طائرات كهربائية في الأفق مظفر شعبان م. عبد الله عكش

طائرات كهربائية في الأفق

هل نشهد في أفق أعمارنا طائرات لا تُحدث ضجيجًا ولا تنفث نفايات الوقود الأحفوري?
إنه حلم يقترب من التحقق, ويحمل في طياته أسئلة مهمة:
تقنية, وبيئية, واقتصادية, وسياسية أيضًا.

إن منظر الطائرة المحلقة في السماء يثير انتباهنا من منطلقات عدة, منها هندسي وآخر حضاري وثالث بيئي وغيرها. فمن الناحية البيئية تطلق الطائرة أزيزا مميزا وصوتا هادرا ينبعث من محركاتها العاملة بالوقود الأحفوري. وقد بات هدير الطائرة أحد مصادر التلوث الذي تحاربه السلطات البلدية في جميع أنحاء العالم, وخصوصا في المناطق المجاورة للمطارات.

ويبذل المهندسون العاملون في وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) جهودا كبيرة للتوصل الى الطائرات التي تعمل بالطاقة الكهربائية, وفي رأيهم أنه يمكن تحقيق هذه المشاريع في المستقبل القريب, علما أنه لن تكون هناك فوارق تذكر بين شكل الطائرات الجديدة والطائرات الموجودة حاليا العاملة بالوقود الاحفوري. فالتوربينات (العنفات) الغازية الضخمة تمتص الهواء وتكسبه سرعة إضافية مما يدفع الطائرة إلى الأمام. ولكن الطاقة, هذه المرة, التي ستحرّك الطائرة لن تأتي من التوربينات, ولكن من المحركات الكهربائية القوية. وفي هذه المرحلة فإن السؤال المحوري الذي يطرح نفسه هو: أنّى لمحركات الطائرات الكهربائية أن تؤمن هذه الطاقة الكبيرة اللازمة لإقلاع الطائرة. وعلى الأغلب لن يكون مصدر الطاقة هو البطاريات, لأن البطاريات ستكون ثقيلة جدا للقيام بمثل هذه المهمة, وبالمناسبة نشير الى أن البطارية التي ستؤمن الطاقة اللازمة لن تكون ثقيلة بالنسبة للطائرات فقط, وإنما لوسائط النقل الأخرى أيضا. وبما أن الشيء بالشيء يذكر يمكن القول إنه لم تصنع حتى الآن سيارة عملية تعمل بالكهرباء مثل السيارات العادية. ويرد ذلك إلى أسباب كثيرة, ومنها, وأهمها, البطاريات. فعند صنع بطاريات بحجم يكفي لتأمين الكهرباء اللازمة لتحريك المركبة فإنها ستكون ثقيلة جدا بحيث يكون من الصعب جدا تأمين مكان لها في المركبة.

ولا تزال طريقة التفكير هذه تحد من الآمال الساعية إلى صنع مركبات كهربائية تعتمد في عملها على البطاريات. وقد طوّرت بعض الشركات التي تفكر بإنتاج سيارات تعمل بالكهرباء, خيارا يبشر ببعض الأمل: خلايا الوقود Fuel Cells.

كهرباء بلا ضجيج

يقول المهندسون في الناسا إن هذا الخيار الجديد يمكن استعماله, ليس فقط في السيارات, وإنما في الطائرات كذلك. وإذا تحقق هذا الخيار فإنه يمكن أن يؤثر جديا في مستقبل الطائرات. وحتى إذا قبلنا أن خلايا الوقود لا تُستعمل بشكل واسع اليوم فإنه لا يمكن اعتبارها اكتشافا جديدا. فمن المعروف أن خلية الوقود الأولى صنعها السير وليام كروف في انجلترا عام 1839. وفي العام 1894 وضع عالم آخر هو والترهيرمان نرست المبادئ الأساسية لخلايا الوقود, علما أن نرست هو نفسه الذي وضع القانون الثالث للديناميكا الحرارية وحاز لقاءه على جائزة نوبل.

