو (يوريفيدس) طبقاً لقراءة د.بدوي، التي تأتي من مشروعاته الكبرى التي تهدف إلى تقديم (أصول) الثقافة الأوربية الرفيعة قديمها وحديثها إلى جمهور قراء العربية بلغة ضافية رائقة. وقد قام د.بدوي بتقديم الترجمات الكاملة لتراجيديات كل من أسخولوس وسوفوكليس، وبظهور هذه الترجمة التي تقع أصولها في 33 كراساً، يكون د.بدوي قد قدم لنا أهم ثلاثة شعراء تراجيديين في اليونان القديمة: أسخولوس، وسوفوكليس، ويوريفيدس.

ومخطوطة الأعمال المترجمة كتبها د.بدوي، كلها، بخط يده. وهي تشتمل على مقدمة عامة للكتاب، ثم ترجمة المسرحيات المنسوبة ليوريفيدس واحدةً تلو الأخرى. وفي المقدمة العامة نراه يقوم بالتعريف بالمؤلف وتطوره العقلي ومؤلَّفاته والمخطوطات اليونانية التي أمدتنا بالنص الأصلي، ثم يناقش خصائص هذه المسرحيات والأفكار الرئيسة التي تصدر عنها وتروج لها، ثم موقف المؤلف من الفكر المعاصر له، ومدى تأثيره على معاصريه والتالين عليه.

النصوص المترجمة هي ثمانية عشر من أصل عشرين ليوريفيدس، وهي حسب ترتيب الكراسات المخطوطة، كما يلي: الكيست، ميديا، هبوليت، الباخوسيات، هيلانة، الفينيقيات، إفيجينيا في توريكا، إفيجينيا في أوليس، إليكترا، أوريست، أندروماخيه، هيكابه، جنون هرقل، الطرواديات، إيون، آل هرقل، القوقلوفس، هريسوس.

أما ثاني الأعمال غير المنشورة للدكتور عبد الرحمن بدوي، فيتناول فيه تاريخ مكتبة الإسكندرية القديمة. وقد كتبه بالفرنسية عام 1986 ليقدمه إلى اليونسكو في مؤتمرها المنعقد ذاك العام، لبحث إحياء مكتبة الإسكندرية. وقد قدم د.بدوي أيضا في تلك المناسبة، اقتراحات حول المكتبة الجديدة (تقع في أربع صفحات) كتبها بخط يده باللغة العربية ويطرح فيها رؤيته حول تكوين المكتبة وإدارتها ومواردها وأهدافها..

أما مخطوطة الكتاب، فهي تقع في خمس وخمسين صفحة وهي عبارة عن بحث تاريخي رجع فيه د.بدوي إلى المؤرخين اليونان والرومان والعرب الذين كتبوا عن المكتبة القديمة. وقد بدأه بعرضٍ موجز للمكتبات الإغريقية والهلنستية بوجه عام، وفيه يذكر أقدمها، وهي التي أنشأها الطاغية (بيزيسترات) بأثينا في القرن الثامن قبل الميلاد.بعد هذا التاريخ لم يكن مؤسسو المكتبات وأصحابها، من الحكام أو من الملوك فقط، ففي القرن الخامس كان للمؤلف المسرحي الكبير يوريبيدس مكتبة خاصة كبيرة. ثم أسس أرسطو في القرن الرابع واحدة كانت هي الأكبر بين أخواتها، ذلك لأنها كانت تغطي كل العلوم. وبوجه عام يمكن حصر المكتبات اليونانية، كما يقول د. بدوي، في أربعة أنواع: مكتبات أسسها الملوك والحكام ومكتبة الإسكندرية الكبيرة واحدة منها. المكتبات الخاصة مثل مكتبة أرسطو ومكتبة إقليدس، المكتبات المحلية مثل مكتبة الشروح التي كانت بالفيوم.. وأخيراً كانت هناك المكتبات الملحقة بالمعابد الإغريقية أو اليهودية، وفيما بعد بالكنائس المسيحية.

