40 عاما من عمر دستور الكويت

عاما من عمر دستور الكويت:
        

تجربة خليجية في الديمقراطية

  • (الكويت دولة عربية مستقلة ذات سيادة تامة, ولايجوز النزول عن سيادتها أو التخلي عن أي جزء من أراضيها, وشعب الكويت جزء من الأمة العربية)
  • المادة الأولى من الدستور الكويتي 
    (تصون الدولة التراث الإسلامي والعربي وتسهم في ركب الحضارة الإنسانية)
  • مادة (12) من دستور الكويت
  • الناس سواسية في الكرامة الإنسانية وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين).
  • مادة (29) من دستور الكويت 

          تصدّرت هذه الكلمات دستور دولة الكويت الذي وقعه أميرها عبدالله السالم الصباح في الحادي عشر من نوفمبر عام 1962, مسجلا بذلك واحدا من أهم الأحداث السياسية التي شهدتها الكويت بعد عام واحد من استقلالها وخروجها من تحت عباءة الحماية البريطانية.

          وقد سجلت هذه المناسبة أيضا نقطة تحول مهمة في منطقة الخليج العربي, الذي كان يبحث في تلك اللحظة عن هويته, وتقرير مصيره, وأدخلت إلى القاموس السياسي للمنطقة كلمة الديمقراطية التي كان البعض ومازال يرفضها دون أن يجربها, أو يخاف منها حتى قبل أن يدرك ماذا تعني.

          أربعون عاما تمر علينا اليوم من عمر التجربة الديمقراطية في الكويت, وهي أمر جدير باستذكار التحدّيات التي واجهتها هذه التجربة والأزمات التي تعرضت لها, خاصة أن واحدة من هذه الأزمات قد أوشكت أن تمحو الكويت من على خريطة الوجود, لولا إرادة أهلها وتمسكهم بشرعية وجودهم على تلك الرقعة الصغيرة من الأرض, ولولا الوقفة الصلبة التي وقفها المجتمع الدولي مؤازراً لحق الكويت ومدافعا عنه.

          ولم يكن الدستور الكويتي وليد تلك اللحظة من أعوام الستينيات, ولكنه نتاج تراث من التفاعل والجدل الخلاق بين شعب الكويت وأهل الحكم من أسرة الصباح, ويمكن القول إن أسلوب الحياة - وما فيها من شظف لا يمكن احتماله إلا من خلال تضافر وتكافل كل عناصر المجتمع - قد مكنهم حكاما ومحكومين من التوصل إلى تلك الصيغة النادرة من الاتفاق, وأعني بها صيغة (الحكم المشترك) التي تم فيها تبادل المسئولية بين الطرفين دون عقد مكتوب, وظل هذا الأمر سائدا لسنوات طويلة ولم يقدر له أن يأخذ صياغته النهائية إلا مع نصوص الدستور.

          وقد تضافر على إنجاز الدستور في ذلك الظرف عناصر ثلاثة تزامنت وتداخلت بفعل من مصادفات التاريخ: إرادة شعبية واعية, وأمير يقابل ريح التغيير بعقل مفتوح ومتفهم, وظرف خارجي محفوف بالمخاطر والأطماع.

شهادة على الحرية

          ولا أريد أن أكون شاهدا على أهل الكويت وأنا واحد منهم, ولكن أستعين هنا بشهادة العلامة المصري د.أحمد زكي الذي كان أول رئيس تحرير لمجلة (العربي), والذي شهد بنفسه وقائع المناسبتين, الاستقلال وولادة الدستور, وهو يقول عن حس أهل الكويت التواق للحرية: (كانت هذه الأرض من قديم أرض تجارة, والتجارة لا تنمو إلا على الحرية, ولا تنمو وتزدهر إلا على الصدق والأمانة, ولقد سمعنا عن التجار بهذه الأرض, أرض الكويت, في أوائل هذا القرن, أنهم يتبادلون العقود والقروض, هكذا شفاها, فتقوم مقام الصك المكتوب. والبحارة, صنو التجارة, البحر المفتوح واسع الآفاق, والراكب البحر لا يجري على إرادة البحر ولكن على إرادته, وفي هذا توثيق لإرادة الفرد, مخاطر البحر, وتقرب الشقة بين الحياة والموت).

