لبنان بين موسمي الاستقلال والربيع العربي

لبنان بين موسمي الاستقلال والربيع العربي

كثيرون من اللبنانيين واللبنانيات يعيشون تحت وطأة شعور متزايد بالنوستالجيا القوية وبالحنين إلى الماضي. وكان هذا الشعور يتفاقم يوما بعد يوم مع كل بادرة ضعف تلم بلبنان ومع كل مظهر من مظاهر الوهن والانحدار يصيب المنطقة العربية. ولئن كان جاء حديث النوستالجيا لدى البعض ضربًا من ضروب تأكيد خيبة الأمل في أداء حركات التغيير التي وصلت إلى السلطة في النصف الثاني من القرن العشرين، فإنه كان عند البعض الآخر نتيجة حسابات واقعية ومقارنات انطوت على شيء من الدقة.

وإني لأذكر في هذا المضمار سؤالاً وجهه إلي في السبعينيات أحد قادة الكتلة الوطنية السورية التي قادت حركة الاستقلال في النصف الأول من القرن العشرين إذ قال: لقد ناضلنا ضد التتريك العثماني ومن بعده ضد الاستعمار الفرنسي، وضحى العديدون منا بالأرواح والأرزاق من أجل الوطن والاستقلال والكرامة الإنسانية، فهل لك أن تقول لي ماذا حققتم أنتم؟ وما هي الإنجازات التي جاء بها جيلكم من الشباب؟

لقد أجبت عن هذا السؤال معتمدًا على وعود التغيير التي قدمت إلى الشباب في لبنان وفي الدول العربية الأخرى وعلى المصداقية الافتراضية التي تمتع بها بعض أصحاب هذه الوعود ممن ارتقوا السلطة في مراحل لاحقة أكثر مما اعتمدت على المقارنات الصلبة والحقائق الساطعة. فهذه المقارنات والحقائق تبين أن في تلك المرحلة من تاريخ لبنان والمنطقة إنجازات حقيقية، وأنه فيها ما يبرر فعلا مشاعر الحنين إلى أيامها وإنجازاتها وأجوائها، وما يسمح بالحديث عن ربيع عربي في مرحلة الأربعينيات.

لقد نشطت في تلك المرحلة حركة الاستقلالات العربية واتخذ هذا الحراك طابع الدومينو الذي كان يتنقل من بلد إلى بلد عربي آخر من دون استئذان، ومن دون انتظار طويل لتأشيرات السفر والمرور. ولئن كان قدر الدومينو العربي أن ينطلق من بلد عربي صغير المساحة وعدد السكان، فإنه ليس من قبيل المبالغة القول أن لبنان كان إحدى منصات انطلاق الدومنيو الإقليمي الاستقلالي في مرحلة الأربعينيات. فبعد معركة الاستقلال التي احتفل لبنان قبل أيام قلية بذكراها الثامنة والستين، تحولت هذه المعركة إلى سابقة تحتذى من قبل حركات التحرر والاستقلال العربية.

وأكد هذا التحول صحة التحذيرات التي دأبت سلطات الانتداب الفرنسية على توجيهها إلى حكومات باريس خاصة عندما اتجهت حكومة اليسار الفرنسي عام 1936 إلى عقد معاهدة تعلن فيها استقلال لبنان وسورية. فهذه السلطات كانت تؤكد أنه لن يسع فرنسا أن تحافظ على وجودها الإمبراطوري في شمال إفريقيا طويلاً إذا ما تخلت عن سورية ولبنان، وأن أي تنازل في البلدين سوف يعجل في أفول نجم فرنسا في المغرب العربي.

العدوى اللبنانية

وبالفعل، فبعد أسابيع قليلة على موقعة الاستقلال اللبناني وعلى الظروف العربية والدولية التي أحاطت بالاستقلال وسهّلت ولادته، ترددت في المنطقة العربية أصداء قوية للمتغيرات اللبنانية. وبرزت هذه الأصداء بصورة جلية في المغرب العربي، إذ أنه بينما كان الزعماء الوطنيون فيه يشددون على المطالب الإصلاحية، انتقلوا بعد موقعة الاستقلال اللبناني إلى طرح القضية الاستقلالية وإلى المناداة بالحق في تقرير المصير وإلى مطالبة السلطات المحلية باستخدام الأدوات الدستورية والقانونية المتاحة لها من أجل تعطيل مفعول نظام الحماية والاحتلال، أي بتعبير آخر الاقتداء بالسابقة أو «العدوى» اللبنانية.