ويشرح د. بدوي في كتابه المهم، كيف كان (الموسيون) جامعة للبحث والتحصيل، بينما كانت (المكتبة) خزانة كتب حوت في عصرها الذهبي، زمن بطليموس فيلادلفيوس، حوالي 700.000 لفافة (كتاب) باللغات اليونانية والمصرية والكلدانية.. وكانت المكتبة تحصل على لفائف الكتب هذه، إما بالشراء أو بالاقتراض بغرض النسخ.فقد أقرضت (أثينا) مثلاً للمكتبة، النسخ الأصلية لمسرحيات المؤلفين الثلاثة التراجيديين الكبار أسخيلوس وسوفوكليس ويوريبيدس، بغرض نسخها. كما كانت المكتبة تحصل على المخطوطات التي تحملها السفن، لتنسخها ثم تعيدها لأصحابها.

وقد أنشأ بطليموس سوتر مكتبة الإسكندرية في نفس وقت إنشائه لمتحف الإسكندرية. وبهذه العبارة يبدأ د. عبد الرحمن بدوي كتابه (باللغة الفرنسية) عن متحف الإسكندرية القديم المعروف باسم (الموسيون) أو بيت ربات الفنون. مؤكداً أن (الموسيون) على الرغم من استقلاله التام عن المكتبة، فإنه كان يتعاون معها في خدمة العلم والعلماء في الإسكندرية القديمة. ويضيف د. بدوي أن (الموسيون) شبيهٌ بمدارس جامعتي أكسفورد وكامبردج التي نعرفها اليوم، إذ كان يوفّر المسكن والمأكل لأعضائه من العلماء، الذين وصل عددهم في إحدى الفترات إلى مائة عالم في مختلف التخصصات. وكان هؤلاء العلماء يعيشون على نفقة الدولة ويتم إعفاؤهم من كل الضرائب، حتى يتفرغوا للأبحاث والعلوم. ولم يكن هناك أي إلزام على أعضاء المتحف أن يقوموا بالتدريس أو إلقاء محاضرات، بل لهم الخيرة بين التفرغ التام للبحث العلمي أو نقل علومهم لتلاميذهم.

مصطفى عبدالله

تونس

مهرجان الكاف 24 ساعة مسرح دون توقف!

«بو مخلوف النغار.. بن عيسى سلطان يا الله»... كان سائق السيارة التي تقلنا إلى مدينة الكاف يرددها مع الإنشاد الديني للحضرة «العيسوية» وكأنه يستحث السيارة على صعود «جبال الدير.. جبال الكاف» تلك المرتفعات الهائلة ويعاونها بطلب «نغرة» (دفعة أو إعانة) من «سيدي بو مخلوف تلميذ سيد محمد بن عيسى» الذي يحتل ضريحه أعلى منطقة في مدينة الكاف «القصبة»؛ ذكرني السائق بحادي الإبل القديم لكن حادينا هذه المرة يوجه حداءه للسيارة الحديثة مازجاً ذلك الفن القديم بالمعتقد الشعبي لدى البسطاء، وها نحن نتخطى الطريق المؤدي «للدهماني» عند سفوح الكاف مواصلين الصعود لتبدأ بعد فترة وجيزة أضواء الكاف تلوح لنا عن بعد كأنها ترحب بذلك الضيف الذي أصر على دخول المدينة الوادعة قرب الفجر.

الشوارع تغص بالملصاقات الخاصة «بمهرجان الكاف 24 ساعة مسرح دون انقطاع» وقد بدأت التظاهرة بأعمال الندوة الفكرية التي نظمها «المركز الوطني للفنون الركحية والدرامية بالكاف» بالتعاون مع «المعهد العالي للمسرح والموسيقى بالكاف» تحت عنوان «أي حداثة في المسرح وأي نقد نريد؟» بمشاركة العديد من النقاد والمسرحيين من تونس والمغرب والأردن ومصر.

