الشامة
الشامة
حلمت بالشامة أمس. الذي أحتاج إليه فقط كتابة هذه الكلمة. لا بد أنك تعرف ما أعنيه! الشامة.. كم من المرات عنفتني بسببها. الشامة موجودة على كتفي اليمنى, أو ربما يجب أن أقول إنها في أعلى ظهري. كنت تغيظني دائما (أصبحت أكبر من مجرد حبة فول صغيرة. هيا استمر في اللعب بها فربما تطرح أوراقا وفروعا ذات يوم). لكنك كنت محقا أيضا, فهي كبيرة مقارنة بالحجم العادي لأي شامة, إنها كبيرة ومنتفخة بشكل غريب. عندما كنت طفلة اعتدت الجلوس فوق فراشي واللعب بالشامة. كم كنت خجولة عندما رأيتها للمرة الأولى! أتذكر أنني حتى بكيت, وأتذكر الآن ملامح الدهشة على وجهك. لكن أمي عنفتني أيضا (كفِّ عن هذا يا سايوكو, كلما لمستها كبرت أكثر). كنت مازلت طفلة, لكني استطعت فيما بعد ان أحتفظ بهذه العادة لنفسي فقط, أن ألمس الشامة بعيدا عن عيون الآخرين. واستمرت هذه العادة معي بصورة طبيعية حتى أنني نسيت تقريباً أنها شيء غير عادي. عندما رأيت شامتي للمرة الأولى كنت طفلة أكثر مني زوجة. وأتساءل إذا ما كان في استطاعتك, أنت الرجل, أن تتخيل مدى الخجل الذي اعتراني, لم يكن هذا مجرد خجل, شعرت حينها أن هذا شيء مرعب. كوني زوجة لك بدا لي بالفعل شيئا مرعبا. شعرت كما لو كانت أسراري تتكـشف أمامك واحدا بعد الآخر. عندما كنت تذهب لتخلد إلى النوم, كنت أشعر أحيانا بأنني تخلصت من عبء كبير, إنني سجين أُفرِجَ عنه, وأحيانا كنت أكبح جماح نفسي بكل قواي عندما كانت تبدأ أصابعي في التحرك تجاه الشامة مرة أخرى. قلت لي ذات مرة: (إنه لشيء تافه أن يُقلق المرء نفسه بسبب شامة). كنت سعيدة, واتفقت مع ما قلته بإيماءة تؤيد رأيك. لكن إذا استرجعت الأمر الآن وفكرت فيه قليلاً أندهش لأنك لا تحاول أن تتغاضى عن عادتي أو تتعاطف معها بعض الشيء. إنك حتى لم تتساءل لماذا أصبحتُ أسيرة عادة اللعب بالشامة, ولماذا تضايقك هذه العادة بتلك الصورة المبالغ فيها! (توقفي عن هذا) هذا ما كنت تقوله لي (توقفي عن هذا). لم أعد أدر كم من مئات المرات عنفتني بسبب الشامة. سألتني ذات يوم في نوبة من الغضب (هل يجب أن تستخدمي يدك اليسرى?). (يدي اليسرى!) أجفلني السؤال. كان هذا حقيقيا, أمر لم ألحظه من قبل. لكني كنت أستخدم فعلا يدي اليسرى بصورة دائمة. - الشامة موجودة على كتفك اليمنى, يجب أن تستخدمي يدك اليمنى. - آه, رفعت يدي اليمنى, لكن هذا أمر غريب. - لا يوجد في هذا الأمر شيء من الغرابة. - لكن الطبيعي أكثر هو أن أستخدم يدي اليسرى. - اليد اليمنى أقرب. - لكن إذا استخدمت يدي اليمنى فسيكون هذا عكس الاتجاه. - عكس الاتجاه!! - نعم فهي مسألة اختيار, إما أن أضع ذراعي اليسرى أمام عنقي, أو أن أصل إلى الشامة من الخلف هكذا بيدي اليمنى. ومنذ ذلك الحين لم أعد أوافق بخنوع على كل شيء تقوله. وحتى عندما أجبتك, فكرت أنه ربما عندما أستخدم ذراعي اليسرى سيبدو هذا الوضع كما لو كنت أصدك.. كما لو كنت أحضن نفسي. وقلت لنفسي (لقد كنت قاسية معه). سألتك بود: (لكن ما هو الخطأ في أن