نورس في القلب عاطف أبو باشا

نورس في القلب

شعر

دخلت نورسةٌ قلبي
كي تسقيه - كعادتها - كل صباح
فتحت صنبور الماء, وجلست
تحت شجيرة صفصافٍ جنب حياض
السوسن ومغارات الياقوت
قطفت سوسنة وأراحت
فوق مرابعها
فتحت صندوق الأحلام, وقرأت
بعض أغانيه
رقدت
وتجلَّى اصبعها يرسم زنبقة تتجاوز
خارطة التيه!

خلع النهرُ المجنون صمام الليل
قطع سكون الأجرام
وصبَّ النقمة عند شرايين القرية
ثبَّت جمجمةً في وتدٍ وسط الميدان
أنزل بارجةً تقطف وجه الفجر,
تفتح جوف النخل
ليلهو فيه الغِلمان
فثأ مصابيح الفجر
وبقيت كل شرايين القلب مقطَّعة
يحرسها
مركب قرصان!

نعَت الأخبار رباعيّة
نمنمها عمرُ الخيَّام
فتحت أوجاعي المنسيَّة
في كرةٍ أتهجَّى فيها الأحلام
أفتح ساعتها الرمليَّة
جنب الصنبور
أفتح كل الغرف, وأحشر فيها الريح
أطالع صورة ذئبٍ يعوي فوق جدار,
يتجوَّل فيه,
يتحسَّس فروة أغنامي,
يشرب دمها ويخضِّب منه الأقدام
يشرب للصبح قريرًا

..........

وينامَ

قبض الليلُ على الماعز
ربط الهِرَّ بمنديل
ألقم فاه الكلبِ عصاه
فخرَّت كلُّ الأنعام تسبِّح
بالملكوت,
ترفع رايتها البيضاء
وتسمع موسيقى الرُّوك!

أكبر ميدان في قلبك
بيت أبيك,
وأبوك قصيدة شعر
تشبه حجرَ الصوَّان
لا يتواطأ
قصفت طائرة الشيطان
حدائقه
جرفت كتبَ التاريخ,
ومسحت صور الفرسان
سكنت بيتَ أبيك
الحكمةُ,
سكنت فيه الفئران!
حين أتيت إلى الدنيا
أهديتك فرسًا مختالاً من إرث الخيل,
علمتك كيف يكون لسانك
مسروجًا, يطرح أسئلة الصبح
المنصوب, ويكسر
أجوبة الليل!

حين تهب الريح تجاه جيادك,
صوب عصافير الحقل
وتخطف من طرف أناملها
حبَّ القمح, وتشرب
ماءَ النهر
تأمَّل وطنك, وتجلَّ منصوبًا
فوق الخيل
افتح غمد لسانك
واضرب بحصانك جوف الليل

 

عاطف أبو باشا