قدمت د.فوزية المزي في مداخلتها «تحليلا لانتظارات المسرحيين من النقاد.. وانتظارات النقاد من المسرحيين؛ حدود التعامل الجمالي والنقدي».. من خلال عرض مكثف وشيق لتلك العلاقات الجدلية.. أما محمود الماجري فقد تعرض للتناول النقدي للحركة المسرحية في تونس من خلال ما نشر من مؤلفات بالعربية والفرنسية.. وتحدث محمد مؤمن عن المسرح الآن فيما بعد حداثته..، وتناول د.محمد عبازة شكوى المسرح التونسي من الإهمال وندرة التوثيق وانعدامه أحياناً لدى بعض الفرق وهو ما يقود إلى التلف والضياع، وأوصى بأن تنتبه الفرق لأهمية التوثيق الذي هو بمنزلة الدليل للحركة النقدية خاصة في العقود القادمة.. وطرحت نادية بن أحمد تساؤلاتها عن حالة المسرح التونسي حالياً ومعنى الحداثة.. والنقد المسرحي وهل هو موجود أم لا؟.. وتحدث كاتب السطور عن الحداثة في المسرح أو ما بعدها القطعية الإبستمولوجية مع الماضي.. وشروط وضوابط تلك القطعية وكيف يكون التأسيس لها؟ وكيف أن النقاد ليسوا قضاة.. إنهم مشاركون.. وأن العملية النقدية هي نص مواز، مع دراسة تطبيقية على عرض «المنسيات» للأسعد بن عبد الله.. و«الحضرة» «للفاضل الجزيري، كما أضاء تجربة الكاتب الكبير عز الدين المدني في استئناف التراث..

الحدث الفريد من نوعه والذي لم يسبق له مثيل في المنطقة العربية «24 ساعة مسرح دون انقطاع» كان فكرة رائدة سعى بها الأسعد بن عبد الله مدير المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بمدينة الكاف، وحقيقة الأمر أن تلك العروض تواصلت أكثر من 24 ساعة دون انقطاع.. فالافتتاح الرسمي للدورة السادسة من تلك التظاهرة التي افتتحها كمال الصمعي والي الكاف في العاشرة من صباح الأحد بحضور ثلة من المسئولين المحليين وضيوف المهرجان لم تنته إلا في مساء اليوم التالي بعد تقديم ثمانية عشرة عرضاً مسرحياً منها عرضان للأطفال هما «الخاتم الثمين» و«العازف الصغير» وهي تعاون مشترك بين «جمعية سفيطلة بالقصرين» و«المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بالكاف» من تأليف زينة مساهلي تمثيل وإخراج مقداد الصالحي؛ وعرض بديع للسيرك الفني «A&O présentent» من تقديم المجموعة الفرنسية A&O الذي يقدم لنا تناقض الكائنات وتكاملها التي تغير أحياناً مجرى الأحداث في العالم البريء الذي تنتمي إليه شخصيات العرض عبر ألعاب بالغة المهارة والعنف أحياناً..؛ نص وتقديم مريام ديالا» وجوبل كولاس.

بالإضافة لهذه العروض المسرحية الثمانية عشرة تضمنت فعاليات الدورة السادسة لمهرجان الكاف « 24 ساعة مسرح دون انقطاع»، ثلاثة معارض للفنون التشكيلية. كما تضمنت الفعاليات ملتقى للشعر الشعبي لمدة ثلاث ساعات في «فضاء دار الكاهية بمدينة الكاف» وهي فعالية جديدة جاءت لتحل محل فن القص أو كمظهر آخر من مظاهر الفرجوية المنتشرة في تونس؛ شارك فيها عشرة شعراء شعبين قدموا من مختلف البقاع التونسية جنوباً وشمالاً.. شرقاً وغرباً فقد قدموا من «تطاوين» و«قفصة» و«مدنيين»..، «مارث» و«قابس» و«الكاف».

