عزيزي القاريء المحرر

 عزيزي القاريء

عن الحرية والتخلف

تنشر (العربي) على صدر غلافها هذا العدد صورة متجددة لتمثال من إبداع النحات الكويتي المعروف سامي محمد, المناسبة ليست فقط في أن هذا التمثال قد عرض في القاهرة أخيرًا ضمن التظاهرة التي أقامها بعض الفنانين الكويتيين هناك, ولا في استقطابه للاهتمام بما يتجلى فيه من قوة تعبيرية تمثل الانسان في سعيه الدائم لكسر قيود الحرية, ولكن أيضا بسبب المعاني التي يطرحها هذا العمل الفني البديع, والتي تلح علينا هذه الأيام, خاصة في شهر يوليو الذي يطلق عليه عربيا وعالميا (شهر الثورات). فهو تجسيد مؤلم لواقع الأحلام التحررية التي عاشها عالمنا العربي على مدى نصف القرن الفائت, فالإنسان - التمثال - الذي ينجح في اختراق الجدار الصلب الذي يواجهه, يصطدم بحاجز آخر هو حاجز التخلف الذي لم يستطع الإنسان - الواقع - في عالمنا العربي أن يتجاوزه حتى الآن, بل إنه كان السبب الأساسي في إجهاض ثوراته وخيبة سعيه الدائم للتحرر والتقدم, وهذا العمل الفني ليس نبوءة سوداء ولا إحساسا مفرطا بالتشاؤم من جانب فناننا الكبير سامي محمد, ولكنه ينبع من معرفة صادقة بفداحة التحدي الذي يواجه قومه, وهو التحدي الذي يحتاج إلى نهضة عربية شاملة, تعيد الديناميكية المفقودة إلى الجسد العربي المنهك, لعله يتمكن من اجتياز الحاجز الثاني كما اخترق الجدار الأول.

وربما كان هذا ما دعا رئيس التحرير في افتتاحيته لهذا العدد إلى أن ينظر شرقا, إلى التجربة اليابانية, التي رفعتها من ركام الحروب المدمرة, لتكون قوة اقتصادية عظمى, وقد حاول من خلال قراءته لأحد الكتب اليابانية المهمة, أن يوضح رؤية اليابانيين لنا - نحن العرب - في الوقت الذي نحلم فيه بهم, ومع ذلك نفشل في اللحاق بأعقابهم, وأهمية ذلك أنه لم تكن بيننا وبين اليابان في أي يوم من الأيام خصومة أو معارك أو تجارب استعمارية, لذلك فإن نظرتهم لنا سوف تكون صادقة بقدر ما هي صافية.

وتعيش (العربي) في هذا الشهر مع أزهار الفن في الكويت, وذلك من خلال المعرض الذي تعرضنا له في السطور الأولى من هذا المقال, وضم أعمال خمسة من الفنانين الكويتيين استقبلتهم دار الأوبرا في القاهرة, كل واحد منهم له اتجاهه الخاص, مما جعلهم يشكلون بانوراما مصغرة للحركة الفنية الغنية في الكويت.

كما تبدأ (العربي) في هذا العدد أيضا خطتها الطموح من أجل رؤية جديدة في كتابة الصفحات المشرقة من التاريخ العربي, وسوف تتواصل على صفحاتها هذه النوعية من المقالات حتى تعيد صياغة التاريخ العربي بأسلوب جديد, وتضعه تحت أنظار الشباب العربي, الذي أصبح يجهل الكثير من تاريخ أمته, وهي تدعو كل المتخصصين في التاريخ العربي إلى المساهمة في هذا المشروع الطموح , لعل إعادة رواية هذه الوقائع تعيد إلينا ما نفتقده من عزة وكبرياء.

وتنشر (العربي) حديثا مع الشاعر العربي المعروف ممدوح عدوان داعين الله أن يقيله من وعكته الصحية, وأن يعيده إلينا مغردا بأجمل الكلمات. ثم نترك للقارئ بعد ذلك مهمة استكشاف بقية صفحات (العربي), بما فيها من باقات من أزهار الفكر والإبداع.

 

المحرر