عزيزي العربي

عزيزي العربي

محاولة

لو يجدي الكلام

حين أوشكت شمس القرن الماضي على الأفول وبدأت طلائع القرن الجديد في الإقبال بدأت الدنيا كلها تحتفل باستقباله بالكيفية التي تنبئ عن تفاعلها مع معطيات قرن شهد تحولات هائلة, وقرن آخر عندها كل مقومات التعامل معه بما يحقق لها تقدمًا رهيبًا تستحقه.

ينظر العالم كله إلى القرن الحالي من رحم الغيب يستشرف من خلال حاضره آفاق المستقبل ويتلمس صورة المجهول فيه من خلال ما هو معلوم عنده ويجيب بالبحث والعلم والتكنولوجيا عن أسئلة تثور وتهدأ وقضايا تشتعل وتبرد.

ثم يلجأ إلى فك أسرار المستقبل بعد العلم بالخيال, ووتيرة التقدم لا تأتي من فراغ ولكنها تطور خبرات ومعارف وما أنجزه البشر في مجال التقدم العلمي خلال السنوات الأخيرة في القرن العشرين يوازي ما حققه من إنجازات عبر قرون سابقة.

أما نحن, وآه من نحن هذه, ظننا أنه (فرح العمدة) فاستوردنا من يحييه لنا وكنا أمناء مع ذواتنا, فنحن أصلا لم ندخل القرن العشرين! فكيف نخرج منه?

مازلنا مع الكتابة على جدران المعابد والمقابر, والدنيا كلها تكتب على الإنترنت, مازلنا مستهلكي حضارة الآخرين وصناعتهم وفكرهم, فقدنا دولا كانت لنا في هذا القرن وفقدنا حرياتنا وسكنتنا كل عناصر الفناء وانكفأنا نمدح أعداءنا وقاتلينا, ونرجم شهداءنا. ولأننا لا نملك إلا الكلمات صرنا نذبح الكلمة ونلوي عنقها ونمارس عليها كل مواهبنا في وأد النبت الطيب.

فالفكر الذي ندخل به القرن الجديد فكر نخبة محبطة لا تريد أن تعترف أمام نفسها قبل الآخرين بأنها آمنت بمشروع فكري وسياسي وثقافي واجتماعي فاشل, وأن الواقع قد تجاوزه بالفعل, فكيف بالمستقبل, وهناك جسور محطمة أو غير ممهدة بين أجيال تبدأ جميعها من نقطة واحدة?! ولذلك نقف جميعًا محلك سر.

أميرة سليمان أبوجبة
مصر - الإسكندرية

تعقيب

قرأت في مجلة (العربي) العدد (542) يناير 2004 في باب منتدى الحوار مقالا لمحمد الصالح عزيز من تونس تحت عنوان: كيف نتجاوز الصدمة? أشار فيه إلى مقالتي كل من د.الحبيب الجنحاني: لماذا ينتكس التنوير العربي? ومقال الأستاذ خالد زيادة: العرب والصدمة الحضارية متى نتخطاها, المنشورتين في العدد (530) يناير 2003 يقول الكاتب:

(لئن أرجع الكاتبان - مثل غيرهما - أسباب انتكاسة التنوير أو فشل تجربة التحديث, إلى غياب الديمقراطية ومؤسسات الدولة الحديثة وغياب المجتمع المدني, وذلك نصف الحقيقة, فما هو هذا النصف الثاني من الحقيقة?).

في البداية, نقول إن التحديث ليس معناه تقليد الغرب: (فالتحديث - اصطلاحا - هو نقل نموذج النمو السائد عالميا وهو العمل على تقليد الغرب).

والتحديث ليس دعوة لتقليد ومحاكاة الغرب في نظمه ونمط حياته. التحديث هو عملية تجديد حضارتنا العربية الإسلامية وجعلها حضارة عصرية تقوم على العلم كأساس معرفي ينتج عنه نهضة علمية, صناعية تحولنا من مجتمعات استهلاكية - لما يصنعه ويزرعه الآخرون - إلى مجتمعات إنتاجية تساهم في الإنتاج العالمي وفي الحضارة المعاصرة لخدمة الإنسان ورفاهيته وتقدمه.