من بين العروض المميزالعرض البلجيكي X-mal kleid الحافل بمفردات المسرح الحديث والذي قدمته مجموعة Irene-K..؛ كما كان العرض التونسي «بوراشكا والفلايك ورق» نص رضا بوقديدة للمخرج والممثل الشاب جعفر القاسمي الذي قدم لنا رؤى جديدة في الإخراج المسرحي وخلق العلاقات بين الموسيقى والبناء الدرامي من خلال الأحداث التي تبدأ مع عودة «عقيلة» ابنة الخالة بعد غياب ست سنوات وبعد قطيعة مع الأسرة ناتجة عن النهاية المؤلمة لقصة الحب التي جمعتها «بحلمي» حيث يرفض بعض أفراد الأسرة ظهورها من جديد وتنشب المشاكل في الدار!

وواصل الأسعد بن عبد الله تطوير رؤيته الإخراجية لعرض «بخارة» عبر منقوشات الذاكرة الشرقية وجدال الجسد وذبذباته وتقلباته التي تحفزها إيقاعات مواقف الحياة؛ في منظومة يحكمها التناسق والتضاد للحضور الأنثوي وأجواء ألف ليلة وليلة الصاخبة والراسخة في الذاكرة الشرقية.. في محاولة جديدة ومختلفة منه لنبش خبايا الجسد من خلال الرقص المعبر عن اختلاجات البشرية.. ولا شك أن موهبة ممثلي العرض عبد السلام الجمل ووحيدة الفرشيشي وبسمة العطلاوي قد أتاحت له تنفيذ التطوير الذي يرغبه، بالإضافة للتوظيف الجيد «للمالتي ميديا» التي نفذها عبدالله الشبلي ببراعة لتحقق رؤية سينوغرافية متكاملة. قدم طلبة «المعهد العالي للفنون المسرحية بالكاف» تجليات مسرحية بعنوان «كسرة خبز» من إخراج د. مقداد مسلم، كانت عبارة عن تدريبات ومشاهد مختلفة لمدة 15 دقيقة؛ أبرزت المستوى الجيد لأداء طلبة المعهد من خلال تنفيذهم لتوجيهات أستاذهم المخضرم.

خالد سليمان

صنعاء

زلزال الشعر الجديد

بعد أن بدأت صنعاء ملتقاها للشعراء الشباب العرب في 2004 الذي أُقيم بمناسبة الاحتفاء بالمدينة بصفتها عاصمة للثقافة العربية، وقد تحولت إلى عاصمة الشعر الجديد.

د. محمد عبد المطلب الذي حضر دورتي الملتقى الأولى والثانية، وهو مختص في الشعر العربي ومتتبع لحركته الحديثة لا يتردد في القول: «إنني شهدت زلزالاً للشعرية العربية في صنعاء، فعلى كثرة ما حضرت من ملتقيات شعرية في العالم العربي، لم أواجه مثل هذه الظاهرة الشعرية الفريدة التي احتضنتها صنعاء، إذ إن معظم هذه الملتقيات كانت تنقسم إلى (متن وهامش)..أما المتن فكان لكبار شعراء العربية الراسخين في الإبداع من أصحاب الأسماء اللامعة الذين لا يخلو منهم ملتقى شعري..وأما الهامش فإنه -غالبا - يضم عددا محدودًا من الأجيال الشعرية الجديدة، ولا يتجاوز هذا العدد شاعرين أو ثلاثة..وجاء زلزال صنعاء لينهي هذه السُّنَّة غير الحميدة ويقلب موازين الحضور حيث احتل الشباب عموما وجيل التسعينيات خصوصا مساحة المتن والهامش معا».

وحسب الناقد د.صلاح فضل فإن «هذا الملتقى يؤسس لتقاليد لا بد من أن تنمو في الثقافة العربية، تقاليد تعتمد التلاقي من دون تكريس لزعامة قطرية أو سياسية كما كان يحصل في الماضي، ومن دون أي تبن لأيديولوجية قائمة أو مفروضة». ويجدالناقد د.حاتم الصكر «أن لهذا الملتقى ضرورة وجدوى على الرغم مما يدخل من حشو ونظم وادعاء واستعراض، وأن يحسب للملتقى دخول أسماء وأصوات عربية تمثل مناخات جديدة».

