عزيزي القارئ

عزيزي القارئ

تحية لأديب كبير

تخصص «العربي» جانبًا كبيرًا من صفحات هذا العدد لأديب العربية الكبير نجيب محفوظ الذي رحل عن عالمنا في شهر أغسطس الماضي، وهي تقدم التحية بذلك لواحد من أكبر وأهم الأدباء الذين شهدتهم الثقافة العربية على مر العصور، فقد كانت حياته نموذجًا للإخلاص والتفاني في الكتابة والإبداع، وكانت حصيلة سنوات عمله، هو ذلك الهرم الرابع، الذي أثرى المكتبة العربية، ورسخت به فنًا جديدًا هو فن الرواية، وأهم ما يمثله نجيب محفوظ أنه لم يكن كاتب مصر وحدها، ولكنه كان أديبًا لكل العرب، وبالرغم من أن قلمه لم يغادر القاهرة وحواريها فإنه استطاع أن يعبر عن كل المدن العربية وما فيها من حارات، وما يسكنها من شخصيات. كان أدبه هو التجسيد الأمثل لمقولة إن المحلية هي الطريق للعالمية، واستطاع أن يبرز الهموم والمعاناة الإنسانية من خلال شريحة ضيقة من الطبقة الوسطى المصرية، وطرح من خلال الحارة المصرية والعربية كل الأسئلة، التي تتعلق بالمصير الإنساني، الأمر الذي أهّله للفوز بجائزة نوبل للآداب العام 1988. ولعل السبب الرئيسي لاحتفاء العرب بنجيب محفوظ واكتشافه - قبل أن تكتشفه جائزة نوبل بسنوات - هو حرصه على لغتهم العربية، فقد كان هذا القلب الوديع قلبًا عروبيًا ناصعًا بخلاف كل الاتهامات الظالمة، التي أثيرت من حوله، وهو الأمر الذي يؤكده رئيس التحرير في افتتاحيته لهذا العدد الخاص، فإصرار محفوظ على الكتابة بالعربية الفصحى، وعدم اتباع إغراء الكتابة باللهجة العامية التي كان يحرّضه بعض النقاد على استخدامها كان عنصرًا مهمًا في هذا الالتفاف العربي حول أدبه. وتأمل «العربي» من خلال هذا الملف الحاشد، الذي تداخلت فيه الكلمة باللون، أن تكون قد سلطت إضاءات جديدة على إنجاز هذا الأديب الكبير.

ولا تنسى «العربي» ان تحتفل بمرور نصف قرن على تأميم قناة السويس، هذا الحدث الضخم في التاريخ العربي المعاصر، ويحاول الاستطلاع الإجابة عن سؤال أساسي: هل كانت القناه نعمة على مصر؟ أم نقمة عليها؟

وتقدم «العربي» في هذا العدد أيضا فهرسها العام، الذي يحتوي على ثبت بكل المواد التي نشرت في خلال هذه السنة، وأهمية هذا الفهرس أنه لا يوضح فقط غزارة المادة، التي نشرتها «العربي» على مدى 12 شهرًا، ولا الديناميكية، التي تتمتع بها المجلة وقدرتها على التجوال والسفر في العديد من بلدان العالم واستكشافها سياسيًا واجتماعيًا، ولكنه يضع أمام القارئ سجلاً لنشاط العقل العربي من مشرقه إلى مغربه خلال عام كامل، بكل القضايا التي شغلته وتلك التي استأثرت باهتمامه. وترجو «العربي» من قرائها أن يشاركوها في تقويم حصيلة هذا العام، وأن يقولوا رأيهم بصراحة فيما قدمته، وفيما قصرت فيه. ونترككم مع العدد الأخير في الشهر الأخير من هذا العام.

 

المحرر