التحديث يعني الديمقراطية الحقيقية التي تقوم على أسس المجتمعات المدنية وحرية الرأي وحق الشعوب في اختيار حكامها وتغييرهم, الديمقراطية التي تنهي الاستبداد وحكم الفرد.

التحديث هو التنوع واقتباس أفضل النظم والأسس الإدارية التي لدى الغير, كي تساعدنا على النهوض واللحاق بركب التقدم المادي والثقافي بكل إفرازاته وتعدديته.

والاقتباس من الغير لن يؤثر في هويتنا العربية - الإسلامية, إذا كنا نقتبس ما يفيدنا ويساعدنا على النهوض والتطور. والتجربة اليابانية خير مثال.

فاليابانيون أرسلوا أبناءهم إلى مختلف البلدان الأوربية لتلقي العلوم واقتبسوا من الغرب ما يفيدهم ويساعدهم على بناء دولة عصرية قوية تنافس الدول الأوربية.

فليس فيما طرحه د. الحبيب الجنحاني والأستاذ خالد زيادة شيء يمكن تسميته نصف الحقيقة. فهما قد شخصا مكامن العلة وحددا طرق الخلاص من وهدة التخلف والتردي الذي تنحدر إليه الأمة, ووضعا الأسس المعرفية والسلوكية التي ستنهض بالأمة, إن هي سارت على هذا الطريق المؤدي إلى الحداثة والتقدم العلمي.

ينبغي أن نعترف أننا أمة فقدت التواصل مع ماضيها المجيد, وعجزت عن استيعاب المتغيرات التي جاءت بها الحضارة الغربية, فتقوقعت في مكانها وانغلقت على نفسها وسدت المنافذ التي سينساب منها تيار التقدم والحداثة, وأصبح كل فكر يدعو إلى الحداثة واقتباس نظم وعلوم الغرب دعوة إلى العلمانية في نظر البعض.

أصبح الرفض لكل ما هو جديد سمة ملازمة لفكرنا العربي - الإسلامي, لم ننجح في إبداع واستنباط نظم للحكم تفسح المجال أمام تطور الأمة وتفجير طاقاتها الخلاقة, وإلصاق تهم العلمانية بدعاة التحرر والانطلاق هو خدمة جليلة تقدم للغرب.

الغرب لا يريد منا أن نقتبس منه الديمقراطية والعلوم والتكنولوجيا, الغرب يريد أن يبقينا في جهالتنا بعيدين عن العلم ونظم وأساليب الحكم العصرية.

العلة ليست في الغرب بل فينا, نحن الذين نتخبط في كل الاتجاهات ولم نعرف لأنفسنا مخرجا من أزمتنا الراهنة. الدعوة إلى التحرر والعلم والديمقراطية عند البعض تقليد وتبعية للغرب. نظرة هذا الفريق شاخصة نحو الماضي, لا تعرف التناغم مع حاضرها, ولا استرداد المجد الضائع, لا تعرف كيف تتواصل مع ماضيها ولا كيف تندرج في الحاضر, إنها أزمة حقيقية تزيدها تعقيدًا سياسة العولمة والقطب الواحد.

إجمالا نستطيع القول إن السبيل الوحيد لحل معضلتنا نحن العرب هو انتهاج الديمقراطية بمفهومها العصري.

عوض مبارك باضلاع
المكلا - اليمن

المعنى الحقيقي للتسامح

قرأت في (مجلة العربي) العدد (542) يناير 2004 ص16:19 مقالا للدكتور قاسم عبده قاسم, بعنوان (التسامح.. المعنى والمغزى) يتحدث عن أن (التسامح.. صفة قادمة من الدول الأوربية), وجاءت عبارات المقال لتنفي صفة التسامح عن العالم العربي والإسلامي كالتالي, يقول كاتب المقال:

1 - (وفكرة التسامح تبدو نابعة من ثقافة غير متسامحة في جوهرها.

2 - (والناظر في تراث الثقافة العربية والإسلامية بوجه عام, وفي الأدبيات السياسية والاجتماعية بوجه خاص لن يجد هذا المصطلح مستخدمًا) - يقصد مصطلح التسامح.

3 - (ولم يدخل المصطلح حياتنا الثقافية إلا في العقود الأخيرة متسربًا من ترجمات الأعمال الأوربية والأمريكية لينضم إلى قائمة المصطلحات والمفاهيم التي تنتجها الثقافة الغربية ونستهلكها دونما وعي).

4 - (إن الحضارة الغربية.. قد أفرزت مصطلح التسامح).

5 - (فإن الحضارة الغربية قد صاغت مفهوم التسامح).

6 - (وصار التسامح من شعارات الحياة الفكرية في بعض البلاد, ولم يعد ممارسة مقبولة في كل هذه البلاد إلا في القرن العشرين).

7 - (إن هذه الحكومات نفسها في العالم الإسلامي وفي الجزء العربي منه خاصة لا تتسامح إزاء القوى السياسية الأخرى).

8 - (فالتسامح ليس مصطلحًا دالاً على المفاهيم الدينية وحدها, كما أنه ليس مصطلحًا مقصورًا على الممارسة السياسية دون غيرها).

9 - (وعلى الرغم من أن المصطلح (التسامح) قد دخل الثقافات الأخرى, ومن بينها الثقافة العربية والإسلامية, فإنه حمل دلالات ومفاهيم متعددة أخرى).

من خلال النقاط السابقة نفهم أن: مصطلح التسامح ظهر في القرن العشرين, في البلاد الأوربية, ونُقل إلى الثقافة العربية والإسلامية التي لا تتسامح مع الآخر.

لذلك, سوف أترك الرد على وجود التسامح قبل القرن العشرين, أي منذ القرن الأول للهجرة, وعلى أن التسامح موجود في الدين الإسلامي والعالم العربي, للسير توماس أرنولد الذي يقول: (لقد عامل المسلمون الظافرون العرب المسيحيين بتسامح عظيم, منذ القرن الأول للهجرة, واستمر هذا التسامح في القرون المتتابعة). وكذلك يقول الأمريكي دارير: (كانت إدارة المدارس بفضل سماحة الخلفاء ونُبْلهم موكولة إلى النساطرة تارة, وإلى اليهود تارة أخرى, ولم يكن المسلمون ينظرون إلى البلد الذي عاش فيه العالِم, ولا إلى الدين الذي يعتنقه, بل ينظرون إلى مكانته من العلم والمعرفة).

وفي العصر الإسلامي الأول, مما يدل على أن التسامح كمصطلح وكمعنى موجود لدى العرب والمسلمين منذ أقدم العصور, وليس قادمًا علينا من الدول الأوربية.

ممدوح فراج وحمدي كوكب
طهطا - مصر

تعقيب

شفرة الحلم والغياب

وأنا بصدد قراءة العدد 543 (يناير 2004) من مجلة العربي, لفت انتباهي تلك التقانة في تناول موضوعات العدد على اختلاف مشاربها, وتدرج طروحاتها, حتى على صعيد التبويب والفهرسة, اتسمت بطابع المماثلة والتقاطب والتناص, فموضوع المسابقة الثقافية لا يتضاد مع الخط الافتتاحي لمقالة العدد, فحُلم مجتمع المعرفة العربي يستكنه مرجعياته من (جينيالوجيا) المنقولات المسروقة, أو كما عبّرتم عنها بلغة الإعلام: الآثار العربية المهاجرة, فما بالنا بعالم يتماهى بصناعة خريطة الجينات?

إن ولوج عصر التقانة الصناعية ومنجزاتها ضاعف من غلبة منطق الكشوفات, في ظل عالم الميديا وثقافة المشهد والشبكة المعلوماتية, وتأتي صدمة اهتبال هذه الخبرات, أمام ضراوة المشاريع المعرفية للألفية الثالثة, لاسيما ونحن بصدد التماهي مع المعرفة الطريدة.

ولقد عبّر الفيلسوف السوسيولوجي بيار بورديو عن هذا السياق بمجتمع المشهد, ذلك أن المعرفة الحاصلة اليوم تعمد إلى ثقافة الفرجة البصرية/السمعية في تحصيل مرتكزاتها المعرفية, وهي سنم الذروة لتأهيل الإرث الثقافي للمجتمع العربي, نحو استعادة عبقريته الكاريزمية الأثيرة.

وسؤال المقال الافتتاحي لا يضعنا هزأة أمام النزوع التكنولوجي المتسارع, بقدر ما يؤهلنا لمساءلة الكينونة العربية التي لم تتحرر منظوماتها الفكرية من ربقة الثنائيات المتناقضة. ولعل إحدى مواصفات العقل البيولوجي والرياضي هي فك العُزلة بيننا وبين هذه المتصورات الأنطولوجية والإبستمولوجية.

إن جل أسئلة التحديث التي تؤرق الحلم العربي - وما أكثرها من أحلام - ظلت تندرج ما بين معقوفين متنافرين (إما وإما), إما أن نكون وإما أن لا نكون, مادامت ثنائية التحقق/اللاتحقق - هاهنا - مشروطة برهان الباحثين عن سراب الهُوية, بدل البحث عن (الفجوة الرقمية) كمفارقة تصويرية. وفي اعتقادي, أن الإمساك بحبال الهاوية, التي تفصلنا عن حقول المعرفة المتشظية زمنيًا وليس مكانيًا يجنبنا (الكارثية) بنتيجتها المتوقعة (= غياب المعرفة).

ومن ثم, فإن قراءة هذه الحال, ضمن آليات استقطاب المعرفة كملك مشاع لا يستعدي كرامة الإنسان العربي, بل لا يستعدي كرامة الإنسان في إنسانيته. ولعل الخطاط وليد الفرهود أجاز هذه الكرامة بحسن تشكيله كاليغرافيًا للآية 70 من سورة الإسراء: ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البرّ والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا .

كما أن الموقع الذي قُرئ منه تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2003 أسس في كثير من مقارباته للشروط الاستراتيجية, ومدى انسجامها مستقبلاً مع الخطاب الابستمولوجي الراهن. في ضوء ما يتسم به المجتمع الدولي من تعددية الصيغ, التي استوحت أنظمتها من منطلق التجمعات الدولية والتكتلات الاقتصادية.

وتتلخص محاور قيام, مجتمع المعرفة العربي في خمسة محاور:

1- حرية الرأي 2- إيلاء العناية بقطاع التربية والتعليم 3- توطين المعرفة وبناء القدرات الذاتية 4- الحث على إنتاج المعرفة 5- تأسيس أنموذج معرفي عربي أصيل ومتفتح.

ولئن أصبح لهذه المعايير مفهوم متداول في أدبيات الزمن المستقبلي, على الرغم من طابع المعرفة الاستخبارية التي تلوّح بلا استقرارية المنظومة الفكرية وإيقاعيتها الرتيبة وحساسيتها الفائقة من الثورة المعلوماتية, وصعوبة التعايش مع طرائق إنتاج المعرفة وامتلاكها, فإن القراءة تجنبت الإفصاح عن الأطر المرجعية للمعرفة, كما تناولتها اشتغالات البنوي ميشال فوكو في (حفريات المعرفة) ومدى انتظامها مع مفهوم السلطة, وتحديدًا المنطلقات التي عبّرت من خلالها المركزية الغربية بشقيها, لاسيما أن المنظور الأنجلوسكسوني عُني بالبحث في مسلمات العلم ومبادئه, بينما غلّب الطرح الفرنسي/الألماني دراسة مسوغات فلسفة العلم وتعزيز نظريتها.

الأمر الذي خلخل مفهمة هذه المقولات أمام التباس ترجمة مصطلح الابستمولوجيا, التي نستعير لها مساءلة د.أحمد يوسف: - هل هي نظرية المعرفة? أم تاريخ العلم? أم فلسفة العلوم? أم ماذا? والتي أثمر لها د.سامي أدهم الجواب التالي: (الابستمولوجيا هي فلسفة العلم وقد اكتمل, وهي تبحث في أسسه النظرية وفي مسلّماته, وهي تشكل همّا عالميًا علينا المساهمة به وإلاّ أصبحنا نعيش على هامش الحضارة).