أستخدم يدي اليسرى?). - اليد اليسرى أم اليمنى, هي عادة سيئة. - أعرف ذلك. - ألم أطلب منك مراراً الذهاب إلى جرّاح لإزالة هذا الشيء? - هل هناك من يذهب إلى جراح لإزالة شامة? - كثيرون يفعلون. - ربما تكون محقاً في حالة شامة في مقدمة الوجه. لكني أشك أن هناك من يذهب إلى جرّاح ويطلب منه إزالة شامة في العنق. سوف يضحك الجرّاح. سيدرك أنني ذهبت إليه لأن زوجي يشكو منها. - يمكنك إخباره أن السبب هو اعتيادك اللعب بها دائماً. - حقاً... شيء تافه كالشامة, في مكان لا يمكنك حتى رؤيته لماذا يضايقك هكذا? - أنت عنيدة. من الممكن أن أتحدث إلى الأبد من دون أن تبذلي أدنى مجهود لتغيير نفسك. - هل لمسي لها خطأ كبير هكذا? - ليس هناك خطأ كبير. أنا أطلب منك فقط أن تكفيِ عن هذا لأنني لا أحبه. عندما تلمسينها يرتسم على وجهك دائماً ذلك التعبير الغريب شارد الذهن. (ربما كنت محقاً - هناك شيء ما في هذه الملاحظة جعلها تمس وترا حساساً بداخلي - وأردت أن أومئ بالموافقة). - عندما تراني أفعلها مرة أخرى اضربني على يدي, بل اصفع وجهي. - لكن ألا يضايقك أنه رغم محاولاتك المستمرة لعدة سنوات لم تستطيعي من تلقاء نفسك التغلب على مثل هذه العادة الصغيرة التافهة? لم أجب, كنت أفكر فيما قلته, ذلك الوضع, ذراعي اليسرى ملتفة حول عنقي - يجب أن يبدو هذا الوضع كئيبا, بائسا. ربما لا أتردد إذا استخدمت كلمة كبيرة مثل انعزالي. يا له من وضع جائر, بل حتى أناني, ذلك الوضع الذي لا تهتم فيه المرأة إلا بحماية نفسها الصغيرة فقط. ومن المؤكد أن التعبير الذي يظهر على وجهي هو كما وصفته تماما (غريب وشارد الذهن). هل بدا هذا الوضع دليلا على أنني لم أضحك نفسي حقاً? وهل ارتسمت مشاعري الحقيقية على وجهي عندما لمست الشامة وأسلمت نفسي إلى أحلام اليقظة مثلما كنت أفعل وأنا طفلة!? حتى الآن ليس لدي أدنى شك في أن حبك لي هو الذي جعلك تلاحظ هذه العادة. لكني أندهش لأن هذا الشيء الذي يسبب القليل من الضيق, والذي عندما يكبر وينمو ويصبح مشوهاً يمكنه التأثير سلباً في حياة زوجية. فالزوجان الحقيقيان يذوب معهما أي إحساس بشذوذ أحدهما. وأعتقد, ولا يمكنني التخلص من هذا الاعتقاد, أنه ربما كان من الأفضل أن تتحمل قليلاً وتتغاضى عن عادتي. لكنك بدأت تضربني بالفعل وتركلني. بكيت وسألت نفسي لماذا لا تكون أقل عنفا معي, لماذا يجب عليّ أن أعاني هكذا لأنني ألمس شامتي! قلت لي: (كيف يمكن أن نعالج هذا الأمر?). كان صوتك مرتجفا. في ذلك الوقت تفهمت شعورك تماما ولم أدن ما فعلته بي. فإذا أخبرت أي شخص بما حدث سأجعلك تبدو كزوج متوحش. لكن وبما أننا وصلنا إلى الدرجة التي يمكن لأتفه الأشياء فيها أن تزيد من حدة التوتر بيننا, فإن تعنيفك لي وضربك قد أحدثا لي بالفعل شعورا مفاجئا بالتحرر والخلاص. (لن يمكنني أبدا التخلص من هذه العادة, أوثق يدي). وضممت يديّ ودفعت بهما إلى صدرك, كما لو كنت أمنحك نفسي. بدت عليك الحيرة, وبدا أن غضبك تركك منهكاً فاقد الحس. أخذت حزام وشاحي وربطت به يديّ. كنت سعيدة عندما رأيت تلك النظرة في عينيك أثناء مراقبتك لمحاولتي في رفع شعري بيديّ الموثوقتين.