نساء في روايات نجيب محفوظ.

نساء في روايات نجيب محفوظ.. د. محمد المخزنجي

يسقط ضوء الصباح على اللوحات الزيتية التسع التي انتهى من رسمها الفنان الكبير وصفها واقفة على الأرض في بيته الأنيق الدافئ، وبينما كنت أتأملها معه كان السؤال الذي قفز إلى خاطري عندما علمت بمشروعه لرسم الشخصيات النسائية في أدب نجيب محفوظ يتفاعل لايزال: كيف تستجيب تراجيدية المعالجة عند نجيب محفوظ، للبهجة التشكيلية التي تتسم بها أعمال حلمي التوني ؟ لكنني بعد وقت قصير من المشاهدة أدركت الروح المشتركة بين عملي الكاتب والفنان، وهي عمق التعاطف مع الشخصيات الإنسانية موضوع المعالجة في الحالتين، وهذا التعاطف هو الذي أعطى هذه الشخصيات شجنها الساحر في نصوص الكاتب، وهو الذي أشع ّ بالفرح الساحر أيضا في لوحات الفنان.. الفرح المُنجز بأدوات التشكيل، حيث تتكلم لغة اللون فتجعل البنفسجي معبرا عن روح التطلع للثراء عند إحسان شحاتة، بينما الأخضر الشفاف هو اللون السائد في بورتريه «زُهرة» الفلاحة، الأرض والوطن، وفي اللوحتين ذاتهما تنطق مركزية الشخصية أو انتحاؤها بما يود الفنان التعبير عن رؤيته للشخصية. ثم إن منمنمات البهجة الرامزة لاتكف عن التسلل إلى أركان اللوحات وخلفياتها وأنماط الثياب والأثاث والبناء والمكان، طاقات مضيئة للخروج، ونوافذ للتجاوز، وحمامة بيضاء تتوق للانطلاق.

لقد ابتعث نجيب محفوظ شجنا بديعا من قلب المأساة، وأمسك حلمي التوني بخيوط هذا الشجن، لتنسج منها روحه المبهجة.. بهجة بصرية.

محمد المخزنجي