ولم تفت الصلة بين موقعة الاستقلال اللبناني والتطورات المغاربية الأوساط الدولية المعنية بأوضاع المنطقة العربية مثل الخارجية البريطانية التي استرعى التغير في مواقف الأحزاب والقيادات الوطنية المغاربية انتباهها، فعلق أحد المسئولين فيها على هذا التغيير بقوله إن هؤلاء وجدوا أن رفع مستوى المجابهة مع السلطات الاستعمارية وصولاً إلى خلق أزمات دولية الطابع، كما فعل الزعماء اللبنانيون، هو السبيل الأفضل إلى نيل الاستقلال.

وكما كان للبنان أثره الكبير في تحفيز النزعات الاستقلالية وفي اختيار الطريق الأفضل لبلوغ هدف التحرر، فإنه كان له أثر مهم أيضًا في قيام النظام الإقليمي العربي وفي تعميقه وفي بلورة العديد من المؤسسات والمواقف العربية المشتركة. فلولا تمسك لبنان وسورية بعقد المؤتمر التأسيسي لجامعة الدول العربية قبل أن تضع الحرب العالمية الثانية أوزارها، لكان من الأرجح أن تحول دول الغرب المنتصرة في الحرب دون قيام هذه المؤسسة الإقليمية. وفي اجتماعات الجامعة ومؤتمراتها، اضطلع لبنان بدور مهم أيضًا في تمكين الجامعة من القيام بهدف رئيسي من الأهداف التي تأسست من أجلها، ألا وهو التنسيق بين الدول العربية الأعضاء من أجل دعم حركات الاستقلال في البلدان العربية التي كانت ترزح تحت الاحتلال.

قد يجد البعض في معركة الاستقلال التي خاضها لبنان حدثًا استثنائيًا في التاريخ اللبناني، والحقيقة في نظري أن هذه الموقعة كانت حدثًا تاريخيًا مجيدًا في تاريخ لبنان، ولكنها لم تقع خارج سياق نضالات اللبنانيين من أجل الاستقلال والحرية وتعميق الصلات مع بقية البلاد العربية.

فقبل معركة الأربعينيات خاض سكان المناطق التي تكون منها لبنان، كما قلنا أعلاه مواقع مهمة ضد التغلغل الإمبريالي الأوربي في الشرق ومواقع لا تقل أهمية ضد النزعة العنصرية التي عبّر عنها حزب الاتحاد والترقي التركي، وفيما كان الوطنيون اللبنانيون يواجهون نظام الانتداب الفرنسي في ذروة قوته وبطشه، فإنهم كانوا يقفون في الوقت نفسه على خط المجابهة ضد الصهيونية وضد الانتداب البريطاني جنبًا إلى جنب ودعمًا لأشقائهم في فلسطين، وفي كل هذه المراحل كانت أصداء مواقف اللبنانيين وتضحياتهم تتردد في كل المناطق العربية.

الوطنية والعمق الديمقراطي

لم يخض اللبنانيون هذه المعارك على جبهة التحرر الوطني وحدها وإنما كان لكل موقعة من هذه المواقع عمقها الديمقراطي، فالجمعيات الإصلاحية التي انطلقت من بيروت وانتشرت في مدن الولايات العثمانية العربية كانت تؤكد على المطالب الديمقراطية. وكانت سياسة الانتداب الفرنسي الإقصائية المنافية للمبادئ الديمقراطية سببًا من أهم الأسباب التي أدت إلى اشتداد المعارضة ضد الفرنسيين بحيث تداخل النضال من أجل الاستقلال مع النضال من أجل الديمقراطية.