          هكذا عاش الكويتيون - رغم ظروفهم الشاقة قبل تفجر النفط - وليس لديهم إلا الحرية وإرادة البقاء, وكان من الطبيعي أن تكون لهذه الإرادة الجانب الأكبر في تسيير حياتهم, وأن يتوصلوا مع حكامهم إلى صيغة (الحكم المشترك) منذ وقت مبكر يعود إلى عام 1896, وأن تتطور هذه الصيغة إلى مطالبة بالمشاركة الشعبية في مذكرة شهيرة قام بها رجالات الكويت عام 1921, ثم تواصلت تلك الرغبة الشعبية ونمت مع ظهور طبقة التجار والمستنيرين من أهل الكويت إلى انتخاب أول مجلس تشريعي عام 1938 الذي يعد أول تجربة ديمقراطية رائدة في منطقة الخليج, بل إنه سبق العديد من التجارب المماثلة في العالم العربي.

أبو الدستور

          أما أهل الحكم في الكويت فليس أدل عليهم أكثر من شخصية عبدالله السالم الأمير الذي وقّع على الدستور وأقره دون أن يجري أي تعديل عليه, كان لقب الرجل قبل أن يكون أميرا (أبو الكويت) لأنه بدأ حياته في الخدمة العامة برعاية الأطفال الأيتام في الكويت, ثم تحول عندما أمسك بدفة المسئولية ليكون (أبو الدستور). ولم يكن هذا التحول فجائيا بطبيعة الحال. فمنذ وقت مبكر وقد عرف عن الشيخ عبدالله السالم توجهاته التنويرية والإصلاحية حتى قبل أن يكون أميراً. وهو الأمر الذي دعاه إلى الوقوف دائما بجانب القوى الوطنية التي نهضت في عام 1938 تطالب بالإصلاح الإداري والسياسي. ويقول د.أحمد البغدادي في كتابه عن حياة الشيخ (وبذلك وضع الشيخ عبدالله السالم نفسه في مواجهة حادة مع أسرته الحاكمة. مع العلم أن موقف الأسرة الحاكمة كان في ذلك الوقت يعد طبيعيا وتلقائيا, ولكن الشيخ عبدالله السالم آثر أن يعمل بموجب قناعته الخاصة فيما يتصل بحق الشعب في أن يكون له كلمته في شئون البلاد. وهذا يفسر وقوفه دون اتفاق مسبق مع مطالب (الكتلة الوطنية) التي تتألف من رجالات الكويت الداعين إلى الإصلاح الوطني).

          ولم يتخذ الشيخ عبدالله السالم تلك المواقف الوطنية في مواجهة تحفّظات بعض رجالات الأسرة الحاكمة فقط. ولكن اتخذها أيضا في وجه السلطات البريطانية التي كانت تهيمن على مصير المنطقة في ذلك الوقت, فعندما تمت انتخابات المجلس التشريعي الأول عام 1938 تعاطف الشيخ مع حق المجلس في الرقابة وإقرار كل ما يخص سيادة الكويت, ولم يبال بغضب بريطانيا التي اعتبرت أن المجلس ينازعها سلطاتها خاصة في مجال العلاقات الخارجية للكويت التي كانت تعتبرها دوما من شأنها الخاص. لقد كان طرازاً من الرجال الذين يحملون أحلامهم الخاصة ولا يحيدون عنها أمام المصاعب. وبسبب ذلك فقد أدرك عندما تولى المسئولية أن حلمه بالدستور وبعودة الحياة الديمقراطية إلى الكويت يجب أن يتأجل قليلا حتى يتم تمهيد الأرض له على المستويين السياسي والاجتماعي. فقد حمل في أعماقه خبرة التجربة النيابية عام 1938 وكيف أنها كانت قصيرة العمر لأنه لم يتم الإعداد المناسب لها. وكان يطمح أن يتم الإعداد لتجربة ديمقراطية طويلة العمر عميقة الأثر.