والحقيقة أننا نتبوّأ موقعًا هامشيًا في ذيل الثقافة الطريدة, فنحن العرب لم ننتبه إلى إعادة فهرسة الموروث حسب الأولويات, وضمن ضرورات التحديث التي حددتها أدبيات وشروط النهضة لندوة مالك بن نبي, وفقد التوازنات الكبرى والتي من أولوياتها نشدان المعرفة الحقة, مع إيلائها عمق الفهم ورجحان العقل.

بيد أن سبيل النهوض بهذه الشروط لسد لحمة النسيج الاجتماعي مرهون بأفق تلقي العلوم الإنسانية والآداب والفنون كآلية من آليات الحرية الثقافية, التي تبقى عالقة ومستهانة مالم يتم - حسب المقرر - إعادة هندسة العلاقات العربية - العربية. وإلا فإننا بصدد الضغط على شفرة السقوط في هاوية هذا الحلم القابع في الغياب.

معاشو قرور
باحث وتشكيلي - الجزائر

وتريات

الشعر العربي

فَجرٌ أضاءَ الكونَ ساطعُ نورِه
تَهتَزّ من فرحٍ له الصحراءُ
وافي الأنام وقد تألقَ باسمًا
روضٌ يُظلّ سماءَه الإيحاءُ
سكبَ الجمالُ العبقريُ بهاءَه
وبفضله يتحدث البلغاءُ
هاموا بأوديةِ الخيالِ فقولُهم
فعلٌُ تكذبه لنا الأًنباءُ
جيلٌ من الكهانِ عاشوا ضِلّةً
وعلى مشابهةٍ شدا الشعراءُ
إلا الذين سما بهم إيمانُهم
فهمو الأَباةُ السادةُ العظماءُ
نالوا بروحٍ القُدس فيضَ عطائهم
سعدتْ بهم أرضٌ وتاه سماءُ
(حَسّانُ) سابقَ بالقريضِ مجاهدًا
فزهتْ برائع شعرِه البيداءُ
وأتاك يا (ابن رواحة) في مؤتةٍ
شعرٌ به تَتَسعر الهيجاءُ
ولكل أمجاد القبيلةِ شاعرٌ
ولكل ركبٍ في المسيرِ حداءُ
ولكل معركةٍ بيانٌ خالدٌ
ولكل مَكْرُمةٍ تَدومُ ثناءُ
ولشعرِهم أبدًا رئيٌ هاتفٌ
وبفعله تتلوّن الأهواءُ
وقفوا على الربعِ المحيلِ وطالما
أوهي التجلدَ في الرحيلِ بكاءُ
شرعُ الهوى العذري صدٌ دائمٌ
وتعاسةٌ موصولةٌ وشقاءُ
فسلِ الذين أظلّهم (وادي القُرى)
وانضمَ تحتَ لوائهم شهداءُ
صاغَ الهديلُ حنينَهم في نوحه
دمعًا بكتْ بقريضه (الخنساءُ)
ومدامعُ العشاقِ في جُنحِ الدُجى
شجوٌ يقودُ الشوقَ فيه وفاءُ
عفّوا وعَفّتْ في الحياةِ نساؤُهم
فَزَها الوجودُ وخُلّدتْ (حواءُ)
ذهبوا باكرامِ الكريمةِ مذهبًا
من دونه تَتَقاصر العلياءُ
في رأسِها تاجُ المحاسنِ حِليةً
نورُ الفضائل فجرُه الوضّاءُ
(قِيَمٌ) لفرسانِ العروبةِ وطّدتْ
أركانَها في شعرِها الشعراءُ
نَهَلت وعَلّتْ من محيطٍ زاخرٍ
قد باركتْهُ شريعةٌ سمحاءُ
الشعرُ داعيةَ الأَنام لطاعةٍ
لجلالها يتطلعُ الكبراءُ
يدعو لإصلاحِ الرعيةِ دائبًا
وبه لأدواءِ العليلِ دواءُ
مستهديًا بالذكرِ في آياتِه
للسائلينَ وللقلوبِ شفاءُ
ساوى بأَصحابِ الغنى فقراءَهم
فسما بعدلِ قَضائه الفقراءُ

شعر: عمران العاقب عبدالمجيد
الخرطوم بحري - السودان

ذكريات

مجلة (العربي)....كما عرفتها تعود صلتي الحميمة بمجلة (العربي) إلى عام 1958 الذي شهد ولادة عددها الأول ذي الغلاف المعبّر, وكنت آنذاك في السابعة عشرة من عمري طالبًا في الصف الثاني الثانوي. وقد حرصت كل الحرص على اقتنائها شهريًا, وكنت أنتظر وصولها بفارغ الصبر, أجد فيها زادًا فكريًا وثقافيًا وعلميًا, قلما أجد نظيره في غيرها.

