قَرِّبَا مَرْبِطَ النَّعَامَةِ

قَرِّبَا مَرْبِطَ النَّعَامَةِ
        

          النعامة هو اسم فرس الحارث بن عباد, والذي خلّدها بمطولة شعرية أثناء دخوله المشارك في حرب البسوس (بكر وتغلب) بعدما كان قد اعتزلها, وقد كسر وهو على متنها ظهر الزير سالم أبو ليلى المهلهل وجز ناصيته أخذا لثأر ابنه الوحيد بجير رسول المصالحة والذي قتله الزير بشسع نعل كليب... وأخذا لثأر الكرامة العربية. وهي الرمز الحقيقي للنضال المؤكد للشموخ العربي وبهزيمة الزير تنتهي حرب البسوس. وفي الوقت ذاته بدأ التجمع العربي من جديد استعدادا لصد هجوم أبرهة على الكعبة. 

لا تَقْعُدا أَخَوَيَّ

قُومَا...

لا تَقْعُدا...

قَرِّبَا مَرْبِطَ النَّعَامَةِ مِنِّى

هِى النَّفْسُ تَوَّاقَةٌ,

تَزْهِقُ النَّفْسَ فيَّ

هِى النَّارُ نَزَّاعَةٌ,

تَقْضِمُ الرُّوحَ قَضْماً

مَليَّا...

انْهَضَا..

قَرِّبَا مَرْبِطَ النَّعَامَةِ مِنِّى

كَبِدى لا فِلْذَةَ الْيَومَ... فِيهِ,

.. .. .. .. تُفْلَذُ... لِي

قُولا:

كَيفَ أكْبَادُنَا تَفْقَهُ الضَّخَّ

مِنْ غَيرِ فِلْذَةْ...?

يَا أَنْتُمَا... مَآ بِكُمَا....?!

... ... ... أَطَرِشْتُما...?!

قُومَا...,

قَرِّبَاهَا... وادْنُوا مِنْها

دُنُوَّ اشْتِهَائِي لِكَرَّهْ...

ابْلِغَا صَمْتَها السُّوءَ...,

أَنْ لَيسَ فِي نَبْذِهَا رَغْبَةَ السَّعْى,

لِلثَّارِ... لَذَّهْ...!!

ليسَ في نَبْذِهَا,

طَيفُ عِزَّهْ..!

خَبِّرَاهَآ نَعَامَةَ الخَيْر...

َمَا بَعْدَ وَقْدَةِ القَلْبِ وَقْدَهْ...

... إنَّهَا مَيتَةٌ وَاحِدَةٌ لا عَدَاها...

مَيتَةٌْ وِتْرٌ...

فإمَّا حُرَّةٌ عَاطِرَةٌ,

أو نَتْنُ عَبْدَهْ...

اعْلِمَاهَا... اعْلِمَاها

... ... اعْلِمَاها...,

سَمِعْنَاكَ...!

هَيْهَاتَ يَا صَاحِبَ التَّرْحِ,

يُجْدي

لَمْ تَعُدْ لِلْمَرَابِطِ أَرْضٌ بها,

ظُلَّةٌ لِلْمَرَابِطِ..,

أَو... نَبْعَ سُقي...!

خَلا الرَّبْعُ مِنْ أَهْلِهِ سَاكنيه,

... فَسَل أَيَّ حَيٍّ بِهِ لَو عَثُرْتَ بِحَي!

يَرُدُّ عَلَيْكَ رُمَادُ الأَثَافي...:

لَقَدْ... وأَدُوا بالرِّمَالِ الإبَاءَ...,

فَهَلْ بَعْدَ ذَا...

يَتَأَبَّى أَبي...?!!

يَا نَاسِيَ النَّاسِ... أَطْبَاعَهُمْ...

فُكَّ فِى سَكْتَةِ اللَّيْلِ سَرْجُ النَّعَامَةِ,

غَابَ الجِوَارُ... المُجِيرْ...

حَرَّقَ القَيظُ عُشْبَتَهُ...,

والسَّحَابَةُ مِنْ دُونِ ضَرْع...!

سَقَمَتْ...!

النَّعَامَةُ سَقَمَتْ...!

وانْحَنَى ظَهْرُها...

نَحَتَ الكَبْو لَحْمَ رُكْبَتِها...

فَجَّجَتْ رِئَتَيها حِرابُ السُّعَالْ...

ذَاتُهَا اتَّسَخَتْ,

مُسِخَتْ... كَشَتِيتِ الذَّوَاتْ

فَسَكِّنْ لَظَى مُهْجتكْ...!

بَاعَهَا صَاحِبَاكَ... النَّعَامَةِ...!

بَاعَهَا صَاحِباكَ... الْحَصِيفان..!!

جُبْنًا... وَجُوعاً...

وَجُوعاً... وجُبْنَا...

باعَهَا صاَحباكَ...,

كَما بَاعَ غيْرُهُمَا سَابِقَاتِ

الرِّمُوزِ... الخِصَالْ!

بَاعَها صَاحِبَاكَ,

وَفَرَّا... فِرَاراً... مَرِيرَاً.. مُرِيباً...

واقْتَفَتْ ذُعْرَ رَمْلِها البيدُ,

... بَطْناً... فَبَطْناً... وفَخْذَاً فَفَخْذَا

بَعِيداً قَريباً...

رَثَتْهَا الْقَصَائِدُ...,

والنَّادِبَاتُ ارْتَدَينَ جَلابِيبَ,

طِينٍ لَها...!

وَحَدَونَ حُداءً كَئِيبا...!

فَأَرِحْ ظَنَّكَ المُسْتَفَزَ,

... شكُوكَ انْشِطَارِكَ...,

... هَجِّرْ شَجَاكَ...,

... وَكَثِّرْ بُكَاكَ...,

فَلَيسَ الزَّمَانُ الذِّى تَكْتَسِيهِ,

... زَمَانَ (النَّعَامة)...

وَلَّى, كَكُلِّ زَمَانٍ جَمِيلٍ.. جَلِيلٍ...,

وإنْ طَالَ.. وَلَّى!

أَطَلَّ بَهِياً... تَعَفَّرَ... ثُمَّ ذَوى..

فاضْمَحَلاَّ...!

مَاتَ (المُهَلْهِلُ)... و(ابنُ عُباد)...,

وَرَاحَ مَعَ الغَابِرينَ (بُجِيْر)

كُلُّهُمْ دَرَسُوا...,

... واللُّحُودُ القُبُورُ تَلُمُّ... تُلَمْلِمْ...!

فَويلُكَ يَا نَسْلَ وَيلٍ...,

وَوَيلَكْ...!

الَّذيِ خَلَّفَتْهُ النَّوازِلُ هَمَّكَ...,

وَهْمَكْ...! قِعْ...!

رَضِّخْ رِضَاكَ... تَرَضَّى...

إنَّهَا قِسَمُكْ...

قِسَمُ الغَبْنِ لَكْ...

تَشَكَّلْ سِواكَ...

بَدِّلْ مَقَاطِعَ نُطْقِكَ...

وامْدُدْ جَنَاحَ صُراخِكَ بَينَ المَدَى

والمُدَى, نَازِفاً...,

...قُلْ:

قَرِّبَا مَرْبِطَ المَهَانَةِ..., لاَ...

قَرِّبَا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنِّى...

إنَّ ثَوبَ الأذلاَّء بَالِ...

قَرِّبَا مَرْبطَ المَذَلَّةِ مِنِّى...

دَاهَمَتْني العِدَا... أَينَ آلي?

قَرِّبَا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنِّى

قَرِّبَاهُ...!

فَقَدْ أَضَعْتُ عَمَّاً بخالِ

قَرِّبَا مَرْبطَ المَذَلَّةِ مِنِّى..!

... أي حَالٍ مِنَ الضَّيمِ أَودَى بِحالي

قَرِّبَا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنيِّ..!

قَرِّباهُ...!

كَفَّن اللَّيلُ سَيفَ النِّزَالِ

قَرِّبا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنِّى..!

لِكَلامٍ مُنَكَّسٍ بِالفِعَالِ

قَرِّبَا مَرْبطَ الْمَذَلَّةِ مِنِّي...!

(أزْهَرِيَ) غَيرُهْ... بِالأَوانِ الحَالِى

قَرِّبَا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنِّي...!

عَافَتِ النُّوقِ حَرْبَ السِّجالِ

قَرِّبَا مَرْبطَ المَذَلَّةِ مِنِّي...!

كَبَّلَتْنَا يَهودُ والْعَزْمُ بَالِ

قَرِّبَا مَرْبطَ المَذَلَّةِ مِنِّي..!

لا الْقُدْسُ قُدْسِى ولا الخليلُ بِخَالي

قَرِّبَا مَرْبطَ المَذَلَّةِ مِنيِّ...!

مُذْ شَتِيلا دُهِمْنَا بِشَتَّى الثِّقَالِ

قَرِّبَا مَرْبطَ المَذَلَّةِ مِنِّي...!

لَحْمُ قَاناَ مُخَضِّبٌ سِرْبَالي

قَرِّبَا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنِّي..!

مَا... (دُرَّةُ) المَوتِ أَغلى عيالي

قَرِّبَا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنِّي...!

أَحْجَارُهُمْ مَا تَبقَّى مِنْ سيوفِ رِجَالي

قَرِّبَا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنِّي...!

أَحْجَارُهُمْ نِيبَانُ طَعْنَاتِها كالنِّصَالِ

قَرِّبَا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنِّي..!

غِيضَ نَفْطُ الدِّيَار وَالرَّبْعِ خَالي

قَرِّبَا مَربِطَ المَذَلَّةِ مِنِّي...!

إنَّ وَطْأَ الرِّقَابِ بِالنَّعْلِ غَالى

قَرِّبَا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنِّي..!

أَسْقَطَ الْقَصْفُ مِنْ سَمَائِى هِلالى

قَرِّبَا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنِّي..!

لَيتَنَا مِثْل أَطْفَالِنَا لا نُبَالى

قَرِّبَا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنِّي..!

عَدْلُها كَاذِبٌ مِنْ سِنَينٍ خَوالي

قَرِّبَا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنِّي..!

عَدْلُهَا مُطْلَقٌ مِنْ سِنين طوالِ

قَرِّبَا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنِّي..!

بِدِمَانا نَتَزَكَّى لِلسَّيدِ القَتَّالِ

قَرِّبَا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنِّي..!

مَا نَعَّشَوا الحَقَّ... نَحْنُ نُغَالي

قَرِّبَا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنِّي..!

بِئْسَ حُلْمِ الزَّامِرِ الطبَّالِ

قَرِّبَا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنِّي..!

النِّيلُ لَنْ... وَلا الفُرَاتُ بِسالِ

قَرِّبَا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنِّي..!

كُلُّ دَارٍ لِلْمَحامِدِ قالي

قَرِّبَا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنِّي..!

أَعْنَاقُنَا تَهْفُو إلى الأَغْلالِ

***

أُشهِدُ اللّهَ أنِّي..

آمَنْتُ بالنِّسرِ رَبِّ القِتَال

أُشهِدُ اللَّهَ أَني..

ضِدَّ رَبٍ أَحَلَّ بِالْقَهْرِ مَا... لي

أُشْهِدُ اللَّّهَ أَني...

مِنْهُ حَذَّرْتُ جِيلاً يُوالي

سَادَتي

سُدْتُم

سَوِّدُوا لَنْ نُبَالي

يَآ نَسْرُ

يَاعَدْلُ

يَا نُبْلُ

في أي حِينٍ وَحالِ...

كَعْبَتي حَاذِروا تَهْدموها...!

- بَارك الرَّبُ فيكم!

فَهيْ مَا ظَلَّ بَعْد كُلِّ المُزَالِ

فإنْ هَدَمْتُمْ... فَإنَّا...,

شَاجِبُوكُمْ بِلينٍ وَدُودٍ... وَوُدٍ...!

وليتَ أَقْوالَنا سَاعَةَ الهَدْمِ - لا قَدَّرَ الله -

صِنوُ الفِعالِ

***

قَرِّبا مَرْبِطَ المَذَلَّةِ مِنِّي..

أَوْ...

قَرِّبَا مَرْبِطَ النَّعَامَة مِني...!

إنَّ وَطْءَ الرُءوس بِالنَّعْلِ غَالي..!

إنَّ ذَبْحَ الكِرام... بِالذُّلِّ غَالي...!

 

محمد أبو دومة   

أعلى الصفحة | الصفحة الرئيسية
اعلانات