- البعض يعتقد أني فلسطيني لأن شعري مطبوخ بهذا الهم
- لم أكتب قصيدة النثر لكني لا أستنكرها
- ترجمت الإلياذة وثلاثين كتاباً عن الإنجليزية
الشاعر ممدوح عدوان من أهم شعراء سورية الأحياء, ومن أهم المترجمين,
وكتّاب المسرح المتميزين, وهو مؤلف درامي عالج في كتاباته للتلفزيون قضايا
اجتماعية, واستحضر التاريخ في مسلسلات كبيرة شكلت علامة مضيئة للفن السوري
المعاصر.
ولد في قرية (دير ماما) من ريف حماة حيث يزرع الفلاحون قلوبهم سنابل
قمح, ووردا أبيض, وعلى ذلك البساط السحري الأخضر رضع معنى الانطلاق والحرية, وعشق
الطبيعة الفاتنة, وتأثر بما شاهده من كدح المزارعين الفقراء, وارتباطهم بالأرض,
واستبسالهم في الدفاع عنها وحمايتها من اللصوص والسماسرة, حيث كتب في عشق الإنسان
للأرض والحياة والعدل القصيدة الشعرية الأولى.
وفي جامعة دمشق تعلم الأدب الإنجليزي, واهتم بالشعراء العالميين, وقرأ
للعديد من الفلاسفة, وصفوة المثقفين, وأقطاب الفكر السياسي, فغدا شاعر الجامعة,
وجاء شعره منسجما مع روحه وحياته, ومرتبطا بأحداث عربية, وكان خير صوت لتلك الأحداث
التي مرت على الأمة في الستينيات, والسبعينيات.
صدر له 17 مجموعة شعرية آخرها (كتابة الموت) وروايتان (الأكبت)
و(أعدائي) كما كتب 20 مسلسلاً منها (الزير سالم) و(أبو الطيب المتنبي). وهنا يحاوره
الشاعر والصحفي الفلسطيني أحمد خضر الذي أصدر عدداً من المجموعات الشعرية.
- كيف كانت بدايتكم الشعرية?
- انا من جيل الستينيات, هذا الجيل التالي على جيل الرواد من الناحية
الشعرية, بدأت صغيراً أكتب الشعر, لكنني بدأت في النشر عام 1963, ونشرت في مجلة
الآداب أول مرة عام 1964, وهي أهم مجلة عربية معنية بالحداثة في ذلك الوقت.
- هل تشكل قصيدتك الحالية قفزة نوعية مقارنة بتلك التي نشرتها في
الستينيات?
- بلا شك, فأنا الآن نضجت وكبرت وازدادت معارفي, وتطورت أدواتي
الشعرية, وتعمقت نظرتي للحياة, وأستطيع استخدام أدواتي بشكل أفضل.
شعارات صعبة
- يلاحظ أن قصيدتك تعلقت بالوضع العربي, ألا يمكننا القول إن مرحلة
الستينيات والسبعينيات كانت مرحلة الرومانسية الشعرية بالنسبة لك?
- فيما يتعلق بالوضع العربي كانت هناك فرصة للوهم, وأجيالنا تعلقت
بأوهام وشعارات تبين أن إمكان تطبيقها صعب جداً, كما أن أعداءنا أقوياء جدا, وهذا
تم بشكل تدريجي, كل العرب اكتشفوا قوة إسرائيل بالتدريج, حيث كانوا يعتقدون أنهم
سيزيلونها في ليلة ليس فيها ضوء قمر.
لكن عدم تنفيذ الفكرة لا يعني بطلانها, الواقع العربي لا يحتمل الآن
الوحدة العربية, لكنني مازلت مؤمناً بالوحدة العربية, كما أن الواقع لا يحتمل
الكلام عن تحرير فلسطين لكنني مازلت مؤمنا أن فلسطين عربية, ولو كان تنفيذ ذلك الآن
مستحيلا وأنا أتكلم بلساني كشاعر ومواطن عربي ولست وزير خارجية ولا وزير دفاع.
- أنت تكتب المقالة السياسية والقصيدة الشعرية, فأين يلتقي الشاعر
والسياسي لديك?
- أنا شاعر أعبر عن همومي, وهمومي بها قسم كبير سياسي, مثلما تعبر عن
جوعك وكبتك وظلمك وعشقك, تعبر عن أفكارك السياسية وخيبة أملك السياسية.