أما بعد التخرّج والولوج إلى حقل التعليم, فقد برز لمجلة (العربي) دور أكبر وأوسع, إذ اتخذت منها (مرجعًا) أعود إليه من حين إلى آخر للاستزادة فيما يختص بالكثير من الموضوعات التي كنت أدرّسها لطلابي, كما كنت أتخذ من بعض صورها (وسائل إيضاح) للكثير من تلك الموضوعات.

واليوم - ونحن جميعًا نحتفل بمرور ستة وأربعين عامًا على صدور مجلتنا الحبيبة (العربي) - لا أجد ما أعبّر به عن إعجابي بهذه المجلة, التي تربعت على عرش القلوب والأفكار والعواطف, وما كان هذا ليحصل لولا الجهود الكبيرة المضنية التي بُذلت وتُبذل من قبل كل القائمين والعاملين المخلصين, سواء داخل الكويت أو على امتداد وطننا العربي والإسلامي, والتي جعلت من هذه المجلة المتميزة بحق بستانًا حافلاً بصنوف الخير, يجد فيها القارئ زاده, كما يجد الشمس والظلال والجمال.

وفي هذه اللحظة التي أكتب لكم أجد بين يدي وفي حوزتي 544 عددًا من (العربي) باستثناء تلك التي فُقدت أثناء الاحتلال الغاشم لدولة الكويت الشقيقة.

علي الشرقي
جدحفص - البحرين

تصويبان

- نشرت في العدد (545) أبريل 2004 صورة للشيخ إبراهيم والد السيدة أم كلثوم على أنها صورة للشيخ أبو العلا, لذا وجب التنويه وتوجيه الشكر للقرّاء الذين أرسلوا إلينا لتصحيح هذا السهو.

(- ورد في العدد 546) مايو 2004 أن اللوحة المنشورة في صفحة (105) هي للفنان الواسطي, والصحيح أنها ليست له, وتم الاستعانة بها من كتاب (الترياق) المحفوظ في المكتبة الوطنية بباريس تحت رقم 2964 الوجه 19.

لتكن الأسرة عونًا

تعرّض د. مدران إبراهيم في العدد (541) شوال 1434هـ ديسمبر 2003 م إلى موضوع (تربية احترام الوقت), وقد شدّ انتباهي هذا المبحثُ لسببين: أولهما أهمية الزمن في حياة الطفل. والآخر علاقتي المتواصلة مع المتعلمين في الفصل, يقول د. مدران إبراهيم: (إن مسألة إكساب الطفل هذا الوعي بالزّمن لا يمكن أن تُؤتي أكلها إلا إذا شاركت الأسرة المدرسة وسهرت على بناء هذا الجانب العام الذي يعتبر أساسا مهمّا في بناء المجتمع خصوصا في مجتمعاتنا النامية التي ما أحوجها إلى (تربية وقتية) تجعل الفرد يدرك أن الوقت رأسمال يجب استغلاله وترشيده ترشيدا حسنًا).

هذا القول يقودنا إلى إدراك ضرورة معرفة الدّور المنوط بعهدة (الأسرة) و(المدرسة).

لذلك, من الواجب على الأسرة أن تهيّئ الطفل تهيئة نفسية ومعرفية واجتماعية للانتقال به إلى بيئة المدرسة في أحسن الظروف حتّى يصبح طفلنا الصغير قادرا على إدماج ما تعلمه بالمدرسة في حياته اليومية ليبقى مواكبًا لركب الحضارة دون أن يفقد خصائصه المدنية.

فلنكن عونًآ لطفلنا العربيّ حتى ينجز المطلوب.

شاكر الوسلاتي
تونس