والمتابع للأنشطة سيكتشف أن الملتقى قام بشبه ترميم شعري لانقسامات الأجيال الشابة منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى جيل ما بعد التسعينيات، ليس من أجل ضمها في صوت إنشائي واحد وإنما للتحاور عبر العلاقة الجمالية التي تجمع بين نصوصهم وتتمايز بين أشكالهم. وكما يقول الشاعر علي العامري من الأردن إنه «بغضّ النظر عن ملاحظات عدة يمكن تسجيلها في الملتقى الثاني، إلاّ أنه نجح في إتاحة المجال للتعبير عن المشهد الشعري العربي، وتوفير فرصة للتواصل بين الشعراء»

ولم تكن القراءات الشعرية والدراسات النقدية هي هدف الملتقى ولا دليل نجاحه، مع أنها عنوانه، بل اتسعت أهمية الملتقى في الأجواء والهوامش التي صاحبته من لقاءات ثنائية وجماعية وحوارات وصداقات وتبادل مطبوعات وزيارة أمكنة يمنية جميلة (المحويت، كوكبان، صنعاء القديمة، .....)، وبالنسبة للشاعرة هدى الدغفق من السعودية فالملتقى أتاح لها رؤية شعراء من بلادها لم ترهم من قبل لظروف اجتماعية، إذ تقول: «مع أنني وهم نكتب الشعر منذ عشرين عاما وأكثر!.. وكنت في غاية الفرح والغبطة عندما قلت لزملائي من الشعراء السعوديين ذلك وفوجئت بأن بعضهم لم ير بعضا إلاّ هنا في اليمن وكانت المرة الأولى وهو ما يؤسف له لأنه دليل على قطيعة ثقافية نعيشها داخل أوطاننا تنذر بخطر وهجرة المثقفين».

أهدى خالد الرويشان، وزير الثقافة اليمني، الملتقى إلى روح الشاعر الكبير محمد الماغوط، أحد رواد القصيدة العربية الذي كان قد توفي أخيرا، حيث سمى دورته الثانية بدورة الماغوط. وقال الرويشان في حفل الافتتاح: «إن ملتقى الينابيع يغدو نهراً، وملتقى اللآلئ يصبح عقداً».

وفي كلمة اللجنة التحضيرية قال الشاعر عبد الكريم الرازحي، المعروف بكتاباته الصحفية الساخرة، مخاطباً المشاركين: «لقد كنتم حتى عهد قريب شعراء معزولين ومهمّشين، تعيشون على هامش الشعراء العرب الكبار، وكانت صنعاء مثلكم، مدينة مهمشة ثقافياً تعيش على هامش المدن العربية الكبيرة. ولكنكم، وبعد أول ملتقى شعري وأول لقاء لكم في صنعاء في عيدها الثقافي، كبرتم وكبرت صنعاء معكم، ارتقيتم من الهامش إلى المتن.. بكم وحدكم ارتقت صنعاء، وغدت مركزاً ثقافياً عربياً مهماً، وصارت عاصمتكم الوحيدة، وعاصمة لجمهوريتكم الوليدة، جمهورية الشعر الديمقراطية».

وشملت فعاليات الملتقى إلى جانب الأماسي والصباحيات الشعرية حلقات نقدية ونفاشية، الأولى عن آفاق القصيدة عند شعراء التسعينيات وما بعدها في اليمن، والثانية عن تجربة النقاد العرب في تعاملهم مع الحساسيات الشعرية الجديدة، والثالثة عن تجربة د.كمال أبوديب النقدية وذلك بمناسبة تكريمه في الملتقى باعتباره أحد رواد النقد العربي الحديث.