وكثيرًا ما يغيب عن المعنيين بالأوضاع اللبنانية أو حتى عن البعض منا أن لبنان حافظ على نظامه الديمقراطي حتى عندما لم يزد عدد الديمقراطيات في العالم عن الثلاثين. وأنه لبث بين الديمقراطيات القليلة في آسيا التي صمدت أمام موجة الانقلابات العسكرية وأنظمة الحزب الواحد. بل إنه كثيرًا ما يغيب عن الكثيرين حتى اللبنانيين أن المنبع الأصلي للديمقراطية في العالم لم يكن أثينيًا خالصًا كما يقول المؤرخون الأوروسنتريون الذين جعلوا القارة الأوربية دون غيرها من القارات والأقاليم محور التاريخ الإنساني. كان هذا المنبع متوسطيًا ومشرقيًا أيضًا. أي أنه كان أثينيًا بمقدار ما كان فينيقيًا وفرعونيًا وبابليًا كما يلاحظ عدد متزايد من المؤرخين والعلماء مثل البروفسور جاك غودي أستاذ العلوم الأنتروبولوجية في جامعة كامبردج وجون كين أحد أبرز الكتاب في علم السياسة الذين يذهبون إلى القول إن الديمقراطية الفينيقية كانت تفضل ديمقراطية أثينا وروما لأنها كانت أقرب إلى فكرة المساواة.

شروط لبنان النموذج

في هذا السياق المتميز، يمكننا أن نفهم موقعتي تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي عام 2000 ودحر العدوان الإسرائيلي عام 2006. ولقد سعى الإسرائيليون إلى التقليل من أهمية تحرير الأرض عام 2000 وإلى تغطية الأسباب الحقيقية التي أدت إلى انسحابهم من لبنان عندا أوحوا بأن ذلك الانسحاب تم بغرض حرمان دمشق من ورقة ضغط كانت تستخدمها من أجل إجبار إسرائيل على الانسحاب من الجولان. في ذلك اعتراف صريح من قبل الإسرائيليين أن المقاومة اللبنانية كانت أداة ضغط فاعلة جعلت كلفة احتلال إسرائيل للأراضي اللبنانية أكبر بما لا يقاس بكلفة الانسحاب منها. بالمقابل كان ما تكلفه اللبنانيون لإجبار إسرائيل على الانسحاب أقل بكثير مما كانوا يتكلفونه من جراء السكوت على الاحتلال أو بسبب عقد اتفاقيات سلام مجحفة بحق لبنان مع الإسرائيليين.

خرج اللبنانيون من معركة التحرير وهم على درجة عالية من التقارب السياسي والتفاهم الوطني، ولقد هيأتهم الظروف الجديدة للإسراع في تنظيم أوضاعهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ومن ثم لتحويل الانتصار اللبناني إلى سابقة ذات أهمية كبرى على الصعيد الإقليمي، وإلى تكريس لبنان كنموذج إقليمي للدولة ذات السيادة الوطنية الراسخة والمنيعة والنظام الديمقراطي المتقدم. وتطلع اللبنانيون إلى أن يتمكنوا خلال سنوات قليلة نسبيًا من استعادة المكانة الإقليمية التي تمتع بها بلدهم قبل الحروب. ولكن هذا الهدف بقي عصي المنال على لبنان إذ أن الصورة اللبنانية بمجملها لم تكن إيجابية إلى درجة تجعل من البلد - كما توخاه أبناؤه - نموذجًا من النماذج الإقليمية للتحول الديمقراطي والنهوض الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. ولقد أصاب النظام الديمقراطي في لبنان العديد من العثرات، مما حرمه من عوائد هذا النظام.