ربما تنجح معالجة تلك العادة القديمة هذه المرة. لكني لا أعرف, حتى في ذلك الوقت, أي أفكار خطرة كانت ستراودني إذا ما ذكر أحدهم شيئا عن الشامة. وهل كان رجوع العادة مرة أخرى سبباً في تلاشي آخر شعور عاطفي منك نحوي? ثم حدث شيء غريب, العادة التي لم ينجح في علاجها أي من أنواع الضرب أو التعنيف اختفت من تلقاء نفسها. (ألا تعرف - لم أعد ألعب بالشامة) لكنك تنهدت وبدا عليك عدم الاهتمام. إذا لم يكن الأمر يهمك هكذا لماذا كنت تعنفني إذن بتلك القسوة. هذا ماأردت أن أسألك عنه, وأعتقد أنك أردت بدورك أن تسألني لماذا لم أستطع معالجة هذه العادة من قبل إذا كان علاجها سهلا هكذا. لكنك حتى لم تسألني عن هذا. فكرت في لمس الشامة وأنت غائب. وبدا هذا شيئا مخزيا, مثيرا للاشمئزاز, تمردت يدي على الحركة. نظرت إلى الأرض, وعضضت شفتيّ. (ماذا حدث لشامتك?) هذا ما كنت أنتظر سماعه منك. لكن فيما بعد اختفت كلمة (الشامة) من أحاديثنا. وربما اختفت معها أشياء أخرى كثيرة. لماذا لم أستطع عمل أي شيء في تلك الأيام التي عنفتني فيها? من المؤكد أنني أكثر النساء تفاهة وأقلهن قيمة. وكانت العودة إلى منزل أمي مرة أخرى, وكان البعد عنك. أخذت حماماً مع أمي. (ما الأمر يا سايوكو, لا تبدين في أحسن حالات كما كنت من قبل) ثم أضافت (لا يمكنك أن تهزمي الزمن?). نظرت إليها, لم تتغير, فهي كما كانت دائماً نضرة ومفعمة بالحياة والحيوية (وهذه الشامة كانت لها دائما جاذبية خاصة). لكنني عانيت حقا بسبب هذه الشامة - قلت لأمي: (يقولون إن الجراح يزيل هذه الشامة بسهولة). (أوه! جراح.. لكن ستترك الجراحة أثرا). يا لها من أم هادئة! (هل تعلمين أنه أثناء غيابك كنا نضحك على هذا! كنا نقول إنه من المحتمل أن تكون سايوكو مازالت تلعب بالشامة حتى الآن, حتى وهي زوجة). - كنت ألعب بها فعلاً. كانت عادة سيئة, متى بدأت اللعب بها? - عندما يبدأ الأطفال في رؤية شاماتهم. لقد بدأت في الظهور عندما بدأت تكبرين,وهي لا تختفي أبداً, لكن لا توجد غالبا شامة بمثل هذا الحجم. ثم نظرت أمي إلى كتفي وضحكت. تذكرت عندما كنت طفلة صغيرة كيف كانت أمي وشقيقاتي ينقرن على الشامة التي كانت حينها بقعة صغيرة جذابة. هل كان هذا سبب عدم اعتيادي اللعب بها بنفسي بداية الأمر? ألقيت بنفسي على الفراش أداعب الشامة بأصبعي في محاولة لكي أتذكر كيف كان شكلها عندما كنت طفلة ثم عندما أصبحت فتاة. لقد مضى وقت طويل منذ لعبت بها للمرة الأخيرة. كم من الشهور مضت.. لا أدري. لكن بعد عودتي إلى المنزل الذي وُلدت فيه, يمكنني أن ألعب بشامتي كما يحلو لي. لن يمنعني أحد. لكنه كان أمراً صعباً. عندما لمست الشامة شعرت بدموع باردة تملأ عيني. كل ما عنيته كان استرجاع الماضي البعيد عندما كنت صغيرة. لكن عندما لمست الشامة خطرت أنت فقط على تفكيري. لم أكن زوجة صالحة, وربما أطلق منك, لكن لم أكن أتخيل أنه هنا, في فراشي