- لكن الهم الفلسطيني يتملكك إلى درجة كبيرة.
- كل شعري من بدايته إلى الآن عن فلسطين, إلى درجة يعتقد البعض أنني
فلسطيني, وشعرنا مطبوخ بهذا الهم, وهو يتعرض لمد وجزر حسب الأحداث والفجائع التي
تحدث, لكن ليس مطلوباً من الشاعر أن يعلق على الأحداث بالضرورة, أو أن يكتب عن حدث
معين. وبالنسبة لي فأنا شاعر له هم سياسي, لكنني لا أقوم بدور سياسي, لست زعيم حزب
أو كادراً في حزب, ولكنني كاتب وشاعر لدي هموم سياسية لا أخفيها وأتعامل معها في
شعري وكتابتي.
ظل الآخر
- لا يوجد شاعر محدد, شعراء عرب وغير عرب سواء المحدثون أو القدامى,
فأنا قارئ جيد للتراث وفي الوقت نفسه درست الأدب الإنجليزي في الجامعة, وعندي قدرة
على أن أقرأ وأكتب باللغة الإنجليزية, وقد ترجمت ثلاثين كتاباً عن اللغة
الإنجليزية, وقرأت الأدب العالمي إما لأدباء إنجليز وأمريكيين أو أدب عالمي مترجم
إلى اللغة الإنجليزية.
والإنسان حصيلة هذه الثقافة إضافة إلى خبرته بالحياة, وجهده وتعبه على
نفسه, إنني متأثر بكل هذا ولا يوجد شخص استعبدني ولا وقعت في ظله.
- لكننا نجدك في الشعر والسيناريو والرواية والترجمة.
- أكتب ما يخطر على بالي, أمارس كتابة فنون مختلفة, أكتب الشعر
والدراما والرواية, حين تأتي مادة أكتبها أختار النوع الأدبي الذي أكتبها فيه وأسأل
نفسي إن كانت تصلح مسرحية أو قصيدة.
- الحداثة تسيطر على الساحة الشعرية العربية, وشعراء قصيدة النثر لهم
صولات وجولات, فلماذا لم تبرح قصيدة التفعيلة?
- أعترف بوجود قصيدة النثر وهي شعر, لكن نسبة الشعر فيما أراه موجوداً
لا تبلغ واحدا في الألف, كله من نوع رديء يدل على نقص في الموهبة والثقافة ونقص في
الخبرة وأدوات التعبير.
- لكن هذا لا يعيب قصيدة النثر.
- نعم أنا لم أكتب قصيدة النثر لكنني لا أستنكرها, وأنا معجب ببعض
شعراء قصيدة النثر مثل محمد الماغوط الذي لا يكتب إلا القصيدة النثرية.
قصائد باهتة
- لماذا جاء حكمك قاسيا على تيار القصيدة النثرية?
- لأن الكثيرين منهم استسهلوا الكتابة بها, واعتبروها ملجأ للهروب رغم
أنها فن صعب, إضافة إلى أن العديد من شعراء قصيدة النثر لا يعرفون أسرار اللغة
العربية ورشاقة ألفاظها, وجمال التعبير فيها, ويقومون بنقل قصائدها وترجمتها عن
اللغات الأجنبية, فتأتي القصائد باهتة لا لون لها, ويحس المتلقي بأنها مترجمة وليس
فيها شيء من روح الشاعر وموهبته الخاصة.
إغناء للساحة
- ولكن.. لكل شاعر في العالم العربي أسلوبه وطريقته في التعبير والاعتراف
بشاعرية الآخرين أفضل من الهجوم غير المبرر وغير الموضوعي?
- هؤلاء يشكلون زينة الإبداع العربي, ويجب أن يختلف كل واحد منهم عن
الآخر, ذلك أنهم إذا تشابهوا فإن واحداً منهم يكفي, لكن حين يكون لكل شاعر طعمه
وأسلوبه ولونه وطريقة تعبيره فهذا إغناء للساحة الإبداعية التي تتعدد فيها الأصوات
والتجارب والخبرات.
- في قصائدك الشعرية الأخيرة بدأت تميل نحو الترميز وتركز على القلق
الشخصي, الذي صار بالنسبة لك هاجساً ملحاً ودائماً, لماذا دخلت هذه المرحلة وأنت
الشاعر الذي انصهر في القضايا العامة?