وبرزت هذه المفارقة بصورة حادة عندما أطل الربيع العربي على المنطقة العربية، فكان متوقعًا أن يضطلع لبنان بدور مهم ومسئول في مساندة التحولات الديمقراطية فيها، وفي اجتراح الحلول والسبل التي تساعد الدول العربية الشقيقة على الانتقال إلى الديمقراطية بأقل كلفة بشرية ومادية وسياسية ممكنة وبأسرع وقت مستطاع. غير أن لبنان لم يتمكن من القيام بهذا الدور. وفي اعتقادي أن دور لبنان في معركة الانتقال إلى الديمقراطية سوف يبقى محدودًا إلا إذا توافرت لديه الشروط التالية:

أولا: إصلاح سياسي يبدأ ببلورة المعالم الرئيسية للنظام السياسي اللبناني، والاتفاق على الأسس والمبادئ الناظمة للحياة العامة. ولقد تبلورت هذه المعالم من خلال الميثاق الوطني غير المكتوب عام 1943 وتم تجديد هذه المعالم في ميثاق الطائف المكتوب عام 1989 وفي ما تبع الميثاق من صياغات دستورية. وباختصار شديد يمكن القول إن الميثاق أكد على أن النظام السياسي في لبنان هو نظام هجين فيه مزيج من النموذجين الأكثري والديمقراطي التوافقي، وعلى - أن هذا النظام يتسم بالطابع المؤقت حيث يترتب على النخب الحاكمة تشكيل الهيئة الوطنية للتقدم بمقترحات حول سبل إلغاء الطائفية.

وبصرف النظر عن مدى صواب التقييم الذي قدمته النخبة الحاكمة لمسألة الطائفية على الحياة العامة، فإن هذه النخبة سددت إلى اتفاق الطائف وجوهره الإصلاحي ضربة في الصميم. أولاً عندما فشلت في تشكيل الهيئة، وتحول الحديث عن تشكيلها بين الفينة والأخرى إلى نوع من التهويل السياسي. وثانيًا، عندما تولى فريق الأكثرية السابقة دفن الشق الديمقراطي التوافقي من النظام اللبناني، وأعلن على نحو أحادي أن النظام السياسي اللبناني هو أكثري الطابع فحسب.

إن تحريك الإصلاح السياسي يقتضي الإسراع في تشكيل هيئة إلغاء الطائفية، ويقتضي نظرة جادة إلى نموذج الديمقراطية التوافقية وخاصة من اللبنانيين. فعندما أطلق نفر من علماء السياسة الدوليين هذا النموذج استوحوه من تجارب الحكم والسياسة في عدد قليل من دول العالم ذات المجتمعات التعددية. وكان لبنان بين هذه الدول القليلة. واليوم بات هذا النموذج موضع اهتمام فعلي في عدد متزايد من المجتمعات التي تعاني من العصبيات الفئوية، ومن أنظمة الحكم الإقصائية. وتأمل هذه الحكومات والدول عبر الأخذ بنموذج الديمقراطية التوافقية أن تصون وحدتها الترابية عبر استبدال السياسات الإقصائية بمناهج الحكم التضمينية. ينسحب هذا على دول عربية متعددة التي شهدت أحداث الربيع العربي. وحتى تونس التي تعتبر مجتمعًا متجانسًا إلى أبعد حد، فقد أعلن الشيخ راشد الغنوشي أن حركة النهضة التي يتزعمها والتي فازت بأكبر عدد من النواب تسعى إلى تشكيل حكومة توافقية. وفي الدول العربية الأخرى التي حلّ فيها الربيع العربي، تبدو الديمقراطية التوافقية إذا أحسنت هندستها حلاً مؤقتًا ومناسبًا للتقليل من حدة العصبيات الفئوية التي تهدد هذه الدول بالتشطير والتشظي.

ثانيًا: الاتفاق على سياسة دفاعية فاعلة وسليمة تقوم على مبدأ الدفاع الوطني الشامل. وهذا المبدأ يقتضي إشراك جميع المواطنين والمواطنات دون استثناء في مهام الدفاع عن الوطن. وهذا الإشراك لا يتوقف عند التجنيد الإلزامي فحسب، كما هو مطبق فيما يفوق الثلاثين دولة في العالم، وإنما يتعداه إلى طرق كل باب من تجهيز المجتمعات للانتقال السريع وخلال ساعات قصيرة من مجتمع السلم إلى مجتمع محارب. ولا يقف الفرق بين مبدأ الدفاع الشامل، من جهة، ونظام التجنيد الإلزامي عند السرعة والسهولة التي يتم فيها تنفيذ الاستنفار العسكري فحسب، وإنما يتجاوز ذلك أيضًا إلى تعدد أوجه الاستنفار والدفاع وشمولها سائر مناحي الحياة.