جهد شعبي

          في مطلع الستينيات كانت اللحظة قد حانت ورغم ذلك لم يتم وضع الدستور بأمر علوي, ولكن جرى إعداده عبر جهد شعبي شمل كل القوى الوطنية الواعية في الكويت. فقد انتخب مجلس تأسيسي انتخاباً مباشراً من الشعب لإعداده, وقد عقد هذا المجلس 32 جلسة متواصلة, دارت فيها مناقشات حرة ومفتوحة - كانت حادة في بعض الأحيان - لدراسة كل نص من نصوص الدستور. بل إن الوزراء الذين عيّنتهم الحكومة كأعضاء في المجلس التأسيسي ممثلين لها قد امتنعوا عن التصويت على مواد الدستور تاركين مجال إبداء الرأي بأكمله للأعضاء المنتخبين. وجاءت أحكام الدستور في مائة وثلاث وثمانين مادة لم يعترض أمير البلاد على أي واحدة منها ولكنه سارع في توقيعه دون تعديل أي مادة من مواده (لأنه هكذا أراده ممثلو الشعب). على حد شهادة د.عثمان خليل عثمان الخبير الدستوري الذي جاء من القاهرة ليشارك في الصياغة القانونية للدستور وقد أدهشه ذلك الحس المتفتح لأمير الكويت ونقل لنا هذه الكلمات.

          ربما تتشابه الدساتير في الكثير من أنحاء العالم, لأنها بمنزلة العقد القانوني الذي يربط بين الحاكم والمحكوم. ويحدد الخطوط الفاصلة بين الحقوق والواجبات. ولكن يبقى أن لكل دستور خصوصيته التي تنبع من خصوصية البلد الذي أنتجه والهدف الذي يسعى إليه واضعوه. ولم يشذ الدستور الكويتي عن هذه القاعدة. فأمير البلاد الذي صدر الدستور في عهده يقول: (... إن الدستور الذي أصدرناه ليس أكثر من تنظيم حقوقي لعادات معمول بها في الكويت, فقد كان الحكم دائما في هذا البلد شورى بين أهله). ولقد أكد في مقدمته على الإيمان بدور الكويت في ركب القومية العربية وحرية المواطنين السياسية والمساواة والعدالة الاجتماعية وكرامة الفرد ومصلحة المجموع والتأكيد على نظام الشورى في الحكم مع الحفاظ على وحدة الوطن واستقراره.

ظرف خارجي ضاغط

          هذه الولادة الصعبة للدستور, أحاطت بها ظروف أكثر صعوبة من خارج الكويت. فقد كانت البلاد تحت وطأة أزمة رهيبة زجّها فيها النظام العراقي بقيادة عبدالكريم قاسم منذ العام 1958 إلى العام 1963, فقد وجد في الاستقلال الكويتي عن بريطانيا فرصة مواتية حتى يسفر عن أطماعه في دولة الكويت. وأخذ يحرّك قواته على حدودها الشمالية, ويقاطع كل دولة تعترف باستقلال الكويت, بل إنه انسحب من جامعة الدول العربية لأنها قبلت انضمام الكويت إليها, ووسط هذه المهاترات والتهديدات التفت الكويت, كما تعودت دائما, حول قيادتها الشعبية, وواصلت بناء استقلالها ودعم نظامها السياسي,وكان أبلغ دليل على تماسكها وإصرارها هو ولادة الدستور ومواصلة الديمقراطية في وجه كل اللغط الذي يثيره النظام في العراق.