ومنزلي, أنك فقط ستكون محور تفكيري. قلبت وسادتي الرطبة - بل إنني حلمت بالشامة. بعدما استيقظت لم أستطع أن أحدد أين يمكن أن تكون تلك الغرفة, لكنك كنت هناك, وكنت مخمورة وأناقشك بخصوص شيء ما. رجعت عادتي السيئة مرة أخرى. ووصلت إلى الشامة بيدي اليسرى, وذراعي أمام صدري كما كانت دائما. لكن ألم تسقط الشامة من بين أصابعي? لقد سقطت بلا ألم, بالضبط كما لو كان هذا أكثر الأشياء طبيعية في العالم, وأحسست بها بين أصابعي, كما لو كانت فعلاً حبة فول مشواة. طلبت منك كطفلة مدللة أن تضع شامتي في تجويف شامتك القريبة من أنفك. دفعت بشامتي إليك. بكيت وصرخت وتشبثت بذراعك وصدرك. عندما استيقظت كانت الوسادة مازالت مبللة, وكنت مازلت أبكي. ثم سألت نفسي هل اختفت الشامة حقا? لم أستطع لمسها بسهولة كما كان الحال. هذه هي قصة شامتي كاملة. لم أفكر كثيراً في شامتك الصغيرة التي بجوار أنفك, ولم أتحدث عنها أبداً. لكن مع هذا أعتقد أنها كانت في مخيلتي دائما. ويا لها من سعادة سأشعر بها عندما أفكر أنك ستحلم أيضاً بشامتي. لكني نسيت شيئاً. كنت تشكو من ذلك التعبير الذي كان مرتسما على وجهي, وقد فهمت جيدا أن تعليقك هذا دليل على حبك لي. وأعتقد أيضاً أن أحقر ما بداخلي من أشياء تظهر عندما ألمس الشامة بأصابعي. لكني أتساءل على أي حال, ألا يمكن أن تكون الحقيقة التي ذكرتها من قبل تبريرا حقيقيا يخلصني من هذه المسئولية: بالفعل ربما كان لأمي وشقيقاتي عامل كبير في اعتيادي لمس شامتي دائماً بأصابعي بسبب الطريقة التي تعودن أن ينقرن بها على شامتي وأنا طفلة. قلت لأمي (لماذا كنت تعنفينني عندما كنت ألعب بالشامة?). - لماذا! لأنها عادة سيئة. هذا كل ما في الأمر. - لكن ماذا كان شعورك عندما رأيتني ألعب بالشامة? - حسناً, لم يكن هذا أمراً لائقاً, وهذا التعبير الناعس البليد على وجهك. - لكنك اعتدت أنت وآخريات أن تنقرن على الشامة لتغظنني. - نعم, أعتقد أننا فعلنا هذا. إذا كان الأمر هكذا, ألا يمكن أن تكون مداعبتي للشامة بأصابعي وبهذه الصورة الشاردة نوعا من الحنين الخفي لاستعادة حب أمي وشقيقاتي لي عندما كنت صغيرة. ألم أكن أفعل هذا لكي أتذكر هؤلاء الذين أحببتهم! هذا ما يجب عليّ أن أقوله لك. ألم تكن مخطئاً في أمر شامتي منذ البداية حتى النهاية? هل كان ممكنا أن أفكر في أي شخص آخر عندما كنت معك? سألت نفسي كثيراً ألا يمكن أن تكون هذه الحركة التي طالما كرهتها اعترافاً بحب لم أستطع أن أصوغه في كلمات. عادتي باللعب في الشامة شيء لا يذكر, ولا أعني هنا أن أوجد لها أعذاراً. لكن ألا يمكن أن تكون جميع الأشياء الأخرى التي حولتني إلى زوجة سيئة قد بدأت بالصورة نفسها? أليس من المحتمل أنها كانت في البداية تعبيرا عن حبي لك وتحولت إلى أشــــياء أبعدتنـــي عن كوني زوجة, فقط بسبب رفضك لمعرفة ماذا كانت تلك الأشياء? حتى وأنا أكتب هذه السطور أجدني أتساءل, ألا أبدو كزوجة غير صالحة تحاول أن تظهر نفسها مظلومة. لكن على أي حال كان علي أن أقول لك تلك الأشياء
|