وقد طرح نرست فكرة مفادها أن خلايا الوقود تسمح بالحصول على التيار الكهربائي مباشرة ودون أجزاء متحركة, وهو المبدأ الذي بات يعرف باسم (التحويل المباشر للطاقة) Direct Energy Conversion (DEC)

وقد تبين حدوث ضياع جزء من الطاقة عند تشغيل عنفات مولدة تنتج الكهرباء بواسطة الحرارة, التي يتم الحصول عليها باستعمال الوقود الأحفوري. ولتفادي ذلك, تم التوصل إلى فكرة خلايا الوقود بغرض جعل المردود الظاهري أعلى كما طرحها نرست, بحيث يتم تحويل الوقود مباشرة إلى تيار كهربائي. وهذه هي العملية التي تجري داخل خلية الوقود, ومنه نشير إلى أن تكوين خلايا الوقود يشبه البطاريات إلى حد ما, ولكن تحول المادة الكيميائية إلى تيار كهربائي يحدث في نهاية مدة مختلفة. فالهيدروجين السائل يتفكك بواسطة الكترود (قطب) مطلي بالبلاتين إلى بروتونات والكترونات حيث تُحتَجز البروتونات, وفي الوقت ذاته يمسك الكترود ثان الكترونات الأكسجين, وبما أن الالكترودين مشحونان بشحنتين مختلفتين, لذا يتشكل بينهما فرق توتر يؤدي إلى مرور تيارات كهربائية, وبهذه الطريقة, يتم استعمال الكهرباء مباشرة, لتشغيل المحركات أو المركبات الكهربائية الأخرى.

ومنه يتبين لنا أن خلايا الوقود ذات مزايا كبيرة, خصوصا أنها تعمل بمردود عال قد يصل الى 70%. ويضاف إلى ذلك أنها لا تحتوي على أي قطع متحركة, كما أنها صديقة البيئة نظرا لأن نواتج التفاعل: الماء, غير ضارة. وبعكس المحركات العادية فإن خلايا الوقود تعمل دون صوت وهي لا تطلق إلى الخارج نواتج احتراق ملوثة.

يؤدي احتراق وقود أحفوري في محرك مركبة عادية إلى إنتاج بعض الغازات الضارة تنتج عن عمليات الاحتراق, وتؤدي إلى تلوث الهواء. الغاز الناتج عن الاحتراق في المحركات التي تعمل بالبنزين والديزل هو ثاني أكسيد الكربون, وتلقي معه أيضا إلى الوسط الخارجي كمية من أول أكسيد الكربون وأكاسيد الآزوت. بينما المادة الجانبية الناتجة عن تفاعل الهيدروجين لتشغيل خلايا الوقود هي بخار الماء فقط.

وفي الواقع فإن أحد مجالات استعمال خلايا الوقود في يومنا هذا هو وسائط النقل البحرية. فهي تستعمل في الغواصات التقليدية (غير النووية) حاليا بغية السباحة الصامتة في الأعماق أو السير في الأعماق دون إصدار صوت.

المجال الآخر الذي تستعمل فيه خلايا الوقود هو رحلات الفضاء. فبعد ظهورها الأول قبل أكثر من مائة سنة, لم يُنظر إلى خلايا الوقود على أنها منبع طاقة يمكن استعماله. وفي خمسينيات القرن العشرين بدأ هذا التفكير يستقطب اهتمام وكالة الفضاء الأمريكية (الناسا), على أنها منبع طاقة يمكن استعماله في رحلات الفضاء.

في تلك السنوات كان من المألوف استعمال الألواح الشمسية, والبطاريات النووية, للاستعمالات الكهربائية في المركبات الفضائية. ولكن هذه الخيارات كانت تعاني بعض الجوانب السلبية, فلوحات الطاقة الشمسية كانت غالية الثمن, ولا تولد الكهرباء بالمردود المطلوب. إن البطاريات كانت ثقيلة وعمرها محدود. أما الكهرباء المولدة بالبطاريات النووية فقد تبين أنها تضر بصحة طاقم المركبة لأنها ـ أي البطارية النووية ـ ذات عناصر مشعة. والمدهش حقا الآن, هو أن تعود خلايا الوقود, الى أيامها الأولى بعد أن حاول الإنسان الاستغناء عنها مدة بلغت قرنا كاملا, وهكذا فإنها وطدت أقدامها كمنبع مثالي للطاقة في الرحلات الفضائية.

تجدر الإشارة إلى أن خلايا الوقود, بسبب أدائها الرائع هذا, أمنت الطاقة الكهربائية اللازمة لمركبات الفضاء في برامج رحلات الفضاء المأهولة.

باختصار نقول إن (مكاكيك) الفضاء اليوم تتغذى بالطاقة التي تستجرها من خلايا الوقود.