- إن الإنسان العادي له طموح أن يصبح ملاكاً يبني المدينة الفاضلة,
وهذا الطموح يساعد الشعراء والحكماء والحكام في هذا الحلم, أما الواقع, فكل الواقع
المحيط بالإنسان يضغط عليه لكي يرجعه إلى حيوان بغرائزه, يخلصه من أحلامه وطموحاته,
هذه معركتي الأساسية, وكل ما أراه يحتويني أستاء منه, وكل ما أفرح به أراه يساعدني
على النمو, وما أخاف منه أن الضغوط المحيطة تقلل من إنسانية من حولي أو أجد ضغوطاً
معتاداً عليها لدرجة لم أعد أحس بأنها ضغوط, هذا أخطر ما في الموضوع أن نعتاد على
الظروف غير الإنسانية ونعتبرها الظروف الطبيعية. أتمنى أن أحقق بشعري هذه المقولة,
أنا أحرض بشعري على أن الإنسان له حق الحلم, وله حق في البحث عن حياة أفضل, حتى في
الحب, أنت بإمكانك الحب بشكل حيواني أو بطريقة إنسانية سامية.
إنني أحاول أن ألامس الجانب الإنساني المشع في الإنسان وأدله على
المناطق المظلمة فيه, والتي هي بحاجة إلى إضاءة, وكلنا في نفوسنا مناطق معتمة منذ
أجيال.
- لماذا لم تكتب الشعر العامي?
- كتبت أحيانا بعض الأعمال المسرحية, وأغاني درامية للتلفزيون, ولكنها
ليست أغاني تطريب, بمعنى لم أكتب أغاني ولا شعرا عاميا.
- البعض يرى أن الشعر صنعة.. ما رأيك?
- الشعر صنعة وموهبة, وإن كانت نسبة الموهبة فيه لا تتعدى العشرين في
المائة, وما تبقى هو صنعة, لكن هذه الصنعة يجب أن تكون متقنة إلى حد تبدو فيه غير
مصنوعة, فالشاعر عندما يكتب قصيدته تنقح حتى تعود إلى سلاستها, ويتلقاها المتلقي
ويظن أن هذه ليست مصنوعة وغير (متعوب) عليها, وهذا ما يسميه العرب السهل الممتنع,
بالبناء, والأوزان, والألفاظ, والخلفية الثقافية, والمنطق الذي يحكم التحليل الذي
تقوم عليه, الفن أصلاً صنعة لكن ليس كل صانع فناناً, وبما أنني أحب ما أكتب,
وأستمتع به من شعر ومسرح ورواية وزاوية صحفية وغير ذلك فإنني أتعب على الكتابة
وأشتغل فيها ما لا يقل عن عشر ساعات يومياً.
ليس زمن الشعر
- لندخل إلى عالم الرواية بصفتك كاتبا روائيا فإن البعض يرى أنها ستكون
بديلاً للشعر, وهي فن القرن الواحد والعشرين?
- لا أوافق على هذا الرأي, نحن متعلقون بعبارة اسمها (الشعر ديوان
العرب) هذه كلمة حق أريد بها باطل, فالعرب كانوا يعبرون عن كل شيء لديهم بالشعر,
حتى قواعد اللغة نظموها شعراً, صار الشعر يحمل هم التاريخ, والإعلام, والحرب, أما
الآن في عهد التخصص, فإن الشعر بكل بساطة استغنى عن المهام التي كان يقوم بها في
السابق, فنحن لم نعد نقرأ قصيدة كي نقرأ التاريخ, بل هناك مؤرخون وكتب وكليات,
الشاعر صار متفرّغاً لشاعريته ونحن نظن أن (الشعر ديوان العرب) لأن العرب كانوا
سابقاً يقولون الشعر ويكتبونه وهذا غير صحيح, لا أعتقد أن المتنبي كان له قراء في
عصره أكثر مما لمحمود درويش الآن قياساً للزمن والعدد, وهذا لا يعني تفضيل محمود
درويش على المتنبي, الآن نسبة قراءة الشعر تقل, ودخلت فنون أخرى بصرية, وهناك وسائل
ترفيه أفضل من الشعر, مثل السينما والتلفزيون والإنترنت. حتى الرواية كفن أدبي
متميز, فإن نسبتها ليست أعلى من نسبة الشعر, أما القصص التي تباع فهي كثيرة كمادة
تسلية وليس مادة أدبية, فإذا شاهدت شخصاً في المترو يقرأ قصة فهذا ليس قارئ أدب, أو
سيدة تتنزه على شاطئ البحر تحمل هذا النوع من القصص فهي ليست قارئة أدب, ولا يعني
أن الرواية منتشرة أكثر, ذلك أن انتشار الروايات الجيدة ليس أكثر من انتشار
الدواوين الشعرية الجيدة.
أنا أدرّس منذ عشر سنوات في المعهد العالي للفنون المسرحية مادة اسمها
الكتابة الدرامية, وعندما أكتب دراما سواء للمسرح أو الرواية أو العمل التلفزيوني,
أحاول أن أقدم فهماً للحالة والأشخاص والبيئة وليس حكماً عليها, ما يهمني أن تفهم
الشخص لا أن تحكم عليه لأن الحكم عليه يقدم دائماً دراما سطحية, في المسلسلات حاولت
تنفيذ هذا المبدأ, حتى الشخص الذي نراه شريراً أو بخيلاً أو جباناً, فهو له منطقه
في التفكير, وأنا أعطيه فرصة لكي يقول مبرراته, أنت تحكم عليه وتقول عنه إنه بخيل
لكنه لا يرى نفسه كذلك, بل حكيم ومقتصد وغير مسرف.
- في المسلسلات خاصة الكبيرة منها فإن اسم المخرج أو الممثل يلمع أكثر من
الكاتب ألا ترى في ذلك بعض الإجحاف بحق الكاتب?
- نقطة الانطلاق في العمل الدرامي هي النص الجيد المكتوب جيدا, فهم
الدراما, وعناصر الدراما, والنمو الدرامي, والشخصيات الدرامية, والصراع الدرامي,
أما المخرج فإنه يتعارك مع النص لكي يحوّله من كلام إلى صورة. وليس هناك مسلسل ناجح
دون نص ناجح, والمسلسل الرديء وراءه نص رديء, وتبين أخيراً أن مخرجاً كبيراً مثل
نجدت أنزور يصوّر بشكل جميل ويقدم لقطة ساحرة حين اعتمد على نص ضعيف ظهر المسلسل
رديئاً رغم إخراجه العظيم.
- يلاحظ أن المسلسل السوري يركز على القضايا التاريخية, فيما تبدو
القضايا الاجتماعية شبه غائبة?
- هذا ما يلفت النظر لكن هناك نشاطا تلفزيونيا في مختلف المجالات, لكن
الشركات الكبيرة تبحث عن نشاط تلفزيوني تاريخي لتقديم إمكانات كبيرة, وفي الواقع
فإن الساحة الفنية السورية إذا قدمت ثلاث مسلسلات تاريخية في السنة فإنها بالمقابل
تقدم عشرين مسلسلاً واقعياً ومعاصراً.
إنصاف الترجمة
- في الفترة الأخيرة صدرت ترجمتك للإلياذة عن المجمع الثقافي في أبوظبي,
ما الذي دفعك للقيام بهذا العمل, وما مواصفاته مقارنة بالترجمات الأخرى
للإلياذة?
- جاءت ترجمتي الإلياذة لهوميروس لتسد فراغاً, لأنها لم تترجم جدياً
حتى الآن, ترجمها البستاني شعراً, وحين تقرأ النص تقرأ البستاني أكثر مما تقرأ مادة
هوميروس, وأمين سلامة ترجمها في سلسلة كتابه, ترجمها مباشرة عن اليونانية, ولكنها
ترجمة غير دقيقة, وهناك ترجمتان أخريان جاءتا ملخصتين ففي حين ترجمتها بثمانمائة
صفحة, فإن دريني خشبة ترجمها بثلاثمائة صفحة فقط, لقد أحسست بأنه يجب أن تعاد ترجمة
الإلياذة وتقدم للقارئ العربي الذي لا يعرف اللغات الأخرى, هذا الكنز الإنساني
الكبير بذلت في ترجمته جهداً خاصاً, فقد اطلعت على أربع ترجمات عربية, وسبع ترجمات
إنجليزية, وعملت ما يمكن تسميته الترجمة المقارنة, كنت أرى كيف ترجمت للعربية,
وكيف ترجمت للإنجليزية إلى أن أصل إلى صيغة أعتمدها, وقدمت معها كمّاً كبيراً جداً
من الهوامش التوضيحية التي اعتقدت أن القارئ العربي بحاجة إليها من أجل أن يفهم
النص والجو والمناخ أكثر.
كما ترجمت ضمن الكتاب نفسه مقالة عن فن الحرب كما يتجلى في الإلياذة,
وفيها اكتشافات معرفية, فمثلاً كان عندهم خيول لكن لم يكن عندهم فرسان, لأنهم لم
يكونوا وصلوا إلى مرحلة امتطاء الجواد للمحاربة به, فالجواد كان يستخدم لجر العربة,
عربة المحارب, وكيف يحملون السيف ويضربون به, لا يطعن بالسيف لأنه ليس مؤنثاً بل
يقطع به قطعاً, وفي ذلك خدمة ثقافية, هذا العمل أعتز به وأعتبره إنجازاً. وقد
استغرق مني سنة كاملة حتى فرغت منه.
- من الملاحظ أن الجيل الجديد في سوريا له مساهمات إبداعية في المجلات
والدوريات والمنابر الثقافية العربية... هل هناك اشتغال حقيقي في الأدب من شعر وقصة
وفنون أخرى?
- أعتقد أنه يوجد في سوريا مثقفون جيدون ونشيطون, ويتعاملون مع
الثقافة والإبداع, ولا ينفي وجود ذلك في الأقطار العربية الأخرى, لكن المبدع السوري
النشيط يجد أن المنابر الثقافية لا تلبي طموحاته, لذلك ينشط خارج بلده, ويشارك في
المسابقات الإبداعية, حتى الشباب الصغار فإنهم يتسابقون في إظهار مواهبهم وتوصيل
نتاجهم عبر المنابر الثقافية العربية من أجل توصيل نتاجهم, بينما المثقف العربي
الآخر يكون مكتفياً بمنابر بلده.
- بعد انفجار الأيديولوجيات تجدد الدم في شرايين بعض الشعراء السوريين
حيث بدأنا نرى نتاجهم زمن الكهولة يفيض شباباً وحيوية, فيما كانوا بدأوا حياتهم
الشعرية معتمين سيئين... أليس كذلك?
- أنا لا أعتبر أن هناك سقوطاً للأيديولوجيات, هذه تسمية غريبة لسقوط
النظام الاشتراكي, ولا يقصد بها إلا سقوط الأيديولوجيا الاشتراكية, ولا يقصدون
الأيديولوجيا الرأسمالية, لكني أعتقد أن سوء استخدام الفكرة لا يعني سوء الفكرة,
هناك فظائع ارتكبت باسم المسيحية, إن كان في محاكم التفتيش أو الحروب الصليبية من
أجل استعمار العالم وسرقة ثرواته وإذلال شعوبه, والتي كانت تمشي جنباً إلى جنب مع
راية الصليب, فهل المسيح مسئول عن هذه الأعمال, أو الفكر المسيحي دفع بالمستعمرين
ليفعلوا أفعالهم الشنيعة?!, وكذلك بالنسبة للإسلام, لا علاقة للفكر الإسلامي
بالفظائع التي ارتكبها البعض, وبالتالي سوء تطبيق الفكرة لا يعني أن الفكرة خطأ,
وسوء التطبيق الذي تم في المعسكر الاشتراكي لا يعني أن الفكرة الاشتراكية خطأ.
- ما رأيك في الانفتاح على الآخر سلباً وإيجاباً?
- الانفتاح على الآخر ضروري جدا, وهو وسيلة لإغناء الذات, حيث نرى ما
يفعل الآخر ونستفيد مما يفعل إذا كان مفيداً, لكن دون أن نتقزم أمامه, ودون أن نفقد
هويتنا أو ملامحنا, وهناك كلمة لغاندي بهذا الخصوص (أريد أن أفتح نوافذي لكي تأتي
الرياح من كل أرجاء الأرض, لكن لن أسمح لأي ريح بأن تقتلعني من جذوري) الآن العالم
متشابك بعضه مع بعض, والذي يدعو إلى الانقطاع عن العالم يدعو إلى سجن نفسه, ولا
توجد حضارة قامت وهي تسجن نفسها, وكل الحضارات تأثر بعضها ببعض, ونحن الآن في عصر
تؤمن فيه الاتصالات هذا الاحتكاك بشكل أفضل, فيجب الاستفادة من ذلك باعتبارنا جزءا
لا يتجزأ من هذا العالم.