رياح الديمقراطية

          إنجاز الدستور لم يكن إلا خطوة صغيرة في طريق الديمقراطية الطويل, ورغم أن الكويت قد اختارت حلاً وسطاً يناسب ظروفها المحلية فإن هذه التغيرات كانت جزءاً من ريح التغيير العارمة التي كانت تعم العالم بعد الحرب العالمية الثانية وتفكك بنية الاستعمار بصورته التقليدية. ويصنف مؤرخو العلوم السياسية تطور الديمقراطية في العالم في إطار ثلاث موجات: الموجة الأولى كانت في أعقاب الثورتين الفرنسية والأمريكية حين تحرر العالم من الطبقات الأرستقراطية القديمة وتخلخلت أعمدة الملكيات الحاكمة التي كانت تعتقد أنها ظل الله في الأرض, وأبرزت دور الطبقة البرجوازية الوسطى التي حملت مفاهيم الحرية والإخاء والمساواة وأرست حكم الديمقراطيات العريقة في فرنسا وإنجلترا وأمريكا. ولم تهب الموجة الثانية من الديمقراطية إلا متأخرة بعض الشيء. في أعقاب الحرب العالمية الثانية في منتصف القرن العشرين تقريبا. وهو القرن الذي يطلق عليه البعض قرن الشعوب. فقد تحررت فيه المستعمرات السابقة, وبرزت أحلام الدولة القومية, والهوية الوطنية, وأصبح حلم كل جماعة عرقية أن يكون لها حدودها المعترف بها. وكانت الكويت من الدول العربية السبّاقة التي تأثرت بهذه الموجة. وربما لأنها كانت الأصح بدنا في ذلك الحين. فلم تكن تعاني آثار الحكم الشمولي ولا تشوهات الانقلابات العسكرية. بل إن مبدأ الحكم بالمشاركة كان راسخاً وثابتاً في وجدان الحاكم والمحكوم على السواء..ولذا تقبلت ريح الديمقراطية بمفهومها الصحيح. أما الموجة الثالثة من الديمقراطية فقد جاءت في الثمانينيات في القرن الماضي مع سقوط الاتحاد السوفييتي وانهيار الديكتاتوريات في أوربا الشرقية وأمريكا اللاتينية وظهور مد فكري جديد يلح على الحرية الفردية وحقوق الإنسان. ولعل السؤال الذي يلح علينا: ما نصيبنا كعرب من هذه الموجات المتعاقبة?

          من المؤسف أننا لم نشعر بالموجة الأولى من الديمقراطية لأن العالم العربي في ذلك الحين كان واقعا تحت سيطرة الخلافة العثمانية التي لم تمنع المطبعة والكتاب فقط, ولكنها حولت الدين إلى سلطة قمعية ضد كل من يفكر في الخروج عن مفهوم الخلافة, وجاءت الموجة الثانية ونحن تحت وطأة الاستعمار الغربي, وبعد الاستقلال دخل العالم العربي في دوامات من الحكم الشمولي لم يفق منها حتى الآن, وقد رفعت شعارات ممارسة الديمقراطية طوال المراحل المتعاقبة من الحكم الوطني دون أن يتحقق منها شيء إلا فيما ندر.

          وقادت الموجة الثالثة رياح التغيير العنيفة إلى بعيد, إلى أمريكا اللاتينية فانهارت نظمها الديكتاتورية وقتل أشهر رموزها. ولكنها كانت أضعف ما تكون وهي تهب على عالمنا العربي. لذا فقد كان نصيبنا فيها ضئيلا, فقد سمحت بعض النظم العربية بمبدأ التعددية السياسية ولكنها لم تسمح أبدا بتداول السلطة. وتركت الفرصة قليلا لنمو بعض التنظيمات غير الحكومية ولكنها لم توسع المجال لنمو مؤسسات المجتمع المدني ولم تتركها تؤثر في قرارها السياسي, وهكذا جاءت الريح واهنة وحدث التغيير ناقصا.

          لقد أدى اتباع النظم الديمقراطية في أمريكا اللاتينية إلى توقف موجة الانقلابات العسكرية وسيطرة الجنرالات وصراعهم على الحكم, بينما مازال العديد من النظم الفردية مهيمنا على الحكم في الغالب من الدول العربية. كما اختفت تلك الصورة الكاريكاتيرية والمرعبة التي كان يصورها أدباء أمريكا اللاتينية للديكتاتور الحاكم وبقيت الصورة بكامل رتوشها في بعض بلداننا العربية, ومثال العراق خير شاهد على ما أقول. وتخلصت دول أوربا الشرقية من حركات المنشقين عنها والمناوئين لها. بينما اضطرت حركات المعارضة العربية إلى الهبوط تحت الأرض, وأنشأت تنظيماتها السرية وتحولت إلى العنف والقسوة في عملها السياسي, بل وأصبحت تؤمن بأن المذابح هي الطريق الوحيد لتغيير الأنظمة التي طال عمرها أكثر مما ينبغي.

