دليل القارئ إلى الثقافة الجادة

   دليل القارئ إلى الثقافة الجادة
        

إعداد: آرثر والدهورن وآخرين

وسط الكم الهائل من المطبوعات, يجد القارئ نفسه في حيرة.. ماذا ينتقي? وأي الكتب ينبغي أن يبدأ رحلته الثقافية بها ليكوّن خلفية ثقافية ينطلق منها مواكباً ثقافة وعلوم العصر? في الغرب كان هذا الدليل.. ولكن ألا يحتاج القارئ العربي إلى دليل مماثل?


          صدر هـذا الدليــــل لأول مرة سنة 1932 على شكل نشــرة صغـيرة تضم أهم الكتب التي صدرت في فـروع المعرفــة المختـلفة فـي فتــرة معينة.

          وظلّت هذه النشرة تُزاد وتراجع حتى أصبحت كتاباً متكاملاً صغيراً نُشر في طبعة شعبية سنة 1947, ليجد إقبالاً كبيراً وليصبح مرجعاً ودليلاً للقرّاء والكتّاب والمكتبات العامة. وتطور الكتاب في طبعاته اللاحقة التي كانت تراجع وتمحّص كل أربع سنوات على يد مجموعة من المفكرين والكتاب, بلغ عددهم في طبعته الأخيرة هذه ـ الطبعة الثالثة والعشرين ـ 34 مفكراً وناقداً وأديباً, لتشمل أهم الكتب التي صدرت في كل فرع من فروع المعرفة منذ بداية التاريخ المكتوب للإنسان في اليونان القديمة 800 ق.م, حتى نهاية القرن العشرين.

          ويشتمل الدليل على خمسة أقسام بالإضافة إلى قسم خاص يتعلق بكتب المراجع كالموسوعات والقواميس وما شابهها. وتتناول الأقسام الخمسة على التوالي:

          ـ فترات تاريخية وتشمل: اليونان القديمة, روما, العصور الوسطى, عصر النهضة والإصلاح, القرن السابع عشر, والقرن الثامن عشر.

          ـ الثقافة الإقليمية وثقافة الأقليات: ويشتمل هذا القسم على:

  •  الشرق الأوسط: الأدب العربي, والفارسي, والتركي, والأرمني, والعبري.
  • شرق وجنوب شرق آسيا: اليابان, الصين, الهند, والشعوب الأخرى.
  • إفريقيا.
  • أمريكا اللاتينية, وثقافة الأقليات المختلفة في الولايات المتحدة.

          ـ الأنواع الأدبية: الرواية بأنواعها المختلفة, القصة القصيرة, الشعر, المسرح, التراجم, المقالات, الرسائل, النقد, اللغة, وسائل الاتصال, المجلات.

          ـ العلوم الإنسانية والاجتماعية: الفنون البصرية وفنون الأداء ـ الرسم, الهندسة والموسيقى والأوبرا والرقص والتصوير والسينما, الفلسفة, علم النفس, الدين, التاريخ, السياسة, الاقتصاد, الإنثروبولوجيا, علم الاجتماع, الدراسات النسائية.

          ـ العلوم: الفيزياء, الرياضيات, الكيمياء, الجيولوجيا, والعلوم البيولوجية بأنواعها المختلفة ثم علم الكمبيوتر.

          والدليل بشكله الحالي, يُعتبر مرجعاً أساسياً, يوضع في المكتبات العامة بجانب دوائر المعارف والقواميس, حيث يمكن الرجوع إليه للبحث عن أهم الكتب في موضوع ما, وكدليل لشرائها أيضاً.

          وقد يتساءل البعض: لماذا القراءة بالاستعانة بدليل?

          في سن الشباب كنّا نسأل دوماً من هم أكبر منّا سناً وأكثر دراية بعالم الكتب والقراءة, عما يمكن أن نقرأ من كتب في فرع أو آخر من فروع المعرفة, وأذكر أننا في القليل من المرّات كنا نحصل على إجابة شافية. وأستطيع أن أقول الآن إنه بقليل من التنظيم وبعض الإرشاد, كان يمكن أن نوفر الوقت والجهد ونحصل على القدر نفسه من المعلومات والمعــارف والمتعة أيضا.

          إنها طريقة سهلة غير رسمية لبرمجة ثقافة المرء الفعلية ـ خاصة للشباب ـ حيث يمكن للمرء أن يتتبع موضوعاً ما أو أكثر لفترة من الزمن, وهو على يقين أنه لا يضيع وقته أو جهده.

          فكل المعارف البشرية موجودة في الكتب, لكن لا أحد في إمكانه قراءة كل الكتب الجيدة حتى في موضوع تخصصه, أما الموضوعات الأخرى فهو بحاجة إلى مرشد أو دليل. فقد نبرع في موضوع تخصصنا لكن لا نعي بسهولة المساحات الواسعة من المعرفة التي لم نختبرها. كلما قرأ المرء أكثر أصبح أكثر التصـاقاً ومعرفة بالحياة والناس, وإذا عزم أن يسير في طريق المعرفة الثقافية المستمرة, فمن الأفضل أن يضع هدفاً أمامه ويصمم عليه دون الالتفات إلى العقبات أو المثبطات. كذلك, فإن اختيار الكتب لا بد أن يتوافق مع احتياجات المرء واهتماماته المتغيّرة, وبالتالي يجب أن تكون هناك خطة ما, فالقراءة العشوائية نادراً ما تكون مفيدة, لكن ليس معنى ذلك أن يكون البرنامج صارماً, فلا يجبر المرء نفسه على قراءة كتاب لا يستمتع به, فهناك الكثير من الكتب الجيدة في العالم, وفي شتى الموضوعات, ومن العبث أن يضيع المرء وقته في كتاب لا يمتعـــه أو يفـيده. فإذا اختار المرء كتاباً ثم وجده مملاً, فعليه أن يعيده إلى الرّف ويختار كتاباً آخر. وإذا تضايق من كتاب اتفــق الثقــات على أنه مهم ويجب أن يُقرأ, فليكن عادلاً مع نفسه, ويعترف بأن القصور ليس في الكتاب, وغالباً الكتاب الذي يبدو الآن مملاً أو صعباً, سيكون أسهل فهماً وإمتاعاً حين تزداد ثقافة المرء. فأحياناً يتضايق الشباب, ممن لا يقرأون كثيرا, من صعوبة كتب مهمة, لأن الخلفية الثقافية تنقصهم, وهي أمر مهم لمقابلة المؤلف في مستواه الثقافي, وهذه الصعوبة ستصحح نفسها بمرور الزمن ومداومة القراءة.

حتى نزيل الصدأ

          وقد وضع الاختصاصيون برنامج قراءة إذا واظب المرء على تطبيقه, فلن يعلو الصدأ خلايا مخّه, وسيكون دوماً في بؤرة الأحداث التي تدور حوله في العالم. يتلخص هذا البرنامج في النقاط الأربع التالية:

          ـ كتاب واحد جيد أسبوعياً على الأقل.

          ـ جريدة أو مجلة عادية سيارة.

          ـ مجلة للتحليل والتعليقات.

          ـ مجلة لمراجعة الكتب.

          والدليل ليس قائمة كتب أو كتالوجا, إنه منهج في القراءة, والمهم هو ما تستطيع أن تفعله بمعرفتك الجديدة واختياراتك, وكيف تربطها بما تجربه أو جربته وقرأته. إن ما تقرأه هو مقياس لمستواك الثقافي والمعرفي والوسيلة لرفع هذا المستوى والمعرفة.

          وقد حدد المحرر الأساسي الراحل الهدف من الدليل بقوله:

          (كي نقود أفواجاً متزايدة من الناس لتذوق الكتب العظيمة المفيدة, وإلى أولئك الذين يسعون لإنارة الأماكن المظلمة في فهمنا لنفوسنا وعالمنا المعقّد, وإلى أولئك الذين يهدفون, ببساطة, إلى المتعة).

هل نحتاج إلى دليل?

          الدليل, مكتوب بالدرجة الأولى بالطبع, لابن الحضارة الغربية ـ الحضارة السائدة الآن, وأرى أنه من الضروري أن يكون هناك دليل آخر موازٍ له, يتعلّق بأهم الكتب في الثقافة العربية حتى تعم الفائدة.

          ومن الطريف, أن المشاركين في الدليل, قد أضافوا بعض الملاحق له, من بينها أهم مائة كتاب في تاريخ الحضارة البشرية من وجهة نظرهم, مستخلصة من حوالي ثلاثة آلاف كتاب, على رأسها بالطبع الكتب المقدسة في الديانات الثلاث: القرآن والتوراة والإنجيل, وأما بقية المائة, فيجب الأخذ في الاعتبار, أنها في النهاية وجهة نظر.

أهم مائة كتاب

          ـ العصور القديمة:

          إيسخيلوس: الأورستيا, أيسوب: الخرافات, أريستوفان: الموميديات.

          أرسطو: الأخلاق, كونفوشيوس: المختارات, أيوربيدوس: المسرحيات.

          هومر: الإلياذة والأوديسا, لاو ـ شو: الطريق الصحيح (الطاوية).

          لوكريشيوس: في طبيعة الأشياء, أفلاطون: الجمهورية والمأدبة.

          بلو تارك: حيوات متوازية, سوفوكليس: مسرحيات طيبة.

          ثيوكيديدس: الحرب البلوبونيزية, فرجيل: الإنيادة.

* * *

          ـ العصور الوسطى وعصر النهضة:

          ألف ليلة وليلة, بيكون: المقالات.

          بوكاشيو: ديكاميرون, سرفانتيس: دون كيشوت.

          تشوسر: حكايات كانتربري, دانتي: الكوميديا الإلهية.

          ميكافيللي: الأمير, مالوري: موت آرثر.

          مونتين: المقالات, توماس مور: يوتوبيا.

          عمر الخيام: الرباعيات, شكسبير: الأعمال الكاملة.

          رابيليه: جارنجنتوا وبانتا جرويل.

* * *

          ـ القرنان السابع عشر والثامن عشر:

          بوزويل: حياة صمويل جونسون, بنيان: رحلة الحاج.

          بيرنز: القصائد, ديفو: روبنسن كروزو.

          ديكارت: مقال في المنهج, دون: القصائد.

          فيلدنج: توم جونز, هاملتون مع آخرين: أوراق فيدرالية.

          جيبون: انهيار وسقوط الإمبراطورية الرومانية.

          كانت: نقد العقل الخالص, لوك: مقال يتعلق بالفهم الإنساني.

          مالتوس: بحث في مبادئ السكان.

          ميلتون: الفردوس المفقود, موليير: الكوميديات.

          بين: حقوق الإنسان, روسو: العقد الاجتماعي.

          سميث: ثروة الأمم, سبينوزا: الأخلاق.

          ستيرن: ترسترام شاندي.

          سويفت: رحلات جيلفر, فولتير: كانديد.

* * *

          ـ القرن التاسع عشر:

          أوستن: الكبرياء والهوى, بلزاك: أيوجين جراندين.

          براوننج (روبرت): القصائد, بيرون: القصائد.

          تشيخوف: المسرحيات, دارون: أصل الأنواع.

          ديكنز: ديفيد كوبر فيلد, ديكنسون: القصائد.

          دوستويفسكي: الأخوة كارامازوف, أليوت (جورج): ميدل مارش.

          إمرسون: المقالات, فلوبير: مدام بوفاري.

          جوته: فاوست, هاردي: تيس من آل دوبرفيل.

          هوثورن: الحرف القرمزي, هوجو: البؤساء.

          إبسن: المسرحيات, كيتس: القصائد.

          ماركس: رأس المال, ميلفيل: موبي ديك.

          نيتشه: إرادة القوة, ادجار ألان بو: القصص القصيرة.

          شيللي: القصائد, ستندال: الأحمر والأسود.

          ثاكيري: فانيتي فير, ثورو: والدن.

          تولستوي: الحرب والسلام, توين: مغامرات هكلبري فن.

          ويتمان: أوراق العشب, وردزورث: القصائد.

          زولا: جيرمنال.

* * *

          ـ القرن العشرون:

          سيمون دوبوفوار: الجنس الثاني, بورخس: التيه.

          آينشتين: معنى النسبية: أليسون: الرجل الخفي.

          ت. س. أليوت: المسرحيات والقصائد.

          فوكنر: الصخب والعنف, فريزر: الغصن الذهبي الجديد.

          جارثيا ماركيز: مائة عام من العزلة.

          همنجواي: والشمس تشرق أيضاً.

          هنري جيمس: السفراء, جيمس جويس: عوليس.

          د. هـ. لورنس: نساء عاشقات.

          توماس مان: الجبل السحري.

          يوجين أونيل: المسرحيات.

          بروست: البحث عن الزمن الضائع.

          جورج برنارد شو: المسرحيات.

          فرجينيا وولف: إلى الفنار.

          وليم بتلر ييتس: القصائد.

* * *

نداء
          معظم هذه القائمة (80% منها) ترجم إلى اللغة العربية, لكن طبعاتها نفدت, مما يحرم الأجيال الجديدة من الاطلاع عليها, وليت دور النشر العربية ـ سواء حكومية أو خاصة ـ تعيد نشر هذه الأعمال, وتسعى إلى ترجمة ما جاء في باقي القوائم الموجودة في الدليل ـ 34 قائمة تحتوي كل منها على من 65 إلى150 عنواناً, ونبذة عن كل عنوان تحدد ما يهتم به الكتاب ومضمون محتوياته ـ حتى نضع أساساً متيناً لحضارتنا المعاصرة

 

أحمد عمر شاهين