ومع أن طريقة الحصول على الطاقة الكهربائية من خلايا الوقود من أجل الاستعمال في الحياة اليومية لا تزال غالية الثمن, فإن كثيرا من الشركات العاملة في صناعة السيارات تبذل جهودا جبارة لحل هذه المسألة, وهم يبحثون عن الوسائل الكفيلة بجعل خلايا الوقود أبسط, وأرخص وأصغر! فكثير من العلماء والمهندسين يطرحون على أنفسهم هذا السؤال, ومن حسن الحظ فقد بدأت اليوم تظهر علامات توحي بقرب الوصول إلى النجاح في المستقبل القريب. وعلى سبيل المثال نشير إلى أن شركة دايملر ـ كرايزلر قامت قبل فترة وجيزة بتعريف العالم على السيارة التي أسمتها NECAR-4. وفي الواقع فإن NECAR هو اسم عام لمشروع بدئ به في أوائل التسعينيات, وقد ركب من الأحرف الأولى للكلمات الإنجليزية (New Electric car), حيث صنعت أول سيارة من هذا الطراز في مايو عام 1994. وقد أعطت الشركة المنتجة دايملر ـ بنز لهذه السيارة تقويما زمنيا لإنتاج مركبات خلايا الوقود التي صممتها. والشركة تخطط لإنتاج 100000 مركبة عام 2005 تعمل بالكهرباء التي يتم الحصول عليها من خلايا الوقود. إن NECAR-1, التي أنتجت عام 1994, كانت تستطيع أن تحمل راكبين اثنين, أما المسافة التي كانت تستطيع قطعها فكانت 130كلم.

وبعد سنتين عرّفت الشركة العالم على المركبة التي أسمتها NECAR-2, وهذه المركبة متطورة عن النموذج الأولي في كثير من النواحي, إذ كانت تستطيع حمل ستة ركاب والوصول الى سرعة 90كلم في الساعة, والمسافة المقطوعة تم تطويرها كذلك حيث رفعت إلى 250كلم. والسيارة الثالثة ضمن سلسلة NECAR طرحت على الملأ في سبتمبر عام 1997, وهذه المركبة تختلف عن النموذجين السابقين بأن الوقود المستعمل فيها هو الميتانول بدل الهيدروجين, حيث كان الهيدروجين يستخرج من الميتانول أثناء سير السيارة ويُعطى لبطاريات الوقود.

بالإضافة إلى الهيدروجين يمكن استعمال مواد أخرى في خلايا الوقود كالميتانول, الإيتانول, الغاز الطبيعي, إلا أن الغازات الضارة بالبيئة الناتجة عن احتراقه أقل ضررا من البنزين أو المازوت. ومن الواضح أن أيا من مصادر الوقود هذه لا يكافئ الهيدروجين كعنصر صديق للبيئة, وبالإضافة إلى ذلك فإن مصادر الوقود المذكورة غير قادرة على الوصول إلى المردود الذي يؤمنه الهيدروجين.

وما دمنا في معرض المقارنة بين الهيدروجين وأشكال الوقود الأخرى فإننا نشير إلى أن للميتانول مزايا يتمتع بها, فهو كالبنزين مادة سائلة في درجة حرارة الغرفة, إلا أن تخزين الهيدروجين يتطلب تحويله إلى الحالة السائلة وحفظه في مستودعات تشبه أداة حفظ السوائل الحارة والباردة (ترمس) مما يزيد من مزايا الميتانول, لأن خزان الوقود اللازم للميتانول في المركبات أصغر وأخف بكثير من الخزان اللازم للهيدروجين.

ويضاف إلى ذلك, أنه إذا احتلت المركبات التي ستعمل في المستقبل بالميتانول مكان المركبات التي تعمل بالوقود الأحفوري فستسقط الحاجة إلى إجراء تغييرات كبيرة في محطات الوقود.

إن السيارة NECAR-3, التي تختلف عن النموذجين السابقين باستعمالها الميتانول كوقود بدلا من الهيدروجين, استطاعت قطع مسافة 400 كيلومتر بـ 40 ليترا من الميتانول, وكما في النماذج الأخرى يخرج من عادم هذه المركبة بخار الماء وهي تسير من دون صوت أو بضجيج خافت.

الموعد 2005?!

في مارس عام 1999 تعّرف العالم على السيارة NECAR - 4 , وكانت تستعمل خلايا الوقود التي تعمل بالهيدروجين, شأنها في ذلك شأن النموذجين الأولين, وكان محركها بقدرة 55 كيلووات واستطاعت الوصول إلى سرعة 145 كيلومترا في الساعة وقطع مسافة 450 كيلومترا, وهي تتمتع بمزايا عدة بين السيارات التي تعمل على الكهرباء حتى اليوم, وهذا يعطي أملا للمختصين. ومن المتوقع أن يتم إنتاج هذه السيارة عام 2005, وأن ينتشر استعمالها في المستقبل بشكل أوسع, ويعقد المهندسون على هذا النموذج آمالا كبيرة ويتوقعون أن تنال الإعجاب خلال فترة قصيرة.

وعليه فليس مستغربا أن تخصص اعتمادات كبيرة جدا على مشاريع تطوير المركبات التي تعمل بخلايا الوقود. ولا يخفي المختصون تفاؤلهم بمستقبل السيارات التي ستعمل بالكهرباء المولدة من خلايا الوقود في الحياة اليومية.

ومن المنتظر بعد هذه المرحلة, أن يبدأ التفكير باستعمال الطائرات التي تعمل بواسطة خلايا الوقود, وهذا الموقف يذكرنا بالتطور التاريخي لتسلسل ظهور وسائط النقل, فكما حصل قبل أكثر من مائة سنة, فقد ظهرت الطائرة بعد تصنيع السيارة, وهنا تبدو الأمور وكأن التاريخ يعيد نفسه, فبعد انطلاق السيارة العاملة بخلايا الوقود, علينا أن نتوقع كذلك إنتاج الطائرة العاملة بخلايا الوقود.

في بداية القرن الماضي, وبعد أن ابتدأ استعمال محركات الاحتراق الداخلي في السيارات بفترة قصيرة تم تركيبها (أي محركات الاحتراق الداخلي) على الطائرات مما حقق حلم الإنسان بالتحليق في الجو. المختصون يشاركون, بعضهم بعضا, الرأي بأنه كما في السيارات, فإن التطورات ذاتها سوف تنسحب على الطائرات في هذا القرن.

وكما تذكر مراجع تاريخ التكنولوجيا, فإن أول طائرة بمحرك نفاث حلقت في الجو في 27 أغسطس عام 1939. ومع أن السيطرة آنذاك كانت للطائرات المروحية, فإن شركة Heinkel الألمانية المنتجة للطائرة ذات النموذج He178 كانت تجرب محركا تم تطويره حديثا. وقد أعقب هذه التجربة في العام 1941 طيران لمحرك نفاث آخر في انجلترا. بعد ذلك تتالت التطورات حتى وصلنا إلى يومنا الحالي, وفيه تستعمل في أغلب الطائرات محركات نفاثة. ويطرح المختصون على أنفسهم هذا السؤال: هل ستؤدي خلايا الوقود إلى تغيير جديد في مجال الطائرات? هل تستطيع المحركات الكهربائية خلق تأثير مشابه للتغيير الذي برز نتيجة تطبيق المحركات النفاثة? مهندسو الناسا ينظرون إلى ذلك بكل جدية. ولكي يتحقق هذا التغيير فهم يعملون اليوم لرفع سوية انتاج خلايا الوقود قدراتها إلى آلاف الميجاوات من الطاقة الكهربائية.

وعندما يتم تحقيق هذا الهدف يكون المهندسون قد استوفوا الشروط الطاقية اللازمة لتشغيل طائرة ركاب كبيرة, مثل إيرباص A340 فإقلاع طائرة إيرباص A340 يتطلب قوة دفع قدرها 70 طنا. ولتأمين ذلك لا بد من توفير آلاف الكيلوات من الطاقة. وهذا أكبر بكثير من الاستطاعة اللازمة لإقلاع السيارة. ولهذا السبب فإن محركا كهربائيا بهذه القوة يجب أن يكون خفيفا, ورخيصا في الوقت نفسه. وتشاء الصدف أن يكون مهندسو الناسا قد صمموا منذ فترة طويلة طريقة عمل الطائرة التي ستعمل بخلايا الوقود, حيث تقرر وضع خلايا الوقود في أجنحة الطائرة.

الخزانات الكبيرة, المستعملة حاليا في الطائرات لتخزين البنزين, سيحل محلها خزانات الهيدروجين التي ستكون أصغر بكثير. وبرفع البوابات الموجودة أمام الأجنحة أثناء الطيران سيدخل الهواء من الأجنحة إلى الداخل. الكترونات الأكسجين الموجودة في الهواء ستتجمع على مصاعد خلايا الوقود, بينما ستتجمع البروتونات التي تأتي من الهيدروجين على مهابطها. المحرك الموضوع بين الالكترودين سيولد لدى دورانه تيارا كهربائيا أيضا, وهناك كذلك تيار كهربائي يتم الحصول عليه من البروتونات الناتجة عن تأين الهيدروجين. ومن الواضح أن الكهرباء التي يتم الحصول عليها بهذا الشكل تمكن الطائرة من التحليق بسهولة.

180 درجة مئوية تحت الصفر!

ومن المؤكد أن هناك بعض الصعاب في هذا المشروع, منها صعوبة تخزين الهيدروجين في الخزانات بالسهولة ذاتها التي يخزن فيها البنزين. وبما أن الهيدروجين يحتل حجما واسعا عندما يكون في الحالة الغازية, فلا بد من إبقائه في درجة حرارة 180درجة مئوية تحت الصفر.