ففي سنغافورة، هذه الجزيرة الصغيرة التي لا تزيد مساحتها على 620 كلم مربعًا، وعدد سكانها عن الثلاثة ملايين، هناك خمسة أوجه لسياسة الدفاع الشامل هي الدفاع العسكري والمدني والاقتصادي والاجتماعي والنفسي. ويتوزع المواطنون والمواطنات كل بحسب مقدرته وكفاءته على واحد من أوجه الدفاع. وفي الدنمارك التي تطبق هي الأخرى سياسة الدفاع الشامل، امتدت هذه السياسة إلى خارج البلاد حيث شملت مد التحالفات مع دول البلطيق التي تشكو هي الأخرى عدد سكانها الضئيل بالمقارنة مع الجيران الكبار. وبفضل سياسة الدفاع الشامل تمكن هذا البلد الإسكندنافي من التحوّل من مستهلك للدفاع إلى منتج له، ومن فاعل مدني كما كان من قبل إلى فاعل استراتيجي.

ثالثًا: تطبيق سياسة اجتماعية واقتصادية سليمة تتجاوز مبادئ النيوليبرالية وإجماع واشنطن التي تسببت بالأزمات المتوالية والحادة للمجتمعات الغربية، واعتماد سياسة السوق الاجتماعي التي حققت نجاحات مبهرة في دول شرق آسيا، لقد انطلقت النيوليبرالية من نظرة متعسفة تجاه بيروقراطية الدولة، واعتقاد بأن بيروقراطيات القطاع الخاص أفضل حالا من الأولى. ولكن الأزمات الكبرى التي يشهدها العالم تدل على العكس، وعلى أن الأمراض التي تشكو منها إدارات القطاع الخاص مثل الفساد والإهمال والافتقار إلى الحس المؤسسي تفوق الأمراض التي تشكو منها بيروقراطية الدولة. وتدل التجارب اللبنانية نفسها على أنه عندما سعت النخبة الحاكمة خلال الفترة الشهابية إلى تطوير الإدارة الحكومية حقق لبنان قفزات مهمة على كل صعيد. وهذا أمر يمكن معاودته ومن ثم إنهاض الدولة اللبنانية.

رابعًا: كضمانة للنجاح على الأصعدة الثلاثة المشار إليها أعلاه، المساهمة الجادة في تعميق النظام الإقليمي العربي وتطوير التعاون بين الدول العربية، خاصة في إطار إتفاقية التجارة الحرة العربية الكبرى وتذليل كل العقبات غير الجمركية التي تعترض التجارة البينية العربية وتنفيذ إعلان قمة تونس حول الإصلاح السياسي والديمقراطي في المنطقة، بما في ذلك تشكيل محكمة عربية تنظر في خروج الدول الأعضاء عن الميثاق وتقرر نوع العقوبات التي تطالها إذا خالفت شرعة حقوق الإنسان. إن هذا التنسيق والتعاون لا تفرضه موجبات الروابط العربية المجردة، بل أيضًا المصالح المشتركة لدول المنطقة. ولسوف تشتد حاجة هذه الدول في المستقبل القريب إلى المزيد من التعاون الاقتصادي في ظل الأزمات التي تعاني منها دول جنوب أوربا والتراجع الذي طرأ على معدلات النمو في اقتصاد دول الربيع العربي وازدياد معدلات البطالة بين شبابها وشاباتها.
-------------------------------------
* مفكر وباحث من لبنان.

-------------------------------------

ملأتِ قلبي نُدوبَا
فصِرْتُ صَبّاً كئِيبَا
علّمْتِ دمعِيَ سَكْباً
ومقلتيَّ نَحِيبَا
ما مسّكِ الطّيبُ، إلاّ
أهْدَيْتِ للطيبِ طيبَا
عَدَدْتِ أحْسنَ ما فِـ
ـيَّ، يا ظلومُ، ذُنوبَا
أقمتِ دمعي على ما
يَطْوي الضّمِيرُ رَقِيبَا

أبو نواس

 

رغيد الصلح