وتعددت رؤى أصحاب الأوراق من التوسع والمنهجية والخروج منها أيضا، فأعطى الناقد محمد عبد المطلب في ورقته المقدمة مشروعية للكتابة الجديدة، وقصيدة النثر التي عدها أحد أهم الإنجازات، معتبراً أن هدم اللغة مقابل العناية بالشعر سمة مميزة للشعر الحديث، وفقدان المرجعية هو أيضاً إضافة جاءت بها قصيدة النثر على حساب الوزن، وأنها احتفظت بالتخيل على حساب الموسيقى. ولفت إلى أن السرد هو التقنية المركزية في قصيدة النثر. ويرى د.سلمان كاصد وفق ما يقرأه «من محاولات سردية في القصيدة الحديثة تجعلها تحايث النثر في سرديته التعاقبية أي أن ما هو سردي يطغى على ماهو وصفي في كثير من أنماطها.وهو ما يحاول فيه الشعراء الذين خرجوا من أردان قصيدة التفعيلة، إذ لم يستطع الكثيرون منهم أن يخلقوا نمطاً مستقلا بذاته، إنما هو صورة ظلالية لقصيدة التفعيلة.ذلك النمط المهيمن الذي تشم رائحته بل تنظر إلى صورته الباهية خلف قصائدهم التي يدعون أنها نمط جديد في الكتابة الشعرية خرجوا به ليوجهوا العالم..إنها رؤية (كولدمانية)تمازج بين التغيرات السوسسيولجية للمجتمع العربي بخاصة وبناء القصيدة الذي بدأ لديهم يأخذ منحى مشاكلا لتلك التغيرات».

ويتحدث الناقد محمد العباس عن علاقة النقاد العرب مع قصيدة النثر وكيف تم التعامل معها في الرؤى الفكرية والفنية، ويتناول التحول الجذري للشعر الجديد بانقلابيته وتصادمه مع السائد، وولادة قصيدة التفاصيل اليومية، وكذلك خفوت النبرة الشعرية.

وأشار الشاعر والناقد احمد السلامي في ورقته النقدية إلى مشكلة المشهد الشعري اليمني والكتابة الشعرية الجديدة في اليمن تتمثل في هذا التصالح الغريب بين الخيارات الشعرية. واعتبر البعض أن ورقة علي ربيع تقمصت الخطاب الديني التكفيري لمهاجمة قصيدة النثر.

وقال أبوديب في حفل التكريم: «ما أشعر به غير قابل للتعبير. لكنني اهدي هذا التكريم إلى المشاركين وصنعاء، وأهديه إلى مقايل صنعاء، حيث تعلمت الحوار، وكيف أصغي وأكون إنساناً»، وكان أبو ديب.قد عمل أستاذا في جامعة صنعاء في نهاية ثمانينيات القرن الماضي. وأضاف: «اهدي التكريم إلى ثلاثة: عبدالعزيز المقالح وخالد الرويشان وزيد مطيع».

وتحدث د.عبدالعزيز المقالح حول «الفرادة في تجربة أبوديب النقدية والإبداعية» بالتأكيد على السمو الأخلاقي والشخصي للناقد أبوديب، ولفت إلى أنه يجل فيه «إنسانيته الشفيفة وكبرياءه».

علي المقري

دبي

مزاد عالمي لإبداعات الفن العربي

دخلت دبي سوق الفن الدولية، بإقامتها أول مزاد من نوعه في المنطقة. كان العنوان «المزاد العالمي للفن الحديث والمعاصر» وقد طرح فيه 129 عملاً فنيًا لفنانين عرب (48 عملاً)، ومن الهند وباكستان (45 عملاً)، ومن إيران (20 عملاً)، فضلاً عن أعمال لفنانين عالميين معروفين «مثل آندي وارهول وكريستو وفاسا ريللي» شملت الولايات المتحدة وإنجلترا وهنجاريا وتركيا وبلغاريا (16 عملاً).

وجاء في مقدمة الكتاب التعريفي الذي يشمل كل الأعمال المعروضة مقولة السيد دولمان الرئيس التنفيذي لمؤسسة كريستي العالمية، المنظمة للمزاد: «يستند هذا المزاد إلى مخزون وافر من التراث الحضاري والفني، إذ تدور جميع هذه الأعمال حول قضايا وأفكار تعود إلى الخمسين عاما الماضية، بما فيها رحلة البحث عن الهوية الحضارية والوطنية والروحية».