الديمقراطية والعقلانية

          لا أريد أن أزعم أن تجربة الكويت كانت تجربة مثلى. أو أنها كانت بمعزل عن التجربة العامة للعالم العربي الذي أكد التقرير الأخير للتنمية الإنسانية أنه يعاني فجوات ثلاثا هي: فجوة التمتع بالحريات, وفجوة حرمان المرأة من دورها في التنمية, وفجوة مجتمع المعرفة. ولكن ما أريد أن أقوله إن أربعين عاما من تجربة العمل بالدستور الكويتي وانتهاج مبدأ المشاركة في الحكم لم تكن خاسرة أو مضيعة للزمن. وقد تلقى النظام السياسي في الكويت مكافأته على اعتناقه النهج الديمقراطي إبان أزمة أغسطس عام 1990. ففي الوقت الذي اجتاحت فيه قوات الغزو العراقي الكويت لتحقق تهديدات عبدالكريم قاسم التي أطلقها في الستينيات التف الشعب الكويتي كله حول رموزه الشرعية في الطائف, وكانت بيعة جديدة وعهدا آخر من كل طوائف الشعب بلا حدود. ومنح هذا التفويض الشعبي الحكم في الكويت الشرعية التي دعمت الاعتراف الدولي بالحقوق المشروعة, وقدم الفرصة والقدرة للحكومة على إدارة معركة تحرير الكويت.

          لقد تحقق في التجربة الكويتية على مدى أربعين عاما بعض من لب الديمقراطية الذي يكمن في مبدأ السيادة الشعبية, فهو لا يثبت أن الحكومة هنا لا تستمد شرعيتها فقط من إرادة أولئك الذين تحكمهم. ولكنها تملك الأدوات لمعرفة ما يريد هذا الشعب حقا. وبدا ذلك واضحا أثناء الغزو وإبان التحرير, ويمكن القول إن نظام الحكم في الكويت قد ولد ولادة جديدة بعد هذه الأزمة. فلم تعد أسرة تتوارث الحكم بقدر ما أصبحت جزءاً من لحمة الشعب الكويتي. ويؤكد هذا أن الرهان على الديمقراطية ليس مفيداً للشعوب فقط ولكنه مفيد للحكام أيضا, وصمام أمان للدول والأمم.

          إننا عندما نحلم بهبوب ريح الديمقراطية على عالمنا العربي لا نريد ذلك ترفاً ولا حبا في صناديق الانتخاب. ولا حتى من أجل انتقاص السلطة المطلقة لبعض الحكم العربي, ولكن الديمقراطية - على حد تعبير المفكر السياسي جيا نوديا - هي مشروع على درجة عالية من العقلانية وهو الأمر الذي نفتقده حقاً في حياتنا العربية, فهي تعتبر أن المجتمع ينشئه أفراد أحرار, واعون لمصالحهم. وهم يضعون القواعد التي تصون هذه المصالح. لهذا فإن أي تفكير غير عقلاني. مثل الاستئثار بالحكم لأفراد معينين, أو لطبقة معينة أو حتى لاتجاه معين هو تفكير معاد للديمقراطية. وكل التصرفات المجنونة والشاذة والمشوهة التي يشهدها عالمنا العربي هي نتيجة لتلك الحالة اللاعقلانية التي نعيش فيها. إن فجوة نقص الحرية التي نعانيها لن تتسع فقط. ولن تتحول المرأة أيضا إلى مخلوقة هامشية, ولكن سوف تتباعد الشقة بيننا وبين المجتمعات المعرفية التي يصبو إليها العالم وتتيح له التقدم

 

سليمان إبراهيم العسكري   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات