التهاب السحايا ولهيب الصيف التواتي أمحمد بحيح

التهاب السحايا ولهيب الصيف

مع اشتداد حرارة الصيف وزحام الكثير من المدن وزيادة تلوث البيئة تجتاح الأغشية المحيطة بالمخ التهابات ميكروبية قاتلة في كثير من الأحيان.

يتسبب مرض الالتهاب السحائي الوبائي (أي التهاب الأغشية المحيطة بالمخ) من العدوى بالجراثيم السلبية الجرام النيسريات السحائية, وهذه النيسريات هي العامل الجرثومي الرئيسي الوحيد الذي يسبب أوبئة التهاب السحايا في العالم. وهذا المرض الجرثومي الحاد يتميز بعلامات مرضية عندما يصيب الإنسان وذلك فجأة, حيث يصبح عند الإنسان المصاب حرارة عالية في جسمه (أي حمى) وصداع شديد في الرأس وغثيان وقيء وتيبس في العنق, وأحيانا مع العلامات المرضية السابقة الذكر يحدث على الجلد في جسم الإنسان طفح حبري مع بقع وردية, ويحدث أحيانًا لبعض الأشخاص هذيان وسبات, وفي بعض الحالات المرضية من هذا المرض يحدث إعياء مفاجئ وكدمات وصدمة مخية عند بدء هذا المرض. وفي القرن العشرين الماضي وحتى قبله كانت معدلات الوفيات بين سكان العالم تزيد على 50% من الحالات المرضية, ولكن حاليا مع التشخيص المبكر للمرض والعلاج بالأدوية الحديثة, لم يعد معدل الوفيات يزيد على 10%.

ويبتدئ وباء التهاب السحايا دورته ونشاطه في الفصل الجاف, وينتهي في الفصل الممطر. وأكثر المصابين بهذا المرض الأطفال وصغار البالغين. وتصل أحيانًا درجة الوباء من الشدة بحيث يصاب بهذا المرض واحد من كل مائة من تعداد السكان عامة.

دون المعالجة يموت 70% من حالات المرضى, أما عند المعالجة الصحيحة بالمضادات الحيوية, فنسبة الوفيات تصبح قليلة جدا لا تذكر, وهذا بفضل تقدم الطب العلاجي والكيمياء الحديثة والتطور المذهل في علوم الطب, والحمد لله على هذا.

هذا كما قد يحدث الخمج بالمكورات السحائية مقصورا على الخيشوم دون حدوث أعراض, أو مصحوبا بأعراض موضعية فقط.

أو يظهر لدى المريض المصاب طفح حبري مع إصابة في المفاصل, والطريقة العملية لمكافحة المرض هي البدء بالتطعيم الجماعي للسكان واللقاح, أي أن التطعيم المتوافر في الوقت الحاضر يقي الإنسان من هذا المرض.

غير أن أثر وقاية هذا اللقاح تكون قليلة في الأطفال الرضع, ولا يؤدي إلا إلى وقاية قصيرة الأمد في الأطفال تحت سن الرابعة من العمر.

البيئة والمناخ

إن المرض قد يحدث بين مجموعة من سكان أي بلد في العالم, وذلك نتيجة لعوامل تلوث البيئة, وما يوجد فيها من أخماج, وخاصة إذا توافرت بتلك البيئة تجمعات القمامة الجافة والسائلة, والروائح النتنة الملوثة للهواء, الذي يستنشقه الإنسان صباح مساء. فكل هذه العوامل مساعدة ومشجعة على حدوث ليس وباء التهاب السحايا, بل ممكن مجموعة أوبئة أخرى خطيرة يطول هنا شرح قائمتها للقارئ الكريم.

هذا كما تلعب العوامل المناخية دورًا مهمًا في ارتفاع موجة مرض التهاب السحايا, فأحيانا - كمثال على ذلك - قد تنتشر العدوى بالجفاف الصحراوي وبالعواصف الرملية, ولكن من فضل الله على عباده يتوقف وباء التهاب السحايا المعدي بشكل عام عند سقوط الأمطار. وقد يزيد كل من الانخفاض في الرطوبة المطلقة وتزايد الغبار من شدة حدوث المرض, لأن هذين العاملين الأخيرين يحدثان إتلاف الحائل المخاطي, وإتلاف المناعات للأغشية المخاطية في الأنف والحنجرة, مما يسمح للنيسريات السحائية بالهجوم على الدورة الدموية أو سرعة الانتقال من شخص لآخر بسهولة.

كذلك تؤدي شدة ازدحام السكان إلى ظهور المرض بينهم, وأكثر عامل يمكن أن نحدد به, فيما إذا كان شخص ما سيصاب بالمرض, أم أنه لن يصاب به, هو وجود مناعة خلطية (تتمثل بوجود أضداد سابقة ضد النيسريات السحائية) ويمكن أن يصبح الناس ممنعين بثلاث طرق وقائية:

  • بالتطعيم بلقاح المكورات السحائية.
  • بحمل النيسريات السحائية في الأنف أو في الحنجرة.
  • بحمل جراثيم أخرى تنشط الأضداد ذات التفاعل المتصالب.

ويعد الرضع الذين تقل أعمارهم عن ثلاثة أشهر معرّضين لخطر ضئيل للإصابة بالمرض بسبب الأضداد التي تنتقل من الأم إلى الطفل وقت الولادة.

وقد تكون المناعة الخلطية مهمة أيضًا في تحديد مدى تعرض السكان لخطر الوباء. وقد لا تحدث الأوبئة إلا بعد تضاؤل المناعة الخلطية لإحدى الذراري.

وهذا ما يفسر لنا الدورة الوبائية لمرض السحائي الوبائي التي تتكرر كل 8-12 سنة, وقد لوحظت هذه الدورة في حزام التهاب السحايا في إفريقيا الوسطى, في بلدان غينيا بيساو وسيراليون وأثيوبيا وأرتيريا. ولكن بفضل تكنولوجيا الطب الحديث تمكن الأطباء من اقتفاء أثر المرض السحائي الوبائي, والتعرف على أشكال هذا الوباء, بحيث سهل علاجه والسيطرة عليه مهما كانت شدته.

الهجرات والأسفار

ساعدت سرعة الأسفار والهجرات من بلد لآخر على انتقال هذا المرض. كذلك تحركات الناس في المواسم التي تشهد زحاما لها دور أيضا في انتشار المرض وانتقال العدوى.

ويحدث المرض وينتقل من بلد لآخر بسبب نزوح اللاجئين من أي مكان إلى مكان آخر في العالم. وهناك عوامل مساعدة كظهور المرض وانتشاره بين أي سكان من العالم مثل ظروف ازدحام السكان وانخفاض مستوى المعيشة والحروب, وكذلك الوضع الغذائي السيئ لأي سبب كان, كذلك كثرة الإصابة بمرض الملاريا بين السكان, فهي عامل مساعد لانتشار مرض التهاب السحايا.

ويجب بدء التطعيم الجماعي بين السكان عندما يتجاوز معدل الإصابة الأسبوعية, خمس حالات لكل مائة ألف شخص من السكان, وعلى مدى أسبوعين متتالين مع وجود إثبات مختبري على وجود مرض المكورات السحائية من المجموعة المصلية A أو المجموعة المصلية C. وأما العلاج بالمضادات الحيوية ضد مرض التهاب السحايا فيكون كالآتي:

البنسلين يعطى في الوريد للكبار جرعة 3 إلى مليون وحدة كل 4 إلى 6 ساعات, للأطفال 400,000 وحدة للكيلوجرام من الوزن كل 4 إلى 6 ساعات, كذلك هناك المضاد الحيوي (كلورامفينيكول) وغيره من المضادات الحيوية هناك قائمة لا حصر لها.

وأما إجراءات الوقاية فهي كالآتي:

  • تثقيف الناس بالإرشاد الصحي بخصوص إصحاح البيئة والحفاظ على الصحة العامة.
  • منع الازدحام في أماكن الأسواق العامة والمواصلات وأماكن العمل وخاصة المدارس والمعسكرات والبواخر البحرية.
  • إعطاء التلقيح ضد المرض.
  • التبليغ المبكر عن الحالات.
  • عزل المرضى في أقسام الأمراض المعدية حتى يتم العلاج ويجب تطبيق العزل التنفسي داخل المستشفى لمدة 24 ساعة بعد بدء العلاج الكيميائي.
  • تطهير أدوات المريض وتطهير بيته الذي كان يقطن فيه عند وقوع المرض.
  • الكشف عن أسرة المريض ربما نكتشف أن بقية الأسرة مصابة به وفي بداية ظهور المرض.
  • دراسة المخالطين وذلك بالزرع الروتيني لمسحات من الحلق والأنف.
  • العلاج الروتيني بالمضادات الحيوية.
  • المحافظة على نظافة البيئة عامة.

 

التواتي أمحمد بحيح

 




التهاب السحايا يرفع حرارة الدماغ ويدخل الانسان في حالة صدمة مخية





تلعب العوامل المناخية دورا مؤثرا في انتشار مرض السحايا