وتبدو مجموعة الأعمال العربية المعروضة انعكاسًا لبعض التجارب الفنية منذ الخمسينيات للقرن الفائت، وتمثل بعض النماذج الإبداعية من المدارس والاتجاهات التعبيرية المختلفة في الحركة التشكيلية، كما يمكن اعتبار هذا المزاد سابقة لخطوة جادة نحو تقييم الفن التشكيلي العربي عالميًا والاعتراف أخيرًا بمكانته في حقل الإبداع المعاصر.

فنانون عرب

ومن بين الفنانين العرب الذين طرحت أعمالهم في هذا المزاد بول غارغوسيان وفاتح المدرس وضياء العزاوي ولؤي كيالي ورشيد القريشي عرض ثلاثة أعمال لكل منهم، أما شفيق عبود ونجا المهداوي وأحمد مصطفى ومنى سعودي وشانت أفديان وفيصل سمرة فعرض لهم عملان وبقية الفنانين عمل واحد لكل منهم.

وتاريخيًا عرف العالم اقتناء الأعمال الفنية منذ أن نبه إليها الفنان ألبريخت دورر (1471 ، 1528) ومع مرور الزمن أصبحت المناظر الطبيعية والطبيعة الصامتة والمشاهد الداخلية والبورتريه مواضيع شائعة في القرن السابع عشر، بعد أن كانت المواضيع الدينية المقدسة حكرًا على الفن وجزءًا مهمًا من عمارة الكنيسة، وأصبحت هذه المناظر واللوحات جزءًا من مقتنيات الأفراد والعائلات البرجوازية لإشباع متعتهم الخاصة ومصدرًا للتباهي اجتماعيًا. وأصبحت اللوحة قابلة للحمل والنقل والتبادل، واكتسبت قيمة سلعية تباع وتشترى وعرضت في الأبنية العامة، ومن هنا عرفت المتاحف، بداية بصدور قرار الجمعية الوطنية الفرنسية عام 1793، ولعبت المتاحف دورًا مهمًا لجذب الاهتمام للأعمال المعروضة على جدرانها، ما رفع قيمة الأعمال الفنية على وجه العموم.

ومعروف أنه ليس لدينا إقبال شديد على اقتناء الأعمال الفنية لإقامة مزادات.

ويذكر الفنان صبري منصور العميد السابق لكلية الفنون الجميلة بالقاهرة إن الفنان عبدالهادي الجزار كان يبيع في حياته بأسعار أقل كثيرًا من الفنانين العاملين في وزارة الثقافة، وأقصى ما باع به قبل وفاته عام 1965 هو (300 جنيه مصري)، والآن تعرض لوحته (المجنون الأخضر) بمليون جنيه، ويرفض ورثته بيعها بهذا المبلغ، كما أن لوحاته مثل (دنيا المحبة) و(فرح زليخة) تستحق أكثر من مليون، وترجع قيمة أعمال الجزار في أنها تكشف عن صدق فني وقدرة تعبيرية صادقة وتقنية متميزة، مكنته من تحقيق هويته المصرية، واعتبره الكثيرون من أصحاب الرأي النموذج الفني المصري الرفيع.

ومن المفارقة أن يسعى الفرنسيون إلى إيجاد رعاة من بنوك القاهرة لإصدار كتاب جيد عنه.

ويشيع الآن في دول الخليج العربية اقتناء الفن العربي بشكل عام، وتجربة الشيخ حسن آل ثاني في قطر خير مثال لذلك، ومجموعته شاملة تقريبًا لكل المدارس الفنية في الحركة التشكيلية العربية وبهدف إنشاء متحف يضم هذه المجموعة النادرة، ولاشك أن هذا الجمع كان له أثر مهم في رفع قيمة الأعمال الفنية العربية.

وهكذا، كان مزاد مؤسسة كريستي العالمية في دبي نهجًا جديدًا لجعل المنطقة العربية منطلقًا لتسويق الأعمال الفنية العالمية وخطوة جادة على طريق تقييم الفن العربي وتتويجًا لتلك الجهود العربية المخلصة للثقافة العربية وإبداعاتها، والتي جاءت من أفراد وجماعات خاصة وليس من مؤسسات الدول.