ولكي نبقي الهيدروجين عند درجة الحرارة هذه بشكل دائم, يجب أن تكون الخزانات معزولة كما في الـ (تُرمس), وفي هذه الظروف فإن خزان الوقود سيؤدي إلى زيادة وزن الطائرة وهذه تمثل عقبة إضافية.

الحل المقترح لهذه المشكلة هو استعمال الميتانول بدلا من الهيدروجين, تماما كما في السيارات التي تعمل بخلايا الوقود, ومع أن مردود الميتانول ليس كالهيدروجين, فإنه لا يحتاج إلى درجة حرارة منخفضة ولا إلى عزل, وهو عملي بما فيه الكفاية.

بما أن إمكان تخزين الميتانول في الطائرات سهل, مثل البنزين أو الكيروسين, لذا نستنتج أن استعماله عملي أكثر من الهيدروجين. فإذا كانت الطائرة, التي تعمل على الكهرباء المولدة في خلية وقود تستعمل الميتانول, فإن خزانات الوقود بشكل طبيعي لن تكون ثقيلة مثل خلايا الوقود الهيدروجينية.

من ناحية أخرى ليس من السهل استعمال الهيدروجين كوقود في المحركات التي تعمل بالبنزين أو الكيروسين. فمن أجل انتشار خلايا الوقود التي تستعمل الهيدروجين وحتى يصبح استعمالها عمليا, يجب زيادة إنتاج الهيدروجين وجعله اقتصاديا, وأن تحل محطات الهيدروجين محل محطات البنزين, ومن أجل التوزيع ومن أجل إيجاد شبكة, يجب أن تكون هناك تغييرات بنيوية جدية.

وهذا العمل قد لا يكون رخيصا وسهلا خلال فترة قصيرة من الزمن. ومن الواضح أن كميات الهيدروجين التي يتم إنتاجها حاليا لن تكون كافية لمواجهة متطلبات مثل هذا المشروع.

من الواضح أن البشرية تقف عند مفترق حاسم وهو يتوضح بالاهتمام الذي نبديه جميعا بالمركبات العاملة بالكهرباء, المتولدة في خلايا الوقود, ويستدل على ذلك بأن بعض الدول قد باشرت بإجراء تجارب على استعمال خلايا الوقود في طائرات صغيرة أو مروحيات, كما بدأت بإنتاج النماذج الأولية. ومن المعروف أن الناسا تبدي اهتماما كبيرا بالمركبات التي تعمل بالكهرباء, حتى أن دولا مثل النمسا وألمانيا تقوم بتطوير مشاريع على الطائرات الكهربائية, والطائرات الكهربائية الشراعية (دون محركات), فالنموذج Brditschka HB3 هي إحدى الطائرات التي يجري العمل عليها في النمسا منذ 25 عاما, حيث يعمل محرك الطائرة ذات المراوح على الكهرباء المستجرة من بطارية. وهناك مشروع طائرة كهربائية مماثل هو مشروع Antares الألماني, حيث تعمل الطائرة بمحرك قدرته 42 كيلو. وات وتستطيع التحليق وصولا إلى ارتفاع قدره 1800 متر, وذلك بمساعدة بطارية مصنوعة من ميتال هيدريد, علما أن هذه الطائرات التي تعمل بالبطارية بمساعدة محركاتها الكهربائية ذات البطارية أعطت نتائج ناجحة, ويتم التفكير بتجهيزها في المستقبل بمنابع ذات تحويل مباشر للكهرباء مثل خلايا الوقود أو الألواح الشمسية.

من الواضح أن الطائرات ذات الضجيج المرهق والمحركات النفاثة التي تحلق فوق رءوسنا لن تغيب عن الساحة في القريب العاجل, إلا أنها ستختفي خلال سنوات طالت أو قصرت, وكل ما علينا فعله هو الانتظار, خصوصا أن المركبات العاملة بالكهرباء المنتجة من خلايا الوقود لم تعد تكهنا, بل إنها في مرحلة العد العكسي المتناقص, وسرعان ما ستنقض على ساحة الطائرات وتحتل عرش وسائط النقل الحديثة وتحل محل المركبات التي تعمل بالوقود الأحفوري.

 

مظفر شعبان 




نموذج مقترح لطائرة مدنية كهربائية





الطائرة الشراعية الكهربائية





خزانات الهيدروجين





الفتحات الموجودة أمام الجناحين لتأمين دخول الهواء





سيارة تعمل بالطاقة الكهربائية