عزيزي القاريء

  عزيزي القاريء
        

ذكرى ثورة

          تستعيد (العربي) في هذا العدد ذكرى عمرها خمسون عاما, ذكرى الثورة المصرية التي انطلقت في صبيحة يوم قائظ من أيام يوليو, ورغم مرور نصف قرن كامل عليها, فإن الكلمة الأخيرة لم تقل فيها بعد, بل لم تنكشف كل أسرارها ووثائقها السرية, فلا يزال البعض يعتبرها مجرد انقلاب عسكري مغامر, والبعض الآخر يعتبرها الثورة الأم لكل الثورات العربية اللاحقة. ويبدو انه ليس من فعل المصادفة أن يكون شهر يوليو هو شهر الثورات, سيراً على طريق هذه الثورة الأم, ولكن هذه الثورة العربية الأولى كانت قصيرة العمر بقدر ما كانت كبيرة الأحلام, فهي لم تنهزم وتتراجع مع موت زعيمها ومفجرها جمال عبد الناصر, ولكنها تراجعت قبل ذلك في صبيحة يوم قائظ آخر هو يوم 5 يونيو عام 1967 حين انهزم جنود الثورة وحلفاؤها العرب أمام الجيش الإسرائيلي المدعوم أمريكيا على كل الجبهات الحربية. ويرى عدد من المفكرين السياسيين والمثقفين العرب أن تلك الهزيمة ما كانت لتحدث بهذه الصورة الكارثية, لو أن الثورة المصرية وحليفاتها العربيات قد تنبّهت إلى أهمية التحول الديمقراطي وتوسيع المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار, خاصة في التعامل مع القوى الثقافية والفكرية في المجتمع, وهذا ما يطرحه المقال الذي كتبه صلاح عيسى وهو واحد من أصحاب التجارب المريرة مع ثورة يوليو رغم إيمانه بضرورتها ودورها التاريخي, وكذلك الحوار مع ثروت عكاشة الذي كان واحدا من الضباط الأحرار, ومن الذين ساهموا في وضع الأساس للبنية الثقافية المصرية الحديثة.

          ولا تبتعد (العربي) عن القاهرة, فتقدم عنها ذلك الاستطلاع الفريد في لغته وروحه الذي كتبه الأديب الكبير جمال الغيطاني وهو أحد المتيمين بأجواء المدينة القديمة, وهو يمزج بين اكتشافه ذاته, واكتشافه ذات مدينته. وتجدد (العربي) من خلال هذا الاستطلاع دعوتها لكبار كتاب العربية للكتابة عن مدنهم حتى يجلوا لنا روح المكان كما ترك تضاريسه في أعماقهم. كما ترحل (العربي) إلى مدينة ( دبي) التي لا تكف عن التجدد لتقدم آخر صيحة تتبناها وهي مدينة الإنترنت التي نأمل أن تكون بوابة عربية كبرى تفتح على عصر من العلم والمعرفة. ويناقش رئيس التحرير - في حديثه الشهري - فكرة الدولة ثنائية القومية كما طرحها كاتب إسرائيلي في كتاب لم يلق الاهتمام الكافي نتيجة الاجتياح الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية. ولا تتركنا صفحات هذا العدد الحافل بالعديد من موائد الفكر والفن قبل الرحيل إلى أرض أفغانستان التي عانت الدمار والحزن بما يكفي لتقدم من أدبها قصة تثير الابتسام عند بلد لم يعرف الابتــــسام مـــنذ زمن طـــويل. ولا تزال (العربي) تواصل رحلتها مع قرائها في طبعتها الورقية التي بين يديك أو طبعتها الإلكترونية التي يمكنك أن تشاهدها على شاشة الإنترنت لتؤكد أن الثقافة دائما لا تخضع للزمن ولا تعترف بالحدود.

 

المحرر