يحيى سويلم

مدريد

مهرجان السينما الأوربي - العربي

يُقام في مدينة سانتياغو ديكومبوستيلا الإسبانية مهرجان السينما الأوربي العربي (أمل 2006) لهذا العام في الفترة الواقعة بين العشرين والسادس والعشرين من شهر أكتوبر المقبل، الذي تنظمه مؤسسة أراغواني منذ عدة سنوات بهدف تعريف الشعب الإسباني بالسينما العربية وتقريب صورة العالم العربي الحقيقية إليهم، إضافة إلى زيادة آفاق التقارب والتعاون بين العالمين العربي والأوربي في المجال السمعي البصري.

حيث يسعى القائمون عليه لتقديم أفلام مختارة بشكل مدروس، سواء من حيث النوعية الجيدة، أو من حيث تنوع الدول المشاركة، أو من حيث تنوع المواضيع المتناولة. ومن خلال المهرجان يمكن التعرف على ماهية الأفلام والوسائط التقنية المستخدمة والمواضيع التي يُركز عليها في الدول المشاركة، إضافة إلى إمكانية التعمق في طريقة معالجة عناصر سرد الحوادث العائلية مثل الحب، الصداقة، الأعراس والمآتم، كيفية التعامل مع الشخصيات ذات الإشكالية في المجتمع، فضلاً عن إمكانية توسيع فهم السياسة الحالية للدول المشاركة بالنسبة لعامة الناس، لاسيما وأنّ هناك وجهات نظر غير معروفة جيدًا من قبل الآخر، وأنّ هناك صعوبة في تبادل هذه الأفلام ضمن المؤسسات المعنية وخارجها.

وكما جرت العادة في هذا المهرجان، يُفتح المجال بعد كلّ جلسة لإجراء جلسات حوار بين المخرجين، كما يسمح للحضور بتوجيه الأسئلة إلى المخرجين وكتّاب السيناريو والممثلين وأبطال المسلسلات المدعوين للمشاركة بالمهرجان. كما يتم توزيع جوائز كثيرة تخصص لأفضل فيلم، أفضل ممثل، أفضل ممثلة، أفضل مخرج، أفضل نص، أفضل مدير إنتاج، إضافة إلى جائزة خاصة بالمشاهدين.

والجدير ذكره أن مؤسسة أراغواني هي مؤسسة ثقافية أنشئت عام 1984 في مدينة سانتياغو دي كومبوستيلا التابعة لإقليم غاليسيا الإسباني بهدف القيام بمهمات اجتماعية وثقافية مفيدة. وقد استوحي اسمها من شجرة تنمو في فنزويلا بظروف بيئية قاسية، ارتفاعها عال قد يصل حتى اثنى عشر مترًا، وتنتج كمية كبيرة من الزهور بين شهري فبراير وأبريل. وتنتمي هذه المؤسسة إلى مجموعة كبيرة تحمل الاسم نفسه، لها مرافق متنوعة الاتجاهات والاهتمامات في إسبانيا بشكل عام وفي المدينة بشكل خاص.

أما المهرجان الذي تنظمه ويحمل اسم «أمل» فقد ظهر لأول مرة في عام 2003 م بعد أن رأى القائمون على المؤسسة أن هناك حاجة ماسة لخلق جو من التعاون في المجال البصري المرئي بين إسبانيا والعالم العربي، إضافة إلى تعزيز التفاهم بين الثقافتين العربية والإسبانية.

غازي حاتم





رسامون هواة وضيوف المعرض أمام منتخبات من الأعمال المشاركة





صورة من الأعمال المكتشفة





عبد الرحمن بدوي





 





لحظة تكريم د. كمال أبو ديب في الملتقى





«مهرجان الربيع» 1987 - من أعمال الفنان اللبناني بول غارغوسيان، زيت على قماش 120 × 100





ملصق أمل 2006